القصبات التاريخية بواحة سكورة كنوز معمارية تأبــــــــــى النسيان والاندثار

0 1٬912

       تعد القصبات التاريخية المتواجدة في واحات الجنوب الشرقي عموما و واحة سكورة (ورزازات ) خصوصا ، شاهدًا على التمازج الحضاري بين الاثنيات العربية و الامازيغية و الصحراوية و العبرية بهذه المناطق ، فالبناءات الشامخة التي تستمد خصوصيتها من الطابع المحلي ومن استعمالها للمواد التقليدية و التي تؤرخ لفتراث زمنية بعينها و لثقافة و حضارة بعينها ،أصبحت اليوم عرضة لخطر مزدوج إما السقوط و الاندثار بفعل عوائد الزمن و إما لطمس معالمها من جهة أخرى نتيجة جهل بعض ملاكها لأساليب و طرق ترميمها ’ كما أن إدخال بعض ملاكيها تحسينات عصرية عليها بغية استقبال الزوار و السياح قد يضر بقيمتها الفنية و التاريخية ، إلا أن هذا لا ينسينا أن واقع حال العديد  من هذه القصبات والقصور يعرف حالة من التردي، بسبب عدم قدرة أصحابها على ترميمها، أو بسبب كثرة أعداد ورثتها الشيء الذي يحول دون اتفاقهم على موضوع إصلاحها من عدمه ’الشيء الأكيد هو أن القصبات والقصور التاريخية هي أهم المواقع و المزارات السياحية و السينمائية بالمنطقة و هي تخدم الاقتصاد المحلي و التنمية معا ’لذلك كله وجب تثمينها و الحفاظ عليها بكل الطرق الممكنة .

·        القصبات كإرث تاريخي مشترك و تعبير ثقافي اثنوغرافي : 

           القصبات التاريخية بواحة سكورة جزءا لا يتجزأ من الهوية الاثنية و اللغوية و الانتربولوجية للإنسان السكوري ’و القصبة في اللغة العربية التداولية – قديما – حصن حصين ضد هجمات الأعداء و برجا أو أبراجا للمراقبة العسكرية و مراقبة هلال الشهور القمرية ومسكن لتكثل بشري مترابط بعلاقات دموية و مصالحية أيضا و مخزن للحبوب والأدوات , بنائها ضخم تتخلله نوافذ ضيقة غالبا و ذات شكل طولي و يقصد عادة بـ” القصبات ” و” القصور” تلك المباني المشيدة في أماكن عالية كالتلال المجاورة لمجاري المياه، كما يقصد بها أيضا المساكن المحصنة التي شيدت في المناطق القريبة من الصحراء.

تمتاز القصبات ببنائها بالتراب المركز وحلقات الآجر الطيني المركب ، و غالبا ما تكون الأساسات و مخارج المياه و مداخلها مرصصة بالحجارة ’ خصائصها الهندسية تلك تضفي عليها قيمة جمالية رائعة ونادرة تجعلها متكيفة مع الشروط البيئية والمناخية الجافة ( الباردة و الحارة )، يزيدها جمالا تكاملها مع المناظر الطبيعية المحيطة بها كالأشجار الباسقة الدائمة الخضرة ( النتلاي ) أو النخيل الوارف الضلال كما تعرف  تناسقا في أجزائها وأحجامها يتماهى مع دقة نقوشها وزخارفها  التي تؤرخ لمراحل زمنية معينة و تعبر عن كينونة ثقافية و حضارية متميزة .

و القصبات أنواع عدة اذ لكل منطقة نوع من القصبات، في كل مرة تضفي يد الصانع الفنان على بنائها نوعا من الرونقة والجمال،

1)      القصبات العتيقة : تعكس الهندسة المعمارية لهذه القصبات العتيقة مميزات وخصائص تتسم بالبناء بالتراب المدكوك على شكل قوالب ” اللوح” أو” التابوت” في تداخل أفقي أو عمودي وتثير نوعية هذه الهندسة المعمارية الانتباه وتشده إليها لعدة عوامل منها ما يتعلق بطريقة البناء وأسلوبه، ومنها ما يتعلق بزخرفة وتزيين البناء ( نموذج قصبة امريديل الشامخة ) .

