صدر مؤخرا عن مطبعة ”أزيد إديسون بالرباط” الطبعة الثانية من كتاب ” الإرادة لا تعرف المستحيل” وهو من الحجم المتوسط يقع في 144 صفحة و يتضمن سيرة رجل أعمال عصامي الحاج لحسن الطلبة الذي بدأ من لاشيء و لم تطأ قدمه لامدرسة و لا كتابا و هو ما كان منعدما في قريته بإحدى واحات درعة بإقليم زاكورة . و استطاع بكده ان يؤسس مقاولات وطنية . الكتاب تضمن أيضا بعض الرسومات تعبر عن الفترات العصيبة التي اجتازها صاحب السيرة وهي للرسام رشيد زيزي صاحب لوحة الغلاف. و من جميل الصدف أن كاتب سيرة هذا الرجل العصامي هو الآخر عصامي التكوين فتح عينيه بإحدى قرى الأطلس الكبير فلم يجد لا مدرسة و لامعهدا إنه الكاتب وصاحب دواوين شعرية بالأمازيغية و العربية باسو أوجبور. ويروي كاتب السيرة باسو أوجبور أن هذا الرجل الذي ينحدر من قرية تاملالت بواحات درعة اقليم زاكورة، غادر بلدته مبكراً مقترضاً خمسين درهماً لاقتناء تـذاكـر السفر نحــو الرباط بحثاً عن العمل. بعـد رحلته الطويلة الى مراكــش، ثم منها الى الربـاط. بعد جهـد جهيد وعــزم فـريـد وإرادة من حديد، استطاع هذا الرجل ان يجد مكانه بين الكبار في عالم المال والأعمال بفضل مجمـوعة الطلبة التي تتضمن مجموعة الشركــات المتخصصة في البنـاء وكــذلك المعامل الحديثة، كمعمل الزجاج والألومنيوم والخشب والخرسانة وغيرها.»
نترك القارئ الكريم مع مقتطفات الكتاب. في الصفحة 6 نقرأ ما يلي: قــد يتـفـق مـعـي كـل مـن يـعـرف صـاحـب الـسـيـرة إذا قـلـت أنـه ساهــم بشكل كـبـيـر فـي تـرسـيـخ وتـفـعـيـل المقاولة المواطنة، التي تجعـل من مـصلـحـة الوطن أولى أولوياتها، وأرى أن من الواجب علينا جميعاً أن نعـمل مـن أجل وطننا كل مـن موقعه، سـواء بالأمـوال أو بالعـلـم أو الأفـكـار وخـاصة بالأيـدي. إن الابحاث العلميـة ثمـرات الأفـكار الـنيـرة. لكن، ولو بالتمويل، ما كانت الاختراعات أن تجسد وترى النور لولا العمل بالأيدي. وبالـتالي يـجـب أن نسـعـى كلنا إلى تـقـوية الـروح الوطنية. فالنهضة الإجتماعـية والـثـورة الإقتصادية لا تقوم بالأفراد بل بالمجـتـمعات.
و في مقدمة الكتاب يقول صاحب السيرة :«حسبي الله أنني لا أبتغي من خلال سيرتي هذه مجداً ولا عزة فالعزة لله. إنما أطمح إلى أخذ المبادرة في تحريك الإرادة في نفوس الشباب الذي قد يتهاون منتظراً ما قد يأتي أو يحصل دون بذل الجهد. أنا على يقين تام أنه لن يتم أي إنجاز إلا بعمل جاد ومبادرة شخصية في بناء الذات.»
و يصف معاناته مع الأمية ويقول: «التهبت أحشائي بنار الأمية التي ما فتئت تشكل عندي مبعث الخيبة والألم. ما ذنبي في أميتي، فالمدرسة لم تبن بقريتي. هذا ما حفزني عندما كبرت لترشيح مقاولتي في مشاريع بناء المدارس في المناطق الصعبة سواءً بالجبال أو الصحراء. أتذكر أنني كنت أقبل بعروض مشاريع بناء المدارس القروية التي كان يرفضها جميع المقاولين لانعدام المسالك حتى للشاحنات ذوات العجلات الكبيرة. كنت أتسلق جبال “أم أوكزمير” و”سيدي أحمد بن يشي” ومدارس “تيلوين” بمنطقة والماس. أستعين في البناء بالحمير لحمل الإسمنت والرمال الى الجبال لأساهم بطريقتي في نشر المعرفة. كنت أشعر باعتزاز كبير حينما أنهي بناء مدرسة ما بقرية نائية. أعتقد أن المدرسة بلســم لوبـاء اسمه الأمية. لأن من أنقذ طفلا من الأمية أنقذ روحاً من الظلم والذل والإقصاء والإهانة والخيانة.»
ختاماً يقول الحاج لحسن الطلبة أتمنى أن لا يكون حب المال سبب عمى أبصارنا وبصيرتنا حتى نفقد الضمير المهني فنضيع فرصاً ثمينة لإدماج العاطلين عن العمل ومحاولة اشراكهم في تنمية الاقتصاد الوطني. أرى أن الضمير المهني يحتم علينا الدقة في الجودة والإتقان والالتزام بالوقت. وهذا سر كسب ثقة الناس، أكانوا من الزبناء أو الشركاء. وبالثقة والأمانة نضمن استمرارية العمل وانسيابية المال. لهذا لا ينبغي أن نبحث عن المال، بل يجب أن نكد ونجتهد بجد وإخلاص، فنجعل المال يبحث عنا. وتلك هي فلسفة العمل الناجح. لذلك أقول أن الإرادة لا تعرف المستحيل.
تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.