معانات المرضى نفسيا بمستشفى مراكش
لقد كان يوم الخميس في مدينة مراكش الحمراء مشمسا جميلا أتيت من مدينة أكادير لزيارة أخي الأكبر بالمركز ألاستشفائي الجامعي محمد السادس وبالضبط مستشفى “بن النفيس للأمراض العقلية والنفسية (مرشيش).
دخلت لرأيته وقت الزيارة حوالي الساعة الرابعة فسألته كيف حالك،
قال بأحسن حال يا أخي أرجوك أخرجني من هنا فأنا سؤجن فالضرب والشتم يؤلمني ناهيك عن هؤلاء النزلاء فكل منهم يغني على ليلاه فمنهم من يقول أنه الله ومنهم المسيح الدجال والمهدي المنتظر وإسماعيل ذبيح الله وكذلك كل من محمد الخامس والحسن الثاني الملك الحالي محمد السادس ولن أنسى إدعاء أحدهم أن هذا الجناح المصبوغ بالأبيض هو مكة المكرمة وهو يطوفها مرتديا قماشا أبيض على جلده العاري فبدأت أضحك إلى أن سقط أرضا.
وقلت إذن قامت القيامة عندكم في هذا العالم المنسي واسترسلت سأخرجك إنشاء الله, فرأيت الدكتورة فقالت لي إنه ليس على أحسن حال أتركه بضعة أيام وسأتصل بك هاتفيا إذا تحسنت حالته.
بعد أربع وعشرين ساعة أتى بي مصحوبا بأخوي وبدأ يعاملني كأنه قد رفع عني القلم فسألته ما بك أبي تعاملني كأنني مجنون فقال نعم لقد جننت لماذا ذهبت إلى طنجة وقلت إنك فيلسوف وأنك أسست فلسفة جديدة ومالك ومال الفلسفة وفأنت تدرس العلوم الرياضية.
فقلت إن طاليس وسقراط وكذالك افلطون .. كانوا رياضيين وفلاسفة وأنا ذهبت إلى مجلة طنجة الأدبية لأنشر مقالة فلسفية فما العيب في ذلك. فقال هي بنا لرؤية أخيك.
نفذت أمره فإذا به يسمك بيدي ويقودني إلى قاعة الفحص الطبي لنفس المستشفى الذي ينام فيه أخي كنت غاضبا فبدأت بالصراخ في وجههم، فكانت الطبيبة ترمقني من نافذة ولم أكن أنا أراها فدخل أبي وبدأ يبالغ فقال إنه فقد أمه بثمانية أشهر ومرض أخوه وهو لم يتوفق في دراسته فسبع سنوات ولا يزال لم يتحصل على الإجازة.
دخلت عند هذه الطبيبة فسألتني ما إسمك
فأجبت طه. ردت طه لماذا تكتب الفلسفة ولماذا ذهبت إلى طنجة وأنت تدرس في اكادير بجامعة ابن زهر فشرحت لها كل شيء واني مولوع بالفلسفة فابتسمت وقال ادخلوه
تعال صراخي ولكن لا فائدة استسلمت لهذا الواقع وقضيت شهرا مع إلاه الأرض وجبرائيل والنبي إسماعيل وأخي في جناح أخر لا يسمح لي برأيته وأشكال من الاهانات والضرب طالني لقد فقدت كرامتي وعنفواني وصرت أغني أغنية سعيدة فكري “رضينا بالهم والهم ما رضا بنا رضينا بالذل سكتنا وسدينا عنينا ”
بعد شهر قالت لي الطبيبة الثالثة التي تسلمت ملفي إنك شفيت من مرضك، فقلت أأنت متأكدة قالت نعم .
والفضل يرجع للدواء فلا تقطعه فقلت أخرجي هؤلاء الجلادين وأشرت إلى الممرضين وبعد خروجهم قلت لها إنني لم أتناول هذا الدواء لأنني دخلت هنا بخطأ طبي وها أنا أخرج بخطأ طبي
فطفا على ثغرها ابتسامة عريضة وقالت ادن اضعنا معك الوقت والجهد فقط .
من خلال هذه تجربة أدركت من خلالها أن الإنسان ضعيف أمام مشيئة الله عز وجل وأن هنالك معذبون في الأرض نسيناهم بأيدي جلادين يرتدون زي ملائكة ولاحظت أن عالم الجنون عالم صادق لا كذب ولا نفاق ولا سرقة فيه وأن عالم العقلاء فيه كل الشهوات والردائل وننعت المجنون بالمجنون فهو يعيش عاقلا في عالمه ويرانا مجانين في البعد الأخر الذي يتميز بالصراحة والصدق والشفافية فالجنون عالم لا يدركه إلا المجانين. ان وزارة الصحة اصبحت بين أيدي مرتزقة لايهمهم سوى البقشيش’,..
الله يهديك يا اخي هديك بعدا مراكش اجي تشوف مسنشفى وما ادراك لا اطر لا مع من تدوي الله اشافينا بدواه