حمى عيد الأضحى تبدأ مبكرا، وهاجس تدبر ثمن الخروف بأي ثمن بات يشغل الجميع. فئات عريضة من المواطنين لم تجد من خيار هذه الأيام وأمام تدهور قدرتها الشرائية سوى اللجوء إلى الاقتراض مهما كانت نسب الفوائد والتبعات، كحل لامفر منه لمواجهة تداعيات المناسبة الدينية. معاناة هذه الفئة يفسرها حجم المصاريف المترتبة عن حجم الزيادات الأخيرة في عدد من المواد وتزامن المناسبات كشهر رمضان والدخول المدرسي والتي تطلبت منهم مصاريف استثنائية أفرغت جيوبهم ودفعت نسبة مهمة منهم إلى طرق أبواب مؤسسات السلف والقروض الصغرى كبديل للخروج من الأزمة، وسد العجز المسجل في ميزانياتهم. بالبيضاء وأمام مقر إحدى مؤسسات القروض الصغرى، كان الازدحام شديدا، نساء من مختلف الأعمار ينتظرن دورهن لتقديم ملف الحصول على قرض. من بينهن من سبق لهن الاستفادة من هذه النوعية من القروض، ومنهن من جئن لتقديم طلب الاستفادة لأول مرة. أحد أعوان السلف الذي كان يشرح مسطرة السلف من المؤسسة لبعض طالبات القروض فسر الظاهرة بكون « القروض المسلمة خلال هذه الفترة يرتفع حجمها بنسب مهمة تتجاوز في أحيان كثير 70 بالمائة من قيمة القروض المقدمة من طرف المؤسسة في الأوقات العادية»، أبعد من ذلك يضيف المسؤول « الإقبال الحالي يتكرر بنفس السيناريو كل سنة ويفسر بالحاجة الملحة لمواجهة مصاريف العيد».
مؤسسات السلف والقروض الصغرى الموجهة للفئات المعوزة ليست الوحيدة المعنية بارتفاع المقبلين على القروض فباقي المؤسسات البنكية – وحسب مصادر من القطاع البنكي تعرف هذه الأيام تزايدا لهذه العملية وإقبالا كبيرا من طرف فئات من الموظفين والأجراء في القطاع الخاص، قاسمهم المشترك، الاستفادة من العروض المتناسلة المقدمة لهم للحصول على قرض تمتد مدته حسب نسبة الاقتطاع سنة أو أكثر. وحسب بعض الموظفين فاللجوء إلى السلف يعتبر الطريقة الوحيدة التي توفر أسهل الحلول لتوفير ثمن خروف العيد، هذا في الوقت الذي تشير فيه شهادات مقترضين آخرين بأنهم ما زالوا يؤدون أقساط تسديد مصاريف العيد الماضي لكنهم مجبرون على جدولة الدين.
آلية تقديم القروض، لاتنحصر فقط في المؤسسات المعنية بالسلف بل هناك بعض المتاجر والمحلات التجارية يقوم أصحابها بمنح قروض بطرق غير قانونية تتراوح قيمة القرض بين خمسة آلاف وعشرة آلاف درهم ، وذلك مقابل تقديم وصولات أو شيك يوقعه صاحبه يضاف إليه مبلغ عبارة عن الفوائد المترتبة عن العملية. الإقبال على القروض خلال هذه الأيام، ظاهرة لاتخفى على جميعات حماية المستهلك، بل إنها تتابع كافة تفاصيلها عن قرب لدى المؤسسات المعنية نفسها، أو من خلال المستهلك نفسه. شمس الدين العبداتي رئيس المرصد الوطني لحماية المستهلك بالمغرب، اعتبر أن تزامن العيد مع الظرف الدقيق الحالي وثقل الزيادات على كاهل المواطنين ، يفرضان على السلطات والمؤسسات المعنية أن تتحرك بالملموس وأن تضبط العملية ككل ، وأوضح قائلا « هناك سلسلة من العمليات يجب مراقبتها من الناحية القانونية، بدءا من العقود المبرمة بين الطرفين، ومدة ونسبة الفائدة، وكذا شروط إعلام المستهلك بالآثار المترتبة عن ذلك، كحقه في التراجع عن القرض في المدة التي يمنحها قانون حماية المستهلك، أو تقديم عقود واضحة ومكتوبة باللغة العربية. عبداتي أضاف « لقد طالبنا كجمعيات للمستهلك ومن خلال بيان سنصدره في هذا الاتجاه الحكومة باتخاذ مجموعة من الإجراءات بوضع آليات للتعويض عن أداء هذه القروض في حالة العجز مثلا عبر إحداث صندوق يقتطع من الفوائد التي تحصل عليها مؤسسات تقديم القروض ». المسؤول أضاف « لقد طالبنا وزارة المالية بمراعاة حقوق المستهلك وألا يظل فريسة سهلة لعدد من مؤسسات الاقتراض خلال هذه المناسبة». من جانبه اعتبر مصطفى ملسا رئيس الجمعية المهنية لشركات التمويل، « أن مؤسسات السلف، وكشأن جميع المهن تقوم بإشهارات وحملات في إطار من التنافسية لتسويق عروضها المالية، وفق ضوابط وشروط واضحة ومحددة، تخضع لمراقبة بنك المغرب، ولنظام عدم تعدد القروض قبل الموافقة على الملفات من أكثر من مؤسسة» ونفى المتحدث أن يكون هناك استغلال للمستهلك من لدن هذه المؤسسات وذلك في ظل وجود حرية الاختيار، وحجم الإمكانيات المالية للمستفيد في استرداده في فترة مناسبة ومعقولة، خاصة أن القرض في آخر المطاف ليس إضافة للأجرة، بل هو وسيلة توفير مسبقة تسمح للمستهلك بتدبيره سواء كان ذلك لاقتناء تجيهزات منزلية، أو خدمات أو مواجهة مصاريف لمناسبات معينة كعيد الأضحى..».
المساء