حينما يطرد التلميذ الاستاذ من المؤسسة .قراءة في المذكرة الوزارية رقم 97

2 1٬659

كان على المشرع المغربي أن يضيف “الفائض” كحالة خامسة للوضعيات التي يمكن أن يكون عليها الموظف العمومي ،رغم غياب نصوص قانونية تحمي هذا المواطن المسكين الذي أريد له أن يكون هكذا موظف ،سفير متجول حتى إشعار آخر.

عادة ما يلجأ الأستاذ إلى تغيير محل العمل الذي  يشغله سابقا ،بحثا عن مكان يتوفر على شروط  عمل قد لا تتوفر في المكان الأول .فبالأمس القريب يمكن للموظف الانتقال  سنويا إلى أي مكان بشكل سلس إذا توفر المنصب الشاغر ،لكن مع تواتر المشاكل التي تطرحها الحركة الانتقالية خاصة في المناطق النائية كإقليم زاكورة الذي يصدر أكثر مما يستورد سنويا ،ووجود فائض في  المدن الكبرى كالدار البيضاء مثلا ،تم التنصيص على ثلاث سنوات على الأقل للمشاركة في الحركة الوطنية و سنتين في الحركة الجهوية .و مع عدم التدقيق في البنية التربوية للمؤسسة التعليمية غالبا ما يتم تفييض أساتذة لأ سباب كثير ة يأتي على رأسها الهاجس المادي على حساب الهاجس البيداغوجي.و هنا تكمن مفارقة عجيبة ففي الوقت الذي يتم فيه التطبيل لمدرسة الجودة و النجاح، و دفتر التتبع الفردي للتلاميذ في وسائل الإعلام الرسمية، يتم  ضم أقسام وتفييض اساتذة ليصل عدد التلاميذ 48 تلميذا في القسم الواحد، و إذا ضربنا 48*6=288 تلميذا في القسم.

إن الأستاذ المفيض يجد نفسه قد فقد نقط الاستقرار في المنصب ليضع نفسه رهن النيابة و الإدارة  ،و يمكن بمقتضى القانون نقله في أي وقت إلى أماكن أخرى أخذا بعين الاعتبار “مصلحة التلميذ”أما الأستاذ فلا مصلحة له لهذا  يتحول إلى سفير متجول يجوب النيابة شمالا و جنوبا دون أن يعطاه حقه للاستقرار في منصبه الجديد.فما دامت النيابة استجابت لطلبه في الانتقال  بشكل ديمقراطي فعليها أن تصون له هذا الحق بالاحتفاظ به في منصبه الجديد حتى شغل منصب جديد ، و إلا لا  تسمح له بالانتقال ما دام لم يوجد منصب شاغر.

و إذا كان الفائض في الماضي يدبر من عرف إداري “آخر من التحق” فان المذكرة الوزاريةرقم97 الصادرة بتاريخ 15 يونيو2006أشارت إلى مسطرة تحديد الفائض انطلاقا من :

1- الاقدمية العامة :نقطة واحدة عن كل سنة ابتداء من تاريخ التوظيف.

2 – الاقدمية بالنيابة :نقطة واحدة عن كل سنة ابتداءا من تاريخ التعيين بإحدى المؤسسات التابعة للنيابة.

3- الاقدمية بالمؤسسة :نقطتان  عن كل سنة ابتداءا من تاريخ التعيين بالمؤسسة الحالية .

ويعتمد مجموع النقط المحصل عليها في ترتيب المدرسين و يحتسب الفائض منهم بعد إسناد حصة كاملة لجميع الأساتذة حسب العدد اللازم الذي تفرضه البنية التربوية للمؤسسة،و في حالة التساوي في النقط يحتكم إلى عامل السن.(انظر المرشد التضامني 2006/2007 ص72).

إن وضع معايير تحديد الفائض هذه قد تبدو عادية، لكن المذكرة الإطار قد استثنت مجموعة من الأساتذة- رفع عنهم القلم-  لا يتم احتسابهم في تحديد الفائض:

1- الأستاذ المبرز أو الحامل لشهادة جامعية عليا(دكتوراه….).

2 –الأستاذ المكلف بمهام إدارية بناء على تعيين صادر من الوزارة أو الأكاديمية أو النيابة.

3- الأستاذ المكلف بالتدريس بسلك غير سلكه الأصلي.

المتأمل لمنطوق المذكرة يصل إلى نتيجة مفادها رغبة الوزارة التخفيف من المشاكل التي تطرحها الحركة الانتقالية كل سنة خاصة مع النقابات من خلال تمديد سنوات الاستقرار في النيابة و في الأكاديمية ،إذ على الأستاذ الانتظار سنتين على الأقل للانتقال داخل الجهة و ثلاث سنوات في الحركة الوطنية.لكن القائمين على القطاع قرصنوا حقوقا للموظف المفيض  خاصة الاقدمية بالمؤسسة،وأهل مكة يعرفون أهمية هذا الحق بالنسبة لا أستاذ يشتغل داخل مؤسسة تنعم بحد أدنى من شروط العمل ،أيضا هناك نقاش قانوني حول أحقية المفيض المشاركة في الحركة المحلية :لمن تعطى الأولوية ؟هل لأستاذ آخر جاء من مؤسسة أخرى داخل النيابة أم لهذا الأستاذ المفيض؟.

