تمثيل الدولة والجماعات المحلية

0 3٬576
عبد الكبير الصوصي العلوي دكتور في الحقوق رئيس المركز المغربي للدراسات والاستشارات القانونية وحل المنازعات
عبد الكبير الصوصي العلوي
دكتور في الحقوق
رئيس المركز المغربي للدراسات
والاستشارات القانونية وحل المنازعات

الوجيز في تمثيل أشخاص القانون العام والدفاع عنهم أمام القضاء[1]

 

بقلم  الدكتور عبد الكبير العلوي الصوصي

أستاذ باحث بكلية الحقوق بمكناس

إطار سابق بالوكالة القضائية للمملكة بالرباط

رئيس المركز المغربي للدراسات

والاستشارات القانونية وحل المنازعات بالرباط



[1]هذا الكتيب سبق لنا نشره تحت عنوان الوجيز في تمثيل أشخاص القانون العام والدفاع عنهم أمام القضاء، ونعيد نشره بقصد تعميم الفائدة على أوسع نطاق حتى يتسنى لمن يهمهم الأمر رفع الدعاوى بشكل يتم بموجبه تفادي تصريح المحكمة بعدم قبول الدعوى شكلا.

يطرح موضوع تمثيل أشخاص القانون العام أمام القضاء، خاصة الدولة والمؤسسات العامة والجماعات المحلية ( الجماعات الترابية وفق الدستور الجديد)، صعوبة بالغة الأهمية على المستوى العملي نظرا لتعلقه بالنظام العام.

فتحديد الجهة التي لها الصفة في تمثيل الشخص المعنوي العام سواء كان هذا الشخص العام مدعي أو مدعى عليه، وكذا حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة والمساعد القضائي للجماعات المحلية كل فيما يخصه،  ليست مسألة نظرية فحسب، بل عملية أيضا، لارتباط ذلك بتقييد الدعوى وسير الإجراءات ثم صدور الحكم القضائي وكذا مباشرة إجراءات تبليغه وتنفيذه.

وهكذا، نص الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية على أنه:

لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة والأهلية والمصلحة لإثبات حقوقه.

يثير القاضي تلقائيا انعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة أو الإذن بالتقاضي إن كان ضروريا وينذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل يحدده.

إذا تم تصحيح المسطرة اعتبرت الدعوى كأنها أقيمت بصفة صحيحة، وإلا صرح القاضي بعدم قبول الدعوى.

ومن أجل تحديد من له الصفة في تمثيل أشخاص القانون العام أمام القضاء، حدد أيضا الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية[1] الأصل العام في ذلك التمثيل ونص على أنه:

ترفع الدعوى ضد :

   1الدولة، في شخص رئيس الحكومة وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند الاقتضاء؛

 2الخزينة، في شخص الخازن العام؛

 3الجماعات المحلية، في شخص العامل بالنسبة للعمالات والأقاليم، وفي شخص رئيس المجلس الجماعي بالنسبة للجماعات.

 4المؤسسات العمومية، في شخص ممثلها القانوني.

 5مديرية الضرائب, في شخص مدير الضرائب فيما يخص النزاعات المتعلقة بالقضايا الجبائية التي تدخل ضمن اختصاصاتها.

6- مديرية أملاك الدولة، في شخص مدير أملاك الدولة فيما يخص النزاعات التي تهم الملك الخاص للدولة ( تعديل سنة 2013).

لكن، يلاحظ بالاطلاع على مجموعة من التطبيقات القضائية في موضوع تمثيل أشخاص القانون العام أمام القضاء، خاصة الدولة والجماعات المحلية، أن المتقاضين غالبا ما يجهلون طريقة توجيه الدعاوى  ضد الدولة أو الجماعات المحلية.

وبما أن الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية يوجب لقبول الدعوى أن يكون للمدعي والمدعى عليه الصفة وإلا كانت غير مقبولة،[2] وأن الدفع المتعلق بالصفة يعتبر من النظام العام، ويمكن إثارته في أية مرحلة من مراحل التقاضي، وأنه للقاضي أن يثير الصفة من تلقاء نفسه ولو لم يثيرها الأطراف،[3] فإن عدم الدقة في تحديد الجهة التي لها الصفة في تمثيل الشخص العام أمام القضاء، جعل نسبة كبيرة جدا من القضايا يكون مآلها الحكم بعدم القبول شكلا لعدم توجيه الدعوى ضد من يجب، أو لعدم إدخال طرف أساسي في الدعوى، أو تصدر المحكمة هي الأخرى الحكم ضد غير ذي صفة في تمثيل الشخص المعنوي العام.

 لذلك، أعددنا هذه الدراسة، وهي عبارة عن قراءة في النصوص القانونية المنظمة للموضوع المذكور مع تطبيقاتها القضائية، عسى ذلك أن يساهم في تنوير الرأي وتوضيح الصورة لمن يريدون رفع دعاوى ضد شخص من أشخاص القانون العام أو الحكم فيها.

فكيف ترفع الدعاوى ضد الدولة المغربية أو الجماعات الترابية والمؤسسات العامة، وما هي حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة والمساعد القضائي للجماعات المحلية. وكيف يتم تأمين الدفاع عن أشخاص القانون العام.

لرصد ذلك، نتولى تخصيص الفصل الأول لتمثيل أشخاص القانون العام أمام القضاء، على أساس تبيان تأمين الدفاع عن الأشخاص المذكورة في الفصل الثاني.

الفصل الأول: تمثيل أشخاص القانون العام أمام القضاء

حيث سيتم بحث تمتيل الدولة أمام القضاء في المبحث الأول، تم نليه بمبحث ثاني لرفع الدعوى ضد الجماعات المحلية ( الجماعات الترابية). على أن نخصص المبحث الثالث لرفع الدعاوى ضد المؤسسات العمومية

المبحث الأول: تمثيل الدولة أمام القضاء.

بالرجوع إلى قانون المسطرة المدنية نجذ أن المبدأ العام هو أن الدولة المغربية يمثلها الوزير الأول ( رئيس الحكومة حاليا)، والاستثناء أنه في بعض القضايا أسند المشرع صفة تمثيل الدولة لأشخاص آخرين.

المطلب الأول: الدولة المغربية يمثلها رئيس الحكومة.

   حيث سنعرض للنص التشريعي الذي يؤطر هذا التمثيل (الفقرة الأولى) على أن نخصص (الفقرة الثانية) للعمل القضائي الصادر في هذا الشأن.

الفقرة الأولى: النص التشريعي.

نص الفصل 515 من ق م م على أنه:

” ترفع الدعوى ضد:

1-                الدولة، في شخص الوزير الأول (رئيس الحكومة حاليا) وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند الاقتضاء…”.

لذا، فالمبدأ العام أن الوزير الأول- رئيس الحكومة حاليا- هو وحده من يمثل الدولة المغربية أمام القضاء، وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند الاقتضاء، ونتيجة ذلك أنه يتعين أن ترفع الدعوى ضد الدولة المغربية دون سواها ممثلة برئيس الحكومة دون سواه أيضا، وذلك في كل الدعاوى التي ترفع ضد الدولة المغربية أو إداراتها العمومية، وأن رفع أي دعوى ضد هذه الإدارات العمومية بصفتها هذه وبدون رفع الدعوى ضد الدولة المغربية سيكون مآلها هو الحكم بعدم القبول، وأن أي حكم سيصدر في مواجهة إدارة عمومية بصفتها هذه أو مرفق عمومي لا يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي سيكون مآله هو الآخر الإلغاء.

الفقرة الثانية: العمل القضائي

صدرت عدة قرارات قضائية عن القضاء المغربي بمختلف درجاته كلها تؤكد على المبدأ القاضي بكون الدولة المغربية يمثلها الوزير الأول، وبناء عليه ليس لأي مرفق تابع للدولة أن يمثل الدولة المغربية التي يجب مقاضاتها في شخص الوزير الأول (أولا)، ويترتب على ذلك أنه لا يجوز رفع الدعوى ضد وزارة معينة لوحدها (ثانيا).

أولا: مرفق تابع للدولة لا يتمتع بشخصية معنوية واستقلال مالي، يجب مقاضاة الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة.

نعرض في هذا الصدد لقرارين صادرين عن محكمة النقض (1) ثم (2)، ونلي ذلك بقرار لمحكمة الاستئناف بالرباط (3).

1-                 قرار محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا):

” في شأن الفرع الثاني من الوسيلة الأولى في النقض:

يعيب الطاعن على القرار خرق مقتضيات الفصلين 1 و 515 من ق م م، ذلك أن المطلوبة في النقض لم توجه دعواها ضد من يجب قانونا لكونها رفعتها ضد مؤسسة حماية الطفولة… التابعة إداريا ومباشرة لوزارة الشباب والرياضة وضد هذه الأخيرة والحال أن الدعاوى المقامة ضد الإدارات و المرافق العمومية ولكي تكون مقبولة يجب رفعها مباشرة ضد الدولة المغربية في شخص الوزير الأول عملا بأحكام الفصل 515 أعلاه مما يجعل الدعوى معيبة ما دامت وجهت ضد مرفق ليست له أهلية التقاضي وهو ما يتعارض ومقتضيات الفصل 1 المذكور، والقرار بتأييده الحكم الابتدائي القاضي بقبول دعوى المطلوبة يكون قد خرق المقتضيات أعلاه وهو ما يعرضه للنقض.

حيث تبين صحة ما نعاه الطاعن على القرار، ذلك أن الثابت مقاضاة المطلوبة لمؤسسة حماية الطفولة وهي مؤسسة تابعة لوزارة الشبيبة والرياضة بمقتضى المرسوم رقم 379-02-2 بتاريخ 12/06/2002 بشأن تحديد اختصاصات وتنظيم وزارة الشبيبة والرياضة وتعد أحد المصالح الثلاثة المكونة لقسم الطفولة والمحددة اختصاصاتها بقرار وزير الشبيبة والرياضة رقم 80-957 بتاريخ 11/07/2008 فهي بذلك مرفق عمومي تابع للدولة يلزم لمقاضاته توجيه الدعوى ضد الدولة المغربية في شخص الوزير الأول الذي له أن يكلف، عند الاقتضاء، لتمثيله الوزير المختص عملا بأحكام الفصل 515 من ق م م، وهو ما لم يتم نهجه في النازلة ، والقرار المطعون فيه بتأييده الحكم الابتدائي القاضي شكلا بقبول دعوى المطلوبة ورغم تمسك الطاعن استئنافيا بضرورة تطبيق الفصل 515 أعلاه، يكون قد أخل بالمقتضى المذكور فوجب نقضه وإبطاله وبغض النظر عما جاء بالفرعين الأول والثالث من الوسيلة الأولى وكذا الوسيلة الثانية.”[4]

2-                 قرار محكمة النقض.

” حيث يعيب الطاعن على القرار المطعون فيه عدم الجواب على دفوعات الأطراف وانعدام التعليل باعتبار أن الطالب أثار في مقاله من أجل تعرض الغير الخارج عن الخصومة جملة من الوسائل الوجيهة التي ينهض سببا كافيا لإبطال الحكم المستأنف غير أن محكمة الدرجة الثانية لم تعرها أي اهتمام، وخاصة الدفع بخرق مقتضيات الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية، ذلك أنه أثار كون المدعي وجه دعواه ضد مستشفى محمد الخامس دون توجيهها ضد الدولة المغربية في شخص السيد الوزير الأول، باعتبار أن المستشفى المذكور مرفق عمومي تابع للدولة ولا يتمتع بأهلية التقاضي، وأنه بالاطلاع على القرار المطعون فيه فإن المحكمة المصدرة له لم تشر إلى الطرف الأساسي الذي ينبغي أن توجه ضده الدعوى وهي الدولة المغربية علما بأن القاضي يمكنه أن يراقب تلقائيا شروط تقديم الدعوى.

حيث تبين صحة ما عابه الطاعن على القرار المطعون فيه ذلك أنه من الثابت أن المطلوب قد وجه دعواه ضد مستشفى محمد الخامس وهو مرفق عمومي تابع للدولة وانه عملا بمقتضيات الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية فإنه يتعين توجيه الدعوى أيضا في مواجهة الدولة المغربية في شخص الوزير الأول إذا كان الحكم له تأثير على مديونية الدولة، إلا أن المحكمة المطعون في قرارها ردت هذا الدفع بكون ‘ الدعوى لا تهدف إلى التصريح بمديونية الدولة…’ مع أن الواقع خلاف ذلك، ذلك أن القرار المطعون فيه قضى بإخراج شركة التأمين من الدعوى والحكم على مشغل المطلوب بأدائه لفائدته الإيراد المستحق له في شكل رأسمال، ومشغل المطلوب هو مرفق عمومي والحكم عليه يشكل تصريحا مباشرا بمديونية الدولة، وأن المحكمة بذلك تكون قد خرقت مقتضيات الفصل المستدل به، وبنت قرارها على أساس غير سليم وعرضته للنقض وبصرف النظر عن بحث الفرع الثاني من الوسيلة الأولى وكذا الوسيلة الثانية وأن حسن سير العدالة يقتضي إحالة القضية على نفس المحكمة.”[5]

3-                 قرار محكمة الاستئناف بالرباط.

” في الدفع بخرق مقتضيات الفصل 515 من ق م م والخلط بينه وبين الفصل 514 من نفس القانون.

حيث إنه بالرجوع إلى الفصل 515 المشار إليه أعلاه، يتضح أنه ينص على أنه: ترفع الدعوى ضد الدولة في شخص الوزير الأول وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند الاقتضاء…

وحيث إن المشغل في النازلة هو المركز الاستشفائي بالخميسات وهو أحد مرافق الدولة وتابع لها وبالتالي فهو لا يتوفر على استقلال مالي يمكنه من تنفيذ الأحكام القضائية، وأن الدولة المغربية هي المكلفة بذلك، ومن ثمة كان لزاما على المدعي إدخال الدولة المغربية في شخص الوزير الأول في الدعوى باعتباره الجهة ذات الصفة وأهلية التقاضي باسمها، وعدم الاكتفاء بإدخال الوكيل القضائي للمملكة لكونه لا يعتبر ممثلا للدولة وغنما تفرض إدخاله في الدعوى مقتضيات الفصل 514 من ق م م كلما تعلق الأمر بمديونية الدولة.

وحيث إن المجلس الأعلى قد أكد بدوره وفي الكثير من القرارات الصادرة عنه ضرورة توجيه الدعوى ومباشرة الإجراءات المسطرية ضد الدولة في شخص ممثلها القانوني الوزير الأول، ومن هذه القرارات، القرار عدد 476 الصادر بتاريخ 28/5/02 في الملف الاجتماعي عدد 101/5/1/02.

وحيث إن المدعي لما لم يحترم المقتضيات المشار إليها أعلاه، يكون قد وجه دعواه ضد غير ذي صفة والحكم المستأنف بدوره لما اعتبر الوكيل القضائي المدخل في الدعوى ممثل للدولة المغربية قد خرق مقتضيات الفصل 515 المذكور وعرض نفسه للإلغاء…”.[6]

ثانيا: لا يجوز رفع الدعوى ضد وزارة معينة لوحدها، الدولة يمثلها الوزير الأول.

من الممكن أن يتم توجيه الدعوى ضد الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة، وتضاف بجانب ذلك وزارة معينة كمرفق تابع للدولة باعتبارها هي المعنية مباشرة بوقائع النزاع، حيث يتم الحكم على الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة، وتضاف إلى جانب هذا المنطوق الوزارة المعنية بالنزاع.

وهذه الصيغة في إصدار الأحكام لها أهميتها من الناحية العملية والقانونية أيضا، حيث تسهل عملية تنفيذ الحكم الصادر في مواجهة الوزارة المعنية مباشرة باعتبارها مرفقا له ميزانية خاصة تحتوي على سطر لتنفيذ الأحكام القضائية.

أما إذا تم إصدار الحكم القضائي في مواجهة الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة مباشرة، وبدون إضافة الوزارة المعنية بالنزاع، فإن هذا لا يعيب الحكم القضائي في شيء، فقط من شأن ذلك أن ينقل عبء تنفيذ ذلك الحكم إلى الميزانية العامة (وزارة المالية)، والحال أن للوزارة المعنية بالنزاع سطر في ميزانيتها الخاصة بقصد تنفيذ الأحكام القضائية.

1– قرار محكمة الاستئناف بأكادير.

   ” حيث إن الثابت من وثائق الملف خاصة محضر الضابطة القضائية المتضمن ظروف الحادثة أن سيارة لا ندروفير المتسببة في الحادثة هي في ملك الدولة المغربية وضعتها لخدمة مصالح وزارة التوقعات الاقتصادية.

   وحيث هذه الوزارة مجرد مرفق عمومي تابع للدولة المغربية التي يمثلها أمام القضاء الوزير الأول وفق مقتضيات الفصل 515 من ق م م.

   وحيث إن المدعي المستأنف عليه اكتفى برفع الدعوى ضد الوزارة المذكورة دون الدولة المذكورة المالكة للسيارة المتسببة في الحادثة، بالإضافة إلى أنه لم يدخل المكتب الوطني للنقل[7] في الدعوى الماسك لحقيبة الدولة بخصوص التأمين في قضايا حوادث السير مما تعين معه إلغاء الحكم الابتدائي والتصدي والحكم من جديد بعدم قبول الدعوى.”[8]

   أما من جهة أخرى، فإذا كان لا يمكن مقاضاة وزارة معينة لوحدها دون الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة وفق ما هو مشار إليه أعلاه، فإنه في مجال تسوية الوضعية الفردية إذا تم توجيه الدعوى ضد الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة ومع ذلك تم طلب الحكم على وزارة معينة ( وزارة المالية مثلا) فإن مآل هذه الدعوى هو عدم القبول وفق ما سارت عليه المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، على اعتبار أن هذه الوزارة غير موجهة ضدها الدعوى ليتسنى الحكم عليها.

2-                حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء:

” حيث إن الطلب يرمي إلى تسوية الوضعية الإدارية للمدعي وإدراجه بالسلم التاسع ابتداء من تاريخ 16 شتنبر 2000 مع تمتعيه بكافة المزايا المترتبة عن ذلك، وشمول الحكم بالنفاذ المعجل.

وحيث أسس المدعي طلبه على كونه قد حرم من حق مكتسب لكون وزارة التربية الوطنية التي كان ينتمي إلى أسلاكها قد عملت على ترقيته إلى السلم التاسع في حين أن وزارة المالية لم تصادق على تلك الترقية.

وحيث إن المدعي لم يدل بما يفيد ترقيته إلى السلم التاسع من طرف وزارة التربية الوطنية، كما لم يدل بما يفيد امتناع وزارة المالية عن التأشير والمصادقة على قرار ترقيته، فضلا عن عدم توجيه دعواه ضد هذه الأخيرة، الأمر الذي تكون معه دعواه معيبة شكلا، ويتعين بذلك عدم قبولها.”[9]

لكن يبدو أن هذا الحكم غير موفق من ناحية أن الدعوى غير موجهة ضد وزارة المالية، ذلك أنها –أي الدعوى- موجهة ضد الدولة المغربية في شخص الوزير الأول حينها، وبالتالي ما دامت وزارة المالية ليست سوى مرفق تابع للدولة، فإن المنطق القانوني السليم يقتضي أن الدعوى موجهة بشكل صحيح من هذه الناحية ولو لم يشار إلأى وزارة المالية كمدعى عليها.

 المطلب الثاني: وجوب إدخال بعض المرافق في الدعوى لتحل محل الدولة في الأداء.

أوجبت بعض النصوص القانونية الخاصة إدخال وزارة التشغيل باعتبارها المؤمن القانوني للدولة بالنسبة لحوادث الشغل التي يتعرض لها أعوان الدولة غير الرسميين (الفقرة الأولى)، في حين تم التخلي عن تمثيل الدولة من طرف مدير المكتب الوطني للنقل سابقا في حوادث السير التي تسببها سيارات مملوكة للدولة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: وجوب إدخال وزارة التشغيل باعتبارها المؤمن القانوني للدولة بالنسبة لحوادث الشغل التي يتعرض لها أعوان الدولة غير الرسميين.

ألزم المرسوم المتعلق باختصاصات وتنظيم وزارة التشغيل إدخال وزارة التشغيل في دعاوى حوادث الشغل التي يتعرض لها أعوان الدولة غير الرسميين (أولا)، وهو ما أكده أيضا العمل القضائي (ثانيا).

أولا: النص التشريعي.

   بجانب المقتضيات القانونية المشار إليها أعلاه، التي تنظم تمثيل الدولة أمام القضاء، هناك بعض النصوص القانونية الأخرى تلزم إدخال بعض المرافق التابعة للدولة لتحل محل هذه الأخيرة في الأداء.

   من ذلك الفصل 11 من المرسوم رقم 321-95-2 الصادر بتاريخ 22/11/1996 المتعلق باختصاصات وتنظيم وزارة التشغيل،[10] الذي نص على أنه:

” تناط بمديرية الاحتياط الاجتماعي المهام التالية:

التعويض عن الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل التي يتعرض لها أعوان الدولة غير الرسميين والفئات الأخرى من العمال وفقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل.”

   لذا، كلما كانت الدعوى تندرج في حوادث الشغل التي يتعرض لها أعوان الدولة غير الرسميين والفئات الأخرى من العمال المياومين أثناء مزاولتهم لمهامهم لفائدة مرافق الدولة، فإنه يتعين إدخال وزارة التشغيل – مديرية الاحتياط الاجتماعي- باعتبارها المؤمن القانوني للدولة في مادة حوادث الشغل، وذلك ليتسنى إحلالها محل الدولة في الأداء.

ثانيا: العمل القضائي.

جاء في قرار لمحكمة النقض.

” حيث يعيب الطاعنون على القرار خرق مقتضيات الفصل 11 من المرسوم رقم 321-95-2 الصادر في 22-11-1996 المتعلق باختصاصات وتنظيم وزارة التشغيل ذلك أن الفصل 9 من ظهير 6-2-63 المتعلق بالتعويضات عن حوادث الشغل والأمراض المهنية ينص على ما يلي:

   تمتد الاستفادة من ظهيرنا الشريف هذا لمن يأتي بيانهم: الموظفون غير الرسميين التابعون للإدارات العمومية.

   كما ينص الفصل 11 من مرسوم 22-11-1996 المتعلق باختصاصات وتنظيم وزارة التشغيل المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4454 وتاريخ 6-2-97 على ما يلي:

    تناط بمديرية الاحتياط الاجتماعي المهام التالية:

التعويض عن الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل التي يتعرض لها أعوان الدولة غير الرسميين والفئات الأخرى من العمال وفقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل.

   ومعنى ذلك أن المشرع حماية منه للعمال التابعين للدولة من الأخطار التي يتعرضون لها أثناء مزاولتهم لا عمالهم وحتى يتم تعويضهم عن الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل عمل على تحديد جهة معينة يكون من بين مهامها تأمينهم عن حوادث الشغل وهذه الجهة هي وزارة التشغيل والتكوين المهني… وباعتبار هذه الوزارة هي المؤمن القانوني للدولة في حوادث الشغل ينبغي إدخالها وجوبا في كل حوادث الشغل التي يتعرض لها العمال المشتغلون لدى الدولة كما أن الحكم القاضي بالتعويض ينبغي أن يصرح بإحلالها محل الدولة في أداء التعويضات المستحقة للمصابين.

   ويلاحظ من وثائق ملف النازلة أن الجهة المطلوبة في النقض أقامت دعواها في إطار ظهير 6-2-63 المتعلق بحوادث الشغل والأمراض المهنية دون إدخال وزارة التشغيل وأن الحكم الابتدائي صدر هو الآخر في نفس الإطار رغم العيب المسطري الذي شاب الدعوى، ثم إن القرار الاستئنافي صدر هو الآخر في هذا الإطار، إلا أنه بالرغم من تدارك الجهة المطلوبة في النقض للعيب المسطري الآنف الذكر بإدخالها وزارة التشغيل في المرحلة الاستئنافية لم يصرح القرار المذكور بإحلال هذه الوزارة محل الإدارة المشغلة في الأداء خارقا بذلك كل المقتضيات القانونية المشار إليها أعلاه مما يعرضه للنقض.

   وحيث تبت صدق ما نعته الوسيلة على القرار، ذلك أنه طبقا لمقتضيات الفصل 11 من المرسوم رقم 321-95-2 الصادر بتاريخ 22/11/96 فإن وزارة التشغيل هي المؤمن القانوني للدولة في حوادث الشغل، وبالتالي ينبغي إدخالها وجوبا في كل حوادث الشغل التي يتعرض لها العمال المشتغلون لدى الدولة، وأن يصرح بإحلالها محل الدولة في أداء التعويضات المستحقة للمصابين، والقرار المطعون فيه بعدم تصريحه بإحلال هذه الوزارة محل الإدارة المشغلة في الأداء يكون قد خرق القانون وجاء عرضة للنقض والإبطال وبصرف النظر عن باقي الوسائل.”[11]

الفقرة الثانية:  التخلي عن تمثيل الدولة من طرف مدير المكتب الوطني للنقل سابقا في حوادث السير التي تسببها سيارات مملوكة للدولة.

كان يمثل الدولة في دعاوى حوادث السير التي تسببها عربات مملوكة للدولة مدير المكتب الوطني للنقل ( الشركة الوطنية للنقل والوسائل اللجستيكية حاليا) وذلك بموجب الفصل 13 مكرر من ظهير 8 أكتوبر 1977 الذي عدل ظهير 12 شتنبر 1963 المتعلق بالنقل عبر الطرق.

