… “فسقوط المطر أجمل نهاية.”

1 440

كانت هذه آخر العبارات التي كتبتها التلميذة المنتحرة مريم هاسيك بمدينة البيضاء، والخبر قدمته القناة الثانية في نشرة ،12:45، المتخصصة في تقديم خرذة إخبارية كلها مآسي وكوارث، بحيث لاتكاد تجد ضمن قائمة أخبارها خبر قد يدخل إلى قلوب المشاهدين فرحة، خبر قد يتعلق بتخفيض الأسعار الصاروخية لبعض المواد أو تخفيض أجور الموظفين السامين وكبار الدولة وترسانة وزارية وكأنها تقوم بتسير بلد المليار وثلاثمائة مليون نسمة.
هكذا تلقي علينا ظاهرة الانتحاربظلالها من جديد، ولكن هذه المرة في مجتمع آخر هو المجتمع المدرسي، ليتضح بأن هذه الظاهرة لا تستثني المجتمع المغربي المسكين بكل ألوانه وأطيافة. المدرسة المغربية اليوم فقدت وردة من ورودها التي بدأت في التفتق وثمار نجاح تلميذة مواظبة ومجتهدة… في وقت كان من المفروض أن تلعب المدرسة المغربية دور المحلل والطبيب النفساني وتقوم بتقديم وصفة طبية قادرة على استئصال داء بدأ ينخر زهرة شباب المغرب دون رقيب أو حسيب.لا شك أن انتحار التلميذة التي تنتمي إلى إعدادية زينب النفزاوية بمدينة تعد معمل المغرب في الانتحار، كان نتيجة مجموعة من الأسباب وتعود في مجملها إلى كون التلميذة تعيش رفقة عائلتها في وضعية اجتماعية صعبة، بحيث تسكن في حي صفيحي لا يصلح حتى لعيش الكلاب الضالة، فبالأحرى تلميذة من المفروض أن تتمتع بسكن لائق حتى تتمكن من متابعة حقها في الدراسة بكل تركيز وطاقة وراحة بال…
فعل الانتحار الذي أقدمت عليه التلميذة، أزال الحجاب عن ظاهرة كثيرا ما رفعت لها الحكومات المتعاقبة شعارات بعبارت مختلفة، تلتقي كلها عند “من أجل مغرب جديد بدون صفيح”، فمنذ الاستقلال إلى الآن لازالت أحياء الصفيح تشوه المنظر المرفولوجي للمدن المغربية، بحيث لا تكاد تجد مدينة بدون حي صفيحي.فمن يتحمل المسوؤلية إذن: هل وزارة التربية الوطنية التي تقوم بسلسلة إصلاحية تنتهي كلها عند صرف الميزانيات دون نتيجة، ودون تقديم مناهج تعليمية تستمد مشروعيتها من روح الميثاق الوطني للتربية والتكوين، من خلال المساهمة في إعداد مواطن صالح متشبع بروح وقيم الهوية الوطنية الإسلامية؟؟ أم الحكومة التي لم تدرج ضمن أجندتها مشاريع اجتماعية من شأنها أن تحسن من وضعية الأسر المعوزة، وتقوم بإعداد مغرب جديد وفق مبادئ حكامة جيدة ومجتمع ديمقراطي ومستدام…؟؟ أم وزارة السكنى والتعمير وسياسة المدينة التي انقسمت إلى وزارتين على رأس كل وزارة وزير بأجر سمين،فالأولى وزارة السكنى وسياسة المدينة، والثانية سياسة إعداد التراب والتعمير…؟؟
إجمالا، فأسباب ظاهرة الانتحار متعددة ومعقدة والحلول متعددة، وأعتقد أن مدخل التربية والتعليم يعد من أهم المداخل الأساسية لوضع حد لهذه الظاهرة، من خلال تجهيز المدارس ببنيات تحتية، وأدوات تكنولوجية حديثة ومكتبات غنية بمراجع ومصادرمعرفية، وإعداد فضاءات مدرسية خضراء وفق مبادئ وأهداف التربية من أجل التنمية المستدامة، مع تخصيص ميزانيات مهمة للأندية التربوية وتفعيل أدوارها من أجل القيام بأنشطة موزاية تمكن المتعلم من الاندماج في المجتمع المدرسي، والتعبير عن كينونته وذاته وإبرازمواهبه وإبداعاته… وطبعا لن يتأتى ذلك دون التعبير عن رغبة إصلاحية تنطلق من القاعدة نحو القمة،وتفعيل مبدأ انفتاح المدرسة والجامعة على المحيط الخارجي، وتقديم حوافز سوق الشغل وإعادة الاعتبار للرأسمال البشري عبر بوابة التربية والتعليم، إضافة إلى ضرورة الاقتداء بالسياسات التعليمية الناجحة لبعض الدول كالصين وكوريا الجنوبية… التي الزمت التلاميذ على ضرورة ارتداء لباس موحد كتب عليه إسم المدرسة والغرض هو إلغاء مشكل الطبقية والمنافسة السلبية في اقتناء الملابس…ايت الوالي احمد

تعليق 1
  1. اسماعيل عبد الرفيع يقول

    بعد السلام، تحية للأستاذ أحمد أبت أوعلي على ما خطته يمينه،
    في الحقيقة وأنا أقرأ المقال استغربت كثيرا لكونك اعتمدت القناة الثانية مصدرا رئيسا لخبر بنيت حوله موضوعك، رغم الانتقادات التي وجهتها لهذه القناة…
    هذا من جهة، من جهة ثانية لن أنكر أن الأسباب التي أشرت إليها (المدرسة، والفقر)، قد تكون عاملا مساعدا على هذا الاختيار، خصوصا إن كنا أمام شخصية ضعيفة نفسيا، لكن ألا ترى معي أستاذ أن غياب الوازع الديني عند شبابنا اليوم هو السبب المباشر لهذه الظاهرة التي تكتسح مجتمعنا في الآونة الأخيرة، دليلي في ذلك أن هذه الظاهرة منتشرة أيضا في صفوف الأغنياء والفئة المتوسطة، مما يعني أن الفقر ليس بالضرورة سببا مباشرا، وإن كنا لا نستثني كونه مساعدا… خذ على سبيل المثال الدول الغربية فهي أحسن دخلا وتكوينا مع ذلك نجد هذه الظاهرة مستفحلة، مما يعني ضرورة البحث عن أسباب أخرى غير هذه التي أشرت إليها…
    شكرا أستاذي الفاضل على إثارة الموضوع…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.