إن عرف آخر من التحق باعتباره عرفا إداريا رغم سلبياته بالنسبة لأساتذة التعليم الابتدائي يبدو في نظري أكثر ديمقراطية وواقعية من المذكرة 97.فالأستاذ بمقتضى هذه الأخيرة دائما معرض للتفييض انطلاقا من جانبين:

1- بإمكان “زيد”الذي التحق بمؤسسة معينة برسم الموسم 2010/2011

تفييض زميله”عمرو”الذي يعمل بها منذ 2006/2007 لكون زيد انتقل من داخل نفس النيابة و نفس الأكاديمية و مرسم بحسب الموسم 2001/2002

،بينما عمرو مرسم حسب موسم 2007/2008 بعد سنة واحد من العمل بالنيابة  فيكون المجموع 22 نقطة لزيد و 18نقطة لعمرو.

2- هذا من جهة ،ومن جهة أخرى بإمكان الأستاذ الذي يشتغل بالمؤسسة 37 سنة كاملة أي منذ 1973/1974 و هو حاصل على الإجازة أن يتم تفييضه من طرف تلميذه الذي درس على يديه في قسم الأولى ثانوي إعدادي منذ 1999 لكون التلميذ تابع دراسته بسلك الماستر (سنتين بعد الإجازة)وحصل على شهادة عليا تدعى الماستر .

ما يعنينا في هذه المذكرة المشئومة هو ذلك الاستثناء من التفييض .لماذا استثنت الوزارة ما تسميهم أصحاب الشواهد العليا من التفييض ؟هل لهدف نبيل هو تشجيع الطلبة و الأساتذة على متابعة دراساتهم لما في ذلك من ايجابيات على الرفع من أداء الأستاذ أثنا ء الممارسة الصفية ؟يجيب التشريع بالنفي :ففي بداية التسعينيات ثم فتح مراكز تكوين المعلمين على مصراعيها لحملة شهادات الباكالوريا و أغلقت في وجه جحافل من أصحاب الإجازة ، و قد برر عبد الله ساعف حينها هذا الإجراء بسياسة مالية على حساب السياسة البيداغوجية .و في فبراير 2008 ارتكبت الجريمة مرة ثانية إذ تم إلغاء الترقية بالشهادة (الإجازة…)و أعيد العمل بها بشكل استثنائي خلال 2011/2012 حتى31/12/2011 بعد دخول الاساتذ ة أصحاب الإجازة و الماستر و الدكتوراه في إضراب مفتوح،مما يعني أن قرار إلغاء الترقية بالشهادة لا زال قائما إلى حين صدور قرار وزاري يتبث الإلغاء أو يحذفه.

لايختلف اثنان حول أحقية حصول أبناء الشعب المغربي قاطبة على شواهد عليا و القطع مع ماضي توظيف الحاصلين على شهادة الباكالوريا السيئ الذكر،و لايختلف اثنان حول ضرورة فتح الدراسات العليا في وجه جميع الأساتذة و عدم و ضع عراقيل و شروط تعجيزية في وجوههم سواء من طرف الإدارة التربوية أو من طرف  الكلية  لما في التكوين الأكاديمي من ايجابيات للرفع من أداء الأستاذ بالقسم خاصة و أن الدولة صرفت ميزانيات على هؤلاء ، لكن لا يحق لها أن تستثنيهم فيطرد التلميذ أستاذه من القسم ولم لا من المؤسسة .  

و الحال أن هذا الاستثناء جعل الأساتذة الغير الحاصلين على  الماستر يحسون بغبن بخصوص استثناء أصحاب الشواهد العليا من التفييض ، مما يتطلب من الوزارة  الوصية تعديل المذكرة 97بالغاء الاستثناء و لم لا إلغاء المذكرة و إصدار مذكرة تنظيمية منصفة للجميع تركز على آخر من التحق و في ذلك  فليتنافس المتنافسون.

عبد الكريم الجعفري –أستاذ باحث – زاكورة


2 تعليقات
  1. عبدو يقول

    أشكر الأستاذ ع الكريم الجعفري على هذا الموضوع الشيق الذي وضع اليد على الجرح الكبير الذي أصبح ينخر الجسم التربوي،و هنا أحب أضيف أن رجل التعليم غير الحاصل على مايسمى “الماستر” كان يدفع ولا يزال يدفع ثمن تفوقه ،لأن زميله الكسول الذي لم يتوفق في أية مباراة للتوظيف قرر أن يستكمل دراسته وعندما حصل على تلك الورقة التي يسمونها لجهلهم”شهادة عليا” يأتي فيوظف بشكل مباشر لأنه فشل من أن يكون قادرا على النجاح في إحدى مباريات التوظيف أو لأن معدلات نجاحه لا تتعدى دائما ميزة مقبول أو مجرور…ثم يحصل فيما بعد على الإمتيازات الأخرى كما هو مبين في المذكرة المشؤومة97التي وضعتها وزارة ظالمة باغية …
    إنه مغرب القرن 21 الذي يدفع فيه المتفوق ضريبة تفوقه ويحصل الكسول على امتيازات لا يستحقها.

  2. الجعفري يقول

    لطفا يا سي عبدو من حق اي كان ان يتابع دراسته ولايمكن اعتباره كسولا ،الكسول هو وزاراتنا التي تنام في غرف مكيفة و تترك لنا مذكرات تهرأت اوراقها ،لماذ لا نطبق عرف اخر من التحق في التفييض الذي صراحة اعتبره ديمقراطيا احسن من المذكرة 97 التي خلقت صراعات بين الاساتذة داخل المؤسسات ؟ثانيا لماذا التفييض ؟الا يعبر ذلك على خلل في التخطيط و في البنية التربوية للمؤسسات التعليمية؟.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.