لكن المشرع تدخل بمقتضى القانون رقم 02-25 الصادر سنة 2006، وألغى تمثيل الدولة من قبل مدير المكتب الوطني للنقل ابتداء من 01/01/2007 لما ألغى الفصل 13 مكرر المذكور، ومن ثم انتقل تمثيل الدولة في هذا المجال للمبدأ العام المنصوص عليه في الفصل 515 من ق م م الذي يعطي ذلك لرئيس الحكومة.

المطلب الثاني: الدولة لا يمثلها رئيس الحكومة في بعض القضايا الخاصة.

حيادا عن المقتضيات المنصوص عليها في الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية، التي تعطي الصفة للوزير الأول في تمثيل الدولة المغربية أمام القضاء، أعطت بعض النصوص القانونية الخاصة الصفة في ذلك التمثيل لأشخاص آخرين، وذلك في مجالات الملك الخاص للدولة، المياه والغابات، الملك العام، الأوقاف.

الفقرة الأولى: الملك الخاص للدولة يمثله مدير أملاك الدولة.

حيث يمثل الدولة (الملك الخاص) مدير أملاك الدولة، وذلك بموجب التعديل الذي أدخل مؤخرا على الفصل 515 من ق م م الذي أعطى لمدير أملاك الدولة هذه الصلاحية. إذ نص الفصل 515 المذكور كما غير وتمم بالمادة الأولى من القانون رقم 100.12 الصادر بتنفيذه ظهير 10 ماي 2013[12] على أنه:

” ترفع الدعوى ضد:

1-      الدولة، في شخص رئيس الحكومة وله …

2-      …

6- مديرية أملاك الدولة، في شخص مدير أملاك الدولة فيما يخص النزاعات التي تهم الملك الخاص للدولة.”

هذا، وكان الفصل الأول من ظهير 06 غشت 1915 المتعلق بالمرافعات المتعلقة بالعقارات الخاصة بالدولة لدى المحاكم العدلية،[13] الذي نص على أنه:

”  لا يجوز التداخل في المرافعات المتعلقة بتقييد أملاك الدولة إلا لرئيس إدارة الأملاك العمومية أو نايبه كما أنه لا يسوغ إلا لمن ذكر فقط المرافعة أمام ساير المحاكم الفرنساوية والإسلامية لأجل المحافظة على أملاك الدولة المشار لها…”.

وبذلك كنا نقول بأنه يبقى هذا النص الخاص مقدم على النص العام الوارد في قانون المسطرة المدنية الذي يجعل الوزير الأول هو من يمثل الدولة أمام القضاء، وبالتبعية يكون مدير أملاك الدولة ( مدير الأملاك المخزنية سابقا) هو من يمثل الملك الخاص للدولة أمام القضاء. وهو ما زكاه التعديل الذي أدخل على الفصل 515 من ق م م. والذي نصت المادة الثانية منه- قانون 100.12- على أنه:

” تنسخ مقتضيات الفصل الأول من الظهير الشريف الصادر بتاريخ 24 من رمضان 1333 (6 أغسطس 1915) في المرافعات المتعلقة بالعقارات الخاصة للدولة لدى المحاكم العدلية.”.

الفقرة الثانية: الملك العام للدولة يمثله وزير التجهيز والنقل.

حيث يمثل الدولة هنا وزير التجهيز والنقل ( المدير العام للأشغال العمومية طبقا لظهير 1914)، باعتباره يدير الأملاك العمومية بمقتضى تفويض مستمر كما يقضي بذلك الفصل 6 من ظهير الأملاك العمومية الصادر بتاريخ 01 /07/1914.[14]

وهو نفس الحكم الذي أكده ظهير 06 غشت 1915 المتعلق بالمرافعات المتعلقة بالعقارات الخاصة بالدولة لدى المحاكم العدلية،[15] الذي نص في الفصل الثاني منه على أنه:

” يخول أيضا الاختصاصات المشار لها أعلاه المدير العام للأشغال العمومية فيما يتعلق بالأملاك العمومية وذلك وفقا للظهير الشريف المؤرخ بسابع شعبان عام 1332 الموافق لفاتح يوليو سنة 1914.”

الفقرة الثالثة: الملك الغابوي للدولة يمثله وزير الفلاحة.

في مجال الأملاك الغابوية يرجع الاختصاص بتمثيل الدولة لوزير الفلاحة حسب ظهير 10 أكتوبر 1917 المتعلق بحفظ الغابات واستغلالها كما وقع تغييره وتعديله،[16] الذي نص في الفصل 2 د على أنه:

” يعهد بإدارة الملك الغابوي وكذا الأملاك الأخرى الخاضعة للنظام الغابوي إلى وزير الفلاحة وتتولى مراقبتها إدارة المياه والغابات التي هي مكلفة كذلك بمراقبة تطبيق ظهيرنا الشريف هذا، ولاسيما التقنينات التي تلحق بموجب هذا النص حقوق ملاكي الأحراش والغابات الغير الخاضعة للنظام الغابوي.

ويكون لوزير الفلاحة وحده الحق في أن يتدخل دون غيره للقيام باسم مصالح الملك الغابوي في عملية التحديد والتحفيظ وكذا في إقامة الدعاوى أمام المحاكم.

ويأذن وزير الفلاحة في الاحتلال المؤقت للملك الغابوي.”

  كما نص الفصل 2 هـ. من نفس الظهير على أنه:

” إن السلطات التي خول إياها وزير الفلاحة بموجب الفصول 1 ج. و 2. و 2 د يمكن أن تمارسها السلطة التي يؤهلها لذلك”.

و هكذا، فبالرغم من كون مرسوم فاتح فبراير 2005 المتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر،[17] قد نص في مادته الأولى على أنه تناط بهذه السلطة – في إطار القوانين والأنظمة الجاري بها العمل- مهام عدة، وعلى الخصوص، ضمان إدارة الملك الغابوي الخاص بالدولة، إلا أنه حرص على القول بأن ذلك يتم طبقا لمقتضيات ظهير 10 أكتوبر 1917 المتعلق بالمحافظة واستغلال الغابات، كما وقع تغييره وتتميمه، وأن ممارسة تلك السلطة لمهامها لا بد أن يراعي الاختصاصات المسندة إلى الوزارات والهيئات الأخرى بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

وعليه، فالمندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر يمارس الاختصاصات التي كانت مسندة لوزير الفلاحة في هذا المجال، إلا أنه لا يمثل الدولة في الدعاوى المرتبطة بهذا الملك إلا إذا كان يمارس ذلك نيابة عن وزير الفلاحة.

 أي أنه يجب أن ترفع الدعاوى لفائدة أو ضد وزير الفلاحة، أما رفع الدعاوى لفائدة المندوب السامي أو ضده بهذه الصفة، فهو أمر غير مقبول طالما من يمثل الملك الغابوي هو وزير الفلاحة وترفع عليه الدعاوى بصفته ممثلا لذلك الملك.

الفقرة الرابعة: الأوقاف العامة يمثلها وزير الأوقاف.

يتم تمثيل الأوقاف العامة من طرف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أو من ينتدبه لهذا الغرض، وذلك بموجب القوانين المنظمة لذلك، وكذا مدونة الأوقاف[18] التي جاء في المادة 56 منها أنه:

” تمثل الأوقاف العامة أمام القضاء مدعية أو مدعى عليها من لدن السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف أو من تنتدبه لهذا الغرض.”

المبحث الثاني: رفع الدعوى ضد الجماعات المحلية ( الجماعات الترابية).

نص الفصل 135 من الدستور المغربي[19] على أن:

” الجماعات الترابية للمملكة هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات.

الجماعات الترابية أشخاص اعتبارية، خاضعة للقانون العام…”

ونص الفصل 515 من ق م م على أنه:

” ترفع الدعوى ضد:…

 3-الجماعات المحلية، في شخص العامل بالنسبة للعمالات والأقاليم، وفي شخص رئيس المجلس الجماعي بالنسبة للجماعات…”

   المطلب الأول: العامل لا يمثل مجلس العمالة أو الإقليم، بل هناك رئيس لمجلس العمالة أو الإقليم.  

   نميز هنا بين توجيه الدعوى ضد العمالة أو الإقليم باعتبارها مرفقا تابعا للدولة (وزارة الداخلية)، وبين العمالة أو الإقليم كجماعات محلية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، يتولى تدبير شؤونها مجلس منتخب تنحصر مهمة الوالي أو العامل في تنفيذ مقرراته وفق الشروط المحددة في القانون رقم 00-79 المتعلق بتنظيم العمالات والأقاليم الصادر بنشره ظهير 3 أكتوبر 2002.[20]

وهكذا، فبموجب المادة 41 من القانون رقم 00-79 المذكور يمثل الرئيس-رئيس مجلس العمالة أو الإقليم- العمالة أو الإقليم لدى المحاكم، والرئيس هنا منتخب من بين أعضاء مجلس العمالة أو الإقليم.

لذا، فبالرغم من كون الفصل 515 من ق م م قد نص على أن الدعوى ترفع ضد العمالة أو الإقليم في شخص العامل، إلا أن المادة 41 من القانون رقم 00-79 – وهو نص خاص جاء لاحقا للفصل 515 باعتباره نصا عاما- قد أعطت هذا التمثيل لرئيس مجلس العمالة أو الإقليم وليس للعامل.

هذا من جهة، أما من جهة ثانية فإذا كان المقصود في نص الفصل 515 هو العمالة أو الإقليم باعتبارها مرفقا تابعا للدولة، فهذا في نظرنا منحى غير موفق على اعتبار أن العمالة أو الإقليم في هذه الحالة لا تعدو أن تكون مجرد مرفق تابع للدولة ولا يتمتع بأي استقلال عن الدولة (وزارة الداخلية).

أما الحالة الممكن تصور العامل هو من يتولى تسيير مجلس العمالة أو الإقليم، هي الحالة المنصوص عليها المادة 27 من نفس القانون التي تتحدث عن توقيف أو حل مجلس العمالة أو الإقليم، حيث يتولى حينها العامل، بحكم القانون، الاختصاصات المخولة لرئيس مجلس العمالة أو الإقليم، والتي من ضمنها تمثيل مجلس العمالة أو الإقليم أمام المحاكم.

فقط يشار إلى أنه بموجب المادة 41 من القانون 00-79 لا يمكن، تحت طائلة عدم القبول من لدن المحاكم المختصة، رفع دعوى التعويض أو الشطط في استعمال السلطة، غير دعاوى الحيازة أو الدعاوى المرفوعة لدى القضاء المستعجل، ضد العمالة أو الإقليم أو ضد قرارات جهازها التنفيذي إلا إذا كان المدعي قد أخبر، من قبل، المجلس و وجه مذكرة تتضمن موضوع وأسباب شكايته إلى وزير الداخلية أو على السلطة التي فوض إليها في ذلك. وتسلم هذه السلطة للمدعي فورا وصلا بذلك، ويتحرر المدعي من هذا الإجراء إذا لم يسلم له الوصل بعد مرور أجل خمسة عشر (15) يوما الموالية للتوصل بالمذكرة،  أو بعد مرور أجل الشهر الموالي لتاريخ الوصل إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بالتراضي بين الطرفين.

ويترتب على تقديم مذكرة المدعي وقف كل تقادم أو سقوط حق إذا رفعت بعده دعوى في أجل ثلاثة أشهر.

المطلب الثاني:  رئيس الجماعة يمثل الجماعة أمام المحاكم.

نصت المادة 1 من القانون رقم 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي، الصادر بتنفيذه ظهير 3 اكتوبر 2002[21] على أن:

” الجماعات هي وحدات ترابية داخلة في حكم القانون العام تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي.

وتنقسم إلى جماعات حضرية وجماعات قروية…”

ونصت المادة 48 من نفس القانون على أنه:

” يمثل الرئيس الجماعة لدى المحاكم…”

ومن ثم فالدعوى المرفوعة ضد الجماعة سواء كانت حضرية أو قروية يجب أن توجه ضد تلك الجماعة ممثلة برئيس المجلس الجماعي.[22]

 يشار كذلك إلى أنه بموجب المادة 48 من القانون 00-78 لا يمكن، تحت طائلة عدم القبول من لدن المحاكم المختصة، رفع دعوى التعويض أو الشطط في استعمال السلطة، غير دعاوى الحيازة أو الدعاوى المرفوعة لدى القضاء المستعجل، ضد الجماعة أو ضد قرارات جهازها التنفيذي إلا إذا كان المدعي قد أخبر، من قبل، الجماعة و وجه إلى الوالي أو عامل العمالة أو الإقليم التابعة له الجماعة مذكرة تتضمن موضوع وأسباب شكايته، وتسلم هذه السلطة للمدعي فورا وصلا بذلك، ويتحرر المدعي من هذا الإجراء إذا لم يسلم له الوصل بعد مرور أجل خمسة عشر (15) يوما الموالية للتوصل بالمذكرة، أو بعد مرور أجل شهر الموالي لتاريخ الوصل إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بالتراضي بين الطرفين.

ويترتب على تقديم مذكرة المدعي وقف كل تقادم أو سقوط حق إذا رفعت بعده دعوى في أجل ثلاثة أشهر.

بقي أن نشير إلى أن القانون المنظم للجهات، جعل تمثيل الجهات، من اختصاص الوالي، عامل العمالة التي بها مقر الجهة، سواء مدعية أو مدعى عليها.

المطلب الثالث: رفع الدعاوى ضد المؤسسات العمومية.

نص الفصل 515 من ق م م على أنه:

        ” ترفع الدعوى ضد:…

4-المؤسسات العمومية، في شخص ممثلها القانوني…”

        ومن ثم فالذي له الصفة في تمثيل المؤسسة العمومية- كالمراكز الإستشفائية- أمام القضاء سواء كمدعية أو مدعى عليها هو الممثل القانوني.

        ولتحديد الممثل القانوني للمؤسسة العمومية يتم الرجوع إلى القانون المنشئ لهذه المؤسسة، حيث يتولى المشرع تحديد من له صفة التمثيل أمام الغير وأمام القضاء، وهو غالبا المدير.[23]

        وعليه، يتعين على كل من يريد مقاضاة مؤسسة عمومية، أن يرفع الدعوى في شخص ممثلها القانوني.

        وإذا توفر له المعطى بكون ممثلها القانوني هو المدير، أو المدير العام، فله أن يضيف ذلك بجانب ممثلها القانوني، أما إذا لم يتسنى له ذلك، فيكفيه أن يرفع الدعوى في شخص ممثلها القانوني ولا يضر في شيء عدم إضافة المدير أو المدير العام أو رئيسها بجانب الممثل القانوني.

        كذلك، ليس في حاجة لإدخال الدولة المغربية، أو الوزارة الوصية على تلك المؤسسة العمومية، طالما النص القانوني واضح في كون المؤسسات العمومية يمثلها ممثلها القانوني فقط.

        وعدم إدخال الدولة المغربية أو الوزارة الوصية على المؤسسة المعنوية المعنية بالنزاع له أهميته على المستوى العملي، حيث تنقص تكاليف التبليغ و يتم غلق الباب على تلك الأشخاص العامة غير المعنية بالنزاع كي لا تمارس طرق الطعن – لأنها بموجب الإدخال تصبح لها صفة المدعى عليه-، وحتى لا يتم الحكم عليها – أي الدولة المغربية- بالرغم من كونها غير معنية بالنزاع، وبالتالي تطعن بقصد الإخراج من الدعوى، على اعتبار أن الصفة من النظام العام تثار في جميع مراحل التقاضي، وهكذا تطول المسطرة، إلى ما لا نهاية، حيث هناك من القضايا من عمرت أكثر من 30 سنة بين المجلس الأعلى (سابقا) ومحاكم الموضوع، فقط بسبب رفع الدعوى أو الحكم فيها على غير ذي صفة، من ذلك مثلا ما يستشف من قرار صادر عن المجلس الأعلى[24] جاء فيه:

بناء على مقال النقض المودع بتاريخ 1/2/2006 من الطالب المذكور أعلاه، والرامي إلى نقض القرار عدد 6214 الصادر بتاريخ 19/10/2005 في الملف عدد 1477/2005 عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء…

وبعد المداولة طبقا للقانون.

        حيث يستفاد من مستندات الملف ومن القرار المطعون فيه أن المطلوب في النقض استصدرا حكما تمهيديا من ابتدائية الدار البيضاء بتاريخ 24/1/1979 قضى…

        كما أنه بتاريخ 10/2/1982 صدر الحكم البات في الموضوع…

        أصدرت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء قرارها عدد 983 بتاريخ 13/3/86 …

        وبعد الطعن في القرار الاستئنافي المذكور بالنقض من طرف الوكيل القضائي للمملكة اصدر المجلس الأعلى قراره عدد 907 بتاريخ 22/11/93 في الملف الاجتماعي 7107/87 قضى فيه بالنقض والإحالة.

        وبتاريخ 21/10/96 أصدرت محكمة الإحالة….

        وبعد الطعن في القرار الاستئنافي المذكور بالنقض من طرف الوكيل القضائي للمملكة اصدر المجلس الأعلى قراره عدد 1219 بتاريخ 1/12/2004 في الملف عدد 634/5/1/2004 قضى فيه بالنقض والإحالة.

        وبعد إجراء المسطرة من جديد من طرف محكمة الإحالة…أصدرت قرارها…

وهذا هو القرار المطلوب نقضه من طرف الوكيل القضائي للمملكة.

في شأن الوسيلة الأولى:

        يعيب الطالب على القرار المطعون فيه: انعدام الأساس القانوني، وخرق القانون المتجلي في خرق الفصل الأول من ق م المدنية… وأن تمثيل أشخاص القانون العام وتوجيه الدعوى مسائل لها ارتباط بالنظام العام، ويمكن إثارتها في أي مرحلة من مراحل التقاضي.

        فالمحكمة الابتدائية عوض أن تحكم على مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، الذي يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، حملت المسؤولية للدولة التي هي أجنبية عن النزاع وقضت عليه بأداء تعويضات للضحية.

        وأن محكمة الاستئناف التي قبلت هذه الدعوى على علتها تكون قد أيدت الحكم الابتدائي الذي قضى على الدولة، وبذلك بنت قضاءها على غير أساس قانوني، وأهدرت القواعد المنظمة لأركان الدعوى بما في ذلك وجوب توجيه الدعوى ضد من يجب قانونا، مما يعرض القرار المطعون فيه للنقض.

        حيث صح ما عابه الطالب على القرار المطعون فيه ذلك أن الفصل الأول من ق م المدنية ينص في فقرته الأولى على ما يلي:

‘ لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة، و الأهلية، والمصلحة لإثبات حقوقه’

وبالرجوع إلى الظهير الشريف بمثابة قانون رقم: 183-72-1 بتاريخ ربيع الثاني 1394 (21 ماي 1974) المتعلق بإحداث مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، يتجلى بأنه نص في فصله الأول على ما يلي:

‘ تحدث تحت اسم مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي…الخ’.

كما نص الفصل 9 منه

‘ بأن مدير مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، يمثل المكتب لدى المحاكم، ومؤهل لا قامة الدعاوى والدفاع باسمه’

كما نص الفصل 13 منه على ما يلي:

‘ تنقل مؤسسات التكوين المهني التابعة للوزارة المكلفة بالشغل إلى مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل’

ولما كان الثابت من المقال الافتتاحي أن المدعي ( المطلوب في النقض) تقدم بدعواه الرامية إلى الحكم له بالتعويض عن الضرر الذي لحق به في مواجهة مدير مركز التكوين المهني بالمعاريف بالدار البيضاء الذي هو مجرد مركز تابع لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل الذي له صفة مؤسسة عمومية، وبالتالي كان على المدعي أن يوجه دعواه ضد المكتب المذكور.

فإن محكمة الاستئناف بتأييدها للحكم الابتدائي القاضي بقبول الدعوى رغم عدم توجيهها على ذي صفة.

يكون قرارها المطعون فيه غير مرتكز على أساس لخرقه المقتضى القانوني المستدل به، مما يعرضه للنقض.”

 

الفصل الثاني: الدفاع عن أشخاص القانون العام أمام القضاء

نرصد في هذا الفصل حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة والمساعد القضائي للجماعات الترابية وذلك في المبحث الأول، على أساس أن نخصص المبحث الثاني لتأمين الدفاع عن أشخاص القانون العام.

المبحث الأول: حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة والمساعد القضائي للجماعات المحلية.

أحدث المشرع المغربي كلا من الوكيل القضائي للمملكة والمساعد القضائي للجماعات المحلية، حيث ألزم بإدخال الوكيل القضائي للمملكة في المنازعات التي تهدف إلى التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية أو مكتب أو مؤسسة للدولة، في حين ألزم بإدخال المساعد القضائي للجماعات المحلية في المنازعات التي تهدف إلى التصريح بمديونية هذه الجماعات، وكل ذلك تحت طائلة عدم قبول الدعوى.

المطلب الأول: حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة.

حددت حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة في الدعاوى المرفوعة ضد أشخاص القانون العام بموجب نصوص تشريعية هي ظهير2 مارس 1953 المتعلق بإعادة تنظيم وظيفة العون القضائي للمملكة، وكذا الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية (الفقرة الأولى)، والتي فصلها العمل القضائي )الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: النص التشريعي.

هناك نصين تشريعيين في هذا الشأن هما: ( أولا) ظهير 15 جمادى الآخرة 1372 الموافق ل 2 مارس 1953،[25] ثم الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية (ثانيا).

أولا: ظهير 15 جمادى الآخرة 1372 الموافق ل 2 مارس 1953.

 ينص الفصل الأول منه على أنه:

 ” يزاول العون القضائي للمملكة وظيفته تحت سلطة مدير المالية ويكون مكلفا بالمهمات المشروحة بعده:

أولا – أن يتابع قبض ما بقي على الغير من الديون للدولة الشريفة والمكاتب والمؤسسات العمومية المذكورة من الديون التي لا تصطبغ بصبغة الضرائب ولا يدخل الأملاك المخزنية والتي يتطلب قبضها أو متابعة المدين بها التمشي على قاعدة خاصة،

ثانيا – أن يقوم مقام رؤساء الإدارة والمديرين المختصين بالأمر في إقامة الدعاوى على مدين الدولة الشريفة ومكاتبها ومؤسساتها العمومية قصد الاعتراف بما عليهم من الديون وتصفية حسابها ويختص هذا الأمر بالديون التي لا تدخل في جملة الضرائب ولا في رفع الأملاك المخزنية وللعون القضائي المذكور أن يقوم بهذه المهمة إذا كلفه رؤساء الإدارة والمديرون المذكورون،

ثالثا– أن يمثل في المحاكم الدولة الشريفة ومكاتبها ومؤسساتها العمومية في القضايا التي يكون مدعى فيها عليها وأن يقوم في ذلك مقام رؤساء الإدارة والمديرين المختصين بالأمر حين يكلفونه بذلك،

 وكل شخص أقام دعوى أمام المحاكم قصد إثبات دين له على الدولة الشريفة أو على أحد إداراتها أو مكاتبها أو مؤسساتها العمومية وكان هذا الدين غير داخل في شؤون الضرائب أو شؤون الأملاك المخزنية فيجب عليه أن يقيم الدعوى على العون القضائي وإلا فلا يقبل طلبه.

هذا، و تم التأكيد على هذه المهام أيضا في المرسوم المنظم لاختصاصات وزارة الاقتصاد والمالية.[26]

ثانيا: قانون المسطرة المدنية.

ينص الفصل 514 من ق م م على أنه:

 “كلما كانت الطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية أو مكتب أو مؤسسة عمومية للدولة في قضية لا علاقة لها بالضرائب والأملاك المخزنية وجب إدخال العون القضائي في الدعوى وإلا كانت غير مقبولة.”

الفقرة الثانية: العمل القضائي.

لقد كرس العمل القضائي خاصة منه الصادر عن محكمة النقض، العديد من القواعد بشان وجوب إدخال الوكيل القضائي للمملكة فى الدعاوى التي ترفع ضد أشخاص القانون العام، منها، أن الوكيل القضائي للمملكة ليس طرفا أصليا في الدعوى، وإنما يقع إدخاله في الدعوى طبقا لمقتضيات الفصل 514 من ق م م والفصل 2 من ظهير 2/3/1953 وهو لا يحكم عليه بشيء (أولا)، ثم أن للوكيل القضائي حق تقديم الطعون بصفته هذه (ثانيا)، وبذلك تكون له أربع صفات أساسية في دعاوى أشخاص القانون العام، صفة الطرف المدخل وجوبا، صفة الطرف في الخصومة، صفة نائب عن أشخاص القانون العام إذا ما انتدبوه للدفاع عنهم، كما يحق له التدخل بشكل إرادي.

أولا: الوكيل القضائي للمملكة ليس طرفا أصليا في الدعوى، وإنما يقع إدخاله في الدعوى طبقا لمقتضيات الفصل 514 من ق م م والفصل 2 من ظهير 2/3/1953 وهو لا يحكم عليه بشيء.

جاء في قرار لمحكمة النقض:

” فيما يتعلق بالسبب المثار من طرف المطلوب ضده النقض حول أطراف النقض، حيث أثار المطلوب ضده النقض الوكيل القضائي للمملكة أن الطاعنة لم توجه طعنا إلا ضد العارض مع أن الأطراف المرفوعة ضدهم الدعوى سواء ابتدائيا أو استئنافيا هما الدولة المغربية في شخص الوزير الأول و وزير التربية الوطنية وأن تضمين اسم العارض وحده في مقال النقض غير كاف لكونه ليس طرفا في الدعوى وإنما يقع إدخاله طبقا لمقتضيات الفصل الثاني من ظهير مارس 1953.

