يوميات معطل: رتابة الحياة..
استيقظ كل يوم على صوت الام و على نفس الجملة , بنيّ … استيقظ انها الثانية عشرة ظهرا, اعتدت على هذا التوقيت و هي ايضا اصبحت معتادة عليه لأنها اقتنعت انني ان استيقظت باكرا سأقصد المقهى مباشرة الامر الذي سيساهم في عجز الميزانية و التي تعتبر فيها الام من اهم المساهمين . وجبة الفطور ليس لها مكان في جدولي الزمني بحيث اصبحت وجبة الغذاء اول وجبة ابدأ بها اليوم الطويل بالرغم انني استيقظ في الثانية عشرة ظهرا, دخلت الى الغرفة وجدت افراد العائلة التفوا حول طاولة الطعام ,نظر الي الاب بنظرة غريبة لكن دون ان يتفوه بشئ الا ان ملامح وجهه تعبر عن سخطه و عدم رضاه عن الطريقة التي اعبر بها عن بطالتي. جلست … و بدأت الاكل … صمت رهيب يخيم على الاجواء و فجأة يسألني اخي الصغير سؤالا ماكرا _ فوقاشنعستى؟ _ تجاهلت سؤاله كما لو انني سمعت شيئا لأنني ان اجبته سأفتح الباب لانتقادات الاب التي سئمت من سماعها كل يوم. هو ينتقد و الام تدافع كما العادة . عقارب الساعة تشير الى الخامسة مساءا اتهيأ للخروج , الوجهة معروفة انها المقهى ذاك الفضاء الذي يعتبر المتنفس الوحيد في البلدة يقصده المعطل و العامل و الموظف، كلنا نلتقي في هذا المكان بالرغم من سلبياته : ضجيج و ضوضاء , دخان السجائر يملأ المكان ,قهقهات هنا و هناك، أناس يتهافتون على الكلام لكنهم يسرقون النظر بين الفينة و الاخرى الي المؤخرة الممتلئة للخادمة التي لا تفارقها ابتسامة ماكرة… و اخرون امام حواسبهم المحمولة غارقون في عالمهم الافتراضي، لا يبالون بالضجيج الذي يملأ المكان بسبب النقاشات و الاقتراحات و المناظرات في مختلف القضايا و التي تبقى حبيسة المقهى… بالرغم من ذا و ذاك يبقى هذا المكان هو المفضل لدي . اجلس مع اصدقائى المعطلين نتكلم في معاناتنا و في مواضيع اخرى كالرياضة و السياسة … احيانا اخرى نجتمع على حل الكلمات المتقاطعة، كلّ يحاول ان يستعرض قدراته الفكرية… اصبحت حياتنا كمن يتفرج في شريط سينمائي و لا يملك غيره، يعيده باستمرار، انه نفس السيناريو و نفس الممثلين لا شيء يتغير , انها حياة المعطل في بلد ينخر الفساد قواه من جهة و سوء التدبير من جهة اخرى، لكن ما عسانا نفعل انه قدرنا و الحمد لله على كل شيء.
رشيد مبروك، “يوميات مُعطل”.