الإعلام الأمازيغي نموذج جريدة ” أدرار”
الإعلام حق من حقوق الإنسان المعاصر ،فهو وسيلة الإتصال بالجماهير، يقوم بنشر الأخبار والمعلومات ،وبالتالي يتم التأثير على الناس تأثيرا واعيا يهدف الى التنوير والتعبير بالحقائق ، وبدون إستعمال اللغة التي يفهمها الناس ويتوصلون بها في حياتهم اليومية يتم إفراغ هذا الحق من محتواه.
إنطلاقا من هذا المبدأ فإن وضعية اللامبالاة والتهميش التي يلاقيها الإعلام الأمازيغي يتنافى مع مبدأ الديمقراطية الإعلامية وتكافؤ الفرص بالنسبة للمكونات اللغوية والثقافية الوطنية ، لذا ففتح المجال للسان الامازيغي في مختلف الجرائد الوطنية على إختلاف مشاربها الفكرية والسياسية حق لايمكن تجاهله للفت الإنتباه إلى واقع الإقصاء والحيف الذي يطال اللغة الامازيغية كلغة وطنية في وسائل الإعلام ببلدنا ، إلا أن خطاب جلالة الملك في تاريخ 20 غشت 1994 ، القاضي بإدماج اللغة الامازيغية في التعليم حدث مشجع للنهوض بالعمل الثقافي كأساس للتنمية الإجتماعية والحضارية ، وقد بدل العديد من المناضلين جهودا جبارة من أجل الحفاظ على هذا الموروث الذي صمد سنين عديدة وتجاوز النعت التحقيري والتهميش الذي كانت تنعت به لتظهر على الساحة الإعلامية بعض النشاطات والجرائد المهتمة بهذا المجال ، وسوف نختار في بحثنا هذا نمودجا لهذه الجرائد وهي جريدة “أدرار” ، بإعتبارها أول جريدة أمازيغية طبعا بعد مجلة ” أمازيغ ” التي لم يكتب لها الإستمرار .
وجريدة ” أدرار ” تهتم بالثقافة الأمازيغية والأصالة المغربية والتعريف بالبوادي ورجالاتها ودورهم في التنمية الإقتصادية على الساحة الوطنية ، وبإبراز الجانب الحضاري المنسي المهمش في الثقافة المغربية ، والإستكمال الأساسي الذي يحاول هذا البحث معالجته بأكبر جهد في إبراز التطور الذي عرفته الجريدة كمنبر إعلامي أمازيغي في علاقته بالحرية الثقافية الأمازيغية ،ولتباين ذلك سنقوم بتعريف الجريدة في القسم الأول ، ومدى أسهامها في تنمية وتطوير الثقافة الامازيغية ، في القسم الثاني وبمدى إسهام ” أدرار ” في كل ذلك .
____________التعريف بجريدة ادرار_______________
تعتبر جريدة ”ادرارadrar” اول جريدة امازيغية بعد مجلة ”امازيغ” الصادرة سنة 1980 نشر لها اول عدد يوم 24 نونبر1984 واخر عدد لها لحد كتابة بحثنا هذا- سنة 1995, اي صدور21 عدد خلال 11 سنة, بمعدل عدد واحد في سنة1984-95-94-90- وعددين سنة 1985 وثلاثة اعداد سنة 1988 واربعة اعداد في سنة 93 ,وتصدر جريدة ادرار في ثماني صفحات ما عدا العددين العاشر والعشرون, حيث صدر في اثني عشر صفحة .
