الذكرى التاسعة لخطاب أجدير التاريخي
. بقلم : الاستاذ حمزة عبدالله قاسم
في يوم 17 أكتوبر من كل سنة يحتفل المغاربة بالذكرى العظيمة التي أعلن فيها جلالة الملك أعزه الله ، بإنشاء المعلمة الكبرى التي تتجسد في المعهد الملكي للثقافةالأمازيغية، وذلك لغاية الحفاظ على الموروث الثقافي الأصلي والهوية المغربية المميزة التي كانت تطمسها الأيام والعواصف الهوجاء ، وقد علم جلالة الملك من خلال هذا الإجراء أن المغرب يمتاز عن سائر الشعوب ، بكونه متعدد الثقافات ، وله ماض متوغل في الحضارات الإنسانية التي عرفتها شمال إفريقيا مند ألاف السنين ، ولذلك أراد أن يستعيد مجد المغرب بقوته الثقافية والحضارية المميزة المنفردة وإعادة إصلاح التاريخ برجالاته العظماء ، ومعالمه الفكرية واللغوية ، وذلك بإعطاء أمره المطاع لتعليم اللغة الأمازيغية لكافة المغاربة ، مع إعطاء للأمازيغية حقها في الإعلام.
وفي إفتتاحية ( مجلة أنغميس عدد 5/6 سنة 2006 ) يقول الدكتور أحمد بوكوسعميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ” إن المغرب المستقل لطالما عانى من إقصاء البعد الأمازيغي من هويته ، بسبب الخيارات الإختزالية لمختلف الحكومات المتعاقبة ، رغما عن تاريخ البلاد وواقعها الثقافي و اللغوي ، ولقد كانت هذه الوضعية طيلة أزيد من ثلاثة عقود موضوع إعتراض من قبل الحركة الجمعوية والنخب الأمازيغية ، عبر المطالبة بالحقوق الهوياتية والغوية و الثقافية ، المعبر عنها على وجه الخصوص ، في كل من مثاق أكادير 1991 وبيان بشأن ضرورة الإعتراف الرسمي بأمازيغية المغرب 1999 وفي سنة 2001 ، كان خطاب العرش وخطاب أجدير بداية للسياسة الجديدة التي سنها جلالة الملك محمد السادس، والقائمة على الإعتراف والإعتزاز بتعددية مكونات الثقافة الوطنية ، وعلى المكانة الأساسية التي تحتلها الثقافة الأمازيغية “.
وأضاف الدكتور أحمد بوكوس في الإفتتاحية وقال : ” ويعتبر تصالح المجتمع مع المكون الأمازيغي عنصرا رئيسيا في الإستراتجية الجديدة للدولة ، وهي إستراتجيةمتأسسة على أربعة أفكار رئيسية : (أ) الأمازيغية معطى تاريخي متجدر في أعماق تاريخ المغرب وحضارته ، (ب) الأمازيغية عنصر أساسي في الثراث الوطني المتقاسم بين سائر مكونات المجموعة الوطنية بدون إستثناء ، (ج) النهوض بالثقافةالأمازيغية مسؤولية وطنية (د) العناية بالثقافة الأمازيغية في إطار ترسيخ دولة القانون والمؤسسات وبناء مشروع المجتمع الديمقراطي والحداثي الذي ينشده المغرب.
من هذا المنظور، أوكلت إلى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مأمورية أجرة النهوض بالثقافة الأمازيغية ، بتعاون مع السلطات الحكومية والمؤسسات المعنية، وما إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، وتمكينه من بنيات ملا ئمة ، وخاصة منها مجلس الإدارة ، والعمادة ، والمرافق الإدارية ومراكز البحث، وكذا تزويده بإمكانيات بشرية ومادية في مستوى التحديات التي عليها رفعها، إلادليل على الإرادة الحازمة للدولة في النهوض بالأمازيغية من خلال موقعها في مقام إستشرافي ، ذلك المأمورية المسندة لهذه المؤسسة تتمثل في توفير الظروف العلمية والتقنية للنهوض بالأمازيغية ، من أجل إدماجها في كل من المنظومة التربوية والإعلام والحياة الثقافية والبحث العلمي ، وفي هذا المنحى ، فإن ما حققه المعهد من منجزات يعتبر من الأهمية بمكان ، سيما في المجالات التالية،
النهوض بتعليم الأمازيغية بتعاون مع وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي ، عن طريق تنميط حرف ” تيفيناغ ” وإعداد المناهج ، وإنتاج الكتب المدرسية والحوامل البيداغوجية ، وإنجاز أدوات معبرة للغة ن من قبيل المعاجم العامة، والمتخصصة والأنحاء المرجعية .
المساهمة في إعداد مخططات التكوين ، وتأطير التكوينين الأساسي والمستمر.
القيام بدراسة التعابير الأدبية والفنية.
–
المساهمة في تنفيد التدابير الكفيلة بالنهوض بالأمازيغية في الفضاء السمعي البصري ، بتعاون مع كل من وزارة الإتصال والشركة الوطنية للإداعة والتلفزة.
–
إقامة علاقة تعاون في إطار إتفاقيات مع مؤسسات وهيئيات ثقافية وعلمية ، وخاصة منها الجامعات ومعاهد البحث الوطنية والدولية.
–
المساهمة في المجهود الوطني عن مجال التنمية البشرية ، بربط علاقات تشارك مع المجتمع المدني ودعم الساكنة التعليمية المعوزة في مجال القروي ، والإسهام في تكوين الموارد الببشرية الفاعلة في ميدان الثقافة الأمازيغية ، ومنح جوائز للمبدعين والباحثين والفنانين ، وبذلك فإن المعهد يتطلع الى تبوء مقام المؤسسة المواطنة “.
وفي الذكرى التاسعة لتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، إذ نقف اليوم لنبارك الخطوات التي خطاها في مجالات مختلفة ، كالتدريس والبحث و الإعلام ، وكذلك تشجيع المبدعين والجمعيات الثقافية ، ولن ننسى ما قدمه من إصدارات بالغة الأهمية في المعجم والبحث والتعريف بتاريخ المغرب وشمال إفريقيا بصفة عامة .
جريدة رسالة الأمة عدد 8604 الخميس 14 أكتوبر 2010