شكرا للمجنونة….

0 500

 

 

ادا كانت كرة القدم  وجدت لغرض التسلية والترفيه عن النفس و تزجية الوقت ، فإنها اليوم اخذت ابعاداً اخرى وأصبحت سياسة اكثر مما هي تسليةوإهدار للوقت ، فالناس تتحدث عنها كما تتحدث عن السياسة ، وتختزل محبة الوطن والوطنية مثلا بانتصار الرجاء البيضاوي والدعاء له بالنصر على اعداءه في الصلوات الخمس ، بل وصل الامر في بعض المنتديات الى الدعوة الى القيامبصلاة الليل و تكون خالصة لله حيت الدعاء فيها مستجاب للفريق ضد الفريق الالماني العنيد والقوي .

قرأت أيضا عن أحد محبي الفريق بأنه نذر نذراً خالصا لله بان يذبح خروفاً كبيراً ويوزع لحمه على الفقراء والمعوزين والمحرومين والعاطلين عن العمل (حاملي  الشهادات العليا ..)، وعلى من تبع وشجع فريقه العالمي الرجاء ، اذا فاز الفريقعلى الالمان الصعاب.

ويرى جمهور الرجاء وجل المغاربة ان فوز الرجاء على الألمان هو بمثابة فوزاقتصادي سياسي عسكري حاسم ، معتبرين ان هذه الساحة هي ساحة معركة وليست ساحة لعب وترفيه ، بعيداً عن السياسة ودهاليزها المظلمة ، والتي اوصلتالمغاربة الى ما هم فيه من شجون ومآسي .

فما السر الدي يكمن وراء هذه المعشوقة المجنونة؟

 

 

هناك جملة اسباب تجعل المواطن البسيط يتسابق باندفاع ورغبة قوية لمشاهدة ورؤية ومتابعة مباراة كرة القدم و الرجاء البيضاوي هنا  نموذج وخاصة بعد خيبات المنتخب الوطني الكثيرة والطويلة بما في ذلك كاس افريقيا والفشل في التأهل لكأس العالم….لدا فالعوامل والأسباب النفسية والاجتماعية في المقدمة نظرا لحاجة المواطن المغربي الى الفرح أو لنقل قليل من الراحة النفسية والذهنية للخروج من العمل اليومي الممل والمثقل والأوضاع السياسية والاقتصادية والصحية الصعبة على كاهل هذا الانسان.

وبمأن مباريات كرة القدم ملآ بالأحداث المثيرة و الانفعالات وايعازات وترقب وتوتر وتشجيع تزيح وتبعد عن الجهاز العصبي انشغاله اليومي بالهموم والمشكلات وخلال المباراة يتابع الجماهير برغبة شديدة وباندفاع وتشجيع وحماس قوي وبانفعال متزايد للأداء الفني الممتع للاعبين والنجوم وهذا مما يساعد الى تغيير نمط وأسلوب العمل.

من جانب اخر هناك  اهتمام ومواكبة اعلامية (الاداعات الخاصة ، المواقعالإلكترونية ، شبكة التواصل الاجتماعي…)لمشاركة الرجاء البيضاوي في هذا الحدت العالمي  بشكل خاص ، باعتباره يمثل المغاربة والوطن خصوصا أن البطولة تنظم لأول مرة في المغرب، وهذا ما أشعل مباريات الرجاء في هذه الكأس ، حيثالحماس و العواطف والمشاعر المتداخلة لدى المغاربة داخل البلاد وخارجها، في البيوت والشوارع والمقاهي والساحات.

خلال ايام بطولة كأس العالم ، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت ومنها الفيسبوك،  سجالات وتعليقات حماسية عكست مزاج المغاربة  في التعامل مع هذه المناسبات، وفي صفحة “الرجاء الفراجة ” كتب بعضهم : “انها كرة القدم يا ناس، سر تشويقها اننا لا نعرف النتيجة مسبقا ، وسر سحرها أن الحظ يلعب دورا فيها، وعبقريتها أنها نقلت العنف من الحياة الى المستطيل الأخضر… لذلك فيها هجوم ودفاع وهدف وزاوية وتسديدة واصابة وفوز وهزيمة، لكن كل ذلك يجري بروح رياضية ، حرب بلا  كراهية، بلا حقد، بلا خسائر بشرية وبلا احتلال أراضي العدو، الفوز فيها هو حمل كأس جميلة، وافراح شعبية جميلة”

 

في النهاية يتسمّر الجميع أمام شاشات التلفاز وتنحبس الأنفاس مع كلمباراة..حينها تختفي النزعات المرتبطة بالفرق والاختلافات الفكرية والانتماءات السياسية الضيّقة وتخلّصنا ولو لحين من اسطوانة شباط ولشكر وبنكيرانومعاناة حاملي الشواهد…حيت يتوحد الجميع ولا يتقمص أي طرف سياسي (الحكومة أو المعارضة) دور البطولة لتبني هذا الانجاز وغاب التلاسن والسب المفضوح من هنا وهنالك ليحل نفس الشعور عند الجميع ..انه شعور النخوة بالانتماء الى المغرب الذي سيبقى شامخا حتى وان سعى البعض الى تدنيسه برجس أفعال وأقوال كحفل الافتتاح وحفل الختام للأسف.

ان فرقتنا الاحزاب والمشاكل اليومية فان “كرة” مملوءة بالهواء تستطيع أن تعيدالأمل في الوحدة والإجماع الوطني ، أن تمنح لحظات الفرح الى ما لا نهاية طالما أنها تعفينا من مشاق متابعة التناطحات الحزبية وأخبار أشباه السياسين الدين  يمارسون سادية في حق هذا الشعب ، فشكرا لك أيتها المجنونة الساحرة.

 

حساين المامون - أستاذ باحث
حساين المامون – أستاذ باحث
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.