قراءة في مضامين الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية – أكتوبر 2013
[box type=”shadow” align=”alignright” width=”95%” ]أكادير : عبد النبي جوغو
مكتب الاتصال والعلاقات العامة بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس ماسة درعة[/box] لا يختلف اثنان في مدى الأهمية القصوى والأولوية الكبرى التي تكنها مختلف الخطب الملكية السامية للمغرب والمواطن المغربي من خلال مضامينها وفي مختلف المحطات ،والنابعة أساسا من قلب ملك مواطن يحب بلده وشعبه ،فإننا نعتبر الخطاب الملكي الأخير بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان ليوم الجمعة 11 أكتوبر 2013 بمثابة منعطف جديد في تاريخ المغرب الحديث والذي تزامن مع الذكرى الخمسين لتأسيس البرلمان المغربي ،وخطابا مكاشفا صريحا ومشخصا للاختلالات ومثمنا للتراكمات ،حيث استطاع في زمن وجيز (21 دقيقة ) أن يوجه حمولة كبيرة ورسائل قوية وفعالة بلغة بسيطة وهادفة لمختلف الفاعلين والهيئات السياسية والمنتخبة من حكومة وأحزاب وبرلمانيين ونخب محلية وجهوية وإعلاميين ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني والى كل مغربي يحب بلده ووطنه المغرب .
فالخطاب الملكي الأخير ،ومن خلال قراءة تحليلية لمضامينه ،يتضح أنه ركز على ثلاثة محاور أساسية تم تشخيصها بتدقيق من لذن جلالته وشملت توجيهات صريحة وفعالة كما يلي :
- 1. الممارسة البرلمانية :اعتماد الحوار البناء وتجويد العمل السياسي….
فقد ذكر الخطاب الملكي بضرورة التجديد المستمر للممارسة النيابية واعتماد التوافق الوطني والمنهجية التشاركية وتحمل المسؤولية كاملة للقيام بالمهام التشريعية وجودتها في إصدار القوانين التشريعية من خلال الحوار البناء واحترام مبدأ فصل السلط ،مؤكدا في الوقت ذاته على أهمية إصدار نظام خاص بالمعارضة البرلمانية ،ومذكرا بمركزية البرلمان وموقعه في الدستور المغربي الجديد والذي جعله في قلب الحدث السياسي (60 اختصاصا في دستور 2011 مقابل 30 اختصاصا في دستور 1996 ) ،الأمر الذي يستدعي ضرورة تأهيل هذه المؤسسة الدستورية للرقي إلى الأفق الجديد والجودة السياسة المنشودة من خلال تطوير المسار المؤسساتي للأحزاب المغربية من أجل إنتاج ” البرلماني المسؤول والمواطن” .
حقيقة ،إن قوة المغرب تكمن في قوة مؤسساته ،وأن الحكومة لها دور فعال في إنتاج القوانين التشريعية القوية .فتماشيا مع سياق الخطاب الملكي السامي لابد من نهج ثقافة سياسية جديدة في البرلمان – معارضة وأغلبية – بعيدا عن الثقافة السائدة حاليا بهذه المؤسسة والتي تتسم بالصراعات المجانية المهدرة للزمن السياسي من خلال التلاسن وهاجس تصفية الخصوم سياسيا ومعنويا بالإقصاء والنفي وطغيان حرب المفاهيم الكلامية التي لا تليق بمستوى هذه المؤسسة السياسية والتي تداولتها الصحافة المغربية والمواقع الالكترونية الاجتماعية بكل سخرية وبهرجة ،إذ لابد من وعي الجميع بأن تمثيل الشعب بالبرلمان ليس ريعا سياسيا ،بل مسؤولية كبيرة تقتضي تقديرها وتحملها كاملة .
- الهيئات المنتخبة : تجويد التدبير الجماعي المحلي والجهوي ….
لقد أكد الخطاب الملكي على أن “…الوزير ليس مسؤولا عن النقل أو النظافة في مدينة مغربية ،بل المنتخبون هم المسؤولون أمام السكان الذين صوتوا عليهم من أجل ذلك ،وهم المكلفون بخلق فرص الشغل …” .فجاء الخطاب مذكرا بدور المنتخبين في تدبير الشأن المحلي ،حيث قدم نموذجا بارزا بمدينة الدار البيضاء الكبرى كعنوان واضح لضعف الحكامة التدبيرية لهيئاتها المنتخبة المحلية والجهوية ،ومشددا على ضرورة الرقي بهذه المدينة التاريخية والاقتصادية ( الدار البيضاء) لتصبح قطبا ماليا واقتصاديا دوليا بامتياز،داعيا الأحزاب بالاهتمام بإفراز فعاليات منتخبة كفئة وفعالة لتدبير الشأن المحلي والجهوي تطبعها ايدولوجية واحدة و وحيدة وهي “إيديولوجية الوطن “.
