المال العام بين الترشيد والتبذير

0 512

إن الحياة زينة وخير متاعها المال والبنون، فالمال هو عصب الحياة ولذلك حرص عليه الشرع الحنيف وشدد على عدم تبذيره، فكلما حرص الإنسان على حسن استغلاله وترشيده، كلما كان النجاح والفلاح ، إن على مستوى الفرد أو الجماعة.

من الملاحظ أن الدول المتخلفة والفقيرة، هي التي تبذر الأموال أكثر من غيرها، إما بقصد أو عن غير قصد، فتجد عدد الأحزاب السياسية في الدول المتخلفة ،يضاعف عشرات المرات عدد الأحزاب في الدول المتقدمة، وهو دليل على تخلف هذه الدول ، رغم أن هناك من يبرر وجود عدد كبير من الأحزاب في دولة ما ، بسيادة الديمقراطية ، ولكن هذا الطرح  غير سليم ، وإلا فالدول المتخلفة أكثر ديمقراطية من الدول العظمى التي لا يتجاوز عدد أحزابها في أحسن الظروف ثلاثة، أعود فأقول على أن هذه الأحزاب تستفيد من إعانات الدولة، وهي مصاريف بالطبع تقل أو تكثر ، ثم نجد عدد الوزراء والنواب البرلمانيين والمستشارين، بإعداد كبيرة ، وتعويضاتهم تضاعف رواتب الدكاترة والمهندسين عدة مرات ، أما الوزير أو البرلماني أو المستشار يكفيه أن يقضي ولاية واحدة في البرلمان، ليستفيد مدى حياته من تعويض جزافي يؤمن عيشه ، يفوق راتب موظفمرتب في السلم 11 ، وفي المقابل نجد متقاعدا أفنى عمره في خدمة وطنه لا يبقى  له كمعاش إلا ما يستطيع أن يشتري به الدقيق والسكر والزيت  في أحسن الأحوال إذا اقتصد.

وإذا ما قمنا بعملية حسابية بسيطة، بالحد الأدنى أي باحتساب ولاية واحدة قضوها في الوزارة أو في أحدى الغرفتين ، للأموال التي تمنح فقط للوزراء والنواب البرلمانيين والمستشارين منذ الاستقلال إلى الآن ، فسنجد ملايير السنتيمات تذهب من ميزانية الدولة سنويا دون مقابل، مع العلم أن الدولة تطبق قانون الاقتطاع من الأجور للمضربين عن العمل بدليل الأجر مقابل العمل ، ولكن هذه المعادلة تطبق على المساكين فقط ، حتى لا يصبحوا أثرياء، وحتى لا تسول لهم نفسهم يوما، المطالبة بالمساواة في الأجور مع من ذكرنا سابقا.

هذه الملايير التي ذكرنا فقط ، كافية لتشغيل جميع حاملي الشواهد العليا كل سنة، ناهيك عن العديد من الأنشطة التي تستنزف الدولة ولا فائدة منها.

بالطبع هذا الأمر لا يخفى على المسؤولين في البلد، ولكن تداخل المصالح والأنانيات من جهة والقرارات السياسية من جهة أخرى، تحول دون الاعتراف بمصدر الخلل ومحاولة تصحيح المسار لضمان ازدهار البلاد ورقيها.ahmed-naime

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.