واحات الجنوب لن تستمر طويلا !
لعبت واحات الجنوب عبر مر السنين أدورا عديدة ،حيث كانت محطة استراحة للقوافل التجارية ،كما أنها كانت المزود الرئيسي للسوق المحلية من المواد الأساسية للعيش ،فيما تصدر تمرها إلى أوروبا ،كل ذلك جعل منها منظومة بيئية يضرب بها المثل في التنمية المستديمة .
هل ما تزال هذه المنظومة البيئية الهشة قادرة على مواكبة التطور المشهود في شتى مجالات الحياة ؟ وهل تصمد طويلا في ظل إهمال الوحاتيين وصعوبة الظروف المناخية ؟
قبل أن أخوض في تفاصيل الأمور تعالوا نلقي نظرة على التعاريف التي يمكن ان يأخذها مصطلح الواحة .فحسب التخصصات والاهتمامات هناك تعريف فلاحي ’’هي منطقة تمارس فيها أنشطة فلاحية بكثرة وحسب،التعريف السوسيو اقتصادي تعرف كمنطقة للتبادل التجاري و الثقافي ،اما من المنظور الجغرافي فينظر اليها على انها منطقة رطبة في مجال صحراوي .
ويمكن أن نستخلص من كل ذلك أن الواحة نظام زراعي بامتياز،بقدر ما هي منظومة بيئية ،قادرة على التعديل الذاتي ومواجهة التحديات ؛على أية حال وكيفما كان الاسم فالمسمى واحد ،نظام يتعرض أكثر من أي وقت مضى لضغوطات بشرية واكراهات طبيعية قد تضع حدا للحياة فيها في المستقبل القريب .
أن المشاكل التي تتخبط فيها الواحة اكبر من أن تسرد في تقرير مبسط كهذا،لكن حسبي انني سأتناول هنا فقط مشكلين أساسين؛ الأول متعلق بقطاع النخيل والثاني بالفلاحة الحديثة.
قطاع النخيل
فمنذ ظهور مرض البيوض سنة 1870 بزاكورة وقطاع النخيل في تدهور مستمر،حيث تراجعت أعداد النخيل من 15 مليون نخلة لتستقر اليوم في 4 ملايين فقط ،كما انقرضت كذلك عدة أصناف ذات الجودة العالية والسمعة العالمية كبوسكري والمجهول وبوفقوس وغيرها،ولم يتبقى اليوم إلا بعض الأنواع المقاومة للمرض وهي غالبا متوسطة و ضعيفة الجودة كالخلط ’’ أنواع هجينة’’ الناتج عن زراعة نواة التمر.
إن جهلنا بالتفاصيل العلمية عن هذا المرض الفتاك، ساهم في انتشاره بشكل سريع،وتكمن خطورته في استهداف النخلة التي تعتبر قاعدة للتنمية بالواحات وكذلك أداة لتقييم حالتها الصحية. إذ أن تواجدها في الطبقة الشجرية يخلق ميكرومناخ قادر على إعطاء ظروف ملائمة لتواجد واستقدام مزروعات مختلفة ، إذن فلا يمكن أن نتصور واحة في منطقة صحراوية بدون نخيل.
لقد ساهم إهمال الواحاتيين لهذا القطاع عندما تركوه يعيش قدره، واعتمدوا على موارد عيش خارجية في تسريع وثيرة التدهور، وجعل المرض أكثر قوة يفعل مايشاء.
الفلاحة الحديثة:
شكل نمط العيش بالواحات منذ النشأة، نموذجا للتنمية المستدامة حيث أن الواحاتي لا يحتاج من السوق إلا الزيت والسكر. فيما يحقق اكتفائه الذاتي من الخضر واللحوم والألبان، معتمدا في ذلك على الفلاحة البيولوجية، وتربية الماشية. للأسف اليوم تغير هذا الحال وكل المواد الأساسية مصدرها الأسواق الخارجية، وأصبحت الواحة عقيمة لا تجد لمن تشكوا مآسيها. بل أكثر من ذلك سنؤدي قريبا ثمن بعض الحماقات التي تريد أن تجعل من واحاتنا منطقة للفلاحة الحديثة، متجاهلين بذلك ظروفنا المناخية وتربتنا، والأهم فرشتنا المائية، صحيح أن فلاحتنا دخلت سوق الفلاحة الوطنية من بابه الواسع ولكن هذا الإنجاز مؤقت وعلى حساب المواطنين. وكل الأراضي التي تم كرائها ستموت حتما بعد وفاة عقد الكراء ذلك أن المستثمرين الأجانب يعبثون، ويستغلون أرضنا أسوء استغلال. وانظروا إلى مياهنا التي أصبحت غورا، وبدأت عدة دواوير بشد الترحال بسبب فاكهة ليس لهم فيها لا ناقة ولا جمال.
أكتب هذه الكلمات وقلبي يتشقق من الحزن،اذ لا بد من وقفة صادقة من لدن المجتمع المدني ممثلا في الجمعيات التي تهتم بالبيئة من أجل وضع حد لمهزلة هذه الفلاحة المستوردة، والعمل جديا في تحسيس وتوعية وتأطير الساكنة المحلية، وإلا فستدخل واحاتنا قريبا في خضم القرية الخاوية على عروشها، ذات البئر المعطل والقصر المشيد.
كلامك في محله سيدي أسأل الله أن يعينكم على تدارك ما ضاع وأن يبارك فيما بقي
ما جانبت الصواب اخي علي بل هو بعينه ,,,جميل ويرجى من كل ممثلي ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات ومنضمات حماية البيئة ,,,,,,,,,,, إعادت النظر في الاوضاع,,,,,,