لو كان وادي درعة مدادا لنفذ قبل أن تنفذ عبارات التهميش
أجدني محتارا في اختيار موضوع نقاش يخص مدينة أبسط ما يمكن نعتها به ” جزيرة الوقواق” أو ” مدينة ما وراء الجبال” , وغيرها من الأسامي التي إن أسقطناها على مجال جغرافي يتمثل نفس المعطيات الاجتماعية ، الاقتصادية ، تعليمية أو إجمالا إنسانية ، لا يمكن نعتها إلا بنعوت تحمل تعابيرا كلها دلالة عن مظاهر التهميش و الإقصاء و غيرها من الأوصاف التي تجعل من مدينة نعتها الأسبقون ب” المغرب الغير النافع ” و لا زال المعاصرون ينظرون لها بنفس النظرة ،منطقة خارج نقاشات الساسة أو حتى في اعتباراتهم الحزبية .
إن من بين أهم الأوصاف المتداولة عن العموم عن ” زاكورة” و عن أهلها هي الواحة و الجمال و الهدوء ، كرم الضيافة و التعاون الموروث ثقافيا ، و حسن الأخلاق و غيرها من الشيم التي أصبح البعض يأخذها كمعطى إما حبا في أعبنهم ، أو مدخلا لتحايل و استغلال طيبوبتهم ، لكن أغلب الناس في المقابل لا يعرون إلا القليل عن الظروف الاجتماعية القاسية ومناحي أنواع التهميش الممنهج و هلم جرا من الأمور التي لو كان وادي درعة مدادا لتعبير عنها لنفذ الوادي قبل تنفذ عبارات التعمق في واقع مرير يبكي الدم بدل الدمع.
أأبدأ بواقع تعليمي أشبه بصراع بين شخص يوجد بقعر بئر و يود الوصول إلى حافته متحديا بذلك شخصا آخر يرمي عليه بكل ما أوتي من أشياء تعرقل عملية الوصول ، حيث انعدام الشروط الذاتية و الموضوعية كفيلة بتعليم يضمن الحد الأدنى من ظروف الأخذ و التعلم – تعليم جعلت من خلاله كوريا الشمالية بعد حرب الخمسينات مع شقيقتها الجنوبية أسمى مجالات الرقي و التقدم ، مخصصة له بذلك أكثر من نصف ميزانية الدولة- ، فلا زال التلاميذ يقطعون الكيلومترات الطوال على الدراجات الهوائية ، هذا إن كانت لهم القدرة المادية للحصول عليها، و تلك البنت التي لم تقدر على إتمام الدراسة الإعدادية مستسلمة للواقع المادي الذي تعيشه أسرتها . حجرات دراسية مهترئة حتى الحمام لم يقدر علة استيطانها ، أساتذة حلت بهم لعنة التعيينات و اختاروا الغيابات طويلة المدى لتستعين الإدارة بأساتذة سد الخصاص -أغلبهم من مُجازي الجامعات و مناضلي” الجمعية الوطنية لحاملي الشهادات”- كحل ترقيعي لسد ثغرات الفارغة .
أم بواقع اجتماعي مجمل ما يمكن القول عنه ب ” خلي داك جمل راكد”، عبارة بالدارجة المغربية واصفة واقع اجتماعي حتم على أبناء الفلاحين و العمال البسطاء مواجهة كابوس الهجرة بكل مرارة ، علهم يسدون بعضا من الحاجيات الضرورية لعائلاتهم ، بعدما تحالفت مجمل القوى ضد آمالهم البسيطة ، من بطالة ، فقر و انعدام لمجالات التنمية المحلية من مشاريع مدرة للدخل، استثمارات للمنتوجات المحلية و تطوير القطاع السياحي .
