قراءة في المشروع الوطني لإنقاذ وإعداد الواحات
رشيد وريت
إن نسخة المشروع الوطني لإنقاذ الواحات أصدرته مديرية إعداد التراب الوطني سنة 2006، وقامت هذه المصلحة بإنجاز دراسة تتعلق بتهيئة وتنمية الواحات بالمغرب، وتهدف إلى تشخيص واقع حال هذه الأخيرة، ووضع استراتيجية وطنية لتهيئتها وتنميتها. ويتضمن هذا التقرير 34 صفحة، الصفحتين الأوليتين تهم الغلاف والفهرسة، كما أنه يتكون من مقدمة عامة تم التطرق فيها إلى السياق العام للدراسة والمراحل التي مرت منها بالإضافة إلى خمسة محاور كبرى التي بدورها تتفرع إلى أجزاء صغرى، بالإضافة إلى كونه يتوفر على مجموعة من الوسائل البيانية كالصور بحيث نجد 12 صورة وتسع خرائط وكذا خطاطة واحدة وجدول واحد.
المحور الأول والثاني المعنونين على التوالي ب: الواحات مكون مجالي وبيئي أساسي للمنظومة الترابية الوطنية والآخر تحت عنوان الواحات حلقة وصل كونية ذات أهمية عالمية؛ من هنا فقد أفضت تحولات المشهد الاقتصادي إضافة إلى التفكك على مستوى البنية الاجتماعية التقليدية إلى تدهور المنظومة الطبيعية للمجال الواحي الذي يشكل أهمية حيوية وأولوية إستراتيجية محليا وطنيا ودوليا. ومن المفترض اتخاذ جملة من التدابير المتعلقة بحماية والموارد الطبيعية لهذا المجال وكذا الأنشطة لتأهيل القطاع الاقتصادي منذ عشرين سنة مضت؛ ويعد المورد الطبيعي الأساسي المتمثل في الماء أهمية مركزية في إعادة تأهيل المجال الواحي. يوجد ضمن انشغالات التصميم الوطني لإعداد التراب، بالنظر لكونه يمثل إحدى الإشكاليات والرهانات الإستراتيجية ذات البعد الاجتماعي والاقتصادي والإيكولوجي ويظهر ذلك جليا في المجال الواحي.
في ما يتعلق بالمحور الثالث الذي اهتم بتشخيص واقع حال الواحات، باعتبار هذه الأخيرة تنتمي بالمغرب إلى النطاق الجاف الذي يمثل أحد النطاقات الأربع الأساسية المشكلة للتراب الوطني. وتصل مساحة المجال الواحي بالمغرب إلى 107.324 كلم مربع تقطنها ساكنة تصل إلى 1.6 مليون نسمة أي ما يمثل 5.3% من سكان المغرب (حسب إحصاءات 2004)؛ ويتكون هذا المجال من دير أربعة أحواض كبرى تتمثل في كلميم- طاطا، درعة، زيز وفكيك التي تتكون من أحواض صغرى بالإضافة إلى مراكز حضرية يغلب على أكثرها زحف الرمال وتمتد مناطق الوحات على المستوى التقسيم الادراي إلى مجموعة من الأقاليم والتي تتمثل في أسا زاك، كلميم، تزنيت، طاطا، تارودانت، ورزازات، زاكورة، الرشيدية وفيكيك.
وفي هذا الإطار الواحات المغربية وبفعل عدة عوامل متضافرة فيما بينها جعل هذه المجالات تعرف عدة اكراهات بنيوية المتمثلة في:
مشكل ندرة الماء الناتج عن الاختلال ما بين الإمكانيات المتاحة والحاجيات.
التدبير غير العقلاني للموارد المائية، والذي يتجلى في الاستهلاك العشوائي للماء والضخ المفرط وإدخال مزروعات مستهلكة للماء، كالدلاح في الآونة الأخيرة الذي انتشر بشكل كبير في واحة درعة.
تدهور واندثار النخيل، بحيث انخفضت مداخيل النخيل بحوالي 34% بسبب فقدان حوالي 3600 قدم في السنة أي ما يعادل 3,5% من مجموع النخيل، ناتج عن عملية تدمير واجتثاث النخيل خاصة في منطقة تافيلالت ودرعة وتفاقم عدة أمراض كالبيوض.