 حقا تبين صحة ما نعاه السبب على المقال المذكور، ذلك أن طلب النقض كان يجب رفعه ضد الدولة في شخص الوزير الأول وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية وأن رفعه ضد العون القضائي وحده غير كاف لأنه ليس طرفا أصليا في الدعوى وإنما يقع إدخاله في كل دعوى تهدف إلى التصريح بمديونية الدولة طبقا للفصل الثاني من الظهير المذكور وهو لا يحكم عليه بشيء، وعليه فإن تقديم طلب النقض ضد طرف غير أساسي في النزاع وحده يكون غير مقبول.

لهذه الأسباب قضى بعدم قبول الطلب وعلى صاحبته الصائر.”[27]

ثانيا: للوكيل القضائي حق تقديم الطعون بصفته هذه.

جاء في قرار لمحكمة النقض:

” في السبب الوحيد لإعادة النظر:

حيث يعيب الطاعن القرار المطعون فيه بخرقه الفصل 375 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على أن قرارات المجلس الأعلى يجب أن تكون معللة وان القرار المطعون فيه قضى بعدم قبول الاستئناف لعدم توفره على التفويض من الوزير الأول و وزير المالية والصندوق المغربي للتقاعد. وأغفل البت في صفة الوكيل القضائي الذي أدخل في الدعوى بناء على الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية فجاء غير معلل ملتمسا إعادة النظر فيه.

حيث صح ما عاب به الطاعن القرار المطعون فيه، ذلك أن الدعوى موضوع النازلة تهدف إلى التصريح بمديونية الدولة المغربية وان الوكيل القضائي قد تم إدخاله فيها من طرف المطلوب خلال المرحلة الابتدائية باعتباره طرفا أساسيا في النزاع القائم وليس بصفته نائبا عن الدولة المغربية فحسب، مما يخوله الحق في ممارسة أي طعن ضد الأحكام الصادرة في مواجهتها، وأن القرار المطعون فيه عندما قضى بعدم قبول الاستئناف المقدم من طرف الوكيل القضائي للمملكة استنادا إلى عدم إدلائه بالتفويض المنصوص عليه في الفصل الثاني من الظهير المؤرخ في 21/08/1953 وأغفل البت في صفة الوكيل المذكور طرفا أصليا ومدخلا في الدعوى بناء على الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية، يكون منعدم التعليل وموجبا لإعادة النظر فيه.

في أسباب الاستئناف:

… لهذه الأسباب، قضى المجلس الأعلى:

أولا بقبول إعادة النظر وبالرجوع في القرار عدد 554 الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 14/07/2004 في الملف رقم 1447/4/2/2002 وإرجاع الوديعة للطالب.

ثانيا بقبول الاستئناف شكلا وموضوعا تأييد الحكم المستأنف.”[28]

وجاء أيضا في قرار لمحكمة النقض:

” يعيب الطالب على القرار المطعون فيه: فساد التعليل الموازي لانعدامه، وخرق القانون: خرق مقتضيات الفصل 514 من ق م م ، ومقتضيات ظهير 2 مارس 1953 المتعلق بتنظيم مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة، وكذا خرق مرسوم: 22/11/1978 بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة المالية.

ذلك أن محكمة الاستئناف عللت عدم قبول استئناف العارض، بكونه لا يتوفر على توكيل الإدارة التي استأنف معها الحكم.

فهذا التعليل لا يستند على أساس قانوني.

ذلك أنه للوكيل القضائي للمملكة الحق في استئناف الحكم الابتدائي بصفته هذه أي بصفته وكيلا قضائيا، وبصفته كذلك نائبا عن وزارة التجارة والصناعة وتأهيل الاقتصاد.

فإدخال مؤسسة الوكيل القضائي في الدعوى يعتبر إلزاميا إذا كان موضوعها يستهدف التصريح بمديونية شخص من أشخاص القانون العام، انطلاقا من كون الوكيل القضائي للمملكة هو الساهر على حماية الأموال العمومية…

أن هذا الإدخال الإلزامي في الدعوى يجعل الوكيل القضائي للمملكة طرفا في الدعوى، كبقية الأطراف، وتبعا لذلك يخول له مباشرة كافة المساطر باعتباره طرفا في هذه الخصومة، ومنها بطبيعة الحال الحق في مباشرة كافة الطعون المناسبة…

حيث تبين صحة ما عابه الطالب على القرار المطعون فيه، ذلك أن الثابت من وثائق الملف وخاصة المقال الافتتاحي للدعوى أن الوكيل القضائي للمملكة طرف فيها كمدعى عليه تطبيقا لأحكام الفصل 514 من ق م م.

مما لم يكن معه في حاجة للإدلاء بأي تفويض، ويحق له أن يمارس كافة طرق الطعن المنصوص عليها قانونا.

فمحكمة الاستئناف لما قضت بعدم قبول استئنافه.

يكون قرارها المطعون فيه فاسد التعليل المنزل منزلة انعدامه مما يعرضه للنقض.”[29]

 وهكذا، يتضح أن للوكيل القضائي للمملكة أكثر من صفة للتقاضي وخاصة:

1-  صفة الطرف المدخل وجوبا في الدعوى عملا بمقتضيات ظهير 2 مارس 1953 الذي ينص الفصل الأول منه على أنه:

 “… وكل شخص أقام دعوى أمام المحاكم قصد إثبات دين له على الدولة الشريفة أو على أحد إداراتها أو مكاتبها أو مؤسساتها العمومية وكان هذا الدين غير داخل في شؤون الضرائب أو شؤون الأملاك المخزنية فيجب عليه أن يقيم الدعوى على العون القضائي وإلا فلا يقبل طلبه.”

 وكذا الفصل 514 من ق م م الذي ينص كذلك على أنه:

 “كلما كانت الطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية أو مكتب أو مؤسسة عمومية للدولة في قضية لا علاقة لها بالضرائب والأملاك المخزنية وجب إدخال العون القضائي في الدعوى وإلا كانت غير مقبولة.”

2- صفة الطرف في الخصومة، المكتسبة من المقتضيات السالفة الذكر حسبما أكد ذلك العمل القضائي كما هو الشأن بالنسبة للقرار عدد 483 الصادر عن الغرفة المدنية للمجلس الأعلى بتاريخ 18/02/2004 في الملف عدد 923/01/5/2003 (غير منشور) الذي جاء فيه:

 ” حيث تبين صحة ما نعته الوسيلة على القرار المطعون فيه، ذلك أن الطالب أدخل في الدعوى من طرف المطلوب ضدها النقض بمقتضى مقالها الافتتاحي فأصبح بذلك طرفا في الخصومة التي هدفت إلى الحكم على مؤسسة عمومية للدولة بأداء مبالغ مالية، مما يبقى معه متوفرا على الصفة والمصلحة لتقديم أي طعن لضمان الحماية اللازمة للمال العام ومن حقه كبقية أطراف الخصومة القضائية أن يبلغ بالأحكام ويطعن فيها بكل طرق الطعن الممكنة قانونا.”

وكذا قرار المجلس الأعلى عدد 2818 الصادر بتاريخ 18/07/2001، في الملف رقم 2326/1/2/2000 (غير منشور) الذي جاء فيه:

حيث يتبين صحة ما عابه الطاعن على القرار المطعون فيه، ذلك أنه يتضح من وثائق الملف أن الطاعن أدخل في الدعوى من طرف المدعي المطلوب ضده النقض، وبالتالي أصبح طرفا في الخصومة باعتباره ممثلا قانونيا للدولة ومؤسساتها ومكاتبها أمام القضاء، فإنه لا يحتاج إلى تكليف من طرف المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء المحكوم عليها لممارسة الطعن بالاستئناف وأي طعن كفيل بضمان الحماية اللازمة للمال العام، وان المحكمة لما ذهبت خلاف ذلك تكون قد عللت قرارها تعليلا ناقصا الموازي لعدمه، وخرقت الفصول المستدل بها وعرضت بذلك قرارها للنقض.”

3-  صفة نائب عن أشخاص القانون العام إذا ما انتدبوه للدفاع عنهم، عملا بمقتضيات الفصل الأول من ظهير 2 مارس 1953.

4- كما يحق له التدخل بشكل إرادي إذا لم يتم استدعاؤه أو إدخاله في المسطرة، طبقا للفصل 111 من ق م م.، كما له أن يقدم تعرض الغير الخارج عن الخصومة في هذه الحالة، وغالبا ما يتم تقديم تعرض الغير الخارج عن الخصومة من طرف الوكيل القضائي للمملكة بصفته هذه ضد الأحكام والقرارات القضائية التي تصدر دون إدخاله في الدعوى كلما كانت تهدف إلى التصريح بمديونية الدولة أو إحدى مؤسساتها، على أساس أن عدم إدخاله في هذه الدعوى أضر بمصالح الجهة المحكوم عليها.

  حيث القاعدة أمام القضاء الرسمي، وكما ذهب إلى ذلك المجلس الأعلى في العديد من قراراته، هي أن عدم إدخال الوكيل القضائي للمملكة في الدعوى التي تهدف إلى التصريح بمديونية الدولة يترتب عليه عدم قبول هذه الدعوى، وبالتالي من حق الوكيل القضائي أن يمارس كافة طرق الطعن المرتبطة بهذا النوع من الدعاوى، ومما جاء في قرار للمجلس الأعلى[30] صادر بتاريخ 04/05/2005 أنه:

  حيث يعيب الطاعن على القرار فساد التعليل وعدم الارتكاز على أساس وخرق القانون الفصل 514 من ق م م وظهير 2 مارس 1953 المتعلقة بوظيفة الوكيل القضائي وخرق المقتضيات الخاصة بأحقيته في سلوك طريق الطعن الخارج عن الخصومة وعن الرد على دفوع الأطراف ذلك أنه أورد في تعليله ( بأن المشرع أوجب فقط إدخال العون القضائي في الدعاوى المرفوعة على أشخاص الفصل 514 من ق م م وان هذا الإدخال لاعتبارات خاصة وجاز على مخالفة ذلك بجزاء عدم القبول فقط وحيث إن الاعتبارات التي فرضت إدخال العون القضائي في الدعاوى المذكورة لا ترقى به إلى درجة اعتباره طرفا فيها يحق له في حالة عدم مقاضاته سلوك طريق الطعن الخارج عن الخصومة) في حين أن هذا التعليل غير مستساغ وغريب إذ المحكمة ملزمة بالحسم أولا في شكل الدعاوى قبل التطرق لموضوعها ودعوى المطلوب تهدف إلى التصريح بمديونية مدير المكتب الوطني للنقل وهو مؤسسة عمومية تابعة للدولة والمسطرة أجريت في غياب الوكيل القضائي الذي له صفة تمثيل الدولة ومؤسساتها ومكاتبها وفقا لأحكام الفصل الأول من ظهير 2/3/1953 ويملك جميع الحقوق المخولة لأطراف الدعوى بما فيها حق الطعن بكل الطرق القانونية وأن الفصل 514 من ق م م يوجب إدخال العون القضائي في الدعوى كلما كانت تستهدف مديونية إدارة عمومية أو مكتب أو مؤسسة عمومية وإلا كانت غير مقبولة ومن تم فله حق الطعن عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة وفقا لأحكام الفصل 303 من ق م م وما دام لم يتم إدخاله في الدعوى فإنه يعد غيرا في النازلة يحق له سلوك هذه المسطرة وأن مصلحته متوفرة في التعرض الذي تقدم به كمدافع عن أ\خاص القانون العام لأن الحكم الابتدائي صدر في مواجهة المكتب الوطني للنقل دون استدعاء وحضور العارض مما يعد خرقا لنصوص قانونية من النظام العام وقد أثار العارض دفعا بكون الحكم المتعرض عليه اعتبر المكتب شركة تأمين والحال أنه مؤسسة أنيط بها تسيير حظيرة سيارات الدولة والإشراف على تأمينها لدى شركات التأمين المختصة في هذا المجال غير أنه لم يقع الرد على هذا الدفع.

وحيث ثبت صدق ما عابه الوجهان المستدل بهما على القرار ذلك أن الفصل 514 من ق م م نص على ما يلي ( كلما كانت الطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية أو مكتب أو مؤسسة عمومية للدولة في قضية لا علاقة لها بالضرائب والأملاك المخزنية وجب إدخال العون القضائي في الدعوى وإلا كانت غير مقبولة) وهذا المقتضى واضح الدلالة في أن الدعاوى الموجهة ضد هؤلاء لا تكون مقبولة إلا إذا تم إدخال العون القضائي فيها كطرف أساسي يمثل مصالح الدولة ويكون من حقه استعمال كافة طرق الطعن المخولة له قانونا وفي نازلة الحال فإن المكتب الوطني للنقل وهو مؤسسة عمومية حكم عليه بأن يحل محل المشغلة في الأداء بمقتضى الحكم المطعون فيه عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة وهذا الحكم لم يكن الوكيل القضائي طرفا فيه كما يوجب ذلك القانون الفصل 514 من ق م م ومن تم فقد أضر بمصالح المؤسسة التي يمثلها مما يحق له استعمال الطعن عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة وفق ما يقتضيه الفصل 303 من ق م م مما يجعل القرار فاسد التعليل فيما انتهى إليه ويعرضه للنقض والإبطال وأن حسن سير العدالة يقتضي إحالة القضية على نفس المحكمة.” [31]

لذا، يتعين على كل من يرفع دعوى ضد شخص من أشخاص القانون العام أن يدخل الوكيل القضائي للمملكة في هذه الدعوى وذلك تفاديا لفتح الباب أمام هذه المؤسسة لتقديم الطعن بتعرض الغير الخارج عن الخصومة، طالما مقتضيات الفصل 514 من ق م م تنص على أنه:

 ” كلما كانت الطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية للدولة لا علاقة لها بالضرائب والأملاك المخزنية وجب إدخال العون القضائي في الدعوى وإلا كانت غير مقبولة “.

وذلك على أساس أن إقامة الدعاوى ضد أشخاص القانون العام، تعتبر من النظام العام، حيث جاء في قرار للمجلس الأعلى أنه:

 … وحيث إن إقامة الدعاوى المتعلقة بالمؤسسات العمومية ومكاتبها تعتبر من النظام العام، وأن أي مخالفة لذلك يمكن أن تثار في أية مرحلة من مراحل الدعوى، ولو لأول مرة أمام المجلس الأعلى.

وحيث إن القرار المطعون فيه حينما أيد الحكم الابتدائي القاضي بعد الإدانة بأداء تعويضات في مواجهة مكتب النقل الحضري بالدار البيضاء دون مراعاة ما يفرضه الفصل 514 من ق م م والفصل الأول من ظهير 2 مارس 1953، لم تجعل لما قضت به أساسا سليما من القانون، الأمر الذي يوجب نقضه في مقتضياته المدنية موضوع النقض، وحيث إن مصلحة الأطراف والعدالة تقتضي إحالة القضية على نفس المحكمة…[32]

 وهذا المقتضى معمول به حتى في الدعاوى المرفوعة ضد الشركة التجارية التابعة للدولة، والتي تتعامل بنصوص القانون الخاص، لأن ذلك لا ينزع عنها صفة المتصرف في المال العام ومن تم ضرورة تواجد الوكيل القضائي للمملكة في هذا النزاع، ففي قرار للمجلس الأعلى صادر بتاريخ26/09/2001، جاء فيه:

حقا فإن المحكمة وهي تنظر في الاستئناف ردت الدفع المثار من طرف المستأنفة بشأن عدم قبول الدعوى لعدم إدخال الوكيل القضائي طبقا للفصل 514 من ق م م بأنه غير منتج نظرا لكون الطاعنة أصبحت شركة تجارية تخضع للقانون التجاري، فتكون قد نزعت عنها صفته كمؤسسة تابعة للدولة دون أن تبين الأساس الذي اعتمدته في ذلك، علما بأن اعتبارها شركة تجارية لا يتعارض مع صفتها كمؤسسة عمومية تدير الممتلكات الفلاحية للدولة، ومحكمة الاستئناف عندما ردت الدفع بما ذكر أعلاه تكون قد جعلت قرارها ناقص التعليل وكان ما نعته الطاعنة على القرار واردا عليه يستوجب نقضه.[33]

المطلب الثاني: إدخال المساعد القضائي للجماعات المحلية.      

أوجبت المادة 38 من القانون رقم 08/45 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها،[34] إدخال المساعد القضائي في الدعوى القضائية المرفوعة ضد الأشخاص العامة المذكورة حين نصت على أنه:

  يحدث، تحت سلطة وزير الداخلية، مساعد قضائي للجماعات المحلية يكلف بتقديم المساعدة القانونية للجماعات المحلية ومجموعاتها، ويؤهل المساعد القضائي، في هذا الصدد، للتصرف لحساب الجماعات المحلية ومجموعاتها كمدع أو مدعى عليه عندما تفوضه في الدعاوى التي يكون الهدف منها التصريح باستحقاق ديون على تلك الجماعات والمجموعات.

يجب إدخال المساعد القضائي في الدعوى، تحت طائلة عدم قبول المقال، كلما أقيمت دعوى قضائية بغرض التصريح باستحقاق ديون على جماعة محلية أو مجموعة….

وبذلك، وجب إدخال المساعد القضائي للجماعات المحلية ومجموعاتها في كل الدعاوى القضائية التي تهدف التصريح بمديونية جماعة محلية أو مجموعة، ويسري عليه – في حدود اختصاصه- من الأحكام ما هو مقرر للوكيل القضائي للمملكة، كما هو مشار إليه أعلاه.

هذا، وتجب الإشارة إلى أنه في الدعاوى المرفوعة ضد الجماعات المحلية، لا مجال لإدخال الوكيل القضائي للمملكة، طالما الفصل 514 من ق م م – وبمفهوم المخالفة- لا يوجب ذلك بالنسبة للجماعات الترابية (الجهات ومجالس العمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والجماعات القروية ومجموعاتها)، وهو ما أكدته أيضا محكمة الاستئناف الإدارية في أحد قراراتها الذي جاء فيه:

” حيث يعيب المستأنف الحكم الابتدائي بكونه قبل الدعوى رغم عدم إدخال الوكيل القضائي للمملكة.

لكن حيث لما كان الأمر في نازلة الحال يتعلق بطلب يستهدف التصريح بمديونية جماعة محلية تتمتع بالاستقلال المادي والمعنوي فإنه لا مجال لإعمال مقتضيات الفصل 514 من القانون السالف الذكر، كما أنه لا أثر للإخلال بتلك المقتضيات على شكليات الدعوى مما يبقى معه ما أثير بالوسيلة غير جدير بالاعتبار.”[35]

   المبحث الثاني: تأمين الدفاع عن أشخاص القانون العام أمام القضاء

لا شيء يمنع أشخاص القانون العام من اللجوء إلى خدمات المحامين بقصد تولي الدفاع عن مصالح الشخص العام أمام القضاء، وأشخاص القانون العام تلجأ إلى تنصيب محام ليتولى الدفاع عنها أمام القضاء كلما قدرت أن المحامي هو الأنسب للقيام بهذه المهمة.

لكن مسألة تولي الدفاع عن أشخاص القانون العام أمام القضاء، هي من الأمور الحساسة للغاية، إذ يلاحظ أن هناك شبه ” تنافس” بين المدافعين عن مصالح المحامين الذين يريدون إلزامية تنصيب محام للدفاع عن مصالح الشخص العام، وبين من يرون أن من حق الشخص العام أن يؤهل موظفيه لتولي الدفاع عنه أمام القضاء، ولكل مصالحه التي يريد الحفاظ أو الدفاع عنها.

فكيف يتم تأمين هذا الدفاع.

بالرجوع على نصوص القانون المغربي المنظمة للموضوع، يلاحظ أن هناك إلزامية تنصيب محام بالنسبة لبعض أشخاص القانون العام (المطلب الأول) في حين تتولى الوكالة القضائية للمملكة والمساعد القضائي للجماعات المحلية القيام بالمطلوب بالنسبة للبعض الآخر(المطلب الثاني).

المطلب الأول: إلزامية تنصيب محام للدفاع عن بعض أشخاص القانون العام.

كما سبق القول إن هناك مسعى حثيث من أجل جعل المحامي هو وحده المؤهل للدفاع حتى عن أشخاص القانون العام أمام القضاء، حيث يلاحظ أن هناك تطورا كبيرا في الوصول إلى هذا المسعى.

وهكذا، فبالرجوع إلى القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة (ظهير 20 أكتوبر 2008)،[36] نجده قد نص في المادة 31 منه على أنه:

” لا يسوغ أن يمثل الأشخاص الذاتيون والمعنويون والمؤسسات العمومية وشبه العمومية والشركات، أو يؤازروا أمام القضاء إلا بواسطة محام، ما عدا إذا تعلق الأمر بالدولة والإدارات العمومية تكون نيابة المحامي أمرا اختياريا.”

ومن ثم أصبحت إلزامية تنصيب محام ليتولى الدفاع عن المؤسسات العمومية وشبه العمومية وكذا شركات الدولة، وأن أي مسطرة قضائية يتولاها أحد الأشخاص العامة المذكورة بدون محام يكون مآلها الحكم بعدم القبول.

وهذا، على خلاف ما كان عليه العمل في ظل قانون المحاماة القديم،[37] حيث كانت المادة 33 منه تنصص على أنه:

” تعفى الدولة طالبة كانت أو مطلوبة من وجوب الاستعانة بالمحامي ويسوغ للإدارات العمومية التي يمثلها أحد موظفيها المؤهل لهذه الغاية أن تتبع في جميع الأحوال المسطرة بنفسها دون رخصة خاصة.”

حيث كانت بذلك جميع مرافق الدولة بمن فيها المؤسسات العمومية وشبه العمومية معفاة من تنصيب محام ليتولى الدفاع عنها.

لكن مند سنة 2008 تم توسيع مجالات إلزامية تنصيب المحامي ليشمل بعض أشخاص القانون العام كذلك إلى جانب حرمان حتى من يتمتع بالكفاءة القانونية من تولي الدفاع عن نفسه مباشرة أمام القضاء بل لا بد له من تنصيب محام.

وفي هذا الصدد يبدو أن هذا التوجه القاضي بمنع حتى من يتوفر على الكفاءة القانونية من تولي الدفاع عن حقوقه أمام القضاء بنفسه مبالغ فيه، وهو بمثابة قيد على حق التقاضي المكفول بموجب الدستور وكذا المواثيق الدولية، ومعلوم أنه يجب أن ينظر للقيود الواردة على حق التقاضي في أضيق الحدود.

لذلك، نتمنى أن تكون الشجاعة عند المشرع ليسمح لكل من يتوفر على الكفاءة القانونية في أن يباشر مساطره القضائية بنفسه، خاصة بالنسبة لمن يدرسون القانون من أساتذة جامعيين أو يمارسون أيضا المساطر القضائية يوميا من قضاة و أطر مكلفة بالمنازعات، الذين يلزمهم تنصيب محام للدفاع عنهم في قضاياهم الخاصة والحال أنهم يتولون الحكم والدفاع في قضايا أخرى.

بل يستفاد من نفس القانون أنه قد منع حتى المحامي من النيابة عن نفسه، وهو ما أكدت عليه محكمة النقض (المجلس الأعلى أناداك) في أحد قراراتها حين قضت بأنه:

” في الشكل:

حيث تنصص المادة 37 من القانون رقم 28.08 المنظم لمهنة المحاماة على أنه لا يحق للمحامي أن يمثل أمام الهيئات القضائية … إلا إذا كان مرتديا بذلة المحاماة.

وحيث إن الطاعن (عبد الفتاح…) تقدم بالنيابة عن نفسه أمام المجلس الأعلى بصفته محاميا وطاعنا بالإلغاء في آن واحد، خلافا لمقتضيات المادة 37 أعلاه، بمفهوم المخالفة، التي تفيد عدم إمكانية نيابة المحامي عن نفسه.

وحيث إنه تبعا لذلك يتعين التصريح بعدم قبول الطلب.”[38]

 وفي انتظار السماح لمن يتوفر على الكفاءة القانونية بأن ينوب عن نفسه، خاصة مع عدم الوضوح الذي جاء أيضا بشان المسطرة أمام قضاء القرب في مسألة تنصيب المحامي، حيث نص على أن هذا القضاء ينظر في المنازعات الشخصية التي لا يتعدى مبلغها 5000 درهم وأن المسطرة شفوية ومجانية بدون ذكر ودون تنصيب محام، نتمنى على الأقل العودة لما كان لمنصوص عليه بموجب المادة 32 من قانون المحاماة القديم ( ظهير 1993) التي كانت تنص على أنه:

” تستثنى من أحكام المادة السابقة الأحوال التي يرخص فيها لمن يتوفر على الكفاءة القانونية اللازمة قصد مباشرة المسطرة في المرحلة الابتدائية أو بواسطة أحد الأشخاص المنصوص عليهم في الفصل 33 من قانون المسطرة المدنية، وذلك أمام المحاكم التي لا يستقر بدائرتها القضائية عدد كاف من المحامين.

تمنح هذه الرخصة من طرف رئيس المحكمة بناء على طلب كتابي. لا يطبق هذا الاستثناء أمام محاكم الاستئناف”.

المطلب الثاني: دفاع الوكالة القضائية للمملكة والمساعد القضائي للجماعات المحلية عن بعض أشخاص القانون العام.

