يا عجبا…ماذا ننتظر من منظومة غيبت دور الأستاذ فيها؟؟
[box type=”shadow” align=”alignright” width=”95%” ]
Zagora Press – ذ. عمر لوريكي[/box]
أثيرت هذه الأيام ضجة مفتعلة عقب دعوة “عيوش” إلى اتخاذ “الدارجة المغربية” كلغة للتدريس بالإضافة لباقي اللغات ,و كأن الخلل يكمن فقط ضمن الاختيارات و الأماني و عندما سنضيف هذه الدارجة المزركشة بعدة السن مختلفة تماما, ستتطور منظومة التعليم في بلادنا و يمكن آنئذ للمنظومة أن تفرز مهندسين مرموقين و رواد فضاء و علماء أجلاء ينقذون ماء وجه الأمة المغربية من بين أمم الأرض و يرفعون من شأنها و رتبتها المتدنية في التعليم.
إنها السخافة بلا شك عندما نختزل جل مشاكل المنظومة التعليمية العملاقة و المشتبكة مع عدة مجالات و نطاقات متشعبة سياسية و اقتصادية و اجتماعية و فنية ثقافية,في اختيار لغة التدريس أو إضافة الدارجة.
قبل الخوض في المشكل دعونا نقيم دور اللغات الأخرى الموجودة أصلا و هل قدمت أية إضافة.
قبل الاستعمار الفرنسي كان التعليم في المغرب الأقصى “كما كان يسمى” يعتمد على اللغة العربية فقط و رغم التراجع العلمي و المناهج التقليدية و الدينية آنذاك, إلا أن التعليم المغربي المتمثل في جامعة القرويين و غرناطة كان قد أفرز ثلة من العلماء لايزال دوي مؤلفاتهم يصل الأقاصي و منهم ابن خلدون و القاضي عياض و ابن سينا و ابن رشد….
و بعد الحماية الفرنسية سنة 1912م سيتغير نظام التعليم من طرف المستعمر فكان لابد من إدراج ثقافة و لغة المحتل الأجنبي مناهجنا و التخلي بالتالي شيئا فشيئا عن تدخل المغاربة في صناعة مناهجهم.و لا بأس بوجود اللغات الأجنبية لكن المشكل يكمن في هيمنتها على مناهجنا و تخلينا بالتالي عن لغتنا و هويتنا.و و في العشرية الأخيرة تم إدراج الأمازيغية كلغة موحدة رغم تفرعها لثلاثة فروع أساسية يصعب دمجهم. لكنها تظل أيضا من ضمن مكونات الهوية المغربية و وجودها يدعم ذلك.و قد سمعنا هذه الأيام عن إمكانية دمج اللسان الحساني أيضا في التعليم كاعتراف بمكون أخر للهوية المغربية.و هذه الأيام سمعنا من يدعو كذلك إلى جعل “الدارجة” لغة للتدريس.و هكذا سنظل نلعب و نخوض بلا علم و لا ثقافة و نجر منظومة التعليم نحو يم الظلمات بلا شك.
هل المشكل يكمن في لغة التدريس؟؟؟
إننا إذا استرسلنا في طرح الأماني كل على حسب هواه هذا يدعو إلى التدريس بلسان قبيلته و أخر يدعو إلى تدريس كل منطقة بلسانها و آخر يقول: دعكم من ذلك اختاروا الدارجة أحسن من كل شيء , فإن منظومتنا التعليمية لن تبرح مكانها أبدا.فلماذا إذا نحصر كل مشاكل التعليم في لغة التدريس؟؟؟
هناك العديد من المشاكل التي تحول دون إفراز المنظومة أية تقدم ملموس و هي مرتبطة بالوسط الاجتماعي أولا ثم الوسط المدرسي.
الوسط الاجتماعي, المتكون من المجتمع و الفاعلين فيه و المتدخلين في العملية التعليمية كجمعية أباء و أولياء التلاميذ و الجمعيات المدنية الأخرى…
لماذا لا يتم إلزام الجمعيات المدنية بتسطير برنامج سنوي خاص بالتربية و التعليم و متابعته من طرف النيابة و كذلك مراقبة عمل جمعية أباء و أولياء التلاميذ و تقييم عملهم بشكل سنوي لأن لهم دور كبير في توعية الآباء بضرورة تحسين تعليم أبناءهم و مراقبتهم في السر و العلن و دعم تمدرسهم عبر العناية بمتطلباتهم المدرسية.
الوسط المدرسي:
المشاكل المرتبطة بالمدرس: يجب على الوزارة القيام بمعالجة سريعة لجل الملفات الساخنة المرتبطة بالمدرس مثل:الحركات الإنتقالية-محو الميز العنصري فيها- و الترقية –إنصاف تنسيقية المقصيين من الترقية بالشهادة,الإجازة و الماستر –و لعل تمديد التنسيقية المذكورة لإضرابها أسبوعا آخر من 23 نونبر إلى 29 منه دليل على سوء نية القائمين على المنظومة التعليمية ببلادنا فمعالجة هذا الملف الشائك سيساهم في رفع الحيف و الظلم عن الشغيلة التعليمية و تكريس مبدأ المساواة بين رجال و نساء التعليم إسوة بالأفواج السابقة المرقية و أساتذة سد الخصاص-إدماجهم مثل سابقيهم,السماح بمتابعة الدراسة الجامعية دون عراقيل,الإفراج عن التعويض عن العمل بالمناطق النائية و القروية, التعويض عن الأخطار على غرار موظفي الصحة, الكف عن الاقتطاعات بدون سند قانوني و الذي يمكن وصفه “بالسرقة المشروعة” ……
يجب كذلك القيام بالتأطير اللازم و المتمثل في تكوينات فعالة و ليست مستهترة برجال و نساء التعليم ,و دمج برنامج جيني بشكل عمودي و أفقي في المملكة .
من هذه كله يتبين لنا أهمية إدماج الأستاذ في صياغة البرامج و المناهج التعليمية و صناعة القرار كذلك و الجلوس معه على مائدة الحوار و ليس مع النقابات الفارغة من محتواها و التي أثبتت فسادها و كسادها أكثر من مرة, و التي تحتاج إلى المحو بالكامل و إعادة تشكيلها من جديد بطريقة الإنتخاب و الإقتراع, بشكل ديمقراطي نزيه.
لذلك فالمشكل الحقيقي يكمن في تغييب دور الأستاذ في هذه المنظومة,فمن المحتك بواقع التعليم و مشاكله ؟ و من المجرب لطرائق التعليم؟؟ و من يوجد في قلب العملية التعليمية التعلمية؟؟ و من المطبق للمناهج التربوية و العارف مكامن الضعف و الخلل فيها؟ إنه الأستاذ, فلماذا لا يأخذ برأيه و لماذا لا ينتخب ضمن لجان برلمانية كي يصنع القرار الأنسب لمنظومة التعليم ببلادنا؟؟ أم أن المشكل يكمن فقط في اختيار الدارجة؟
و عن أية دارجة تتحدث يا عيوش؟؟ الدارجة المراكشية أم البيضاوية أم الوجدية أم الشفشاونية,الفاسية أم العروبية السرغينية و الدكالية ,الخريبكية, بالشاوية؟؟؟؟؟
*أستاذ و كاتب ناقد
للتواصل معي:omari.omaro@gmail.com