النظام التقليدي للتملك وتوزيع الماء والمرتبط بوضعيات الريع غير مقبولة والتي تشكل عائقا أساسيا لتحسين الزراعة.
عدم انتظام ظاهرة ضخ الماء من الفرشات الباطنية بالنسبة ل 2% من المساحة المزروعة، ناهيك عن عمليات جلب الماء المتتالية من طرف الاستغلاليات الجديدة والموجودة بهامش الواحات، تشكل ضغطا قويا على المنظومة البيئية لهذه المجالات.
تفكك المجتمعات التقليدية أدى إلى انهيار المحافظة على الواحات.
ملائمة الظروف لتواجد السلوكات التقليدية بالمجال الواحي، بحيث أن كل العناصر تساهم في هذا الإتجاه (أمية، تمركز قروي قوي، خصاص في البنيات الأساسية والتجهيزات العامة…)
تقسيم الأراضي والوضع العقاري المعقد يمثلان عائقا أمام استغلال فلاحي ناجع، حيث أن المساحات المستغلة تعتبر ذات مردودية اقتصادية ضعيفة ولا تسمح بالاستثمار.
تمثل التحويلات المالية للمهاجرين المغاربة القاطنين بالخارج، حوالي 60% من مجموع العائدات النقدية. ويعتبر هذا الدعم المالي المنتظم موردا أساسيا لاقتصاد المنطقة وعاملا مساعدا على استقرار السكان (خصوصا ورزازات والنواحي)
بعدما تم تشخيص واقع الحال للوحات المغربية اتضح بشكل كبير أنها تعاني من جملة من الإكراهات الطبيعية والبشرية والتي من خلالها تم وضع استراتيجية وطنية لتنمية وإعداد هذه المجالات الترابية الحساسة بالمغرب وهذا ما تم التطرق له بالمحور الخامس من هذا المشروع، ومن هنا تتلخص أهم اختيارات المشروع الوطني لإعادة تأهيل وانقاذ الواحات في رؤية شمولية:
تحويل تدريجي للفلاحة الواحية وذلك بوضع فلاحة مشهدية وتنمية الفلاحة البيولوجية.
إتاحة الظروف الملائمة لإنعاش السياحة الواحية.
العمل على تدبير ندرة المياه واعتماد مقاربة جديدة لإصلاح ظاهرة التبدير المائي، قوامها تزويد الماء حسب الطلب ووفق مخصصات كل حوض على حدة.
خفض الضغط الديمغرافي على مستوى الواحات، عن طريق تقوية المراكز الجديدة بالتجهيزات الهيكلية العامة وكذا المصالح ذات المنفعة.
المحافظة على الأنظمة البيئية والتنوع البيولوجي وذلك بتشجيع التعاون الدولي.
إنعاش وإعادة تأهيل التراث المعماري المحلي بترميم المعالم الأثرية القديمة (القصور- القصبات)
انسجام وتنسيق تدخلات المؤسسات المهتمة بالواحات.
إحداث مجلس أعلى لتنمية الواحات، توكل إليه مهمة ضبط الاختيارات، واتخاذ القرارات الكبرى المصيرية والتحكيم بين مختلف الأطراف المتدخلة وكذا مراقبة البرامج والمشاريع المنفذة.
دعم التنسيق الأفقي للبرامج التنموية في الأحواض المائية اعتمادا على المعيار الكمي للماء.
دعم قدرات التدبير التنموي على المستوى المجالي والمحلي.
إنجاز مخططات سوسيواقتصادية موازاة مع إعداد المجال اعتمادا على آليات ومناهج جديدة (عقدة البرنامج).
بالرغم من كل الأهداف التي جاء بها المشروع تبقى حبيسة الرفوف إن استثنينا منها البعض القليل جدا وما يفسر ذلك أن جل الواحات المغربية لازالت إلى يومنا هذا تتخبط في جملة من الاكراهات البنيوية والتي تجعلها عاجزة عن تحقيق التنمية المنشودة. مما يتطلب على جميع الفاعلين المركزيين والمحليين الالتفات التام لهذه المناطق على جميع الأصعدة.
قراءة جيدة أخي ووفقك الله في خدمة البحث العلمي ومجال الواحات المغربية التي تعد منطقة هاشة بالمغرب والتي لازالت تتخبط في جملة من المشاكل …