عدي زواني فنان يصطاد التفاصيل
بقلم: موحى ابن ساين
يهوى الجمال حتى النخاع، تستهويه التفاصيل ويقتنصها باحترافية عالية، هذه التفاصيل التي غالبا ما لا يأبه بقيمتها الإنسان العادي، ليقدمها بكل عفوية ومجانية هدايا في طبق في منتهى الروعة على حائطه الفايسبوكي لأصدقائه الافتراضيين…
فنان فتوغرافي عصامي التكوين لم يلج يوما مدرسة أو معهدا لذلك، أبان في مناسبات كثيرة عن علو كعبه وامتلاكه ناصية هذا الجنس الفني الراقي، لو استيقظ “دافينتشي”من قبره لوشحه بوسام التصوير الفتوغرافي من درجة عليا.
غالبية الصور الملتقطة بعدسته تجعلك تنبهر أمام احترافية الرجل كل الانبهار، وتتساءل كيف ومتى ومن أي زاوية التقطها؟ صور تجاهر بتفاصيل حياتية تبدو عادية لكثرة تعودنا عليها لكن ناذرا ما نقف أمامها لسبر أغوارها والاستمتاع بجمالها…وحدهم الفنانون من طينة “باعدي”ما يفعلون.
فنان شديد الملاحظة يعي كل الوعي مكانة الفنان ودوره في المجتمع فأبى إلا أن يجسد ذلك في تفاصيل حياته اليومية بكل إيمان ونكران ذات، حيث دماثة الأخلاق واستعداده لتقديم يد العون لأي كان وحرصه أن يكون حاضرا في كل الملتقيات الثقافية والفكرية بالمنطقة والمساهمة في إنجاحها بشكل تطوعي وبعيدا عن الأضواء…
ولد بأسول في أواخر الخمسينات من القرن الماضي، وتلقى تعليمه الابتدائي بتونفيت لينتقل بعد ذلك إلى كلميمة لمتابعة تعليمه الإعدادي والثانوي حتى حصوله على شهادة الباكالويا لينتقل بعد ذلك إلى فاس للدراسات الجامعية لكن ولعه بمهنة التعليم حال دون إتمام دراسته الجامعية ليبدأ رحلة جديدة مع عالم التدريس ومعه عالم التصوير الفتوغرافي حيث دشن بداياته في هذا الفن كهاو بعد شراءه آلة التصوير بعد تقاضيه أول راتب له كأستاذ للتعليم الابتدائي بمنطقة “ملعب”سنة 1980 .
باعدي كما يحلو لي أن أناديه، هو اليوم في عقده الخامس، ورغم رسم الزمان أثاره بتجاعيد خجولة على محياه إلا أن عينيه ذهبيتين، ولازال فكره ونظرته للحياة تنضح بالشباب والأمل …
إيمانا منه أن فن التصوير الفتوغرافي لم يكن فحسب للمتعة والترفيه بل أيضا للتأريخ لأحداث ولوقائع
مهمة في حياتنا كرس الفنان عدي الزواني معظم وقته وطاقاته وجزء مهم من ماله لكل ذلك:للترفيه والمتعة والتأريخ وكذا التعريف بتراثنا المادي واللامادي وتثمينه…
قادني فضولي المعرفي ذات يوم أن أقف على عمق الرجل وطريقة عمله فوجدت سعة الصدر ورحابة الخاطر ونقاء الطوية وتواضع الكبار بصورة فاقت كل تصوراتي…وما أثار انتباهي أنه منهجي في عمله- ربما فعلت علوم التربية فعلتها بتفكير فناننا- وذلك ما يستشف مثلا في تصنيفهتيماتيا لعدد كبير من الصور فيما يشبه “كلوسيرات فتوغرافية” قد تكون منهلا مهما يغترف منه الباحثون في اللغة والأنتربولوجيا والبيولوجيا والجيولوجيا…
“الجنوب الشرقي منطقة حبلى بدرر وجواهر حضارية وطبيعية مادية ولا مادية منقطعة النظير يجب فقط الحفاظ عليها واستثمارها في التنمية، أنا أقوم بما أراه واجبا علي وأستمد كل قوتي من حبي لطبيعة منطقتي وعاداتها وتقاليدها …” يقول عدي وعلامات اللوم بادية على قسماتوجههه للجميع جراء التفريط في أشياء تنطق بمن نحن؟
ليس الفن الفتوغرافي أن تولي عدسة آلتك قبل المشرق والمغرب بل هو حب وهوس بما هو بديعواستثنائي وصدق وأمانة وإحساس…دمت متألقا ومعطاء يا فناننا العزيز، فمن خلال صورك عرفناك رائعا وبتقربنا إليك وجدناك عظيما…