2)      القصبات الحديثة: تتسم الهندسية المعمارية الترابية لهذه القصبات بتأثيرات البناء العصري كالنوافذ الكبيرة والاختصار في أحجام المباني و تبسيط زخرفتها إلى غير ذلك وكل هذه التعديلات برزت نتيجة التغيرات التي جرت على البنيات الثقافية للساكنة ، ومع ذلك فتقنيات البناء لا تختلف في جوهرها بل في جزئياتها.( نموذج القصبات التي تم تحويلها لمأوي سياحية ) .

          فالقصبات بهذا المعنى ليست مجرد بنايات للسكنى و الحماية من المناخ القاسي بل الأمر يتعدى ذلك لتعبر القصبات التاريخية عن هوية و كينونة الإنسان الذي عاش فيها و تعكس غالبا نمط عيش ساد لمدة معينة و ذلك مستشف من خلال النقوش و الزخارف المعمارية الداخلية و الخارجية التي تعبر عن هموم و مشاغل و لغة و حضارة الفئة البشرية التي سكنت بها ’نفس الأمر تعززه جملة الأدوات المنزلية و الفلاحية و الأسلحة  التي وجدت داخل القصبات  و التي تم حفظها بعناية داخل دهاليزها التي هي أشبه بالمتاحف القديمة .

·       و للقصبات خصوصيات ايكولوجية أيضا :

 

            تبنى القصبات أساسا بالتراب المدكوك على شكل قوالب تسمى التابوت أو اللوح تتداخل بشكل أفقي و عمودي و تؤسس على أساسات حجرية مقوية ’           خصوصية هذا البناء المتميز بسمك جدرانه الكبير و الذي يتجاوز 90 سنتمرا عرضا و بعلو أسقفه عن الأرض بحوالي عشرات الأمتار – يصل أحيانا إلى خمسة و عشرين مترا – و بحجم النوافذ الصغير و انفتاحها على جهتي الشرق و الغرب فقط ,و هي كلها خصائص تقف حائلا و عازلا أمام التأثر بعوامل الحرارة و البرودة و الرطوبة و الجفاف  الخارجية  و تصنع مناخا داخليا معتدلا مغايرا للمناخ الخارجي و يزيد من اعتدال هذا المناخ إنشائه داخل وسط طبيعي فسيح من الأشجار الوارفة الضلال طيلة السنة و حدائق من المنتجات الطبيعية الفارزة للاوكسجين و التي تعمل على تصفية الهواء و ترطيبه ,إذن فروعة البناء بالمواد الطينية المنتشرة بواحة سكورة  كما على نطاق واسع في منطقة الجنوب الشرقي ككل بادية للعيان ٬ ومن خلالها يمكننا اكتشاف أصالة وخبايا الهندسة المعمارية لهذه المنطقة٬ سواء في شقها الإيكولوجي والجمالي٬ أو فيما يتعلق بقدرتها على الاستدامة ومقاومة قساوة الطبيعة.

العمر الافتراضي لمثل هذا النوع من البناء حسب الخبراء يقدر بحوالي 300 سنة و يتميز بخصائص تقنية فريدة تصنفه في خانة البناء الايكولوجي لعدة اعتبارات أهمها اكتفائه بنفسه أثناء الفصول المناخية الأربعة و عدم الحاجة إلى تدفئة أثناء الشتاء أو تبريد أثناء الصيف كون هذا النوع من البناء المؤسس على التراب و الطين يحول دون الثأتيرات الخارجية للحرارة و البرودة و يعزل داخله بنمط فريد يعمل على الحيلولة دون الإمداد الشمسي أثناء الصيف و يضاعفه أثناء الشتاء و هو يسمح أكثر من غيره بمرور أمن للهواء   .