ويرجع هذا التباعد او التتابع الى الظروف والامكانيات المادية ,كما جاء ذلك على لسان مديرها (السيد حمزة عبد الله قاسم), وهذا الاخر من مواليد 1948 ب’اكرض اوضاض’ بنواحي مدينة تافراوت وهو شخصية مثقفة ساهمت في عدة نشاطات في المسرح والقصة -الكتابة الشعرية والادب والثقافة الامازيغية بالخصوص, وقد راودته فكرة انشاء جريدة امازيغية منذ سنة 1986 لكن صعوبات عديدة واجهت هذا الاصدار, لتظهر بعد ستة عشر سنة الى الوجود بامكانياتها المتواضعة كرمز للصمود والتحدي كما تدل على ذلك دلالة تسميتها ”ادرار” التي يصطلح عليها بالجبل ,ويساهم في هذه الجريدة العصامية العديد من الفعاليات الصحافية ,وكتاب, ومؤطرين ,وفنانين بمقالات ودراسات متنوعة ,اي بكل ما له صلة باللغة والثقافة الامازيغية .
_________الظرفية العامة وصعوبات اصدارها _____________
اتسم المناخ الثقافي والنشاط الاعلامي خلال الثمانينات بنوع من الحركة والتطور فظهرت مجموعة من المجلات والجرائد والاصدارات مهتمة بمختلف انواع المعرفة من اجل اشباع واغناء المسيرة الثقافية ببلادنا .
وقد تزامن هذا, وصدور جريدة “ادرار” برغم كل الصعوبات والعراقيل التي حالت دون نشرها من قبل, لتساهم الى جانب باقي الجرائد في بلورة وتطوير الثقافة الشعبية واعادة الاعتبار للحضارة والثقافة الامازيغيتين على الخصوص ومحاولة التخفيف مما عانته من اهمال واقصاء .
__________الظرفية الثقافية والسياسية لظهور ادرار__________
تميز المناخ السياسي والثقافي في عقد الثمانينات بنوع من الحركية والتطور, عكس ما كان عليه في عهد الاستقلال من جمود وركود, حيث تزامن مع تغير الاوضاع السياسية بالمغرب, وبتغير مواقف بعض الاحزاب الوطنية بالنسبة للقضية الامازيغية التي ظلت مخلصة لنظرة الحركة الوطنية بعدم اقرار اللغة والثقافة الامازيغيتين (احمد الدغيرني: كتاب الاحزاب السياسية ).
اذ جاء حزب الحركة الشعبية كرد فعل على رفض حزب الاستقلال الاعتراف بالحقوق الثقافية الامازيغية ,فجسد رسميا دعمه للاعتراف بالامازيغية في مناسبات عديدة, وتوج موقفه باصدار اول مجلة (محمد اشتاتو ”مقال السياسات اللغوية في المغرب ” من مقر الاسيسكو). دورية “امازيغ” للمناضل الامازيغي ‘المحجوبي احرضان’ التي تعرضت للمنع والمصادرة لاسباب غامضة سنة1983 (GRAND GUILLAUME ”التعريف والسياسة اللغوية المغاربية”87-83 ).
واذا كانت الاحزاب التقليدية “الاستقلال والاتحاد الاشتراكي” قد استمرت في تجاهلها لمطالب الحركة الامازيغية متسترة خلف صمت رسمي مساند لتعريب موحد, فان احزاب الاغلبية تتبع الخط الرسمي في هذا الاتجاه باخلاص (انوال عدد:231 -9فبراير1986,انوال عدد236/ 8 مارس 1986). لهذا, فظهور جريدة ادرار في هذه الفترة تحديا لاوضاع اللامبالاة بالمسالة الامازيغية والمهتمة باللغة والثقافة الامازيغيتين, كامتداد لنشاطات ثقافية امازيغية خجولة :نظرا للظروف العامة التي تنهجها الحكومة لاقصاء المسالة الامازيغية .
_________________
المصدر:صفحة تمازغا -جريدة رسالة الامة
العدد 8760 السبت -الاحد 16-17ابريل2011
————————————————————————————-
بحث لنيل الإجازة في الحقوق، الموضوع: الإعلام الأمازيغي نمودج جريدة ” أدرار” من إعداد الطالبات: أحكو نعيمة – الإدريسي مريم، والاستاذ المشرف : أوعزي الحسين ، السنة الجامعية 1994-1995 – جامعة محمد الخامس.