بداية تجب الإشارة إلى أنه لا شيء يمنع الدولة والإدارات العمومية الأخرى من الدفاع عن مصالحها أمام القضاء بواسطة أحد موظفيها المنتدب لهذه الغاية ودون حاجة إلى اللجوء إلى خدمات الوكالة القضائية للمملكة بالنسبة للدولة والإدارات العمومية أو المساعد القضائي للجماعات المحلية بالنسبة للجماعات المحلية، وذلك بموجب الفصل 34 من قانون المسطرة المدنية الذي نص على أنه:

” يجب على الوكيل الذي لا يتمتع بحق التمثيل أمام القضاء أن يثبت نيابته بسند رسمي، أو عرفي مصادق على صحة توقيعه بصفة قانونية، أو بتصريح شفوي يدلي به الطرف شخصيا أمام القاضي بمحضر وكيله.

غير أن الإدارات العمومية تكون ممثلة بصفة قانونية أمام القضاء بواسطة أحد الموظفين المنتدبين لهذه الغاية.”

وهكذا، يمكن للدولة والإدارات العمومية أن تتولى الدفاع عن مصالحها لوحدها، حيث من الممكن أن يتولى السيد رئيس الحكومة التوقيع بنفسه عن مذكرات الجواب وممارسة الطعون بنفسه أمام القضاء أو يفوض ذلك لأحد الوزراء المعنيين بالأمر، أو تتولى الإدارة الدفاع بواسطة أحد موظفيها المنتدب لهذه الغاية (غاية الدفاع)، لكن وبما أنه توجد هناك مؤسسة متخصصة في المنازعات، فإن هذه الإدارات العمومية وفي كل المنازعات تعمد إلى إحالة المقال الافتتاحي للدعوى على الوكالة القضائية للمملكة بقصد تولي الدفاع (الفقرة الأولى)، كما أن المشرع أناط نفس الاختصاص بالمساعد القضائي بالنسبة للجماعات المحلية بشرط الاتفاق على ذلك مع الجماعة المعنية وفي كل قضية على حدة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: دفاع الوكالة القضائية للمملكة عن الدولة والإدارات العمومية.

تتولى الوكالة القضائية للمملكة الدفاع عن الدولة والإدارات العمومية في كل الدعاوى التي ليس لها علاقة بالضرائب أو بأملاك الدولة،[39] حيث تدلي بمذكرات الجواب وتمارس طرق الطعن المسموح بها قانونا.

إذ يدلي الوكيل القضائي للمملكة وفق ما تقدم بسطه حين تناول حالات الإدخال، بجوابه في الدعاوى إما بصفته وكيلا قضائيا للمملكة ونائبا في نفس الوقت عن الدولة المغربية في شخص السيد رئيس الحكومة، وإما بصفته فقط نائبا عن الدولة المغربية في شخص السيد رئيس الحكومة، وذلك بحسب ما إذا كانت الدعوى تهدف التصريح بمديونية الدولة أم لا تهدف إلى التصريح بذلك.

ثم بحسب ما إذا كان الوكيل القضائي للمملكة مدعى عليه أيضا أم لا، بحيث طبيعة المنازعة وما إذا كان مدعى عليه أم لا هما المحددان لصفته في الدعوى، وبالتالي طبيعة دفاعه عن الشخص العام.[40]

لذلك، يتحسن التدقيق في حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة في الدعاوى المرفوعة ضد أشخاص القانون العام، فقد تكون الدعوى مثلا لا تهدف التصريح بمديونية الدولة وبالرغم من ذلك يتم إدخال الوكيل القضائي للمملكة، فبموجب هذا الإدخال أصبحت له صفة الطرف المدعى عليه أيضا، حيث يحق له الجواب والدفاع بصفته هذه (مدعى عليه).

أما إذا لم تكن الدعوى تهدف التصريح بمديونية الدولة – دعوى الإلغاء مثلا- ولم يتم إدخاله في الدعوى، ففي هذه الحالة يلزمه للجواب والنيابة عن الشخص العام المدعى عليه- الدولة أو الإدارات العمومية- أن يكون حينها حاصلا على تفويض بذلك.

هذا، وتتولى الوكالة القضائية للمملكة الدفاع عن أشخاص القانون العام بواسطة أطرها ويبلغ عددهم حوالي 100 إطار أكثر من 80 في المائة منهم من حملة الدكتوراه أو دبلوم الدراسات العليا أوالماستر، أغلبهم أيضا شباب، متخصصين في المنازعات، يغطون مختلف محاكم المملكة، لكن يعملون في ظروف غير ملائمة لطبيعة مهامهم.

وهنا نطالب بتمتيع هذه الفئة بنظام أساسي خاص على غرار المعمول به في البلدان المجاورة مثل تونس ومصر، حيث هناك هيئة لقضايا الدولة تتمتع بكافة الامتيازات والاعتبار المعنوي المخول للسادة القضاة.

ولهذه الغاية لا بد من تخصيص بذلة رسمية لأطر الوكالة القضائية للمملكة، يرتدونها كلما ولجوا حرم المحكمة احتراما أولا لقدسية المكان، وتمييزا لهم عن غيرهم من المتقاضين.

هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فإنه من غير المبرر أن يتم حرمانهم من ولوج مهنة المحاماة أو التوثيق بعد قضائهم لمدة طويلة بالوكالة القضائية للمملكة، في الوقت الذي يسمح فيه للمحامي بأن يصبح موثقا، أو قاضيا، أو في الوقت الذي يسمح فيه للقاضي بأن يصبح محاميا أو موثقا.

إنها ازدواجية في المعايير يتعين تداركها أسوة بتجربتي تونس ومصر في هذا المجال.

الفقرة الثانية: دفاع المساعد القضائي عن الجماعات المحلية.          

بموجب المادة 38 من القانون رقم 08/45 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها،[41] يؤهل المساعد القضائي، في هذا الصدد، للتصرف لحساب الجماعات المحلية ومجموعاتها كمدع أو مدعى عليه عندما تفوضه في الدعاوى التي يكون الهدف منها التصريح باستحقاق ديون على تلك الجماعات والمجموعات.

             وبذلك يمكن أن يتولى المساعد القضائي للجماعات المحلية، وهو السيد مدير الشؤون القانونية والدراسات والتوثيق والتعاون بوزارة الداخلية، الدفاع عن الجماعة المحلية المدعى عليها أمام القضاء عندما تفوضه لذلك، حيث يتم توقيع اتفاق في شأن كل قضية على حدة لهذا الغرض.

 

 

 

 

 

خاتمة:

             إن نسبة مهمة من القضايا التي ترفع ضد أشخاص القانون العام تصدر فيها أحكام أو قرارات قضائية بعدم القبول، أو يتم الحكم فيها على غير ذي صفة، وتلغى في الأخير هذه الأحكام أو القرارات الصادرة على غير ذي صفة من طرف محكمة النقض، طالما الصفة من النظام العام وتثار في جميع مراحل التقاضي، وهو ما تطول معه المساطر القضائية ويشيع معه عدم الاطمئنان في نفوس المتقاضين، ومن ثم يوصف القضاء بنعوت غالبا ما يكون منزها عنها من هذه الناحية.

             كذلك، كثيرا ما تثار مناقشات أمام القضاء تتعلق بمن له صفة الدفاع عن الشخص المعنوي العام، حيث تصدر أيضا أحكام وقرارات قضائية بعدم القبول من هذه الناحية أيضا.

 لذا، حاولنا أن نساهم من خلال هذا الكتيب بتوضيح بعض الجوانب من صفة التمثيل والدفاع عن أشخاص القانون العام أمام القضاء، آملين أن نكون قد وفقنا في إثارة الموضوع.

فبالله التوفيق والله المستعان.

مقدمة:

الفصل الأول: تمثيل أشخاص القانون العام أمام القضاء

المبحث الأول: تمثيل الدولة أمام القضاء.

المطلب الأول: الدولة المغربية يمثلها رئيس الحكومة.

   الفقرة الأولى: النص التشريعي.

   الفقرة الثانية: العمل القضائي

أولا: مرفق تابع للدولة لا يتمتع بشخصية معنوية واستقلال مالي، يجب مقاضاة الدولة المغربية في شخص الوزير الأول.

4-                 قرار محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا):

5-                 قرار محكمة النقض.

6-                 قرار محكمة الاستئناف بالرباط.

ثانيا: لا يجوز رفع الدعوى ضد وزارة معينة لوحدها، الدولة يمثلها الوزير الأول.

1- قرار محكمة الاستئناف بأكادير.

2       -حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء:

           المطلب الثاني: وجوب إدخال بعض المرافق في الدعوى لتحل محل الدولة في الأداء.

الفقرة الأولى: وجوب إدخال وزارة التشغيل باعتبارها المؤمن القانوني للدولة بالنسبة لحوادث الشغل التي يتعرض لها أعوان الدولة غير الرسميين.

أولا: النص التشريعي.

ثانيا: العمل القضائي.

الفقرة الثانية:  التخلي عن تمثيل الدولة من طرف مدير المكتب الوطني للنقل سابقا في حوادث السير التي تسببها سيارات مملوكة للدولة.

المطلب الثاني: الدولة لا يمثلها رئيس الحكومة في بعض القضايا الخاصة.

الفقرة الأولى: الملك الخاص للدولة يمثله مدير أملاك الدولة.

الفقرة الثانية: الملك العام للدولة يمثله وزير التجهيز والنقل.

الفقرة الثالثة: الملك الغابوي للدولة يمثله وزير الفلاحة.

الفقرة الرابعة: الأوقاف العامة يمثلها وزير الأوقاف.

الفقرة الخامسة: الخزينة العامة للمملكة يمثلها الخازن العام.

الفقرة السادسة: مديرية الضرائب يمثلها مدير الضرائب.

      المبحث الثاني: رفع الدعوى ضد الجماعات المحلية (الجماعات الترابية) والمؤسسات العمومية.

  المطلب الأول: العامل لا يمثل مجلس العمالة أو الإقليم، بل هناك رئيس لمجلس العمالة أو الإقليم.  المطلب الثاني:  رئيس الجماعة يمثل الجماعة أمام المحاكم.

المطلب الثالث: رفع الدعاوى ضد المؤسسات العمومية.

الفصل الثاني: الدفاع عن أشخاص القانون العام أمام القضاء

المبحث الأول: حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة والمساعد القضائي للجماعات المحلية.

المطلب الأول: حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة.

الفقرة الأولى: النص التشريعي.

أولا: ظهير 15 جمادى الآخرة 1372 الموافق ل 2 مارس 1953.

ثانيا: قانون المسطرة المدنية.

الفقرة الثانية: العمل القضائي.

أولا: الوكيل القضائي للمملكة ليس طرفا أصليا في الدعوى، وإنما يقع إدخاله في الدعوى طبقا لمقتضيات الفصل 514 من ق م م والفصل 2 من ظهير 2/3/1953 وهو لا يحكم عليه بشيء.

ثانيا: للوكيل القضائي حق تقديم الطعون بصفته هذه.

1–  صفة الطرف المدخل وجوبا

2- صفة الطرف في الخصومة

3-  صفة نائب عن أشخاص القانون العام إذا ما انتدبوه للدفاع عنهم

4- كما يحق له التدخل بشكل إرادي

المطلب الثاني: إدخال المساعد القضائي للجماعات المحلية.

المبحث الثاني: تأمين الدفاع عن أشخاص القانون العام أمام القضاء

المطلب الأول: إلزامية تنصيب محام للدفاع عن بعض أشخاص القانون العام.

المطلب الثاني: دفاع الوكالة القضائية للمملكة والمساعد القضائي للجماعات المحلية عن بعض أشخاص القانون العام.

الفقرة الأولى: دفاع الوكالة القضائية للمملكة عن الدولة والإدارات العمومية.

الفقرة الثانية: دفاع المساعد القضائي عن الجماعات المحلية.

خاتمة:



[1]  كما تم تتميمه بمقتضى القانون رقم 48.01 الصادر بتاريخ 29/01/2002، ج ر عدد 4077 بتاريخ 11/02/2002. وكذا كما تم تعديله بموجب القانون رقم 12-100 الصادر بتنفيذه ظهير 10 ماي 2013، ج ر عدد 6156 بتاريخ 30 ماي 2013.

[2] جاء في قرار لمحكمة النقض: ” إن الفصل 1 من قانون المسطرة المدنية يوجب لقبول الدعوى أن يكون للمدعي والمدعى عليه الصفة وإلا كانت الدعوى غير مقبولة، وأن المحكمة كانت تعلم ذلك سواء من مقال المدعين أو جواب المدعى عليه، ومع ذلك قضت على شخص لا صفة له في الدعوى، مما يجعل قضاءها عديم الأساس القانوني، وغير معلل، وبالتالي يكون معرضا للنقض…” قرار صادر بتاريخ 14/10/1992 تحت رقم 2433 في الملف عدد 1432/86، أورده الأستاذ عبد اللطيف خالفي في مؤلفه، الاجتهاد القضائي في قانون المسطرة المدنية، الجزء الأول، ط 2004، ص 75.

[3]  جاء في قرار لمحكمة النقض أنه: ” حيث يعيب الطاعن على القرار خرق القانون الفصل الأول من ظهير 21 ماي 1974 المحدث لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل ذلك أنه بمقتضى الظهير المذكور فإن مدير المكتب هو الذي له أهلية وصفة تمثيل هذه المؤسسة العمومية أمام القضاء للدفاع عن مصالحها وفقا لأحكام الفصل 9 من الظهير…

حيث صح ما عابته الوسيلة على القرار ذلك أن مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل وبمقتضى ظهير تأسيسه الصادر بتاريخ 21 ماي 1974 فإن مديره هو الذي له الصفة في تمثيله أمام القضاء وفقا لأحكام الفصل التاسع منه  مما تكون معه الدعوى الموجهة ضد … قد وجهت على غير ذي صفة والقرار خرق مقتضيات الفصل الأول من ق م م حين قبلها إذ الصفة من النظام العام تثار في جميع أطوار المسطرة مما يتعين معه نقض القرار…” قرار صادر بتاريخ 15/10/2008، تحت رقم 957 في الملف عدد 878/5/1/2007 المضموم إليه الملف عدد 1329/5/1/2007 (غير منشور).

[4]  قرار محكمة النقض ( المجلس الأعلى سابقا) صادر بتاريخ 30/09/2009، تحت عدد 1037، في الملف رقم 1346/5/1/2008 ( غير منشور).

[5]  قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 28/03/2007، تحت عدد 319 في الملف عدد 1047/5/1/2006 ( غير منشور).

[6]  قرار محكمة الاستئناف بالرباط، صادر بتاريخ 27/12/2007 تحت عدد 712، في الملف 876/06/16 ( غير منشور).

[7]  الشركة الوطنية للنقل والوسائل اللوجيستيكية حاليا.

[8]  قرار محكمة الاستئناف بأكادير، صادر بتاريخ 28/09/2006 تحت عدد 2500 في الملف عدد 213/06 ( غير منشور).

[9]  حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، صادر بتاريخ 22/10/2010 تحت عدد 1539 في الملف 23/8/2010 (غير منشور).

[10]  ج ر عدد 4454 بتاريخ 06/02/1997.

[11]  قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 22/05/2003، تحت عدد 509 في الملف رقم 432/5/1/2002 (غير منشور). وهو نفسه الموقف القار لمحكمة النقض في العديد من القضايا، وهكذا جاء أيضا في قرار آخر صادر عن نفس المحكمة بتاريخ 08/02/2006، أنه: ” … حيث ثبت صدق ما عابته الوسيلة المستدل بها على القرار، ذلك أنه طبقا للفصل 11 من المرسوم رقم 321-95-2 فإن وزارة التشغيل هي التي تؤمن العمال المؤقتين لدى الدولة الذين يتعرضون لحوادث الشغل والحكم المؤيد مبدئيا قد خرق هذا المقتضى حين قضى على المشغل ثانوية مولاي رشيد بأداء الإيراد مع إحلال شركة التأمين محله في الأداء والحال أنه لا توجد أية شركة تأمين مما يعرضه للنقض والإبطال…” قرار عدد114 في الملف 1206/5/1/2005 (غير منشور).

            وهو الموقف نفسه في القرارات التالية:

–          قرار محكمة النقض بتاريخ 23/07/2002 تحت عدد 655 في الملف رقم 270/5/1/2002 (غير منشور).

–          قرار محكمة النقض بتاريخ 02/12/2003 تحت عدد 126 في الملف 625/5/1/03 (غير منشور).

[12]  ج ر عدد 6156 بتاريخ 30 ماي 2013.

[13]  ج ر عدد 121 بتاريخ 23 غشت 1915.

[14]  ج ر عدد 62 بتاريخ 10 يوليو 1914.

[15]  ج ر عدد 121 بتاريخ 23 غشت 1915.

[16]  ج ر بتاريخ 29 أكتوبر 1917.

[17]  ج ر عدد 5292 بتاريخ 17 فبراير 2005.

[18]  ظهير شريف رقم 236-09-1 صادر بتاريخ 23 فبراير 2010، ج ر عدد 5847 بتاريخ 14 يونيو 2010، مع الإشارة إلى مدونة الأوقاف دخلت حيز التطبيق مع بداية السنة الجارية 2014.

[19]  ظهير 29 يوليو 2011، ج ر عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليو 2011.

[20]  ج ر عدد 5058 بتاريخ 21/11/2002.

[21]  ج ر عدد 5058 بتاريخ 21 نونبر 2002.

[22]  نفس الحكم كان معمولا به في ظل الفصل الأول من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 583/76-1 الصادر بتاريخ 30/09/1976 المتعلق بالتنظيم الجماعي، الذي أكد على أن المجالس البلدية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، و لرؤسائها صلاحية تمثيلها أمام القضاء.

[23]  من المؤسسات العمومية التي لمديرها صلاحيات تمثيلها أمام الفضاء نجد:

–          المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، سابقا، المكتب الوطني للماء والكهرباء حاليا.

–          المكتب الوطني للسكك الحديدية.

–          بعض المراكز الاستشفائية التي لها صفة المؤسسة العمومية.

–          المكتب الوطني للمطارات.

–          مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل.

–          وكالات التنمية الاجتماعية…

[24]  قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 24/10/2007 تحت عدد 971 في الملف الاجتماعي عدد 302/5/1/2006 (غير منشور).

           

[25] المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2109 الصادرة بتاريخ 11 رجب 1372 الموافق ل 27 مارس 1953.

 [26]  المرسوم رقم 2.07.995 الصادر بتاريخ 23 أكتوبر 2008 بشان اختصاصات وتنظيم وزارة الاقتصاد والمالية ج ر عدد 5680 بتاريخ 6 نوفمبر 2008.

[27]  قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 24 مارس 1993، تحت عدد 554، ملف عدد 7277/87، منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية، العدد السادس، يناير- مارس، 1994، ص 71.

[28]  قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 23/05/2007، تحت عدد 499 في الملف عدد 2873/4/2/2005 (غير منشور).

[29]  قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 25/06/2008، تحت عدد 744 في الملف رقم 417/5/1/2007 (غير منشور).

[30]  قرار المجلس الأعلى عدد 463 مؤرخ في 04/05/2005 في الملف الاجتماعي عدد 48/5/1/2005 ( غير منشور).

[31]   وهو القرار الذي تقيدت به محكمة الاستئناف بأكادير لما أحيل عليها الملف من جديد، حيث جاء في قرار صادر عنها بأنه: ” حيث أحيل الملف على هذه المحكمة من طرف المجلس الأعلى بعد نقضه للقرار ألاستئنافي السابق صدوره في القضية للسبب المبين أعلاه.

وحيث تبث صدق ما عابه الطاعن الوكيل القضائي للمملكة على الحكم المطعون فيه ذلك أن الثابت من خلال الحكم الابتدائي عدد 1/87 الصادر بتاريخ 14/1/87 عن المحكمة الابتدائية بتارودانت في الملف عدد 155/85 المطعون فيه من طرف المستأنف عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة أنه بالرغم من كون المكتب الوطني للنقل الذي هو مؤسسة عمومية طرف في هذا الحكم وتم الحكم عليه بأن يحل محل المشغلة في الأداء فإنه لم يتم إدخال الوكيل القضائي في الدعوى كما تقضي بذلك مقتضيات الفصل 514 من ق م م .

ومن تم فإن الحكم المطعون فيه عن طريق التعرض الخارج عن الخصومة قد أضر بمصالح المؤسسة التي يمثلها المستأنف مما يحق له استعمال الطعن عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة وفق ما يقتضيه الفصل 303 من ق م م مما يجعل الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من عدم قبول هذا الطعن في غير مركزه القانوني ويتعين تبعا لذلك التصريح بقبول التعرض المقدم من طرف الوكيل القضائي للمملكة.

وحيث إن مقتضيات الفصل 514 من ق م م المشار إليها أعلاه تنص على ما يلي ‘ كلما كانت الطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية للدولة لا علاقة لها بالضرائب والأملاك المخزنية وجب إدخال العون القضائي في الدعوى وإلا كانت غير مقبولة ‘ وأن الثابت من خلال الحكم الابتدائي المتعرض عليه أن الدعوى قد وجهت ضد المكتب الوطني للنقل بصفتها جهة مؤمنة وهو مؤسسة عمومية دون أن يتم إدخال العون القضائي فيها كطرف أساسي يمثل مصالح الدولة مما يجعل مصير هذه الدعوى هو عدم القبول تطبيقا للمقتضيات القانونية أعلاه وترتيبا على ذلك يتعين إلغاء الحكم المتعرض عليه والتصدي والحكم بعدم قبول الدعوى.” قرار صادر عن محكمة الاستئناف بأكادير بتاريخ 15/12/2006 تحت رقم 3264 في الملف عدد 108/06 (غير منشور).

[32]  قرار المجلس الأعلى رقم 1857 صادر بتاريخ 5 مارس 1987 في الملف الجنحي عدد 18155/86 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 40، السنة 1987، ص 294، أورده كذلك، عبد اللطيف خالفي، الاجتهاد القضائي في قانون المسطرة المدنية، م س، ص 93.

[33]  قرار المجلس الأعلى عدد 1939 مؤرخ في 26/09/2001، ملف تجاري عدد 291/3/2/00(غير منشور).

[34]   المادة 38 من القانون رقم 08/45 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.09.02 بتاريخ 18/02/2009، ج ر عدد 5711 بتاريخ 23/02/2009.

[35]  قرار محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش صادر بتاريخ 09/04/2008، تحت رقم 146 في الملف رقم 293/7/07-1 (غير منشور).

[36]   ج ر عدد 5680 بتاريخ 6 نونبر 2008.

[37]  ظهير 10/09/1993 ج ر عدد 4222 بتاريخ 29/9/1993.

[38]  قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 11/02/2010 تحت عدد 109 في الملف الإداري عدد 593/4/1/2008 (غير منشور).

[39]  أيضا تتولى الوكالة القضائية للمملكة تقديم المذكرات الجوابية وتمارس الطعون حتى بالنسبة للمنازعات التي تهم أملاك الدولة، باعتبار أن المدعي غالبا ما يوجه دعواه ضد الدولة المغربية بصفتها هذه وضد الوكيل القضائي للمملكة كذلك، وبالتالي تكون للوكيل القضائي في هذه الحالة صفة المدعى عليه بجانب الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة ومن ثم يتولى الجواب بهذه الصفة وليس بصفته يمثل الملك الخاص، ويدلي تبعا لذلك بدفاعه ويستفيد من خدماته هنا الملك الخاص للدولة بطريقة غير مباشرة، حيث كثيرة هي القضايا التي دافع فيها الوكيل القضائي للمملكة بجانب مدير أملاك الدولة لحماية الملك الخاص للدولة.

[40] وهي كلها صلاحيات مصدرها ظهير 2 مارس 1953 المتعلق بإعادة تنظيم وظيفة الوكيل القضائي للمملكة الذي ينص الفصل الأول منه على أنه:

 ” يزاول العون القضائي للمملكة وظيفته تحت سلطة مدير المالية ويكون مكلفا بالمهمات المشروحة بعده:

أولا – أن يتابع قبض ما بقي على الغير من الديون للدولة الشريفة والمكاتب والمؤسسات العمومية المذكورة من الديون التي لا تصطبغ بصبغة الضرائب ولا يدخل الأملاك المخزنية والتي يتطلب قبضها أو متابعة المدين بها التمشي على قاعدة خاصة،

ثانيا – أن يقوم مقام رؤساء الإدارة والمديرين المختصين بالأمر في إقامة الدعاوى على مدين الدولة الشريفة ومكاتبها ومؤسساتها العمومية قصد الاعتراف بما عليهم من الديون وتصفية حسابها ويختص هذا الأمر بالديون التي لا تدخل في جملة الضرائب ولا في رفع الأملاك المخزنية وللعون القضائي المذكور أن يقوم بهذه المهمة إذا كلفه رؤساء الإدارة والمديرون المذكورون،

ثالثا– أن يمثل في المحاكم الدولة الشريفة ومكاتبها ومؤسساتها العمومية في القضايا التي يكون مدعى فيها عليها وأن يقوم في ذلك مقام رؤساء الإدارة والمديرين المختصين بالأمر حين يكلفونه بذلك،

 وكل شخص أقام دعوى أمام المحاكم قصد إثبات دين له على الدولة الشريفة أو على أحد إداراتها أو مكاتبها أو مؤسساتها العمومية وكان هذا الدين غير داخل في شؤون الضرائب أو شؤون الأملاك المخزنية فيجب عليه أن يقيم الدعوى على العون القضائي وإلا فلا يقبل طلبه.”