قصبة امريديل ’القلعة الشامخة على وادي الحجاج :

قصبة أمريديل التاريخية هي أشهر القصبات بواحة سكورة على الإطلاق و تقع بالجزء الجنوبي للواحة بدوار أولاد يعقوب، و يعود تاريخ إنشائها إلى القرن السابع عشر. و تعتبر من أهم المنشآت العمرانية المتواجدة بواحة سكورة، وتتميز بأبراجها المزخرفة بالطوب والطين و تشتهر بكونها إحدى أهم المعالم التاريخية التي حظيت بشرف الترويج لها بالورقة المالية (خمسون درهما) بالإصدار السابق لسنة 1997 على الجهة الخلفية. كما تحظى بالقسط الأوفر من زيارات السياح المتوافدين على المنطقة، وتتكون من ثمانية منازل قديمة مصفوفة على جانبي ممر أوسط، بينما تشكل واجهاتها بنية دفاعية بأبراج مراقبة تؤثث  زواياها الأربع، كما تمت إضافة رياض وصالة للضيوف بداخلها وتسير حاليا من طرف عائلة السي محمد السكوري الناصري( سليل أيت الناصري ) ذات الأصول العريقة و المتفرعة عن الزاوية الناصرية.و يعتبرها المختصون في مجال المعمار بمنطقة درعة أجمل قصبة بواحة سكورة على الإطلاق.

تاريخ هذه القصبة ضارب في القدم و جزء منه مطموس ربما عن عمد لكن ما رشح منه أن الجانب المحاذي لها والذي انهارت أجزاء مهمة منه والذي يدعونه القصر تم هدمه مرتين من طرف الأعداء خلال فترة السيبة.. أما القصبة فقد كانت في عهد الاستعمار حسب ذات المصدر مقرا لتجمع المقاومين والوطنيين و مكانا لإخفاء الأسلحة و الذخيرة..

هذه التحفة المعمارية إذن مازالت تصارع عواتي الزمان.. وقدرها أن تتواجد في منطقة تعاني الأمرين مع  قساوة الطبيعة حيث الجفاف  متواصل منذ سنوات  وهو ما حول وادي الحجاج إلى مجرد واد للحجارة و الرمال بعدما لم تعد تفيض سيوله منذ مدة باستثناء بعض العواصف الرعدية و الفيضانات بين الحين و الآخر و التي هددت وجودها أكثر من مرة  .

          قصبة امريديل التي ترتبط صورتها بورقة ” الخمسين درهما ” والتي لها جماليتها الخاصة رغم محاولات القيام بصيانتها من طرف وارثيها من أبناء الناصري إلا أنه من الضروري على الجهات المعنية بالمعمار أن تهتم بهذا الكنز المعماري بل والدفاع عنه ليسجل ويصنف كتراث إنساني تقتضي الضرورة الإبقاء عليه والعمل على ترميم ما يجب ترميمه و المحافظة على تميزه.

·       قصبة ايت عبو’ القصر العالي التي حضي بشرف اتفاقية للتثمين السياحي  :

 

توجد قصبة أيت عبو في الجزء الشمالي من واحة سكورة بدوار تجنات، بنيت هذه القصبة في العقود الأولى من القرن التاسع عشر و تمت إضافة وحدات جديدة داخلها لاحقا كي تشكل دارا للضيافة ومأوى سياحي، وهي القصبة التي حظيت بشرف إدراجها ضمن اتفاقية تثمين القصبات التي وقع عليها المجلس الإداري للشركة المغربية للهندسة السياحية والشركة المغربية لتثمين القصبات مع ملاكي هذه القصبة تحت رئاسة لحسن حداد وزير السياحة، بتاريخ  24/07/2013 بورزازات، و ترمي هذه الاتفاقية إلى التأهيل والتطوير والتنمية السياحية لهذه القصبة التاريخية – إضافة إلى قصبات أخرى من مدن زاكورة و الراشيدية – التي تزخر بدلالات ثقافية وحضارية و تراثية شتى.