أم أضع الأصبع على واقع النسيان الذي يعتبر في أذهان أبناء المنطقة الجرح العميق ، و لأبرز مثال على ذلك “حادثة الحوز” التي فقدت على إثرها المنطقة 47 شهيدا من خيرة الطلاب و العمال ، ليطلع المسؤولون بتبرير أتفه من التفاهة متهربين من مواقع مسؤولياتهم ، على أن السبب وراء الحادث هو ” بشري ” أكثر من رداءة البنية التحتية التي منذ أن جاد علينا بها الاستعمار لم يطرأ عليها تعديل أو إصلاح يذكر. نذكر كذلك وفاة الشهيدة “رقية العبدلاوي”، بسبب الإهمال الذي يعرفه المستشفى المركزي كغيره من المراكز الصحية من غياب الأطر و الآليات اللوجيستيكية الضرورية التي تطال مجمل تراب المنطقة ، من درعة العليا إلى الأخرى السفلى . لا ننسى الذاكرة التي تأبى النسيان، إنها المعتقلات و السجون السرية التي تفنن من خلالها المخزن في تعذيب أحرار هذا الوطن إبان سنوات الرصاص، فلا مخطط ” جبر الضرر” جبر ضررهم و لا ” مبادرة وطنية لتنمية البشرية” بادرت لتنمية مجالات اشتغال الإنسان.
أم نعري واقع خدمات التغطية الضرورية للبقاء على قيد الحياة، فلا تتعجبوا أن تسمعوا ان في المغرب منطقة لا تسيل صنابير المياه في بيوت أهلها إلا على بعد أزيد من شهرين زمنيا ، فبعد أن تقشفت قوى الإنسان على إمداد السكان بشبكات أهم مصدر و ضامن للبقاء على الحياة و هو الماء ، ينابيع الطبيعة أبت بدورها إلا أن تحبس عيونها و مجاريها بعد توالي سنوات الجفاف مساهمة في تأزيم وضعية الإنسان على المجال .
قد يقول البعض بأن ما سلف ذكره هو من بين أبواب المزايدات أو الخطابات التجييشية ، و يقول أخر أن هذا ليس إلا نوع من أنواع التشخيصات الطوباوية البالية مطالبا ببديل واقعي و حل منطقي ، وأحترمه في ذلك ’ مجيبا إياه بنفس الجواب ، هل مشروع “الإصلاح في ظل الاستقرار” الذي تبناه السيد رئيس الحكومة كمنهج واقعي ل “مواجهة ما يمكن مواجهته في إطار المواجهة الشاملة” او كبرنامج مرحلي للخروج بأمان من عاصفة الربيع ” الديمقراطي” مشكلا بذلك ” الاستثناء المغربي” كفيل فقط ولو لرد الاعتبار و جبر الضرر لشعب لطالما قدم أبناءه لخدمة وطن تنكر لجميل أبناءه ، و أصبح ” الحب من طرف واحد” أبرز سمات العلاقة بين ملحمة ” الشعب و الوطن”، فلو أرنا إنفاق صندوق المقاصة على تلك المنطقة لنفذت قبل الوصول إلى مشارف درعة الوسطى .
ختاما ، لم يكن قصدي هو سرد سيناريو درامي أحكي به أنين منطقة مستثناة من الخريطة السياسية و مخططات التنمية , متلذذا و محترفا لفن النقد و واضعا على عيناي نظَارات سوداء ، ساءلا إيًاي البعض عن الحل ، أجيب بما قاله غيفارا ” أن لست محرر المحررين ، فالشعوب هي من تحرر نفسها ” ، الحل يقتضي إجابة مبنية على الوعي بطبيعة التناقضات و تقرير حلول جذرية لتجاوز الأوهام و الشعارات الرنانة التي يطربنا بها المترشحون الأعزاء في كل استحقاق انتخابي ، دون الوقوف على أبسط مشروع محقق.
إدريس الزغاري
غريب في المدينة أنا
فخبروني كيف حال الحبيب
أترى هل مازال تمرها حلو
أم انه لحلاوة العسل يهيب
أمازالت تذكرني
أم مزقت شهادة ميلادي
مند أن طال المغيب
خبروني, خبروني خبروني…………
خبروني عن حالها
فانا في المدينة غريب
وعلامة غربتي
قلب كئيب
يبتسم كلّما اجترّ داكا الماضي العجيب
وداعا فليس على وزن المدينة خلقة
فكيف العيش لي فيها أن يطيب
وداعا وان لن ارحل فلست أهواك
وداعا بالقلب والروح
لعلي أضمد ما ألحقت بي من جروح
وهنيء لكي بالجسد
فالميت اشرف من المذبوح
وعراء القرية
اشرف من أقفاص بلا نوافذ ولا سطوح
وداعا فقد تركت حبيبتي هناك
وداعا فعلى ضفة الواد
كتبت اسمها
وعلى ضفته عاهدتها
وعلى ضفته ودعتها
وعلى ضفته سأعود لألقاها
وداعا فسأرحل إلى عالم
أجد فيه راحتي ولا اشتريها
عالم حيت الطبيعة تهديني وردة
إلى حبيبتي اهديها
لعلها تنسى لحظة غيابي وترضيها
فان تطلب الشمس
أضعها بين احظانها
لاكنا أخاف أن تحرقها وتنهيها
فحبيبتي غالية ولا يوجد مشتريها
وداعا يامصدر مأساتي
فالرحيل وحده من سينهيها
مااخطأ من قال ان المدينة
لا تقبل بالغريب
وان جروح الحب
لا يلملمها إلا
معانقة ربوع الحبيب
وداعا أيها العالم
المدلل والكئيب
فكلما حاولت
أن اخرج من غربتي
تناديني أنت
وتناديني بصوت عجيب
اه اه اه……..