[41]   المادة 38 من القانون رقم 08/45 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.09.02 بتاريخ 18/02/2009، ج ر عدد 5711 بتاريخ 23/02/2009.

يطرح موضوع تمثيل أشخاص القانون العام أمام القضاء، خاصة الدولة والمؤسسات العامة والجماعات المحلية ( الجماعات الترابية وفق الدستور الجديد)، صعوبة بالغة الأهمية على المستوى العملي نظرا لتعلقه بالنظام العام.

فتحديد الجهة التي لها الصفة في تمثيل الشخص المعنوي العام سواء كان هذا الشخص العام مدعي أو مدعى عليه، وكذا حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة والمساعد القضائي للجماعات المحلية كل فيما يخصه،  ليست مسألة نظرية فحسب، بل عملية أيضا، لارتباط ذلك بتقييد الدعوى وسير الإجراءات ثم صدور الحكم القضائي وكذا مباشرة إجراءات تبليغه وتنفيذه.

وهكذا، نص الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية على أنه:

لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة والأهلية والمصلحة لإثبات حقوقه.

يثير القاضي تلقائيا انعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة أو الإذن بالتقاضي إن كان ضروريا وينذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل يحدده.

إذا تم تصحيح المسطرة اعتبرت الدعوى كأنها أقيمت بصفة صحيحة، وإلا صرح القاضي بعدم قبول الدعوى.

ومن أجل تحديد من له الصفة في تمثيل أشخاص القانون العام أمام القضاء، حدد أيضا الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية[1] الأصل العام في ذلك التمثيل ونص على أنه:

ترفع الدعوى ضد :

   1الدولة، في شخص رئيس الحكومة وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند الاقتضاء؛

 2الخزينة، في شخص الخازن العام؛

 3الجماعات المحلية، في شخص العامل بالنسبة للعمالات والأقاليم، وفي شخص رئيس المجلس الجماعي بالنسبة للجماعات.

 4المؤسسات العمومية، في شخص ممثلها القانوني.

 5مديرية الضرائب, في شخص مدير الضرائب فيما يخص النزاعات المتعلقة بالقضايا الجبائية التي تدخل ضمن اختصاصاتها.

6- مديرية أملاك الدولة، في شخص مدير أملاك الدولة فيما يخص النزاعات التي تهم الملك الخاص للدولة ( تعديل سنة 2013).

لكن، يلاحظ بالاطلاع على مجموعة من التطبيقات القضائية في موضوع تمثيل أشخاص القانون العام أمام القضاء، خاصة الدولة والجماعات المحلية، أن المتقاضين غالبا ما يجهلون طريقة توجيه الدعاوى  ضد الدولة أو الجماعات المحلية.

وبما أن الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية يوجب لقبول الدعوى أن يكون للمدعي والمدعى عليه الصفة وإلا كانت غير مقبولة،[2] وأن الدفع المتعلق بالصفة يعتبر من النظام العام، ويمكن إثارته في أية مرحلة من مراحل التقاضي، وأنه للقاضي أن يثير الصفة من تلقاء نفسه ولو لم يثيرها الأطراف،[3] فإن عدم الدقة في تحديد الجهة التي لها الصفة في تمثيل الشخص العام أمام القضاء، جعل نسبة كبيرة جدا من القضايا يكون مآلها الحكم بعدم القبول شكلا لعدم توجيه الدعوى ضد من يجب، أو لعدم إدخال طرف أساسي في الدعوى، أو تصدر المحكمة هي الأخرى الحكم ضد غير ذي صفة في تمثيل الشخص المعنوي العام.

 لذلك، أعددنا هذه الدراسة، وهي عبارة عن قراءة في النصوص القانونية المنظمة للموضوع المذكور مع تطبيقاتها القضائية، عسى ذلك أن يساهم في تنوير الرأي وتوضيح الصورة لمن يريدون رفع دعاوى ضد شخص من أشخاص القانون العام أو الحكم فيها.

فكيف ترفع الدعاوى ضد الدولة المغربية أو الجماعات الترابية والمؤسسات العامة، وما هي حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة والمساعد القضائي للجماعات المحلية. وكيف يتم تأمين الدفاع عن أشخاص القانون العام.

لرصد ذلك، نتولى تخصيص الفصل الأول لتمثيل أشخاص القانون العام أمام القضاء، على أساس تبيان تأمين الدفاع عن الأشخاص المذكورة في الفصل الثاني.

الفصل الأول: تمثيل أشخاص القانون العام أمام القضاء

حيث سيتم بحث تمتيل الدولة أمام القضاء في المبحث الأول، تم نليه بمبحث ثاني لرفع الدعوى ضد الجماعات المحلية ( الجماعات الترابية). على أن نخصص المبحث الثالث لرفع الدعاوى ضد المؤسسات العمومية

المبحث الأول: تمثيل الدولة أمام القضاء.

بالرجوع إلى قانون المسطرة المدنية نجذ أن المبدأ العام هو أن الدولة المغربية يمثلها الوزير الأول ( رئيس الحكومة حاليا)، والاستثناء أنه في بعض القضايا أسند المشرع صفة تمثيل الدولة لأشخاص آخرين.

المطلب الأول: الدولة المغربية يمثلها رئيس الحكومة.

   حيث سنعرض للنص التشريعي الذي يؤطر هذا التمثيل (الفقرة الأولى) على أن نخصص (الفقرة الثانية) للعمل القضائي الصادر في هذا الشأن.

الفقرة الأولى: النص التشريعي.

نص الفصل 515 من ق م م على أنه:

” ترفع الدعوى ضد:

1-                الدولة، في شخص الوزير الأول (رئيس الحكومة حاليا) وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند الاقتضاء…”.

لذا، فالمبدأ العام أن الوزير الأول- رئيس الحكومة حاليا- هو وحده من يمثل الدولة المغربية أمام القضاء، وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند الاقتضاء، ونتيجة ذلك أنه يتعين أن ترفع الدعوى ضد الدولة المغربية دون سواها ممثلة برئيس الحكومة دون سواه أيضا، وذلك في كل الدعاوى التي ترفع ضد الدولة المغربية أو إداراتها العمومية، وأن رفع أي دعوى ضد هذه الإدارات العمومية بصفتها هذه وبدون رفع الدعوى ضد الدولة المغربية سيكون مآلها هو الحكم بعدم القبول، وأن أي حكم سيصدر في مواجهة إدارة عمومية بصفتها هذه أو مرفق عمومي لا يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي سيكون مآله هو الآخر الإلغاء.

الفقرة الثانية: العمل القضائي

صدرت عدة قرارات قضائية عن القضاء المغربي بمختلف درجاته كلها تؤكد على المبدأ القاضي بكون الدولة المغربية يمثلها الوزير الأول، وبناء عليه ليس لأي مرفق تابع للدولة أن يمثل الدولة المغربية التي يجب مقاضاتها في شخص الوزير الأول (أولا)، ويترتب على ذلك أنه لا يجوز رفع الدعوى ضد وزارة معينة لوحدها (ثانيا).

أولا: مرفق تابع للدولة لا يتمتع بشخصية معنوية واستقلال مالي، يجب مقاضاة الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة.

نعرض في هذا الصدد لقرارين صادرين عن محكمة النقض (1) ثم (2)، ونلي ذلك بقرار لمحكمة الاستئناف بالرباط (3).

1-                 قرار محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا):

” في شأن الفرع الثاني من الوسيلة الأولى في النقض:

يعيب الطاعن على القرار خرق مقتضيات الفصلين 1 و 515 من ق م م، ذلك أن المطلوبة في النقض لم توجه دعواها ضد من يجب قانونا لكونها رفعتها ضد مؤسسة حماية الطفولة… التابعة إداريا ومباشرة لوزارة الشباب والرياضة وضد هذه الأخيرة والحال أن الدعاوى المقامة ضد الإدارات و المرافق العمومية ولكي تكون مقبولة يجب رفعها مباشرة ضد الدولة المغربية في شخص الوزير الأول عملا بأحكام الفصل 515 أعلاه مما يجعل الدعوى معيبة ما دامت وجهت ضد مرفق ليست له أهلية التقاضي وهو ما يتعارض ومقتضيات الفصل 1 المذكور، والقرار بتأييده الحكم الابتدائي القاضي بقبول دعوى المطلوبة يكون قد خرق المقتضيات أعلاه وهو ما يعرضه للنقض.

حيث تبين صحة ما نعاه الطاعن على القرار، ذلك أن الثابت مقاضاة المطلوبة لمؤسسة حماية الطفولة وهي مؤسسة تابعة لوزارة الشبيبة والرياضة بمقتضى المرسوم رقم 379-02-2 بتاريخ 12/06/2002 بشأن تحديد اختصاصات وتنظيم وزارة الشبيبة والرياضة وتعد أحد المصالح الثلاثة المكونة لقسم الطفولة والمحددة اختصاصاتها بقرار وزير الشبيبة والرياضة رقم 80-957 بتاريخ 11/07/2008 فهي بذلك مرفق عمومي تابع للدولة يلزم لمقاضاته توجيه الدعوى ضد الدولة المغربية في شخص الوزير الأول الذي له أن يكلف، عند الاقتضاء، لتمثيله الوزير المختص عملا بأحكام الفصل 515 من ق م م، وهو ما لم يتم نهجه في النازلة ، والقرار المطعون فيه بتأييده الحكم الابتدائي القاضي شكلا بقبول دعوى المطلوبة ورغم تمسك الطاعن استئنافيا بضرورة تطبيق الفصل 515 أعلاه، يكون قد أخل بالمقتضى المذكور فوجب نقضه وإبطاله وبغض النظر عما جاء بالفرعين الأول والثالث من الوسيلة الأولى وكذا الوسيلة الثانية.”[4]

2-                 قرار محكمة النقض.

” حيث يعيب الطاعن على القرار المطعون فيه عدم الجواب على دفوعات الأطراف وانعدام التعليل باعتبار أن الطالب أثار في مقاله من أجل تعرض الغير الخارج عن الخصومة جملة من الوسائل الوجيهة التي ينهض سببا كافيا لإبطال الحكم المستأنف غير أن محكمة الدرجة الثانية لم تعرها أي اهتمام، وخاصة الدفع بخرق مقتضيات الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية، ذلك أنه أثار كون المدعي وجه دعواه ضد مستشفى محمد الخامس دون توجيهها ضد الدولة المغربية في شخص السيد الوزير الأول، باعتبار أن المستشفى المذكور مرفق عمومي تابع للدولة ولا يتمتع بأهلية التقاضي، وأنه بالاطلاع على القرار المطعون فيه فإن المحكمة المصدرة له لم تشر إلى الطرف الأساسي الذي ينبغي أن توجه ضده الدعوى وهي الدولة المغربية علما بأن القاضي يمكنه أن يراقب تلقائيا شروط تقديم الدعوى.

حيث تبين صحة ما عابه الطاعن على القرار المطعون فيه ذلك أنه من الثابت أن المطلوب قد وجه دعواه ضد مستشفى محمد الخامس وهو مرفق عمومي تابع للدولة وانه عملا بمقتضيات الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية فإنه يتعين توجيه الدعوى أيضا في مواجهة الدولة المغربية في شخص الوزير الأول إذا كان الحكم له تأثير على مديونية الدولة، إلا أن المحكمة المطعون في قرارها ردت هذا الدفع بكون ‘ الدعوى لا تهدف إلى التصريح بمديونية الدولة…’ مع أن الواقع خلاف ذلك، ذلك أن القرار المطعون فيه قضى بإخراج شركة التأمين من الدعوى والحكم على مشغل المطلوب بأدائه لفائدته الإيراد المستحق له في شكل رأسمال، ومشغل المطلوب هو مرفق عمومي والحكم عليه يشكل تصريحا مباشرا بمديونية الدولة، وأن المحكمة بذلك تكون قد خرقت مقتضيات الفصل المستدل به، وبنت قرارها على أساس غير سليم وعرضته للنقض وبصرف النظر عن بحث الفرع الثاني من الوسيلة الأولى وكذا الوسيلة الثانية وأن حسن سير العدالة يقتضي إحالة القضية على نفس المحكمة.”[5]

3-                 قرار محكمة الاستئناف بالرباط.

” في الدفع بخرق مقتضيات الفصل 515 من ق م م والخلط بينه وبين الفصل 514 من نفس القانون.

حيث إنه بالرجوع إلى الفصل 515 المشار إليه أعلاه، يتضح أنه ينص على أنه: ترفع الدعوى ضد الدولة في شخص الوزير الأول وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند الاقتضاء…

وحيث إن المشغل في النازلة هو المركز الاستشفائي بالخميسات وهو أحد مرافق الدولة وتابع لها وبالتالي فهو لا يتوفر على استقلال مالي يمكنه من تنفيذ الأحكام القضائية، وأن الدولة المغربية هي المكلفة بذلك، ومن ثمة كان لزاما على المدعي إدخال الدولة المغربية في شخص الوزير الأول في الدعوى باعتباره الجهة ذات الصفة وأهلية التقاضي باسمها، وعدم الاكتفاء بإدخال الوكيل القضائي للمملكة لكونه لا يعتبر ممثلا للدولة وغنما تفرض إدخاله في الدعوى مقتضيات الفصل 514 من ق م م كلما تعلق الأمر بمديونية الدولة.

وحيث إن المجلس الأعلى قد أكد بدوره وفي الكثير من القرارات الصادرة عنه ضرورة توجيه الدعوى ومباشرة الإجراءات المسطرية ضد الدولة في شخص ممثلها القانوني الوزير الأول، ومن هذه القرارات، القرار عدد 476 الصادر بتاريخ 28/5/02 في الملف الاجتماعي عدد 101/5/1/02.

وحيث إن المدعي لما لم يحترم المقتضيات المشار إليها أعلاه، يكون قد وجه دعواه ضد غير ذي صفة والحكم المستأنف بدوره لما اعتبر الوكيل القضائي المدخل في الدعوى ممثل للدولة المغربية قد خرق مقتضيات الفصل 515 المذكور وعرض نفسه للإلغاء…”.[6]

ثانيا: لا يجوز رفع الدعوى ضد وزارة معينة لوحدها، الدولة يمثلها الوزير الأول.

من الممكن أن يتم توجيه الدعوى ضد الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة، وتضاف بجانب ذلك وزارة معينة كمرفق تابع للدولة باعتبارها هي المعنية مباشرة بوقائع النزاع، حيث يتم الحكم على الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة، وتضاف إلى جانب هذا المنطوق الوزارة المعنية بالنزاع.

وهذه الصيغة في إصدار الأحكام لها أهميتها من الناحية العملية والقانونية أيضا، حيث تسهل عملية تنفيذ الحكم الصادر في مواجهة الوزارة المعنية مباشرة باعتبارها مرفقا له ميزانية خاصة تحتوي على سطر لتنفيذ الأحكام القضائية.

أما إذا تم إصدار الحكم القضائي في مواجهة الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة مباشرة، وبدون إضافة الوزارة المعنية بالنزاع، فإن هذا لا يعيب الحكم القضائي في شيء، فقط من شأن ذلك أن ينقل عبء تنفيذ ذلك الحكم إلى الميزانية العامة (وزارة المالية)، والحال أن للوزارة المعنية بالنزاع سطر في ميزانيتها الخاصة بقصد تنفيذ الأحكام القضائية.

1– قرار محكمة الاستئناف بأكادير.

   ” حيث إن الثابت من وثائق الملف خاصة محضر الضابطة القضائية المتضمن ظروف الحادثة أن سيارة لا ندروفير المتسببة في الحادثة هي في ملك الدولة المغربية وضعتها لخدمة مصالح وزارة التوقعات الاقتصادية.

   وحيث هذه الوزارة مجرد مرفق عمومي تابع للدولة المغربية التي يمثلها أمام القضاء الوزير الأول وفق مقتضيات الفصل 515 من ق م م.

   وحيث إن المدعي المستأنف عليه اكتفى برفع الدعوى ضد الوزارة المذكورة دون الدولة المذكورة المالكة للسيارة المتسببة في الحادثة، بالإضافة إلى أنه لم يدخل المكتب الوطني للنقل[7] في الدعوى الماسك لحقيبة الدولة بخصوص التأمين في قضايا حوادث السير مما تعين معه إلغاء الحكم الابتدائي والتصدي والحكم من جديد بعدم قبول الدعوى.”[8]

   أما من جهة أخرى، فإذا كان لا يمكن مقاضاة وزارة معينة لوحدها دون الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة وفق ما هو مشار إليه أعلاه، فإنه في مجال تسوية الوضعية الفردية إذا تم توجيه الدعوى ضد الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة ومع ذلك تم طلب الحكم على وزارة معينة ( وزارة المالية مثلا) فإن مآل هذه الدعوى هو عدم القبول وفق ما سارت عليه المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، على اعتبار أن هذه الوزارة غير موجهة ضدها الدعوى ليتسنى الحكم عليها.

2-                حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء:

” حيث إن الطلب يرمي إلى تسوية الوضعية الإدارية للمدعي وإدراجه بالسلم التاسع ابتداء من تاريخ 16 شتنبر 2000 مع تمتعيه بكافة المزايا المترتبة عن ذلك، وشمول الحكم بالنفاذ المعجل.

وحيث أسس المدعي طلبه على كونه قد حرم من حق مكتسب لكون وزارة التربية الوطنية التي كان ينتمي إلى أسلاكها قد عملت على ترقيته إلى السلم التاسع في حين أن وزارة المالية لم تصادق على تلك الترقية.

وحيث إن المدعي لم يدل بما يفيد ترقيته إلى السلم التاسع من طرف وزارة التربية الوطنية، كما لم يدل بما يفيد امتناع وزارة المالية عن التأشير والمصادقة على قرار ترقيته، فضلا عن عدم توجيه دعواه ضد هذه الأخيرة، الأمر الذي تكون معه دعواه معيبة شكلا، ويتعين بذلك عدم قبولها.”[9]

لكن يبدو أن هذا الحكم غير موفق من ناحية أن الدعوى غير موجهة ضد وزارة المالية، ذلك أنها –أي الدعوى- موجهة ضد الدولة المغربية في شخص الوزير الأول حينها، وبالتالي ما دامت وزارة المالية ليست سوى مرفق تابع للدولة، فإن المنطق القانوني السليم يقتضي أن الدعوى موجهة بشكل صحيح من هذه الناحية ولو لم يشار إلأى وزارة المالية كمدعى عليها.

 المطلب الثاني: وجوب إدخال بعض المرافق في الدعوى لتحل محل الدولة في الأداء.

أوجبت بعض النصوص القانونية الخاصة إدخال وزارة التشغيل باعتبارها المؤمن القانوني للدولة بالنسبة لحوادث الشغل التي يتعرض لها أعوان الدولة غير الرسميين (الفقرة الأولى)، في حين تم التخلي عن تمثيل الدولة من طرف مدير المكتب الوطني للنقل سابقا في حوادث السير التي تسببها سيارات مملوكة للدولة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: وجوب إدخال وزارة التشغيل باعتبارها المؤمن القانوني للدولة بالنسبة لحوادث الشغل التي يتعرض لها أعوان الدولة غير الرسميين.

ألزم المرسوم المتعلق باختصاصات وتنظيم وزارة التشغيل إدخال وزارة التشغيل في دعاوى حوادث الشغل التي يتعرض لها أعوان الدولة غير الرسميين (أولا)، وهو ما أكده أيضا العمل القضائي (ثانيا).

أولا: النص التشريعي.

   بجانب المقتضيات القانونية المشار إليها أعلاه، التي تنظم تمثيل الدولة أمام القضاء، هناك بعض النصوص القانونية الأخرى تلزم إدخال بعض المرافق التابعة للدولة لتحل محل هذه الأخيرة في الأداء.

   من ذلك الفصل 11 من المرسوم رقم 321-95-2 الصادر بتاريخ 22/11/1996 المتعلق باختصاصات وتنظيم وزارة التشغيل،[10] الذي نص على أنه:

” تناط بمديرية الاحتياط الاجتماعي المهام التالية:

التعويض عن الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل التي يتعرض لها أعوان الدولة غير الرسميين والفئات الأخرى من العمال وفقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل.”

   لذا، كلما كانت الدعوى تندرج في حوادث الشغل التي يتعرض لها أعوان الدولة غير الرسميين والفئات الأخرى من العمال المياومين أثناء مزاولتهم لمهامهم لفائدة مرافق الدولة، فإنه يتعين إدخال وزارة التشغيل – مديرية الاحتياط الاجتماعي- باعتبارها المؤمن القانوني للدولة في مادة حوادث الشغل، وذلك ليتسنى إحلالها محل الدولة في الأداء.

ثانيا: العمل القضائي.

جاء في قرار لمحكمة النقض.

” حيث يعيب الطاعنون على القرار خرق مقتضيات الفصل 11 من المرسوم رقم 321-95-2 الصادر في 22-11-1996 المتعلق باختصاصات وتنظيم وزارة التشغيل ذلك أن الفصل 9 من ظهير 6-2-63 المتعلق بالتعويضات عن حوادث الشغل والأمراض المهنية ينص على ما يلي:

   تمتد الاستفادة من ظهيرنا الشريف هذا لمن يأتي بيانهم: الموظفون غير الرسميين التابعون للإدارات العمومية.

   كما ينص الفصل 11 من مرسوم 22-11-1996 المتعلق باختصاصات وتنظيم وزارة التشغيل المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4454 وتاريخ 6-2-97 على ما يلي:

    تناط بمديرية الاحتياط الاجتماعي المهام التالية:

التعويض عن الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل التي يتعرض لها أعوان الدولة غير الرسميين والفئات الأخرى من العمال وفقا للنصوص التنظيمية الجاري بها العمل.

   ومعنى ذلك أن المشرع حماية منه للعمال التابعين للدولة من الأخطار التي يتعرضون لها أثناء مزاولتهم لا عمالهم وحتى يتم تعويضهم عن الأضرار الناتجة عن حوادث الشغل عمل على تحديد جهة معينة يكون من بين مهامها تأمينهم عن حوادث الشغل وهذه الجهة هي وزارة التشغيل والتكوين المهني… وباعتبار هذه الوزارة هي المؤمن القانوني للدولة في حوادث الشغل ينبغي إدخالها وجوبا في كل حوادث الشغل التي يتعرض لها العمال المشتغلون لدى الدولة كما أن الحكم القاضي بالتعويض ينبغي أن يصرح بإحلالها محل الدولة في أداء التعويضات المستحقة للمصابين.

   ويلاحظ من وثائق ملف النازلة أن الجهة المطلوبة في النقض أقامت دعواها في إطار ظهير 6-2-63 المتعلق بحوادث الشغل والأمراض المهنية دون إدخال وزارة التشغيل وأن الحكم الابتدائي صدر هو الآخر في نفس الإطار رغم العيب المسطري الذي شاب الدعوى، ثم إن القرار الاستئنافي صدر هو الآخر في هذا الإطار، إلا أنه بالرغم من تدارك الجهة المطلوبة في النقض للعيب المسطري الآنف الذكر بإدخالها وزارة التشغيل في المرحلة الاستئنافية لم يصرح القرار المذكور بإحلال هذه الوزارة محل الإدارة المشغلة في الأداء خارقا بذلك كل المقتضيات القانونية المشار إليها أعلاه مما يعرضه للنقض.

   وحيث تبت صدق ما نعته الوسيلة على القرار، ذلك أنه طبقا لمقتضيات الفصل 11 من المرسوم رقم 321-95-2 الصادر بتاريخ 22/11/96 فإن وزارة التشغيل هي المؤمن القانوني للدولة في حوادث الشغل، وبالتالي ينبغي إدخالها وجوبا في كل حوادث الشغل التي يتعرض لها العمال المشتغلون لدى الدولة، وأن يصرح بإحلالها محل الدولة في أداء التعويضات المستحقة للمصابين، والقرار المطعون فيه بعدم تصريحه بإحلال هذه الوزارة محل الإدارة المشغلة في الأداء يكون قد خرق القانون وجاء عرضة للنقض والإبطال وبصرف النظر عن باقي الوسائل.”[11]

الفقرة الثانية:  التخلي عن تمثيل الدولة من طرف مدير المكتب الوطني للنقل سابقا في حوادث السير التي تسببها سيارات مملوكة للدولة.

كان يمثل الدولة في دعاوى حوادث السير التي تسببها عربات مملوكة للدولة مدير المكتب الوطني للنقل ( الشركة الوطنية للنقل والوسائل اللجستيكية حاليا) وذلك بموجب الفصل 13 مكرر من ظهير 8 أكتوبر 1977 الذي عدل ظهير 12 شتنبر 1963 المتعلق بالنقل عبر الطرق.

لكن المشرع تدخل بمقتضى القانون رقم 02-25 الصادر سنة 2006، وألغى تمثيل الدولة من قبل مدير المكتب الوطني للنقل ابتداء من 01/01/2007 لما ألغى الفصل 13 مكرر المذكور، ومن ثم انتقل تمثيل الدولة في هذا المجال للمبدأ العام المنصوص عليه في الفصل 515 من ق م م الذي يعطي ذلك لرئيس الحكومة.

المطلب الثاني: الدولة لا يمثلها رئيس الحكومة في بعض القضايا الخاصة.

حيادا عن المقتضيات المنصوص عليها في الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية، التي تعطي الصفة للوزير الأول في تمثيل الدولة المغربية أمام القضاء، أعطت بعض النصوص القانونية الخاصة الصفة في ذلك التمثيل لأشخاص آخرين، وذلك في مجالات الملك الخاص للدولة، المياه والغابات، الملك العام، الأوقاف.