تعتبر قصبة “آيت عبو” هاته أحد القصبات والقصور الزاخرة بعبق التاريخ، وبالأصالة المغربية، المتجلية في الإرث المعماري البارز، على مستوى هندستها وطريقة بنائها الأصيلة، المعتمدة على المواد الأولية المحلية، والمتأقلمة مع الطبيعة، وظروف الطقس في المنطقة. وما كانت قصبة “آيت عبو” لترى النور، سوى بعمل أصحابها على جعلها واحدة من جوامع الحضارة المحلية الراسخة في التاريخ، وتقابلك في مدخل القصبة، التي بنيت كلها بالتراب والتبن والقصب والخشب، أشجار النخيل الوارفة، المحيطة بالمباني السكنية العريقة، التي يقطنها عائلة ايت عبو المتفرعة لعدة فروع من مالكي القصر، وهي ترى من بعيد ولا تخطئها العين. وتتكون قصبة “آيت عبو”، التي يعود تشييدها إلى عام 1837، من 54 غرفة، وآبار ومرافق للوضوء والصلاة، وخمسة طوابق، وساحة جماعية، وتمكن ساكنيها من إنقاذها، وتحدي عواتي الزمن، لتظل شاهدًا على حضارة إنسانية، لا تزال تتوارث أبًا عن جد. وتعرضت القصبة، خلال العقود الماضية، إلى خراب جزئي، لاسيما في طوابقها العليا، بسبب العوامل الطبيعية، وشكل ذلك عاملاً مهمًا في تضافر جهود مالكيها، من الأسر الوارثة لها، لإنقاذها من الضياع، والحفاظ عليها كموروث تاريخي، وشاهد على إنجازات الأجداد، في مجال الدفاع عن القبائل في المنطقة، من هجومات القبائل الأخرى، التي تريد الاستيلاء على خيرات المنطقة، وبالتالي السيطرة عليها. وعلى الرغم من أن العوامل، ويقول المسؤول عن القصبة أنها “الأطول في المنطقة، وفي المغرب، بعلوها الذي يفوق 25 مترًا”، مشيرًا إلى أنها “مشيدة على مساحة 47 هكتارًا، ما جعلها قبلة للسياح الأجانب، لاسيما من فرنسا وإنجلترا”، مبرزًا أن “القصبة شيدت بغية مواجهة هجمات القبائل، الآتية من الصحراء، وجبال الأطلس، التي كانت تعتدي على المنطقة، وأنها كانت تقوم بدور اجتماعي واقتصادي، لاعتبارها زاوية ومحجًا لاستقبال جميع طرق القوافل التجارية، المارة من المنطقة، ومكان للضيافة”. وعبر مفهوم عن الأسف لكون العائلة الممتدة لم تتمكن طوال الأعوام الماضية من ترميم القصبة، التي بناها الجد حمادي بن عبد الكبير، على الوجه الأمثل، نظرًا لقلة الموارد، رغم أن ترميم هذه المعلمة الوطنية قد بدأ عام 1996، مؤكدًا أن “اتفاق التثمين السياحي لثلاث قصبات في ورزازات وزاكورة والرشيدية، التي تم التوقيع عليها، أخيرًا، مع وزارة السياحة المغربية، ستمكن من إنقاذ هذا الصرح المعماري الفريد من نوعه.

·       قصبة بن مورو أول قصبة تاريخية تتحول إلى فندق سياحي بالمنطقة  :

قصبة بن مورو هي من واحدة من أجل القصبات المحلية وتتميز بأربعة أبراج بالإضافة إلى المحيط الذي قد يضم بدوره أبراجا قد يعلو الواحد الآخر بشكل متناغم و إن لم يكن متوازنا و من هنا كان لقصبة بن مورو رونقها و هي على حاشية الطريق الرئيسية بمنطقة ” تاسكوكانت ” بواحة سكورة البهية،. فهذه القصبة كانت في فترة ما تعاني الإهمال و كادت تتعرض للتلاشي لولا أن أصحابها من عائلة ايت بن مورو قاموا بكرائها لمستثمر إسباني و هذا الأخير حولها إلى فندق سياحي بعدما أعاد ترميمها ليجعل منها قصبة تنبض بالحياة الشيء الذي يبين تقدير بعض المستثمرين الحقيقي للتحف المعمارية التي تزخر بها المنطقة .

