مسودة مشروع القانون التنظيمي للجهة: السياق والآفاق

0 808

يهدف القانون التنظيمي للجهة إلى تمكين المغرب من جهوية موسعة ديمقراطية الجوهر مكرسة للتنمية المندمجة والمستدامة اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وبيئيا، وذلك من خلال نهج أسلوب اللامركزية واللاتمركز بغية تقوية التمثيلية والمشروعية الديمقراطية للمجالس الجهوية، وتنظيم مشاركة المواطنين والمجتمع المدني والقطاع الخاص في المساهمة تدبير شؤون الجهة.
وقد نص دستور سنة 1992 على الجهات ليتم إحداثها خمس سنوات بعد ذلك، وقد أعلن الملك الراحل الحسن الثاني عن نيته، منذ سنة 1984، في إحداث جهات تتمتع بسلطات تشريعية وتنفيذية كما الشأن في بلدان ذات تنظيم (شبه) فيدرالي.
وظل سؤال التدبير اللامركزي للتراب حاضرا في الخطاب السياسي وعلى رأسها الخطب الملكية، وكذلك في الإعلام والفضاء العموميين. وثمن المتتبعون الخطاب الملكي ل03 يناير 2010 وتكليف لجنة استشارية لصياغة مقترحات نظام الجهوية الموسعة واعتبروه بمثابة خطوة هامة. وقدمت اللجنة الاستشارية للجهوية تقريرها في شأن الجهوية المتقدمة تضمن التصور العام، وتقارير موضوعاتية، ودراسة عن الجهوية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وخرائط ومعطيات التقطيع الجهوي الجديد.
وفي مرحلة حاسمة ضمن هذا المسلسل المتدرج، وفي سياق مشهد حزبي وسياسي متحرك، وبعد دستور فاتح يوليوز والعمل في إطار مقتضيات انتقالية، سلمت وزارة الداخلية مسودة مشروع القانون التنظيمي للجهة للأحزاب السياسية، قصد التداول فيه قبل عرضه على نواب الأمة بقبة البرلمان.
يتضمن نص مسودة مشروع القانون التنظيمي للجهة، من حيث الشكل، على 188 مادة تتوزع على أبواب وأقسام؛ يشمل القسم التمهيدي مبادئ ومقتضيات عامة أشارت إلى مجالات قرارات مجلس الجهة مادة واحدة، بالإضافة إلى صلاحيات رئيس الجهة في 13 مادة. وقسم ثان تطرق لاختصاصات الجهة في 56 مادة وهذا سيبرز حجم مجالات تدخل المجلس. وقسم أخير تناول النظام المالي للجهة ويتوزع على 19 مادة.
ويلاحظ المهتمون والمتتبعون، من حيث المضمون، أهم ما يميز مسودة مشروع القانون التنظيمي للجهة، والذي يمكن إجماله فيما يلي:
– انتخاب أعضاء الجهة بالاقتراع العام المباشر.
– منع الترحال السياسي خلال مدة الانتداب.
– إدراج حالات التنافي لرئاسة مجلس الجهة مع رئاسة مجلس جماعة ترابية اخرى أو عضوية الحكومة أوالبرلمان.
– اختصاص المحكمة الإدارية في مسألة حل مجلس الجهة وعزل رئيسها أو أحد أعضائها، وسلطة مراقبة مشروعية مداولاتها ومقرراتها.
– ترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة كمنع ربط أشكال تدبير المرافق العمومية بهيئة ينتمي إليها أحد أعضاء مجلس الجهة أو زوجه أو أحد فروعه أو أصوله المباشرين.
-تحديد شروط تقديم العرائض لمجلس الجهة من حيث الشكل والمضمون بالنسبة للأفراد والجمعيات.
– تداخل في الاختصاصات (التخطيط، البرمجة، الإنجاز، التدبير والصيانة) مع الجماعات الترابية حيث تم التنصيص بشكل غير دقيق على اختصاصات من بينها: إنعاش السياحة، وخدمة الاستثمار، والإسهام في تحقيق التنمية البشرية المستدامة، وتنمية الثروة وفرص الشغل…
– توسيع صلاحيات رئيس الجهة إذا يعتبر، من خلال منطوق المسودة، السلطة التنفيذية والآمر بالجهة، يمثلها ويسير إداراتها ويسهر على مصالحها.
وترتبط مسودة القانون التنظيمي للجهة مع مجموعة من القوانبن التنظيمية الأخرى خاصة تلك المتعلقة بالديمقراطية التشاركية غير المباشرة والمتمثلة في أشكال تأثير المواطن(ة) والجمعيات في صنع القرار والتأثير فيه من خلال تقدبم العرائض (الفصلان 15 و 139 من الدستور)، ووضع آليات تشاركية للحوار والتشاور (الفصل 139 من الدستور)، وتلك المرتبطة بتوسيع الاختصاصات الذاتية والمشتركة والمنقولة للجهات، وأخرى متعلقة بتحويل الدولة لاختصاصات بشكل متباين بين الجهات.
في نفس السياق، فمنطوق الفصل 146 من الدستور ينص على قانون تنظيمي واحد ليتضمن مقتضيات كل مستويات الجماعات الترابية (الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات الحضرية والقروية)؛ “تحدد بقانون تنظيمي بصفة خاصة: شروط تدبير الجهات والجماعات الترابية الأخرى…”، ولم يتحدث عن قانون تنظيمي لكل مستوى من مستويات التنظيم الترابي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.