الفقرة الأولى: الملك الخاص للدولة يمثله مدير أملاك الدولة.

حيث يمثل الدولة (الملك الخاص) مدير أملاك الدولة، وذلك بموجب التعديل الذي أدخل مؤخرا على الفصل 515 من ق م م الذي أعطى لمدير أملاك الدولة هذه الصلاحية. إذ نص الفصل 515 المذكور كما غير وتمم بالمادة الأولى من القانون رقم 100.12 الصادر بتنفيذه ظهير 10 ماي 2013[12] على أنه:

” ترفع الدعوى ضد:

1-      الدولة، في شخص رئيس الحكومة وله …

2-      …

6- مديرية أملاك الدولة، في شخص مدير أملاك الدولة فيما يخص النزاعات التي تهم الملك الخاص للدولة.”

هذا، وكان الفصل الأول من ظهير 06 غشت 1915 المتعلق بالمرافعات المتعلقة بالعقارات الخاصة بالدولة لدى المحاكم العدلية،[13] الذي نص على أنه:

”  لا يجوز التداخل في المرافعات المتعلقة بتقييد أملاك الدولة إلا لرئيس إدارة الأملاك العمومية أو نايبه كما أنه لا يسوغ إلا لمن ذكر فقط المرافعة أمام ساير المحاكم الفرنساوية والإسلامية لأجل المحافظة على أملاك الدولة المشار لها…”.

وبذلك كنا نقول بأنه يبقى هذا النص الخاص مقدم على النص العام الوارد في قانون المسطرة المدنية الذي يجعل الوزير الأول هو من يمثل الدولة أمام القضاء، وبالتبعية يكون مدير أملاك الدولة ( مدير الأملاك المخزنية سابقا) هو من يمثل الملك الخاص للدولة أمام القضاء. وهو ما زكاه التعديل الذي أدخل على الفصل 515 من ق م م. والذي نصت المادة الثانية منه- قانون 100.12- على أنه:

” تنسخ مقتضيات الفصل الأول من الظهير الشريف الصادر بتاريخ 24 من رمضان 1333 (6 أغسطس 1915) في المرافعات المتعلقة بالعقارات الخاصة للدولة لدى المحاكم العدلية.”.

الفقرة الثانية: الملك العام للدولة يمثله وزير التجهيز والنقل.

حيث يمثل الدولة هنا وزير التجهيز والنقل ( المدير العام للأشغال العمومية طبقا لظهير 1914)، باعتباره يدير الأملاك العمومية بمقتضى تفويض مستمر كما يقضي بذلك الفصل 6 من ظهير الأملاك العمومية الصادر بتاريخ 01 /07/1914.[14]

وهو نفس الحكم الذي أكده ظهير 06 غشت 1915 المتعلق بالمرافعات المتعلقة بالعقارات الخاصة بالدولة لدى المحاكم العدلية،[15] الذي نص في الفصل الثاني منه على أنه:

” يخول أيضا الاختصاصات المشار لها أعلاه المدير العام للأشغال العمومية فيما يتعلق بالأملاك العمومية وذلك وفقا للظهير الشريف المؤرخ بسابع شعبان عام 1332 الموافق لفاتح يوليو سنة 1914.”

الفقرة الثالثة: الملك الغابوي للدولة يمثله وزير الفلاحة.

في مجال الأملاك الغابوية يرجع الاختصاص بتمثيل الدولة لوزير الفلاحة حسب ظهير 10 أكتوبر 1917 المتعلق بحفظ الغابات واستغلالها كما وقع تغييره وتعديله،[16] الذي نص في الفصل 2 د على أنه:

” يعهد بإدارة الملك الغابوي وكذا الأملاك الأخرى الخاضعة للنظام الغابوي إلى وزير الفلاحة وتتولى مراقبتها إدارة المياه والغابات التي هي مكلفة كذلك بمراقبة تطبيق ظهيرنا الشريف هذا، ولاسيما التقنينات التي تلحق بموجب هذا النص حقوق ملاكي الأحراش والغابات الغير الخاضعة للنظام الغابوي.

ويكون لوزير الفلاحة وحده الحق في أن يتدخل دون غيره للقيام باسم مصالح الملك الغابوي في عملية التحديد والتحفيظ وكذا في إقامة الدعاوى أمام المحاكم.

ويأذن وزير الفلاحة في الاحتلال المؤقت للملك الغابوي.”

  كما نص الفصل 2 هـ. من نفس الظهير على أنه:

” إن السلطات التي خول إياها وزير الفلاحة بموجب الفصول 1 ج. و 2. و 2 د يمكن أن تمارسها السلطة التي يؤهلها لذلك”.

و هكذا، فبالرغم من كون مرسوم فاتح فبراير 2005 المتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر،[17] قد نص في مادته الأولى على أنه تناط بهذه السلطة – في إطار القوانين والأنظمة الجاري بها العمل- مهام عدة، وعلى الخصوص، ضمان إدارة الملك الغابوي الخاص بالدولة، إلا أنه حرص على القول بأن ذلك يتم طبقا لمقتضيات ظهير 10 أكتوبر 1917 المتعلق بالمحافظة واستغلال الغابات، كما وقع تغييره وتتميمه، وأن ممارسة تلك السلطة لمهامها لا بد أن يراعي الاختصاصات المسندة إلى الوزارات والهيئات الأخرى بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

وعليه، فالمندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر يمارس الاختصاصات التي كانت مسندة لوزير الفلاحة في هذا المجال، إلا أنه لا يمثل الدولة في الدعاوى المرتبطة بهذا الملك إلا إذا كان يمارس ذلك نيابة عن وزير الفلاحة.

 أي أنه يجب أن ترفع الدعاوى لفائدة أو ضد وزير الفلاحة، أما رفع الدعاوى لفائدة المندوب السامي أو ضده بهذه الصفة، فهو أمر غير مقبول طالما من يمثل الملك الغابوي هو وزير الفلاحة وترفع عليه الدعاوى بصفته ممثلا لذلك الملك.

الفقرة الرابعة: الأوقاف العامة يمثلها وزير الأوقاف.

يتم تمثيل الأوقاف العامة من طرف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أو من ينتدبه لهذا الغرض، وذلك بموجب القوانين المنظمة لذلك، وكذا مدونة الأوقاف[18] التي جاء في المادة 56 منها أنه:

” تمثل الأوقاف العامة أمام القضاء مدعية أو مدعى عليها من لدن السلطة الحكومية المكلفة بالأوقاف أو من تنتدبه لهذا الغرض.”

المبحث الثاني: رفع الدعوى ضد الجماعات المحلية ( الجماعات الترابية).

نص الفصل 135 من الدستور المغربي[19] على أن:

” الجماعات الترابية للمملكة هي الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات.

الجماعات الترابية أشخاص اعتبارية، خاضعة للقانون العام…”

ونص الفصل 515 من ق م م على أنه:

” ترفع الدعوى ضد:…

 3-الجماعات المحلية، في شخص العامل بالنسبة للعمالات والأقاليم، وفي شخص رئيس المجلس الجماعي بالنسبة للجماعات…”

   المطلب الأول: العامل لا يمثل مجلس العمالة أو الإقليم، بل هناك رئيس لمجلس العمالة أو الإقليم.  

   نميز هنا بين توجيه الدعوى ضد العمالة أو الإقليم باعتبارها مرفقا تابعا للدولة (وزارة الداخلية)، وبين العمالة أو الإقليم كجماعات محلية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، يتولى تدبير شؤونها مجلس منتخب تنحصر مهمة الوالي أو العامل في تنفيذ مقرراته وفق الشروط المحددة في القانون رقم 00-79 المتعلق بتنظيم العمالات والأقاليم الصادر بنشره ظهير 3 أكتوبر 2002.[20]

وهكذا، فبموجب المادة 41 من القانون رقم 00-79 المذكور يمثل الرئيس-رئيس مجلس العمالة أو الإقليم- العمالة أو الإقليم لدى المحاكم، والرئيس هنا منتخب من بين أعضاء مجلس العمالة أو الإقليم.

لذا، فبالرغم من كون الفصل 515 من ق م م قد نص على أن الدعوى ترفع ضد العمالة أو الإقليم في شخص العامل، إلا أن المادة 41 من القانون رقم 00-79 – وهو نص خاص جاء لاحقا للفصل 515 باعتباره نصا عاما- قد أعطت هذا التمثيل لرئيس مجلس العمالة أو الإقليم وليس للعامل.

هذا من جهة، أما من جهة ثانية فإذا كان المقصود في نص الفصل 515 هو العمالة أو الإقليم باعتبارها مرفقا تابعا للدولة، فهذا في نظرنا منحى غير موفق على اعتبار أن العمالة أو الإقليم في هذه الحالة لا تعدو أن تكون مجرد مرفق تابع للدولة ولا يتمتع بأي استقلال عن الدولة (وزارة الداخلية).

أما الحالة الممكن تصور العامل هو من يتولى تسيير مجلس العمالة أو الإقليم، هي الحالة المنصوص عليها المادة 27 من نفس القانون التي تتحدث عن توقيف أو حل مجلس العمالة أو الإقليم، حيث يتولى حينها العامل، بحكم القانون، الاختصاصات المخولة لرئيس مجلس العمالة أو الإقليم، والتي من ضمنها تمثيل مجلس العمالة أو الإقليم أمام المحاكم.

فقط يشار إلى أنه بموجب المادة 41 من القانون 00-79 لا يمكن، تحت طائلة عدم القبول من لدن المحاكم المختصة، رفع دعوى التعويض أو الشطط في استعمال السلطة، غير دعاوى الحيازة أو الدعاوى المرفوعة لدى القضاء المستعجل، ضد العمالة أو الإقليم أو ضد قرارات جهازها التنفيذي إلا إذا كان المدعي قد أخبر، من قبل، المجلس و وجه مذكرة تتضمن موضوع وأسباب شكايته إلى وزير الداخلية أو على السلطة التي فوض إليها في ذلك. وتسلم هذه السلطة للمدعي فورا وصلا بذلك، ويتحرر المدعي من هذا الإجراء إذا لم يسلم له الوصل بعد مرور أجل خمسة عشر (15) يوما الموالية للتوصل بالمذكرة،  أو بعد مرور أجل الشهر الموالي لتاريخ الوصل إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بالتراضي بين الطرفين.

ويترتب على تقديم مذكرة المدعي وقف كل تقادم أو سقوط حق إذا رفعت بعده دعوى في أجل ثلاثة أشهر.

المطلب الثاني:  رئيس الجماعة يمثل الجماعة أمام المحاكم.

نصت المادة 1 من القانون رقم 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي، الصادر بتنفيذه ظهير 3 اكتوبر 2002[21] على أن:

” الجماعات هي وحدات ترابية داخلة في حكم القانون العام تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي.

وتنقسم إلى جماعات حضرية وجماعات قروية…”

ونصت المادة 48 من نفس القانون على أنه:

” يمثل الرئيس الجماعة لدى المحاكم…”

ومن ثم فالدعوى المرفوعة ضد الجماعة سواء كانت حضرية أو قروية يجب أن توجه ضد تلك الجماعة ممثلة برئيس المجلس الجماعي.[22]

 يشار كذلك إلى أنه بموجب المادة 48 من القانون 00-78 لا يمكن، تحت طائلة عدم القبول من لدن المحاكم المختصة، رفع دعوى التعويض أو الشطط في استعمال السلطة، غير دعاوى الحيازة أو الدعاوى المرفوعة لدى القضاء المستعجل، ضد الجماعة أو ضد قرارات جهازها التنفيذي إلا إذا كان المدعي قد أخبر، من قبل، الجماعة و وجه إلى الوالي أو عامل العمالة أو الإقليم التابعة له الجماعة مذكرة تتضمن موضوع وأسباب شكايته، وتسلم هذه السلطة للمدعي فورا وصلا بذلك، ويتحرر المدعي من هذا الإجراء إذا لم يسلم له الوصل بعد مرور أجل خمسة عشر (15) يوما الموالية للتوصل بالمذكرة، أو بعد مرور أجل شهر الموالي لتاريخ الوصل إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بالتراضي بين الطرفين.

ويترتب على تقديم مذكرة المدعي وقف كل تقادم أو سقوط حق إذا رفعت بعده دعوى في أجل ثلاثة أشهر.

بقي أن نشير إلى أن القانون المنظم للجهات، جعل تمثيل الجهات، من اختصاص الوالي، عامل العمالة التي بها مقر الجهة، سواء مدعية أو مدعى عليها.

المطلب الثالث: رفع الدعاوى ضد المؤسسات العمومية.

نص الفصل 515 من ق م م على أنه:

        ” ترفع الدعوى ضد:…

4-المؤسسات العمومية، في شخص ممثلها القانوني…”

        ومن ثم فالذي له الصفة في تمثيل المؤسسة العمومية- كالمراكز الإستشفائية- أمام القضاء سواء كمدعية أو مدعى عليها هو الممثل القانوني.

        ولتحديد الممثل القانوني للمؤسسة العمومية يتم الرجوع إلى القانون المنشئ لهذه المؤسسة، حيث يتولى المشرع تحديد من له صفة التمثيل أمام الغير وأمام القضاء، وهو غالبا المدير.[23]

        وعليه، يتعين على كل من يريد مقاضاة مؤسسة عمومية، أن يرفع الدعوى في شخص ممثلها القانوني.

        وإذا توفر له المعطى بكون ممثلها القانوني هو المدير، أو المدير العام، فله أن يضيف ذلك بجانب ممثلها القانوني، أما إذا لم يتسنى له ذلك، فيكفيه أن يرفع الدعوى في شخص ممثلها القانوني ولا يضر في شيء عدم إضافة المدير أو المدير العام أو رئيسها بجانب الممثل القانوني.

        كذلك، ليس في حاجة لإدخال الدولة المغربية، أو الوزارة الوصية على تلك المؤسسة العمومية، طالما النص القانوني واضح في كون المؤسسات العمومية يمثلها ممثلها القانوني فقط.

        وعدم إدخال الدولة المغربية أو الوزارة الوصية على المؤسسة المعنوية المعنية بالنزاع له أهميته على المستوى العملي، حيث تنقص تكاليف التبليغ و يتم غلق الباب على تلك الأشخاص العامة غير المعنية بالنزاع كي لا تمارس طرق الطعن – لأنها بموجب الإدخال تصبح لها صفة المدعى عليه-، وحتى لا يتم الحكم عليها – أي الدولة المغربية- بالرغم من كونها غير معنية بالنزاع، وبالتالي تطعن بقصد الإخراج من الدعوى، على اعتبار أن الصفة من النظام العام تثار في جميع مراحل التقاضي، وهكذا تطول المسطرة، إلى ما لا نهاية، حيث هناك من القضايا من عمرت أكثر من 30 سنة بين المجلس الأعلى (سابقا) ومحاكم الموضوع، فقط بسبب رفع الدعوى أو الحكم فيها على غير ذي صفة، من ذلك مثلا ما يستشف من قرار صادر عن المجلس الأعلى[24] جاء فيه:

بناء على مقال النقض المودع بتاريخ 1/2/2006 من الطالب المذكور أعلاه، والرامي إلى نقض القرار عدد 6214 الصادر بتاريخ 19/10/2005 في الملف عدد 1477/2005 عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء…

وبعد المداولة طبقا للقانون.

        حيث يستفاد من مستندات الملف ومن القرار المطعون فيه أن المطلوب في النقض استصدرا حكما تمهيديا من ابتدائية الدار البيضاء بتاريخ 24/1/1979 قضى…

        كما أنه بتاريخ 10/2/1982 صدر الحكم البات في الموضوع…

        أصدرت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء قرارها عدد 983 بتاريخ 13/3/86 …

        وبعد الطعن في القرار الاستئنافي المذكور بالنقض من طرف الوكيل القضائي للمملكة اصدر المجلس الأعلى قراره عدد 907 بتاريخ 22/11/93 في الملف الاجتماعي 7107/87 قضى فيه بالنقض والإحالة.

        وبتاريخ 21/10/96 أصدرت محكمة الإحالة….

        وبعد الطعن في القرار الاستئنافي المذكور بالنقض من طرف الوكيل القضائي للمملكة اصدر المجلس الأعلى قراره عدد 1219 بتاريخ 1/12/2004 في الملف عدد 634/5/1/2004 قضى فيه بالنقض والإحالة.

        وبعد إجراء المسطرة من جديد من طرف محكمة الإحالة…أصدرت قرارها…

وهذا هو القرار المطلوب نقضه من طرف الوكيل القضائي للمملكة.

في شأن الوسيلة الأولى:

        يعيب الطالب على القرار المطعون فيه: انعدام الأساس القانوني، وخرق القانون المتجلي في خرق الفصل الأول من ق م المدنية… وأن تمثيل أشخاص القانون العام وتوجيه الدعوى مسائل لها ارتباط بالنظام العام، ويمكن إثارتها في أي مرحلة من مراحل التقاضي.

        فالمحكمة الابتدائية عوض أن تحكم على مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، الذي يتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، حملت المسؤولية للدولة التي هي أجنبية عن النزاع وقضت عليه بأداء تعويضات للضحية.

        وأن محكمة الاستئناف التي قبلت هذه الدعوى على علتها تكون قد أيدت الحكم الابتدائي الذي قضى على الدولة، وبذلك بنت قضاءها على غير أساس قانوني، وأهدرت القواعد المنظمة لأركان الدعوى بما في ذلك وجوب توجيه الدعوى ضد من يجب قانونا، مما يعرض القرار المطعون فيه للنقض.

        حيث صح ما عابه الطالب على القرار المطعون فيه ذلك أن الفصل الأول من ق م المدنية ينص في فقرته الأولى على ما يلي:

‘ لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة، و الأهلية، والمصلحة لإثبات حقوقه’

وبالرجوع إلى الظهير الشريف بمثابة قانون رقم: 183-72-1 بتاريخ ربيع الثاني 1394 (21 ماي 1974) المتعلق بإحداث مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، يتجلى بأنه نص في فصله الأول على ما يلي:

‘ تحدث تحت اسم مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي…الخ’.

كما نص الفصل 9 منه

‘ بأن مدير مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، يمثل المكتب لدى المحاكم، ومؤهل لا قامة الدعاوى والدفاع باسمه’

كما نص الفصل 13 منه على ما يلي:

‘ تنقل مؤسسات التكوين المهني التابعة للوزارة المكلفة بالشغل إلى مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل’

ولما كان الثابت من المقال الافتتاحي أن المدعي ( المطلوب في النقض) تقدم بدعواه الرامية إلى الحكم له بالتعويض عن الضرر الذي لحق به في مواجهة مدير مركز التكوين المهني بالمعاريف بالدار البيضاء الذي هو مجرد مركز تابع لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل الذي له صفة مؤسسة عمومية، وبالتالي كان على المدعي أن يوجه دعواه ضد المكتب المذكور.

فإن محكمة الاستئناف بتأييدها للحكم الابتدائي القاضي بقبول الدعوى رغم عدم توجيهها على ذي صفة.

يكون قرارها المطعون فيه غير مرتكز على أساس لخرقه المقتضى القانوني المستدل به، مما يعرضه للنقض.”

 

الفصل الثاني: الدفاع عن أشخاص القانون العام أمام القضاء

نرصد في هذا الفصل حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة والمساعد القضائي للجماعات الترابية وذلك في المبحث الأول، على أساس أن نخصص المبحث الثاني لتأمين الدفاع عن أشخاص القانون العام.

المبحث الأول: حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة والمساعد القضائي للجماعات المحلية.

أحدث المشرع المغربي كلا من الوكيل القضائي للمملكة والمساعد القضائي للجماعات المحلية، حيث ألزم بإدخال الوكيل القضائي للمملكة في المنازعات التي تهدف إلى التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية أو مكتب أو مؤسسة للدولة، في حين ألزم بإدخال المساعد القضائي للجماعات المحلية في المنازعات التي تهدف إلى التصريح بمديونية هذه الجماعات، وكل ذلك تحت طائلة عدم قبول الدعوى.

المطلب الأول: حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة.

حددت حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة في الدعاوى المرفوعة ضد أشخاص القانون العام بموجب نصوص تشريعية هي ظهير2 مارس 1953 المتعلق بإعادة تنظيم وظيفة العون القضائي للمملكة، وكذا الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية (الفقرة الأولى)، والتي فصلها العمل القضائي )الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: النص التشريعي.

هناك نصين تشريعيين في هذا الشأن هما: ( أولا) ظهير 15 جمادى الآخرة 1372 الموافق ل 2 مارس 1953،[25] ثم الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية (ثانيا).

أولا: ظهير 15 جمادى الآخرة 1372 الموافق ل 2 مارس 1953.

 ينص الفصل الأول منه على أنه:

 ” يزاول العون القضائي للمملكة وظيفته تحت سلطة مدير المالية ويكون مكلفا بالمهمات المشروحة بعده:

أولا – أن يتابع قبض ما بقي على الغير من الديون للدولة الشريفة والمكاتب والمؤسسات العمومية المذكورة من الديون التي لا تصطبغ بصبغة الضرائب ولا يدخل الأملاك المخزنية والتي يتطلب قبضها أو متابعة المدين بها التمشي على قاعدة خاصة،

ثانيا – أن يقوم مقام رؤساء الإدارة والمديرين المختصين بالأمر في إقامة الدعاوى على مدين الدولة الشريفة ومكاتبها ومؤسساتها العمومية قصد الاعتراف بما عليهم من الديون وتصفية حسابها ويختص هذا الأمر بالديون التي لا تدخل في جملة الضرائب ولا في رفع الأملاك المخزنية وللعون القضائي المذكور أن يقوم بهذه المهمة إذا كلفه رؤساء الإدارة والمديرون المذكورون،

ثالثا– أن يمثل في المحاكم الدولة الشريفة ومكاتبها ومؤسساتها العمومية في القضايا التي يكون مدعى فيها عليها وأن يقوم في ذلك مقام رؤساء الإدارة والمديرين المختصين بالأمر حين يكلفونه بذلك،

 وكل شخص أقام دعوى أمام المحاكم قصد إثبات دين له على الدولة الشريفة أو على أحد إداراتها أو مكاتبها أو مؤسساتها العمومية وكان هذا الدين غير داخل في شؤون الضرائب أو شؤون الأملاك المخزنية فيجب عليه أن يقيم الدعوى على العون القضائي وإلا فلا يقبل طلبه.

هذا، و تم التأكيد على هذه المهام أيضا في المرسوم المنظم لاختصاصات وزارة الاقتصاد والمالية.[26]

ثانيا: قانون المسطرة المدنية.

ينص الفصل 514 من ق م م على أنه:

 “كلما كانت الطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية أو مكتب أو مؤسسة عمومية للدولة في قضية لا علاقة لها بالضرائب والأملاك المخزنية وجب إدخال العون القضائي في الدعوى وإلا كانت غير مقبولة.”

الفقرة الثانية: العمل القضائي.

لقد كرس العمل القضائي خاصة منه الصادر عن محكمة النقض، العديد من القواعد بشان وجوب إدخال الوكيل القضائي للمملكة فى الدعاوى التي ترفع ضد أشخاص القانون العام، منها، أن الوكيل القضائي للمملكة ليس طرفا أصليا في الدعوى، وإنما يقع إدخاله في الدعوى طبقا لمقتضيات الفصل 514 من ق م م والفصل 2 من ظهير 2/3/1953 وهو لا يحكم عليه بشيء (أولا)، ثم أن للوكيل القضائي حق تقديم الطعون بصفته هذه (ثانيا)، وبذلك تكون له أربع صفات أساسية في دعاوى أشخاص القانون العام، صفة الطرف المدخل وجوبا، صفة الطرف في الخصومة، صفة نائب عن أشخاص القانون العام إذا ما انتدبوه للدفاع عنهم، كما يحق له التدخل بشكل إرادي.

أولا: الوكيل القضائي للمملكة ليس طرفا أصليا في الدعوى، وإنما يقع إدخاله في الدعوى طبقا لمقتضيات الفصل 514 من ق م م والفصل 2 من ظهير 2/3/1953 وهو لا يحكم عليه بشيء.

جاء في قرار لمحكمة النقض:

” فيما يتعلق بالسبب المثار من طرف المطلوب ضده النقض حول أطراف النقض، حيث أثار المطلوب ضده النقض الوكيل القضائي للمملكة أن الطاعنة لم توجه طعنا إلا ضد العارض مع أن الأطراف المرفوعة ضدهم الدعوى سواء ابتدائيا أو استئنافيا هما الدولة المغربية في شخص الوزير الأول و وزير التربية الوطنية وأن تضمين اسم العارض وحده في مقال النقض غير كاف لكونه ليس طرفا في الدعوى وإنما يقع إدخاله طبقا لمقتضيات الفصل الثاني من ظهير مارس 1953.

 حقا تبين صحة ما نعاه السبب على المقال المذكور، ذلك أن طلب النقض كان يجب رفعه ضد الدولة في شخص الوزير الأول وذلك طبقا لمقتضيات الفصل 515 من قانون المسطرة المدنية وأن رفعه ضد العون القضائي وحده غير كاف لأنه ليس طرفا أصليا في الدعوى وإنما يقع إدخاله في كل دعوى تهدف إلى التصريح بمديونية الدولة طبقا للفصل الثاني من الظهير المذكور وهو لا يحكم عليه بشيء، وعليه فإن تقديم طلب النقض ضد طرف غير أساسي في النزاع وحده يكون غير مقبول.