فقصبة بن مورو هي أول قصبة تاريخية  بالمنطقة تتحول إلى فندق سياحي بعد ذلك نحت العديد من العائلات المالكة للقصبات نفس المنحى و سلكت نفس السبيل فتناسلت القصبات السياحية بدل القصبات التاريخية و هو شيء محمود مادام الأمر اقتصر على الاستثمار و الاستغلال السياحي دون تغيير النمط المعماري المميز لها .

و ثمة عددا كبيرا اليوم من القصور و القصبات السياحية التي تشد الناظرين إليها و تستقطب سياحا من كل بلاد العالم و من كل الأجناس و الفئات بل تخصصت بعضها في السياحة الراقية و النخبوية كقصبة ايت المديحي التي تحولت إلى دار الأحلام و التي تستقبل ضيوفا فوق العادة من طبقات اجتماعية جد راقية بأروبا و اسيا و امريكا سواء من نجوم السينما و الفن العالميين أو من العائلات الحاكمة ببعض الدول الصديقة ’بعدما كانت عبارة عن كومة أطلال من بناء ترابي مهدم و مشتت  .

·       أي دور للوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات في حماية القصبات و القصور التاريخية  بالواحات !

إن إعادة تأهيل الواحات يتطلب عملا شموليا يأخذ بعين الاعتبار في آن واحد مجموع المشاكل المترابطة والتحديات المطروحة وهو في العمق مسألة تنمية مستدامة بالأساس تستدعي إعادة الاعتبار للعلاقات التقليدية بين الإنسان ومجاله المعاشي الطبيعي و محيطه المعماري و كيانه الثقافي وكذا تطوير هذه العلاقات لتستفيد من التقدم التقني والعلمي الذي يجب توظيفه بذكاء لإنعاش هذه المجالات دون الضغط المفرط على مواردها  الطبيعية أو طمس مميزاتها الحضارية و التاريخية ’هنا يبرز دور الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات و شجر الأركان كوكالة أسندت لها مهمة إطلاق برامج التنمية البشرية المستدامة بالواحات و ربطها بالمؤهلات البشرية و الثقافية و الطبيعية هناك .

المدير العام للوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان ” ابراهيم حافيضي، ” كان حاضرا يوم 18 ابريل الجاري بورزازات  من خلال لقاء تواصلي مشترك مع عامل إقليم ورزازات لتقديم إستراتيجية الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات ومنهجية عملها بإقليم ورزازات ، هذا البرنامج يشمل حسب تصريحيهما ( المدير العام + عامل الاقليم )  تنمية كل البنيات التحتية للخدمات الأساسية كالكهرباء والماء والطرق القروية والتعليم ’و هو الشيء الذي يخدم في نهاية المطاف تقدم الإنسان و الحفاظ على العمران على السواء .

  وذكر أن مخطط تطبيق إستراتيجية تنمية مناطق الواحات وشجر الأركان يعتمد على إطار تعاقدي لضمان مقاربة مندمجة في إطار الديمقراطية التشاركية على الصعيد المحلي، مذكرا أنه تم الاعتماد على وضع تشخيص شامل واستراتيجي لمناطق تدخل الوكالة، وتحليل البرامج القطاعية والمجالية على مختلف المستويات وكذلك احتياجات الساكنة، وذلك لبلورة رؤية إستراتيجية تنموية شاملة ومندمجة بأهداف ومؤشرات مرقمة في أفق 2020 ’وخلص إلى القول أن هذه الإستراتيجية تعتبر خارطة طريق لتحسين مؤشرات التنمية بالإقليم وتنزيل التوجيهات التي أتت بها في إطار مشاريع تحدد بأسلوب تشاوري، والعمل على الانجاز في إطار تعاقدي وتشاركي ومتكامل بين كل المتدخلين.

      برامج عمل الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات و شجر الاركان إذن تصب في قلب المشكل و بإمكان وكالته من خلال مشاريعها التنموية أن تلعب دورا أساسيا في حماية و تثمين القصبات و القصور بطريقة مباشرة أو غير مباشرة صحيح لكن بشكل مؤثر بقوة و خصوصا حين أشار السيد مدير الوكالة إلى أن برنامج عمل السياحة القروية الذي يستدعي استثمار حوالي 220 مليون درهم يروم تثمين الموارد المعدنية والصناعة التقليدية والصناعة السينمائية والمحافظة على البيئة ’ ناهيك عن برنامج تثمين الموارد الفلاحية في الإقليم باستثمار يقارب 200 مليون درهم، و التي من شأنها أن تخلق أزيد من 8200 منصب شغل.

