مصر العسكرإما الإستفتاء أو السجن!
لم تستقر الأوضاع الأمنية بمصر منذ عزل الجيش لمحمد مرسي بالقوة و الانقلاب على حكمه الذي وصل إليه بأصوات غالبية الشعب المصري, و منذ الثالث من يوليوز و أعداد القتلى في ازدياد و الطلاب و الطالبات شبانا و شيبا و فتيات في مقتبل العمر يلجون السجن دون تهم, سوى أنهم من أنصار المعزول, أو ضد حكم العسكر, أو بعبارتهم المروجة في إعلامهم المنحط :”إنهم ليسوا منا و ليسوا من حزب النور…”
ثم تأتي الذكرى الخامسة لمجزرة فض اعتصام رابعة العدوية الدموية و التي خلفت قرابة الألفين قتيل و آلاف المعتقلين, كذلك بتهمة مساندة الرئيس محمد مرسي,ثم بعد أن عادت الذاكرة للسيسي و وزير داخليته قرروا أن الإخوان المسلمون جماعة إرهابية كي يطووا صفحة هذا الحلم المرعب بصعود الإسلام السياسي لسدة الحكم في دولة حارسة حدود إسرائيل..
و يأتي زمن قرروا فيه التصويت على التعديلات الدستورية المطبوخة و التي قوت حضور الجيش و الشرطة و القضاء, للحصانة من وصول أي حزب إسلامي مستقبلا أو محاولة محاكمة أو مقاضاة المتورطين في المجازر السابقة للقضاء على خصم سياسي بالقوة و المكر كذلك.
لم يكن أحد يتصور أن يرى أكياسا من التراب و قربها جنود الحدود مدججين بأسلحتهم وسط مؤسسات الاستفتاء على الدستور,علما أن هذا المنظر لا يشاهد إلا في الحروب أو بالقرب من الحدود الإقليمية لأي بلد,و لقد أضحى هذا الاستفتاء كما رددت السيدة تهاني,المتشفية دائما دماء إخوانها من الحرية و العدالة, بمثابة حرب,ضد فصيل سياسي يوجد وراء القضبان, أو بعبارة أخرى الاستفتاء أو السجن.
حقا لقد أضحكوا العالم فيهم و في ديمقراطية عسكر السيسي الجبان,و الواضح من هذا أنه يؤسس لترشحه للانتخابات الرئاسية ,فقد رددها أمام الجيش بأنه لا يحتاج سوى تفويض اخر و يخوض غمار تجربة الرئاسة و يهنأ من وجود الإسلام السياسي بمصر فقد قال أيضا : “لقد حذرت من وصول الإسلام السياسي بمصر …”و كأن الإسلام السياسي يرغم الناس على الصلاة فردا فردا أو يكره الفتيات على وضع النقاب …لكن الواضح من مقولته هاته أنه يخاف على خرق “اتفاقية كامب ديفيد” التي وقعها الجيش المصري نفسه و أصبح بموجبها حارسا لدولة إسرائيل الوهمية على أنقاض دولة فلسطين الأصلية.
و كما تبين المؤشرات الكثيرة الميدانية بمصر, فإن الأوضاع لن تستقر أبدا مادامت السلطات الانقلابية تستمر في ظلمها و عبثها بأمن و استقرار مصر, فلن ترضى طبقة واسعة من الشعب المصري بالظلم و لو أكلوا التراب و كما يقول المثل العربي: تجوع الحرة و لا تأكل بثديها.