ارجع من حيت أتيت
ارجع من حيت أتيت
أيها الغريب
ارجع فعالمك قريب
سالت عن السبب
فأجابني:
من عالم الواح أنت
قلت نعم
زاكوري قح
وها بطاقة تعريفي
عليها اسم حبيبتي
وها ومشمة أمي وأبي على وجهي
زاكورة قضائي وقدري
وحكمها أن ابقي حبيس الوادي
حتى في غربتي وابتعادي
مخلصا لوصية أجدادي
متحدا ظلم الطبيعة
وغضب الوادي
فأجابني من جديد
ادن أنت في المدينة غريب
كنت ذات يوم من السنوات الماضية،في اجتماع لمناقشة حملة انتخابية لبرلماني زاكورة بتاكونيت،كانت انذاك زاكورة تابعة لعمالة ورزازات،وبينا متطلبات المنطقة والدفاع عن حقوق المنطقة،قال السيد المترشح،هل تريدون الحقيقة التي ليس عليها غبار ولا مداهن ولانفاق ،كان اول المجيبين هو العبد الضعيف،ولماذا نحن هنا؟هذا الذي نبحث عنه ونريد ان نعرفه،قال بكل صراحة لايمكن لأي برلماني والحالة هذه ان يجلب شيئا لهذه المنطقة،إذا لم يكن عنذنا اكفاء في مراكز القرار،يجب علينا ان نسعى ونجد في تعليم ابنائنا ،ونضحي بالغالي والرخيص في تثقيفهم،حتى يتمكنوا من الوصول الى مراكز القرار،مثل آخر :في احدى المدن الجنوبة الشرقية من المغرب اتفق طلاب وتلاميذ الإعدادي والثانوي [اخذ اضراب والتصعيد في المطالب،بل الذهاب الى حرق مؤسسات وأوا وا وا ،الخ،قال لهم احد الطلاب،نلتقي في المكان الفلاني لننسق كيف يكون العمل،التقوا شكلوا دائرة،توسطهم موجها كلاما قاسيا ومفيدا في نفس الوقت،قائلا: من العامل في عمالتنا،هل ابن منطقتنا ؟قالوا لا،هل عندنا وزيرا او حتى كاتبا عاما في احدى الوزارات في الحكومة الحالية؟لاهل رئيس الشرط والدرك والجيش ابن المنطقة ؟قالوا لا،إذا كيف تريدون القيام بهذه الأعمال وانتم لم يكن من يحميكم ويدافع على مصلحكم،اقرؤا وتعلموا وناضلوا بالقراءة لتحصلوا على اعلا المستويات،وتتمكنوا من الوصول الى مراكز القرار،انذاك تفرضون وجودكم وتحققون ما تبتغون،اترك لك اخي تكميلة التقرير حسب فهمك،البلاد لايرفعها الا اهلها ،ولايضعونها الا اهلهافزاكورة من اكدز الى محاميد،ليسوا مجتهدين الا في المسيرات في شوارع زاكورة،والتعليق في زاكورة بريس وغيرها وفي الإنتخابات يبيعون ضمائره بثمن بخس ودراهم معدودات،لأعطاء النيابة البرلمانية للفاسدين،كيف تريد الخروج من التهميش ونحن الذين سببنا فيه؛اعتذر على بعض الأخطاء في الكتابة ،انني اكتب وقلبي يبكي حلى حلنا،نخرب بيوتنا ونتهم غيرنا؛