لهذه الأسباب قضى بعدم قبول الطلب وعلى صاحبته الصائر.”[27]

ثانيا: للوكيل القضائي حق تقديم الطعون بصفته هذه.

جاء في قرار لمحكمة النقض:

” في السبب الوحيد لإعادة النظر:

حيث يعيب الطاعن القرار المطعون فيه بخرقه الفصل 375 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على أن قرارات المجلس الأعلى يجب أن تكون معللة وان القرار المطعون فيه قضى بعدم قبول الاستئناف لعدم توفره على التفويض من الوزير الأول و وزير المالية والصندوق المغربي للتقاعد. وأغفل البت في صفة الوكيل القضائي الذي أدخل في الدعوى بناء على الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية فجاء غير معلل ملتمسا إعادة النظر فيه.

حيث صح ما عاب به الطاعن القرار المطعون فيه، ذلك أن الدعوى موضوع النازلة تهدف إلى التصريح بمديونية الدولة المغربية وان الوكيل القضائي قد تم إدخاله فيها من طرف المطلوب خلال المرحلة الابتدائية باعتباره طرفا أساسيا في النزاع القائم وليس بصفته نائبا عن الدولة المغربية فحسب، مما يخوله الحق في ممارسة أي طعن ضد الأحكام الصادرة في مواجهتها، وأن القرار المطعون فيه عندما قضى بعدم قبول الاستئناف المقدم من طرف الوكيل القضائي للمملكة استنادا إلى عدم إدلائه بالتفويض المنصوص عليه في الفصل الثاني من الظهير المؤرخ في 21/08/1953 وأغفل البت في صفة الوكيل المذكور طرفا أصليا ومدخلا في الدعوى بناء على الفصل 514 من قانون المسطرة المدنية، يكون منعدم التعليل وموجبا لإعادة النظر فيه.

في أسباب الاستئناف:

… لهذه الأسباب، قضى المجلس الأعلى:

أولا بقبول إعادة النظر وبالرجوع في القرار عدد 554 الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 14/07/2004 في الملف رقم 1447/4/2/2002 وإرجاع الوديعة للطالب.

ثانيا بقبول الاستئناف شكلا وموضوعا تأييد الحكم المستأنف.”[28]

وجاء أيضا في قرار لمحكمة النقض:

” يعيب الطالب على القرار المطعون فيه: فساد التعليل الموازي لانعدامه، وخرق القانون: خرق مقتضيات الفصل 514 من ق م م ، ومقتضيات ظهير 2 مارس 1953 المتعلق بتنظيم مؤسسة الوكيل القضائي للمملكة، وكذا خرق مرسوم: 22/11/1978 بشأن اختصاصات وتنظيم وزارة المالية.

ذلك أن محكمة الاستئناف عللت عدم قبول استئناف العارض، بكونه لا يتوفر على توكيل الإدارة التي استأنف معها الحكم.

فهذا التعليل لا يستند على أساس قانوني.

ذلك أنه للوكيل القضائي للمملكة الحق في استئناف الحكم الابتدائي بصفته هذه أي بصفته وكيلا قضائيا، وبصفته كذلك نائبا عن وزارة التجارة والصناعة وتأهيل الاقتصاد.

فإدخال مؤسسة الوكيل القضائي في الدعوى يعتبر إلزاميا إذا كان موضوعها يستهدف التصريح بمديونية شخص من أشخاص القانون العام، انطلاقا من كون الوكيل القضائي للمملكة هو الساهر على حماية الأموال العمومية…

أن هذا الإدخال الإلزامي في الدعوى يجعل الوكيل القضائي للمملكة طرفا في الدعوى، كبقية الأطراف، وتبعا لذلك يخول له مباشرة كافة المساطر باعتباره طرفا في هذه الخصومة، ومنها بطبيعة الحال الحق في مباشرة كافة الطعون المناسبة…

حيث تبين صحة ما عابه الطالب على القرار المطعون فيه، ذلك أن الثابت من وثائق الملف وخاصة المقال الافتتاحي للدعوى أن الوكيل القضائي للمملكة طرف فيها كمدعى عليه تطبيقا لأحكام الفصل 514 من ق م م.

مما لم يكن معه في حاجة للإدلاء بأي تفويض، ويحق له أن يمارس كافة طرق الطعن المنصوص عليها قانونا.

فمحكمة الاستئناف لما قضت بعدم قبول استئنافه.

يكون قرارها المطعون فيه فاسد التعليل المنزل منزلة انعدامه مما يعرضه للنقض.”[29]

 وهكذا، يتضح أن للوكيل القضائي للمملكة أكثر من صفة للتقاضي وخاصة:

1-  صفة الطرف المدخل وجوبا في الدعوى عملا بمقتضيات ظهير 2 مارس 1953 الذي ينص الفصل الأول منه على أنه:

 “… وكل شخص أقام دعوى أمام المحاكم قصد إثبات دين له على الدولة الشريفة أو على أحد إداراتها أو مكاتبها أو مؤسساتها العمومية وكان هذا الدين غير داخل في شؤون الضرائب أو شؤون الأملاك المخزنية فيجب عليه أن يقيم الدعوى على العون القضائي وإلا فلا يقبل طلبه.”

 وكذا الفصل 514 من ق م م الذي ينص كذلك على أنه:

 “كلما كانت الطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية أو مكتب أو مؤسسة عمومية للدولة في قضية لا علاقة لها بالضرائب والأملاك المخزنية وجب إدخال العون القضائي في الدعوى وإلا كانت غير مقبولة.”

2- صفة الطرف في الخصومة، المكتسبة من المقتضيات السالفة الذكر حسبما أكد ذلك العمل القضائي كما هو الشأن بالنسبة للقرار عدد 483 الصادر عن الغرفة المدنية للمجلس الأعلى بتاريخ 18/02/2004 في الملف عدد 923/01/5/2003 (غير منشور) الذي جاء فيه:

 ” حيث تبين صحة ما نعته الوسيلة على القرار المطعون فيه، ذلك أن الطالب أدخل في الدعوى من طرف المطلوب ضدها النقض بمقتضى مقالها الافتتاحي فأصبح بذلك طرفا في الخصومة التي هدفت إلى الحكم على مؤسسة عمومية للدولة بأداء مبالغ مالية، مما يبقى معه متوفرا على الصفة والمصلحة لتقديم أي طعن لضمان الحماية اللازمة للمال العام ومن حقه كبقية أطراف الخصومة القضائية أن يبلغ بالأحكام ويطعن فيها بكل طرق الطعن الممكنة قانونا.”

وكذا قرار المجلس الأعلى عدد 2818 الصادر بتاريخ 18/07/2001، في الملف رقم 2326/1/2/2000 (غير منشور) الذي جاء فيه:

حيث يتبين صحة ما عابه الطاعن على القرار المطعون فيه، ذلك أنه يتضح من وثائق الملف أن الطاعن أدخل في الدعوى من طرف المدعي المطلوب ضده النقض، وبالتالي أصبح طرفا في الخصومة باعتباره ممثلا قانونيا للدولة ومؤسساتها ومكاتبها أمام القضاء، فإنه لا يحتاج إلى تكليف من طرف المؤسسة الجهوية للتجهيز والبناء المحكوم عليها لممارسة الطعن بالاستئناف وأي طعن كفيل بضمان الحماية اللازمة للمال العام، وان المحكمة لما ذهبت خلاف ذلك تكون قد عللت قرارها تعليلا ناقصا الموازي لعدمه، وخرقت الفصول المستدل بها وعرضت بذلك قرارها للنقض.”

3-  صفة نائب عن أشخاص القانون العام إذا ما انتدبوه للدفاع عنهم، عملا بمقتضيات الفصل الأول من ظهير 2 مارس 1953.

4- كما يحق له التدخل بشكل إرادي إذا لم يتم استدعاؤه أو إدخاله في المسطرة، طبقا للفصل 111 من ق م م.، كما له أن يقدم تعرض الغير الخارج عن الخصومة في هذه الحالة، وغالبا ما يتم تقديم تعرض الغير الخارج عن الخصومة من طرف الوكيل القضائي للمملكة بصفته هذه ضد الأحكام والقرارات القضائية التي تصدر دون إدخاله في الدعوى كلما كانت تهدف إلى التصريح بمديونية الدولة أو إحدى مؤسساتها، على أساس أن عدم إدخاله في هذه الدعوى أضر بمصالح الجهة المحكوم عليها.

  حيث القاعدة أمام القضاء الرسمي، وكما ذهب إلى ذلك المجلس الأعلى في العديد من قراراته، هي أن عدم إدخال الوكيل القضائي للمملكة في الدعوى التي تهدف إلى التصريح بمديونية الدولة يترتب عليه عدم قبول هذه الدعوى، وبالتالي من حق الوكيل القضائي أن يمارس كافة طرق الطعن المرتبطة بهذا النوع من الدعاوى، ومما جاء في قرار للمجلس الأعلى[30] صادر بتاريخ 04/05/2005 أنه:

  حيث يعيب الطاعن على القرار فساد التعليل وعدم الارتكاز على أساس وخرق القانون الفصل 514 من ق م م وظهير 2 مارس 1953 المتعلقة بوظيفة الوكيل القضائي وخرق المقتضيات الخاصة بأحقيته في سلوك طريق الطعن الخارج عن الخصومة وعن الرد على دفوع الأطراف ذلك أنه أورد في تعليله ( بأن المشرع أوجب فقط إدخال العون القضائي في الدعاوى المرفوعة على أشخاص الفصل 514 من ق م م وان هذا الإدخال لاعتبارات خاصة وجاز على مخالفة ذلك بجزاء عدم القبول فقط وحيث إن الاعتبارات التي فرضت إدخال العون القضائي في الدعاوى المذكورة لا ترقى به إلى درجة اعتباره طرفا فيها يحق له في حالة عدم مقاضاته سلوك طريق الطعن الخارج عن الخصومة) في حين أن هذا التعليل غير مستساغ وغريب إذ المحكمة ملزمة بالحسم أولا في شكل الدعاوى قبل التطرق لموضوعها ودعوى المطلوب تهدف إلى التصريح بمديونية مدير المكتب الوطني للنقل وهو مؤسسة عمومية تابعة للدولة والمسطرة أجريت في غياب الوكيل القضائي الذي له صفة تمثيل الدولة ومؤسساتها ومكاتبها وفقا لأحكام الفصل الأول من ظهير 2/3/1953 ويملك جميع الحقوق المخولة لأطراف الدعوى بما فيها حق الطعن بكل الطرق القانونية وأن الفصل 514 من ق م م يوجب إدخال العون القضائي في الدعوى كلما كانت تستهدف مديونية إدارة عمومية أو مكتب أو مؤسسة عمومية وإلا كانت غير مقبولة ومن تم فله حق الطعن عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة وفقا لأحكام الفصل 303 من ق م م وما دام لم يتم إدخاله في الدعوى فإنه يعد غيرا في النازلة يحق له سلوك هذه المسطرة وأن مصلحته متوفرة في التعرض الذي تقدم به كمدافع عن أ\خاص القانون العام لأن الحكم الابتدائي صدر في مواجهة المكتب الوطني للنقل دون استدعاء وحضور العارض مما يعد خرقا لنصوص قانونية من النظام العام وقد أثار العارض دفعا بكون الحكم المتعرض عليه اعتبر المكتب شركة تأمين والحال أنه مؤسسة أنيط بها تسيير حظيرة سيارات الدولة والإشراف على تأمينها لدى شركات التأمين المختصة في هذا المجال غير أنه لم يقع الرد على هذا الدفع.

وحيث ثبت صدق ما عابه الوجهان المستدل بهما على القرار ذلك أن الفصل 514 من ق م م نص على ما يلي ( كلما كانت الطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية أو مكتب أو مؤسسة عمومية للدولة في قضية لا علاقة لها بالضرائب والأملاك المخزنية وجب إدخال العون القضائي في الدعوى وإلا كانت غير مقبولة) وهذا المقتضى واضح الدلالة في أن الدعاوى الموجهة ضد هؤلاء لا تكون مقبولة إلا إذا تم إدخال العون القضائي فيها كطرف أساسي يمثل مصالح الدولة ويكون من حقه استعمال كافة طرق الطعن المخولة له قانونا وفي نازلة الحال فإن المكتب الوطني للنقل وهو مؤسسة عمومية حكم عليه بأن يحل محل المشغلة في الأداء بمقتضى الحكم المطعون فيه عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة وهذا الحكم لم يكن الوكيل القضائي طرفا فيه كما يوجب ذلك القانون الفصل 514 من ق م م ومن تم فقد أضر بمصالح المؤسسة التي يمثلها مما يحق له استعمال الطعن عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة وفق ما يقتضيه الفصل 303 من ق م م مما يجعل القرار فاسد التعليل فيما انتهى إليه ويعرضه للنقض والإبطال وأن حسن سير العدالة يقتضي إحالة القضية على نفس المحكمة.” [31]

لذا، يتعين على كل من يرفع دعوى ضد شخص من أشخاص القانون العام أن يدخل الوكيل القضائي للمملكة في هذه الدعوى وذلك تفاديا لفتح الباب أمام هذه المؤسسة لتقديم الطعن بتعرض الغير الخارج عن الخصومة، طالما مقتضيات الفصل 514 من ق م م تنص على أنه:

 ” كلما كانت الطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية للدولة لا علاقة لها بالضرائب والأملاك المخزنية وجب إدخال العون القضائي في الدعوى وإلا كانت غير مقبولة “.

وذلك على أساس أن إقامة الدعاوى ضد أشخاص القانون العام، تعتبر من النظام العام، حيث جاء في قرار للمجلس الأعلى أنه:

 … وحيث إن إقامة الدعاوى المتعلقة بالمؤسسات العمومية ومكاتبها تعتبر من النظام العام، وأن أي مخالفة لذلك يمكن أن تثار في أية مرحلة من مراحل الدعوى، ولو لأول مرة أمام المجلس الأعلى.

وحيث إن القرار المطعون فيه حينما أيد الحكم الابتدائي القاضي بعد الإدانة بأداء تعويضات في مواجهة مكتب النقل الحضري بالدار البيضاء دون مراعاة ما يفرضه الفصل 514 من ق م م والفصل الأول من ظهير 2 مارس 1953، لم تجعل لما قضت به أساسا سليما من القانون، الأمر الذي يوجب نقضه في مقتضياته المدنية موضوع النقض، وحيث إن مصلحة الأطراف والعدالة تقتضي إحالة القضية على نفس المحكمة…[32]

 وهذا المقتضى معمول به حتى في الدعاوى المرفوعة ضد الشركة التجارية التابعة للدولة، والتي تتعامل بنصوص القانون الخاص، لأن ذلك لا ينزع عنها صفة المتصرف في المال العام ومن تم ضرورة تواجد الوكيل القضائي للمملكة في هذا النزاع، ففي قرار للمجلس الأعلى صادر بتاريخ26/09/2001، جاء فيه:

حقا فإن المحكمة وهي تنظر في الاستئناف ردت الدفع المثار من طرف المستأنفة بشأن عدم قبول الدعوى لعدم إدخال الوكيل القضائي طبقا للفصل 514 من ق م م بأنه غير منتج نظرا لكون الطاعنة أصبحت شركة تجارية تخضع للقانون التجاري، فتكون قد نزعت عنها صفته كمؤسسة تابعة للدولة دون أن تبين الأساس الذي اعتمدته في ذلك، علما بأن اعتبارها شركة تجارية لا يتعارض مع صفتها كمؤسسة عمومية تدير الممتلكات الفلاحية للدولة، ومحكمة الاستئناف عندما ردت الدفع بما ذكر أعلاه تكون قد جعلت قرارها ناقص التعليل وكان ما نعته الطاعنة على القرار واردا عليه يستوجب نقضه.[33]

المطلب الثاني: إدخال المساعد القضائي للجماعات المحلية.      

أوجبت المادة 38 من القانون رقم 08/45 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها،[34] إدخال المساعد القضائي في الدعوى القضائية المرفوعة ضد الأشخاص العامة المذكورة حين نصت على أنه:

  يحدث، تحت سلطة وزير الداخلية، مساعد قضائي للجماعات المحلية يكلف بتقديم المساعدة القانونية للجماعات المحلية ومجموعاتها، ويؤهل المساعد القضائي، في هذا الصدد، للتصرف لحساب الجماعات المحلية ومجموعاتها كمدع أو مدعى عليه عندما تفوضه في الدعاوى التي يكون الهدف منها التصريح باستحقاق ديون على تلك الجماعات والمجموعات.

يجب إدخال المساعد القضائي في الدعوى، تحت طائلة عدم قبول المقال، كلما أقيمت دعوى قضائية بغرض التصريح باستحقاق ديون على جماعة محلية أو مجموعة….

وبذلك، وجب إدخال المساعد القضائي للجماعات المحلية ومجموعاتها في كل الدعاوى القضائية التي تهدف التصريح بمديونية جماعة محلية أو مجموعة، ويسري عليه – في حدود اختصاصه- من الأحكام ما هو مقرر للوكيل القضائي للمملكة، كما هو مشار إليه أعلاه.

هذا، وتجب الإشارة إلى أنه في الدعاوى المرفوعة ضد الجماعات المحلية، لا مجال لإدخال الوكيل القضائي للمملكة، طالما الفصل 514 من ق م م – وبمفهوم المخالفة- لا يوجب ذلك بالنسبة للجماعات الترابية (الجهات ومجالس العمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والجماعات القروية ومجموعاتها)، وهو ما أكدته أيضا محكمة الاستئناف الإدارية في أحد قراراتها الذي جاء فيه:

” حيث يعيب المستأنف الحكم الابتدائي بكونه قبل الدعوى رغم عدم إدخال الوكيل القضائي للمملكة.

لكن حيث لما كان الأمر في نازلة الحال يتعلق بطلب يستهدف التصريح بمديونية جماعة محلية تتمتع بالاستقلال المادي والمعنوي فإنه لا مجال لإعمال مقتضيات الفصل 514 من القانون السالف الذكر، كما أنه لا أثر للإخلال بتلك المقتضيات على شكليات الدعوى مما يبقى معه ما أثير بالوسيلة غير جدير بالاعتبار.”[35]

   المبحث الثاني: تأمين الدفاع عن أشخاص القانون العام أمام القضاء

لا شيء يمنع أشخاص القانون العام من اللجوء إلى خدمات المحامين بقصد تولي الدفاع عن مصالح الشخص العام أمام القضاء، وأشخاص القانون العام تلجأ إلى تنصيب محام ليتولى الدفاع عنها أمام القضاء كلما قدرت أن المحامي هو الأنسب للقيام بهذه المهمة.

لكن مسألة تولي الدفاع عن أشخاص القانون العام أمام القضاء، هي من الأمور الحساسة للغاية، إذ يلاحظ أن هناك شبه ” تنافس” بين المدافعين عن مصالح المحامين الذين يريدون إلزامية تنصيب محام للدفاع عن مصالح الشخص العام، وبين من يرون أن من حق الشخص العام أن يؤهل موظفيه لتولي الدفاع عنه أمام القضاء، ولكل مصالحه التي يريد الحفاظ أو الدفاع عنها.

فكيف يتم تأمين هذا الدفاع.

بالرجوع على نصوص القانون المغربي المنظمة للموضوع، يلاحظ أن هناك إلزامية تنصيب محام بالنسبة لبعض أشخاص القانون العام (المطلب الأول) في حين تتولى الوكالة القضائية للمملكة والمساعد القضائي للجماعات المحلية القيام بالمطلوب بالنسبة للبعض الآخر(المطلب الثاني).

المطلب الأول: إلزامية تنصيب محام للدفاع عن بعض أشخاص القانون العام.

كما سبق القول إن هناك مسعى حثيث من أجل جعل المحامي هو وحده المؤهل للدفاع حتى عن أشخاص القانون العام أمام القضاء، حيث يلاحظ أن هناك تطورا كبيرا في الوصول إلى هذا المسعى.

وهكذا، فبالرجوع إلى القانون رقم 28.08 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة (ظهير 20 أكتوبر 2008)،[36] نجده قد نص في المادة 31 منه على أنه:

” لا يسوغ أن يمثل الأشخاص الذاتيون والمعنويون والمؤسسات العمومية وشبه العمومية والشركات، أو يؤازروا أمام القضاء إلا بواسطة محام، ما عدا إذا تعلق الأمر بالدولة والإدارات العمومية تكون نيابة المحامي أمرا اختياريا.”

ومن ثم أصبحت إلزامية تنصيب محام ليتولى الدفاع عن المؤسسات العمومية وشبه العمومية وكذا شركات الدولة، وأن أي مسطرة قضائية يتولاها أحد الأشخاص العامة المذكورة بدون محام يكون مآلها الحكم بعدم القبول.

وهذا، على خلاف ما كان عليه العمل في ظل قانون المحاماة القديم،[37] حيث كانت المادة 33 منه تنصص على أنه:

” تعفى الدولة طالبة كانت أو مطلوبة من وجوب الاستعانة بالمحامي ويسوغ للإدارات العمومية التي يمثلها أحد موظفيها المؤهل لهذه الغاية أن تتبع في جميع الأحوال المسطرة بنفسها دون رخصة خاصة.”

حيث كانت بذلك جميع مرافق الدولة بمن فيها المؤسسات العمومية وشبه العمومية معفاة من تنصيب محام ليتولى الدفاع عنها.

لكن مند سنة 2008 تم توسيع مجالات إلزامية تنصيب المحامي ليشمل بعض أشخاص القانون العام كذلك إلى جانب حرمان حتى من يتمتع بالكفاءة القانونية من تولي الدفاع عن نفسه مباشرة أمام القضاء بل لا بد له من تنصيب محام.

وفي هذا الصدد يبدو أن هذا التوجه القاضي بمنع حتى من يتوفر على الكفاءة القانونية من تولي الدفاع عن حقوقه أمام القضاء بنفسه مبالغ فيه، وهو بمثابة قيد على حق التقاضي المكفول بموجب الدستور وكذا المواثيق الدولية، ومعلوم أنه يجب أن ينظر للقيود الواردة على حق التقاضي في أضيق الحدود.

لذلك، نتمنى أن تكون الشجاعة عند المشرع ليسمح لكل من يتوفر على الكفاءة القانونية في أن يباشر مساطره القضائية بنفسه، خاصة بالنسبة لمن يدرسون القانون من أساتذة جامعيين أو يمارسون أيضا المساطر القضائية يوميا من قضاة و أطر مكلفة بالمنازعات، الذين يلزمهم تنصيب محام للدفاع عنهم في قضاياهم الخاصة والحال أنهم يتولون الحكم والدفاع في قضايا أخرى.

بل يستفاد من نفس القانون أنه قد منع حتى المحامي من النيابة عن نفسه، وهو ما أكدت عليه محكمة النقض (المجلس الأعلى أناداك) في أحد قراراتها حين قضت بأنه:

” في الشكل:

حيث تنصص المادة 37 من القانون رقم 28.08 المنظم لمهنة المحاماة على أنه لا يحق للمحامي أن يمثل أمام الهيئات القضائية … إلا إذا كان مرتديا بذلة المحاماة.

وحيث إن الطاعن (عبد الفتاح…) تقدم بالنيابة عن نفسه أمام المجلس الأعلى بصفته محاميا وطاعنا بالإلغاء في آن واحد، خلافا لمقتضيات المادة 37 أعلاه، بمفهوم المخالفة، التي تفيد عدم إمكانية نيابة المحامي عن نفسه.

وحيث إنه تبعا لذلك يتعين التصريح بعدم قبول الطلب.”[38]

 وفي انتظار السماح لمن يتوفر على الكفاءة القانونية بأن ينوب عن نفسه، خاصة مع عدم الوضوح الذي جاء أيضا بشان المسطرة أمام قضاء القرب في مسألة تنصيب المحامي، حيث نص على أن هذا القضاء ينظر في المنازعات الشخصية التي لا يتعدى مبلغها 5000 درهم وأن المسطرة شفوية ومجانية بدون ذكر ودون تنصيب محام، نتمنى على الأقل العودة لما كان لمنصوص عليه بموجب المادة 32 من قانون المحاماة القديم ( ظهير 1993) التي كانت تنص على أنه:

” تستثنى من أحكام المادة السابقة الأحوال التي يرخص فيها لمن يتوفر على الكفاءة القانونية اللازمة قصد مباشرة المسطرة في المرحلة الابتدائية أو بواسطة أحد الأشخاص المنصوص عليهم في الفصل 33 من قانون المسطرة المدنية، وذلك أمام المحاكم التي لا يستقر بدائرتها القضائية عدد كاف من المحامين.

تمنح هذه الرخصة من طرف رئيس المحكمة بناء على طلب كتابي. لا يطبق هذا الاستثناء أمام محاكم الاستئناف”.

المطلب الثاني: دفاع الوكالة القضائية للمملكة والمساعد القضائي للجماعات المحلية عن بعض أشخاص القانون العام.

بداية تجب الإشارة إلى أنه لا شيء يمنع الدولة والإدارات العمومية الأخرى من الدفاع عن مصالحها أمام القضاء بواسطة أحد موظفيها المنتدب لهذه الغاية ودون حاجة إلى اللجوء إلى خدمات الوكالة القضائية للمملكة بالنسبة للدولة والإدارات العمومية أو المساعد القضائي للجماعات المحلية بالنسبة للجماعات المحلية، وذلك بموجب الفصل 34 من قانون المسطرة المدنية الذي نص على أنه:

” يجب على الوكيل الذي لا يتمتع بحق التمثيل أمام القضاء أن يثبت نيابته بسند رسمي، أو عرفي مصادق على صحة توقيعه بصفة قانونية، أو بتصريح شفوي يدلي به الطرف شخصيا أمام القاضي بمحضر وكيله.

