فصل المقال في مابين الإضراب و الدروس الخصوصية من إنفصال

1 417

مع تواتر الحركات الاحتجاجات التي يعرفها قطاع التعليم بالمغرب و التي أصبحت تؤطرها تنسيقيات بعد الكفر الإيديولوجي بالنقابات التي تحولت إلى مقاولات عائلية لجني أرباح سياسية و اقتصادية ،يتبادر إلى الدهن سؤال يساءل العلاقة الملتبسة بين ممارسة الإضراب و القيام بدروس خصوصية .

و الحال أن الإضرابات هذه جاءت كنتيجة موضوعية التي يعرفها هذا القطاع الحيوي من خلال الإجهاز على المدرسة العمومية .و قد بدأت بوادر هذه الأزمة مع سياسية التقويم الهيكلي التي نهجها المغرب بداية الثمانينات، استجابة لتوصيات المؤسسات المالية الدولية مرورا  بالميثاق نهاية التسعينات ووريثه غير الشرعي المخطط الاستعجالي اللذين لم يخفيا دفاعهما المستميت و بلا هوادة عن خوصصة التعليم بل منح امتيازات تحفيزية للقطاع الخاص.و قد سجل بقلق كبير تراجع الدولة عن مسؤولياتها اتجاه المدرسة العمومية لصالح الجماعات المحلية من خلال عقد شراكات و وهمية مع رؤساء جماعات أميون ليس بينهم و التعليم إلا الخير و الإحسان .

إن أسباب نزول الإضرابات هو هذا الوضع المتردي الذي تعيشه المدرسة العمومية و الذي جعل رجال التعليم دائما في أشكال احتجاجية قد تصل أحيانا إلى إضرابات مفتوحة ،أما الطرف الآخر أي الوزارة كما قال الراحل محمد عابد الجابري(1) تتعامل مع  الوضع من خلال ثلاث سيناريوهات :اللامبالاة –القمع –الاستجابة ، ليتساءل صاحب موسوعة نقد العقل العربي :إذا كانت الوزارة ستستجيب في الأخير لمطلب معين لماذا تتعامل معه باللامبالاة؟

و لا يخفى على احد أن هذه الإضرابات و التي تتحمل فيها الوزارة الوصية المسؤولية ،لأنها تهدر الزمن المدرسي للتلميذ لعدد كبير من تلاميذ الطبقات الفقيرة رغم أنها تدعو إلى تأمينه في المذكرة الوزارية 154 ليس بتوفير شروط الاستقرار ولكن بنشر لوائح الموظفين في سبورة و الاحتفاظ بالتلاميذ أثناء غياب الأساتذة ؟؟؟؟؟؟؟أين ؟هل في الساحة؟مادامت الأقسام توجد بها 47 تلميذا..

و باستثناء قلة قليلة من الأساتذة فقد أصبح اغلبهم ينخرطون في الإضرابات لكن دون     و عي بالأهداف النبيلة لهذا الشكل الاحتجاجي أي الدفاع عن حرمة المدرسة العمومية إذ يتسابقون من أداء دروس خصوصية في مؤسسات خاصة لتلاميذهم بل أحيانا يفرضون ذلك عليهم ، حيث أصبحت تطفو إلى السطح اليوم  ما يمكن أن اسميه بالبزنس التربوي عند بعض الاساتذة ،فبقد رما يتنافسون للتدريس في مدارس خاصة و بروح تربوية عالية ،نجدهم في الجانب الآخر يتكاسلون  صابين جام غضبهم على مستوى التلميذ المتدني  في المدرسة العمومية .إن هذا السلوك المقيت يجعل هؤلاء يدافعون من حيث لا يدرون عن الميثاق و عن المخطط الاستعجالي اللذين جاءا أساسا لتكريس طبقية التعليم .فتنفيذ الإضراب و إلقاء دروس في مدارس خاصة يجعل فقط فئة قليلة من التلاميذ أبناء الفئات الميسورة هم الذين لا يتأثرون  بالتوقف عن العمل في حين يتضرر آخرون من تلاميذ الطبقات الفقيرة لأيام دون دراسة مما ينعكس سلبا على نتائجهم التي تكون هزيلة و اعتقد انه حان الأوان للقيام بنقد ذاتي لدى بعض رجال التعليم الذين يتكاسلون في واجباتهم  الصفية بالمدارس العمومية و ضخ طاقاتهم كلها في المدارس الخاصة ،فالتجربة الصفية بينت أن أداء الأستاذ يتناقص  بعد ساعتي تدريس فبالأحرى العمل صباح مساء بل في أيام الآحاد.

و عليه فان الوزارة الوصية تتحمل مسؤولية تابثة للحد من ورم الدروس الخصوصية التي أصبحت في نظرنا رشاوى تؤدى للأساتذة وذلك بتجريم اللجوء إليها ،فالوطن يعج بمعطلين يؤثثون فضاءات الشوارع و كان بالإمكان احتضانهم داخل مدارس خاصة .أما الموظف  الرسمي فعليه الالتزام بواجباته المهنية داخل المدرسة العمومية.

عبد الكريم الجعفري – أستاذ باحث – زاكورة

   

تعليق 1
  1. زاكوري حر يقول

    حسبنا الله ونعم الوكيل من بعض رجال التعليم المنعدم الضمير

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.