المخيم فضاء تربوي تثقيفي ترفيهي و اجتماعي

0 525

مع كل بداية صيف، ومع دخول أولى أشعة الشمس الذهبية إلى هذه الأرض، ترى الناس من مختلف الفئات والأعمار، صغارا وكبارا، يستعدون للمشاركة في مخيمات صيفية، تكون إما أسرية، أو تابعة لجمعية أو هيئة ما، نعم إنها المخيمات، إحدى أهم الوسائل التي تمزج بين المتعة والاستفادة في وقت المصيف، ولعل معظم الأسر تفضل أن ترسل أبناءها لقضاء العطلة في المخيمات، عوض المكوث في مكان لا يمنح هذا الفصل حلاوته ومتعته، جمعيات و هيئات عديدة تبادر لمثل هذا النشاط، وأطفال كثيرون قد اعتادوا التردد إلى هذه المخيمات في مثل هذا الفصل، فوجدوا فيها من المتعة ما جعلهم يكررون المحاولة مرات ومرات، جميل أن يغير الطفل وسطه وبيئته الأسرية، وينتقل إلى الاحتكاك في وسط جديد وبيئة جديدة، وناس جدد، وأصدقاء جدد، تلك هي الدوافع التي تجعل الطفل يرى العالم من منظور أخر، يلتقي بأصدقاء من كل أنحاء المغرب، يكتشف لهجات جديدة وثقافات متنوعة، تأهله لقبول الأخر كيفما كانت أرائه وتوجهاته، كثيرون هم الأطفال الذين بدؤوا يتعلمون كيف بإمكانهم أن يبرمجوا يومهم، وذلك انطلاقا من الحياة الجديدة المبرمجة التي اعتادوها في المخيمات، وكثيرون أيضا هم الأطفال الذين تمكنوا أخيرا من الاعتماد على أنفسهم، في أمور كثيرة كان يقوم بها أولياءهم فيما سبق بدلهم، انطلاقا من كل هذا، يتبين أن المخيم، هو فرصة ثمينة للطفل من أجل بناء شخصيته بناء سليما، وفرصة يحس من خلالها الطفل، على أنه إنسان قادر على الإبداع، على التعبير عن رأيه، على صنع الجديد رفقة أصدقاءه، على تنظيم وقته، وعلى امتلاك تكوين شخصي متميز يجعله يتقن فن المعاملة مع الحياة.
يعتبر البرنامج الوطني “عطلة للجميع” من بين أهم الأنشطة التي تضطلع بها وزارة الشباب والرياضة، و يجسد اهم الاهداف و المهام المنوطة بها في مجال التنشيط و الترفيه و التثقيف و التكوين، كما انه عملية جماهرية بامتياز وواحد من أهم أنشطة القرب التي تتوخى تعميم الاستفادة من العطلة مع الأطفال و الشباب المغاربة كيفما كان مستواهم الاجتماعي و مكان إقامتهم.
ترجع أهمية المخيمات الصيفية بتوفير جو من المرح والسعادة للأطفال، فبعد مرور سنة كاملة من الدراسة وما يعانيه هؤلاء من مشاكل مدرسية سواء مع المناهج أو المعلمين أو الإدارة المدرسية، حيث أن الضغط المدرسي يكون كبير جدا على كاهلهم زد على ذلك عدم توفر العدد الكافي لأماكن الترفيه النفسي وأماكن الرحلات المدرسية، من هنا تلعب المخيمات الدور الكبير في رسم البسمة ولو لفترة قصيرة جدا على شفاه أطفالنا، ومن خلالها يتم تعويد الطفل على استغلال واستثمار أوقات الفراغ بالشكل المطلوب و المعقول مما يبعده عن طريق الانحراف و التسكع، من هنا يتم توجيه الأطفال إلى سبل واليات استغلال الوقت بصورة ايجابية، وتكمن أهمية المخيمات في أنها تعمل على إشاعة جو من الديمقراطية بين المشاركين وتعويدهم على ممارسة هذا النهج الديمقراطي في حياتهم العملية، وذلك من خلال بند مهم جدا وهو السلوك المدني، حيث يتم تناول مفهوم التثقيف المدني والمواطنة والديمقراطية والقانون وحقوق الطفل، حيث يتم بناء خطة في هذا المجال بهدف تعزيز الانتماء الوطني للمجتمع ومؤسساته، ويعمل على خلق قيادات شبابية قادرة على تحمل المسؤولية، سواء على الصعيد الاجتماعي أو السياسي، حيث يتم تدريب المنشطين على كيفية التعامل مع الأطفال، حتى يلامسوا ثقافتهم وهويتهم الوطنية بأسلوب علمي بعيد عن التلقين، وإعطاء الأوامر والتعليمات، وذلك من خلال العصف الذهني والمشاركات الفعالة من قبل الأطفال في التمثيل وغيرها.
خالد بلبعير
image

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.