فبقدر ما يجب تثمين ماجاء به الخطاب الملكي حول تدبير الشأن المحلي بالدار البيضاء الكبرى ،بقدر ما يجب التأكيد على ضرورة التأهيل الحضري لهذه المدينة حتى ترقى إلى المستوى الاقتصادي والمالي المنشود بتفعيل مقترحات في هذا المجال كما يلي :
- ضرورة خلق نظام تدبيري خاص بهذه المدينة من خلال تقليص عدد المقاطعات الإدارية بها أو إعادة توزيعها .
- تحديد إستراتيجية جديدة لعمل المنتخبين وتحديد أدوارهم الحقيقية في الاهتمام بالمجال الاستراتيجي ألتدبيري المحلي من خلال وضع خطة عمل إستراتيجية على مدار السنة .
- إعادة النظر في توزيع وتوظيف الموارد البشرية بهذه المؤسسات الجماعية (17 ألف موظف) بعيدا عن الو لاءات الحزبية مع تعزيزها بالكفاءات اللازمة في التدبير الإداري.
- تفعيل دور باقي ممثلي القطاعات الحكومية بذات المدينة قصد المشاركة الفعالة لدعم الأوراش
- بها وتأهيلها من خلال قرارات سريعة ولامركزية .
- الإسراع باعتماد ميثاق اللاتمركز الجماعي.
- 3. الوحدة الترابية : قضية كل المغاربة تلزمها التعبئة المجتمعية وعدم انتظار الإشارات….
لقد أشار الخطاب الملكي إلى كون قضية الوحدة الترابية بأقاليمنا الجنوبية هي قضية الجميع من حكومة وبرلمان ونقابات وجمعيات وإعلام وذلك نظرا لعدم توقف مناورات خصوم الوحدة المغربية ، داعيا في نفس الوقت الجميع إلى اليقظة والتحرك خارجيا وداخليا مع بلورة مخطط عمل متكامل وناجع بعيدا عن خلفيات الأغلبية والمعارضة البرلمانية ،ومؤكدا على ضرورة تحمل المجالس المنتخبة لمسؤوليتها في التصدي لأعداء وحدة الوطن.
فمن أجل قضيتنا الوطنية الأولى ،لابد من إعطاء أهمية كبرى للدبلوماسية البرلمانية وتفعيلها من أجل قضية الوحدة الترابية وذلك من خلال وضع كل حزب على حدا لبرنامج عمل ومخطط استراتيجي خاص بقضية الوحدة الترابية لتعبئة كل الفاعلين السياسيين مع الوعي بمسؤولية البرلمان من خلال عمله في إطار اللجن المشتركة مع البرلمان الأوروبي . كما يجب أهمية كبرى كذلك للدبلوماسية الموازية وعدم انتظار الإشارات الملكية في هذه القضية الوطنية الحساسة ،وذلك من خلال تعبئة مختلف مكونات المجتمع المغربي من الجمعيات والجامعات والجالية المغربية والطلبة المغاربة بالخارج الذين هم سفراء حقيقيين للمغرب في أوربا وغيرها ،وكذا العمل على استهداف القواعد الأساسية من جمعيات ومنظمات أجنبية باعتبار ها المؤثر الأساسي في قرارات حكوماتها .بالإضافة إلى ذلك لابد من العمل على توسيع الوعاء والمجال الحقوقي بالمغرب وإعادة النظر في منهجية وطريقة عمل وزارة الشؤون الخارجية المغربية بتجديد آلياتها ووسائلها التواصلية وذلك بتوفير عروض ومطويات تعريفية بمطارات المملكة وعروض وبوابات الكترونية ومسالك تكوينية خاصة بقضية الوحدة الترابية من أجل التعريف بها داخليا وخارجيا وعلى أوسع نطاق . إننا كمواطنين غيورين على بلدنا المغرب ،نؤمن بأن التعبئة القوية والتحرك الفعال والدبلوماسية البرلمانية الهادفة هي المفاتيح الأساسية لربح قضية الوحدة الترابية في المستقبل القريب.