·         مركز حفظ التراث و صيانة القصبات بورزازات بادرة مؤسسية تستحق التنويه :

            تأسس مركز حفظ التراث وصيانة القصبات في ورزازات عام 1989. ويصنف من بين أهم المراكز الكبرى في العالم بحكم التجربة الفريدة التي راكمها في مجال جرد التراث المعماري بواسطة الصور الجوية و استعمال النظم الجغرافية المعلوماتية الحديثة، و هو بهذا أصبح مرجعية يعتد بها عالميا.و مركز حفظ التراث وصيانة القصبات، إطار مؤسسي تابع لوزارة الثقافة ، كما يعتبر منخرطا فعالا في برنامج “التراث العالمي” الذي تشرف عليه  “اليونسكو”، ويمتد العمل فيه من عام 2007 إلى 2017، ويهتم بإنجاز الدراسات و التفكير، كما يؤطر مجموعة من المدارس المعمارية عبر العالم : في اسبانيا، بلجيكا،  سويسرا، النمسا و المغرب . بالإضافة إلى ذلك يقوم المركز بإنجاز دراسات معمقة و مشاريع  هامة مع الجماعات المحلية بورزازات و بغيرها .

وبالرغم من هذه الأهمية التي يحظى بها مركز حفظ التراث و صيانة القصبات  “CERKAS” على المستوى الدولي ،و المجهودات التي يقوم بها لصيانة تراث المملكة من قصبات و قصور ’فان السؤال الذي يبقى محيرا هو حول  تدني المخصصات المالية التي تخصص له و التي لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تسهم في حماية و تثمين القصبات و القصور التاريخية ببلاد الألف قصبة و قصبة .

 

·         اتفاقية تثمين القصبات : مشروع طموح لترميم واستغلال عدد من القصبات التاريخية بالجنوب المغربي :

         تهدف اتفاقية تثمين القصبات – و التي ضمت بواحة سكورة / ورزازات “قصبة ايت عبو” – الى ترميم و تحويل المأثر التاريخية من قصبات و قصور إلى فنادق فاخرة. بموجب عقد تصل قيمته الاستثمارية  إلى 128 مليون درهم ، وهذا من شأنه الحفاظ على التراث الثقافي، والحفاظ كذلك على الهوية الثقافية والمساهمة في إعادة كتابة تاريخ جنوب شرقي المغرب. كما من شأنه كذلك خلق ديناميكية اقتصادية سواء عبر التشغيل أو عبر المقاولات الصغرى المحيطة بمشارف هذه المنطقة.

وتساهم الشركة المغربية للهندسة السياحية بالاستثمار في مشروع ترميم القصبات الأثرية. كما يذكر رئيس الإدارة الجماعية للشركة أن مشروع الترميم سوف يخلق 500 فرصة عمل جديدة. وبلغة الأرقام يمكن أن أقول إن هذا المشروع هو 430 مليون درهم و300 غرفة وهو أيضا عدد كبير.. أي ما بين 500 و600 يد عاملة ستشتغل بطريقة مستمرة و هو يساهم بصورة أساسية في الحفاظ على جزء مهم من التراث المغربي.

 أهمية الموضوع هو أن ترميم القصبات و استغلالها سيجعلها توفر إمكانات لاستدامتها، ليس هذا فقط؛ بل إنها ستوفر مصدر رزق لمالكيها والساكنة المحيطة بها وفق مقاربة للتنمية تستحضر ليس فقط التراث المادي الذي تمثله القصبات؛ بل كذلك التراث اللامادي و الشفوي من خلال مجموعة من الأنشطة والعادات والتقاليد التي سيتم توظيفها لتنشيط العجلة الاقتصادية بالمنطقة و إدماجها أهلها بالتنمية الاقتصادية و الاجتماعية  الشاملة .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.