غير أن الإدارات العمومية تكون ممثلة بصفة قانونية أمام القضاء بواسطة أحد الموظفين المنتدبين لهذه الغاية.”

وهكذا، يمكن للدولة والإدارات العمومية أن تتولى الدفاع عن مصالحها لوحدها، حيث من الممكن أن يتولى السيد رئيس الحكومة التوقيع بنفسه عن مذكرات الجواب وممارسة الطعون بنفسه أمام القضاء أو يفوض ذلك لأحد الوزراء المعنيين بالأمر، أو تتولى الإدارة الدفاع بواسطة أحد موظفيها المنتدب لهذه الغاية (غاية الدفاع)، لكن وبما أنه توجد هناك مؤسسة متخصصة في المنازعات، فإن هذه الإدارات العمومية وفي كل المنازعات تعمد إلى إحالة المقال الافتتاحي للدعوى على الوكالة القضائية للمملكة بقصد تولي الدفاع (الفقرة الأولى)، كما أن المشرع أناط نفس الاختصاص بالمساعد القضائي بالنسبة للجماعات المحلية بشرط الاتفاق على ذلك مع الجماعة المعنية وفي كل قضية على حدة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: دفاع الوكالة القضائية للمملكة عن الدولة والإدارات العمومية.

تتولى الوكالة القضائية للمملكة الدفاع عن الدولة والإدارات العمومية في كل الدعاوى التي ليس لها علاقة بالضرائب أو بأملاك الدولة،[39] حيث تدلي بمذكرات الجواب وتمارس طرق الطعن المسموح بها قانونا.

إذ يدلي الوكيل القضائي للمملكة وفق ما تقدم بسطه حين تناول حالات الإدخال، بجوابه في الدعاوى إما بصفته وكيلا قضائيا للمملكة ونائبا في نفس الوقت عن الدولة المغربية في شخص السيد رئيس الحكومة، وإما بصفته فقط نائبا عن الدولة المغربية في شخص السيد رئيس الحكومة، وذلك بحسب ما إذا كانت الدعوى تهدف التصريح بمديونية الدولة أم لا تهدف إلى التصريح بذلك.

ثم بحسب ما إذا كان الوكيل القضائي للمملكة مدعى عليه أيضا أم لا، بحيث طبيعة المنازعة وما إذا كان مدعى عليه أم لا هما المحددان لصفته في الدعوى، وبالتالي طبيعة دفاعه عن الشخص العام.[40]

لذلك، يتحسن التدقيق في حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة في الدعاوى المرفوعة ضد أشخاص القانون العام، فقد تكون الدعوى مثلا لا تهدف التصريح بمديونية الدولة وبالرغم من ذلك يتم إدخال الوكيل القضائي للمملكة، فبموجب هذا الإدخال أصبحت له صفة الطرف المدعى عليه أيضا، حيث يحق له الجواب والدفاع بصفته هذه (مدعى عليه).

أما إذا لم تكن الدعوى تهدف التصريح بمديونية الدولة – دعوى الإلغاء مثلا- ولم يتم إدخاله في الدعوى، ففي هذه الحالة يلزمه للجواب والنيابة عن الشخص العام المدعى عليه- الدولة أو الإدارات العمومية- أن يكون حينها حاصلا على تفويض بذلك.

هذا، وتتولى الوكالة القضائية للمملكة الدفاع عن أشخاص القانون العام بواسطة أطرها ويبلغ عددهم حوالي 100 إطار أكثر من 80 في المائة منهم من حملة الدكتوراه أو دبلوم الدراسات العليا أوالماستر، أغلبهم أيضا شباب، متخصصين في المنازعات، يغطون مختلف محاكم المملكة، لكن يعملون في ظروف غير ملائمة لطبيعة مهامهم.

وهنا نطالب بتمتيع هذه الفئة بنظام أساسي خاص على غرار المعمول به في البلدان المجاورة مثل تونس ومصر، حيث هناك هيئة لقضايا الدولة تتمتع بكافة الامتيازات والاعتبار المعنوي المخول للسادة القضاة.

ولهذه الغاية لا بد من تخصيص بذلة رسمية لأطر الوكالة القضائية للمملكة، يرتدونها كلما ولجوا حرم المحكمة احتراما أولا لقدسية المكان، وتمييزا لهم عن غيرهم من المتقاضين.

هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فإنه من غير المبرر أن يتم حرمانهم من ولوج مهنة المحاماة أو التوثيق بعد قضائهم لمدة طويلة بالوكالة القضائية للمملكة، في الوقت الذي يسمح فيه للمحامي بأن يصبح موثقا، أو قاضيا، أو في الوقت الذي يسمح فيه للقاضي بأن يصبح محاميا أو موثقا.

إنها ازدواجية في المعايير يتعين تداركها أسوة بتجربتي تونس ومصر في هذا المجال.

الفقرة الثانية: دفاع المساعد القضائي عن الجماعات المحلية.          

بموجب المادة 38 من القانون رقم 08/45 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها،[41] يؤهل المساعد القضائي، في هذا الصدد، للتصرف لحساب الجماعات المحلية ومجموعاتها كمدع أو مدعى عليه عندما تفوضه في الدعاوى التي يكون الهدف منها التصريح باستحقاق ديون على تلك الجماعات والمجموعات.

             وبذلك يمكن أن يتولى المساعد القضائي للجماعات المحلية، وهو السيد مدير الشؤون القانونية والدراسات والتوثيق والتعاون بوزارة الداخلية، الدفاع عن الجماعة المحلية المدعى عليها أمام القضاء عندما تفوضه لذلك، حيث يتم توقيع اتفاق في شأن كل قضية على حدة لهذا الغرض.

 

 

 

 

 

خاتمة:

             إن نسبة مهمة من القضايا التي ترفع ضد أشخاص القانون العام تصدر فيها أحكام أو قرارات قضائية بعدم القبول، أو يتم الحكم فيها على غير ذي صفة، وتلغى في الأخير هذه الأحكام أو القرارات الصادرة على غير ذي صفة من طرف محكمة النقض، طالما الصفة من النظام العام وتثار في جميع مراحل التقاضي، وهو ما تطول معه المساطر القضائية ويشيع معه عدم الاطمئنان في نفوس المتقاضين، ومن ثم يوصف القضاء بنعوت غالبا ما يكون منزها عنها من هذه الناحية.

             كذلك، كثيرا ما تثار مناقشات أمام القضاء تتعلق بمن له صفة الدفاع عن الشخص المعنوي العام، حيث تصدر أيضا أحكام وقرارات قضائية بعدم القبول من هذه الناحية أيضا.

 لذا، حاولنا أن نساهم من خلال هذا الكتيب بتوضيح بعض الجوانب من صفة التمثيل والدفاع عن أشخاص القانون العام أمام القضاء، آملين أن نكون قد وفقنا في إثارة الموضوع.

فبالله التوفيق والله المستعان.

مقدمة:

الفصل الأول: تمثيل أشخاص القانون العام أمام القضاء

المبحث الأول: تمثيل الدولة أمام القضاء.

المطلب الأول: الدولة المغربية يمثلها رئيس الحكومة.

   الفقرة الأولى: النص التشريعي.

   الفقرة الثانية: العمل القضائي

أولا: مرفق تابع للدولة لا يتمتع بشخصية معنوية واستقلال مالي، يجب مقاضاة الدولة المغربية في شخص الوزير الأول.

4-                 قرار محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا):

5-                 قرار محكمة النقض.

6-                 قرار محكمة الاستئناف بالرباط.

ثانيا: لا يجوز رفع الدعوى ضد وزارة معينة لوحدها، الدولة يمثلها الوزير الأول.

1- قرار محكمة الاستئناف بأكادير.

2       -حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء:

           المطلب الثاني: وجوب إدخال بعض المرافق في الدعوى لتحل محل الدولة في الأداء.

الفقرة الأولى: وجوب إدخال وزارة التشغيل باعتبارها المؤمن القانوني للدولة بالنسبة لحوادث الشغل التي يتعرض لها أعوان الدولة غير الرسميين.

أولا: النص التشريعي.

ثانيا: العمل القضائي.

الفقرة الثانية:  التخلي عن تمثيل الدولة من طرف مدير المكتب الوطني للنقل سابقا في حوادث السير التي تسببها سيارات مملوكة للدولة.

المطلب الثاني: الدولة لا يمثلها رئيس الحكومة في بعض القضايا الخاصة.

الفقرة الأولى: الملك الخاص للدولة يمثله مدير أملاك الدولة.

الفقرة الثانية: الملك العام للدولة يمثله وزير التجهيز والنقل.

الفقرة الثالثة: الملك الغابوي للدولة يمثله وزير الفلاحة.

الفقرة الرابعة: الأوقاف العامة يمثلها وزير الأوقاف.

الفقرة الخامسة: الخزينة العامة للمملكة يمثلها الخازن العام.

الفقرة السادسة: مديرية الضرائب يمثلها مدير الضرائب.

      المبحث الثاني: رفع الدعوى ضد الجماعات المحلية (الجماعات الترابية) والمؤسسات العمومية.

  المطلب الأول: العامل لا يمثل مجلس العمالة أو الإقليم، بل هناك رئيس لمجلس العمالة أو الإقليم.  المطلب الثاني:  رئيس الجماعة يمثل الجماعة أمام المحاكم.

المطلب الثالث: رفع الدعاوى ضد المؤسسات العمومية.

الفصل الثاني: الدفاع عن أشخاص القانون العام أمام القضاء

المبحث الأول: حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة والمساعد القضائي للجماعات المحلية.

المطلب الأول: حالات إدخال الوكيل القضائي للمملكة.

الفقرة الأولى: النص التشريعي.

أولا: ظهير 15 جمادى الآخرة 1372 الموافق ل 2 مارس 1953.

ثانيا: قانون المسطرة المدنية.

الفقرة الثانية: العمل القضائي.

أولا: الوكيل القضائي للمملكة ليس طرفا أصليا في الدعوى، وإنما يقع إدخاله في الدعوى طبقا لمقتضيات الفصل 514 من ق م م والفصل 2 من ظهير 2/3/1953 وهو لا يحكم عليه بشيء.

ثانيا: للوكيل القضائي حق تقديم الطعون بصفته هذه.

1–  صفة الطرف المدخل وجوبا

2- صفة الطرف في الخصومة

3-  صفة نائب عن أشخاص القانون العام إذا ما انتدبوه للدفاع عنهم

4- كما يحق له التدخل بشكل إرادي

المطلب الثاني: إدخال المساعد القضائي للجماعات المحلية.

المبحث الثاني: تأمين الدفاع عن أشخاص القانون العام أمام القضاء

المطلب الأول: إلزامية تنصيب محام للدفاع عن بعض أشخاص القانون العام.

المطلب الثاني: دفاع الوكالة القضائية للمملكة والمساعد القضائي للجماعات المحلية عن بعض أشخاص القانون العام.

الفقرة الأولى: دفاع الوكالة القضائية للمملكة عن الدولة والإدارات العمومية.

الفقرة الثانية: دفاع المساعد القضائي عن الجماعات المحلية.

خاتمة:

       



[1]  كما تم تتميمه بمقتضى القانون رقم 48.01 الصادر بتاريخ 29/01/2002، ج ر عدد 4077 بتاريخ 11/02/2002. وكذا كما تم تعديله بموجب القانون رقم 12-100 الصادر بتنفيذه ظهير 10 ماي 2013، ج ر عدد 6156 بتاريخ 30 ماي 2013.

[2] جاء في قرار لمحكمة النقض: ” إن الفصل 1 من قانون المسطرة المدنية يوجب لقبول الدعوى أن يكون للمدعي والمدعى عليه الصفة وإلا كانت الدعوى غير مقبولة، وأن المحكمة كانت تعلم ذلك سواء من مقال المدعين أو جواب المدعى عليه، ومع ذلك قضت على شخص لا صفة له في الدعوى، مما يجعل قضاءها عديم الأساس القانوني، وغير معلل، وبالتالي يكون معرضا للنقض…” قرار صادر بتاريخ 14/10/1992 تحت رقم 2433 في الملف عدد 1432/86، أورده الأستاذ عبد اللطيف خالفي في مؤلفه، الاجتهاد القضائي في قانون المسطرة المدنية، الجزء الأول، ط 2004، ص 75.

[3]  جاء في قرار لمحكمة النقض أنه: ” حيث يعيب الطاعن على القرار خرق القانون الفصل الأول من ظهير 21 ماي 1974 المحدث لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل ذلك أنه بمقتضى الظهير المذكور فإن مدير المكتب هو الذي له أهلية وصفة تمثيل هذه المؤسسة العمومية أمام القضاء للدفاع عن مصالحها وفقا لأحكام الفصل 9 من الظهير…

حيث صح ما عابته الوسيلة على القرار ذلك أن مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل وبمقتضى ظهير تأسيسه الصادر بتاريخ 21 ماي 1974 فإن مديره هو الذي له الصفة في تمثيله أمام القضاء وفقا لأحكام الفصل التاسع منه  مما تكون معه الدعوى الموجهة ضد … قد وجهت على غير ذي صفة والقرار خرق مقتضيات الفصل الأول من ق م م حين قبلها إذ الصفة من النظام العام تثار في جميع أطوار المسطرة مما يتعين معه نقض القرار…” قرار صادر بتاريخ 15/10/2008، تحت رقم 957 في الملف عدد 878/5/1/2007 المضموم إليه الملف عدد 1329/5/1/2007 (غير منشور).

[4]  قرار محكمة النقض ( المجلس الأعلى سابقا) صادر بتاريخ 30/09/2009، تحت عدد 1037، في الملف رقم 1346/5/1/2008 ( غير منشور).

[5]  قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 28/03/2007، تحت عدد 319 في الملف عدد 1047/5/1/2006 ( غير منشور).

[6]  قرار محكمة الاستئناف بالرباط، صادر بتاريخ 27/12/2007 تحت عدد 712، في الملف 876/06/16 ( غير منشور).

[7]  الشركة الوطنية للنقل والوسائل اللوجيستيكية حاليا.

[8]  قرار محكمة الاستئناف بأكادير، صادر بتاريخ 28/09/2006 تحت عدد 2500 في الملف عدد 213/06 ( غير منشور).

[9]  حكم المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، صادر بتاريخ 22/10/2010 تحت عدد 1539 في الملف 23/8/2010 (غير منشور).

[10]  ج ر عدد 4454 بتاريخ 06/02/1997.

[11]  قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 22/05/2003، تحت عدد 509 في الملف رقم 432/5/1/2002 (غير منشور). وهو نفسه الموقف القار لمحكمة النقض في العديد من القضايا، وهكذا جاء أيضا في قرار آخر صادر عن نفس المحكمة بتاريخ 08/02/2006، أنه: ” … حيث ثبت صدق ما عابته الوسيلة المستدل بها على القرار، ذلك أنه طبقا للفصل 11 من المرسوم رقم 321-95-2 فإن وزارة التشغيل هي التي تؤمن العمال المؤقتين لدى الدولة الذين يتعرضون لحوادث الشغل والحكم المؤيد مبدئيا قد خرق هذا المقتضى حين قضى على المشغل ثانوية مولاي رشيد بأداء الإيراد مع إحلال شركة التأمين محله في الأداء والحال أنه لا توجد أية شركة تأمين مما يعرضه للنقض والإبطال…” قرار عدد114 في الملف 1206/5/1/2005 (غير منشور).

            وهو الموقف نفسه في القرارات التالية:

–          قرار محكمة النقض بتاريخ 23/07/2002 تحت عدد 655 في الملف رقم 270/5/1/2002 (غير منشور).

–          قرار محكمة النقض بتاريخ 02/12/2003 تحت عدد 126 في الملف 625/5/1/03 (غير منشور).

[12]  ج ر عدد 6156 بتاريخ 30 ماي 2013.

[13]  ج ر عدد 121 بتاريخ 23 غشت 1915.

[14]  ج ر عدد 62 بتاريخ 10 يوليو 1914.

[15]  ج ر عدد 121 بتاريخ 23 غشت 1915.

[16]  ج ر بتاريخ 29 أكتوبر 1917.

[17]  ج ر عدد 5292 بتاريخ 17 فبراير 2005.

[18]  ظهير شريف رقم 236-09-1 صادر بتاريخ 23 فبراير 2010، ج ر عدد 5847 بتاريخ 14 يونيو 2010، مع الإشارة إلى مدونة الأوقاف دخلت حيز التطبيق مع بداية السنة الجارية 2014.

[19]  ظهير 29 يوليو 2011، ج ر عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليو 2011.

[20]  ج ر عدد 5058 بتاريخ 21/11/2002.

[21]  ج ر عدد 5058 بتاريخ 21 نونبر 2002.

[22]  نفس الحكم كان معمولا به في ظل الفصل الأول من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 583/76-1 الصادر بتاريخ 30/09/1976 المتعلق بالتنظيم الجماعي، الذي أكد على أن المجالس البلدية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، و لرؤسائها صلاحية تمثيلها أمام القضاء.

[23]  من المؤسسات العمومية التي لمديرها صلاحيات تمثيلها أمام الفضاء نجد:

–          المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، سابقا، المكتب الوطني للماء والكهرباء حاليا.

–          المكتب الوطني للسكك الحديدية.

–          بعض المراكز الاستشفائية التي لها صفة المؤسسة العمومية.

–          المكتب الوطني للمطارات.

–          مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل.

–          وكالات التنمية الاجتماعية…

[24]  قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 24/10/2007 تحت عدد 971 في الملف الاجتماعي عدد 302/5/1/2006 (غير منشور).

           

[25] المنشور بالجريدة الرسمية عدد 2109 الصادرة بتاريخ 11 رجب 1372 الموافق ل 27 مارس 1953.

 [26]  المرسوم رقم 2.07.995 الصادر بتاريخ 23 أكتوبر 2008 بشان اختصاصات وتنظيم وزارة الاقتصاد والمالية ج ر عدد 5680 بتاريخ 6 نوفمبر 2008.

[27]  قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 24 مارس 1993، تحت عدد 554، ملف عدد 7277/87، منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية، العدد السادس، يناير- مارس، 1994، ص 71.

[28]  قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 23/05/2007، تحت عدد 499 في الملف عدد 2873/4/2/2005 (غير منشور).

[29]  قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 25/06/2008، تحت عدد 744 في الملف رقم 417/5/1/2007 (غير منشور).

[30]  قرار المجلس الأعلى عدد 463 مؤرخ في 04/05/2005 في الملف الاجتماعي عدد 48/5/1/2005 ( غير منشور).

[31]   وهو القرار الذي تقيدت به محكمة الاستئناف بأكادير لما أحيل عليها الملف من جديد، حيث جاء في قرار صادر عنها بأنه: ” حيث أحيل الملف على هذه المحكمة من طرف المجلس الأعلى بعد نقضه للقرار ألاستئنافي السابق صدوره في القضية للسبب المبين أعلاه.

وحيث تبث صدق ما عابه الطاعن الوكيل القضائي للمملكة على الحكم المطعون فيه ذلك أن الثابت من خلال الحكم الابتدائي عدد 1/87 الصادر بتاريخ 14/1/87 عن المحكمة الابتدائية بتارودانت في الملف عدد 155/85 المطعون فيه من طرف المستأنف عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة أنه بالرغم من كون المكتب الوطني للنقل الذي هو مؤسسة عمومية طرف في هذا الحكم وتم الحكم عليه بأن يحل محل المشغلة في الأداء فإنه لم يتم إدخال الوكيل القضائي في الدعوى كما تقضي بذلك مقتضيات الفصل 514 من ق م م .

ومن تم فإن الحكم المطعون فيه عن طريق التعرض الخارج عن الخصومة قد أضر بمصالح المؤسسة التي يمثلها المستأنف مما يحق له استعمال الطعن عن طريق تعرض الغير الخارج عن الخصومة وفق ما يقتضيه الفصل 303 من ق م م مما يجعل الحكم المستأنف فيما انتهى إليه من عدم قبول هذا الطعن في غير مركزه القانوني ويتعين تبعا لذلك التصريح بقبول التعرض المقدم من طرف الوكيل القضائي للمملكة.

وحيث إن مقتضيات الفصل 514 من ق م م المشار إليها أعلاه تنص على ما يلي ‘ كلما كانت الطلبات تستهدف التصريح بمديونية الدولة أو إدارة عمومية للدولة لا علاقة لها بالضرائب والأملاك المخزنية وجب إدخال العون القضائي في الدعوى وإلا كانت غير مقبولة ‘ وأن الثابت من خلال الحكم الابتدائي المتعرض عليه أن الدعوى قد وجهت ضد المكتب الوطني للنقل بصفتها جهة مؤمنة وهو مؤسسة عمومية دون أن يتم إدخال العون القضائي فيها كطرف أساسي يمثل مصالح الدولة مما يجعل مصير هذه الدعوى هو عدم القبول تطبيقا للمقتضيات القانونية أعلاه وترتيبا على ذلك يتعين إلغاء الحكم المتعرض عليه والتصدي والحكم بعدم قبول الدعوى.” قرار صادر عن محكمة الاستئناف بأكادير بتاريخ 15/12/2006 تحت رقم 3264 في الملف عدد 108/06 (غير منشور).

[32]  قرار المجلس الأعلى رقم 1857 صادر بتاريخ 5 مارس 1987 في الملف الجنحي عدد 18155/86 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى العدد 40، السنة 1987، ص 294، أورده كذلك، عبد اللطيف خالفي، الاجتهاد القضائي في قانون المسطرة المدنية، م س، ص 93.

[33]  قرار المجلس الأعلى عدد 1939 مؤرخ في 26/09/2001، ملف تجاري عدد 291/3/2/00(غير منشور).

[34]   المادة 38 من القانون رقم 08/45 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.09.02 بتاريخ 18/02/2009، ج ر عدد 5711 بتاريخ 23/02/2009.

[35]  قرار محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش صادر بتاريخ 09/04/2008، تحت رقم 146 في الملف رقم 293/7/07-1 (غير منشور).

[36]   ج ر عدد 5680 بتاريخ 6 نونبر 2008.

[37]  ظهير 10/09/1993 ج ر عدد 4222 بتاريخ 29/9/1993.

[38]  قرار محكمة النقض صادر بتاريخ 11/02/2010 تحت عدد 109 في الملف الإداري عدد 593/4/1/2008 (غير منشور).

[39]  أيضا تتولى الوكالة القضائية للمملكة تقديم المذكرات الجوابية وتمارس الطعون حتى بالنسبة للمنازعات التي تهم أملاك الدولة، باعتبار أن المدعي غالبا ما يوجه دعواه ضد الدولة المغربية بصفتها هذه وضد الوكيل القضائي للمملكة كذلك، وبالتالي تكون للوكيل القضائي في هذه الحالة صفة المدعى عليه بجانب الدولة المغربية في شخص رئيس الحكومة ومن ثم يتولى الجواب بهذه الصفة وليس بصفته يمثل الملك الخاص، ويدلي تبعا لذلك بدفاعه ويستفيد من خدماته هنا الملك الخاص للدولة بطريقة غير مباشرة، حيث كثيرة هي القضايا التي دافع فيها الوكيل القضائي للمملكة بجانب مدير أملاك الدولة لحماية الملك الخاص للدولة.

[40] وهي كلها صلاحيات مصدرها ظهير 2 مارس 1953 المتعلق بإعادة تنظيم وظيفة الوكيل القضائي للمملكة الذي ينص الفصل الأول منه على أنه:

 ” يزاول العون القضائي للمملكة وظيفته تحت سلطة مدير المالية ويكون مكلفا بالمهمات المشروحة بعده:

أولا – أن يتابع قبض ما بقي على الغير من الديون للدولة الشريفة والمكاتب والمؤسسات العمومية المذكورة من الديون التي لا تصطبغ بصبغة الضرائب ولا يدخل الأملاك المخزنية والتي يتطلب قبضها أو متابعة المدين بها التمشي على قاعدة خاصة،

ثانيا – أن يقوم مقام رؤساء الإدارة والمديرين المختصين بالأمر في إقامة الدعاوى على مدين الدولة الشريفة ومكاتبها ومؤسساتها العمومية قصد الاعتراف بما عليهم من الديون وتصفية حسابها ويختص هذا الأمر بالديون التي لا تدخل في جملة الضرائب ولا في رفع الأملاك المخزنية وللعون القضائي المذكور أن يقوم بهذه المهمة إذا كلفه رؤساء الإدارة والمديرون المذكورون،

ثالثا– أن يمثل في المحاكم الدولة الشريفة ومكاتبها ومؤسساتها العمومية في القضايا التي يكون مدعى فيها عليها وأن يقوم في ذلك مقام رؤساء الإدارة والمديرين المختصين بالأمر حين يكلفونه بذلك،

 وكل شخص أقام دعوى أمام المحاكم قصد إثبات دين له على الدولة الشريفة أو على أحد إداراتها أو مكاتبها أو مؤسساتها العمومية وكان هذا الدين غير داخل في شؤون الضرائب أو شؤون الأملاك المخزنية فيجب عليه أن يقيم الدعوى على العون القضائي وإلا فلا يقبل طلبه.”

[41]   المادة 38 من القانون رقم 08/45 المتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية ومجموعاتها، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.09.02 بتاريخ 18/02/2009، ج ر عدد 5711 بتاريخ 23/02/2009.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.