نخشى المجاعة والعطش لا داعش
إن جل نقاشاتنا في هذه الأيام لا تخرج عن إطار ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، هذه الجماعة التي ننعتها تارة بالإسلامية وتارة أخرى بالإرهابية، وأخرى ننعتها بجمع الأولى والثانية لتصبح الدولة الإسلامية الإرهابية. وهذا التصنيف لم يأت من محض الصدف بل إن كثرة المرجعيات والتوجهات وتفاوت العقليات في هذا العالم هي السبب في ذلك، لماذا؟ لأن هذه الحركة أو هذا التنظيم أو هذه الجماعة أو هذه الظاهرة بالمفهوم السوسيوثقافي، كل واحد منا في هذا الكون يفسرها من خلال منطلقاته الثقافية والدينية والسياسية والاجتماعية، لذا تعددت الرؤى والتفسيرات؛ حيث نجد أطرافا تقول إن ” داعش” ماهي إلا مجرد مخطط من مخططات أمريكا والدولة الصهيونية، على اعتبار هذه الأخيرة لا عدو لها على وجه البسيطة سوى الإسلام بصفة عامة، والعرب على وجه الخصوص، وهذه الجماعة جاءت لتزرع الفتن بين دول الأمة العربية وتزيف المفهوم الحقيقي للإسلام، ومسألة الشعار التي تتبناه هذه الجماعة” الله أكبر” مجرد واجهة تغطي حقائق ونوايا أمريكية إسرائيلية، والقول بهذه الأخيرة يعود بالأساس إلى مقاومة هذا التنظيم أو جهادهم _ كما يقولون _ الذي يقتصر على بعض القبائل العراقية والسورية التي لا ذنب لها إلا لأنها تقطن بالهامش العراقي والسوري، ولا حول لها ولا قوة. وإن كانت غير ذلك فلماذا لا تذهب وتقاوم وتدافع عن الإسلام في غزة الحبيسة، التي ظل أناسها يقاومون وما يزالون على ذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والحرب الأخيرة التي شنتها الدولة الصهيونية على أطفال وشيوخ ونساء وأرامل فلسطينيين تؤكد أن هذا البلد الإسلامي في حاجة ماسة إلى المساعدة وإن كانت على الأقل معنوية، والدول العربية لا تقوم إلا بهذه الأخيرة، إذ ترى أن دولة فلسطين لن تحرر إلا بقدرة قادر.
بينما نجد رأيا آخر يرى في الدولة الإسلامية في العراق والشام، أنها امتداد لكل الحركات التي تدعي الإسلام، كالحركة الجهادية السلفية أو تنظيم القاعدة، أو كل من يرى أن العالم فقد بوصلته وأصبح كل واحد يساهم في انتشار الفتن والمحرمات، وهاتين الأخيرتين كانت سبب كل هذا الدمار والحروب التي يعيشها العالم، ولا حل لهذه الأشياء إلا الحكم الذي يخضع لشروط الخلافة بالشورى، حيث إن الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية حسب رأيهم من أبرز المفاهيم والمداخل التي جاء بها المستعمر الغربي. ومن ثم ف” داعش” لن تكون لها أي علاقة بأمريكا وإسرائيل والغرب بصفة عامة، لأن الهجومات التي تقوم بها لا تميز بين المسلم أو المسيحي أو اليهودي بل تقطع كل من رأت من رؤوس بني آدم قد أينع، وهو ما يستدعي القول إن هذا التنظيم هو وليد ثقافة وتربية عربية نشأت بين البين، لا هي فهمت الإسلام وأدركت ركائزه وأسسه، ولا هي فهمت ما جاء به الغرب من أفكار ومعطيات ومعلومات أصبح يحكم العالم بها، بل ظل الإنسان العربي المسلم في صراع دائم بين مؤيد لكل ما جاء به الإسلام ولا شيء غيره، وبين من يرى أن التشبت بالدين الإسلامي هو نقمة على الأمةـ وفي المقابل نجد الغرب حسم كل اختياراته وأدرك كل ما له وما عليه، بتبني استراتيجية حياتية شاملة لكل التطلعات الإنسانية، وفي الوقت نفسه أجابت عن كل الأسئلة التي ما تزال عالقة في ذهن الإنسان العربي المسلم.
وهناك رأي آخر ينفي كل ما قيل سالفا، ويرى أن تنظيم “داعش” ماهو إلا جزء من أجزاء كثيرة انتشرت في كل الدول العربية وبنسب مختلفة، والمغرب في هذا الصدد لا يشكل الاستثناء كما كان معهودا، حيث إنه لا يعرف داعشا واحدا بل يتميز بدواعش كثيرة منذ سنوات قد خلت، أكتسحت جميع المجالات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والغريب في الأمر أننا اليوم نسمع أن المغرب يطوق جميع بحوره وحدوده بكل ما لديه من قوة وأسلحة متطورة خوفا من داعش العراقية والسورية، ولم تبذل أي جهد في مواجهة الدواعش المغاربة، الذين امتصوا عروق الإنسان المغربي، واصبحوا لا يخشون الموت في تصديهم لداعش بقدر خوفهم من الموت الذي يكون نتيجة للمجاعة والعطش. فقد أصبحنا لا نسمع ولا نرى في كل وسائل الإعلام المغربية إلا ارتفاع الأسعار في المواد الغدائية، والنفط وكل ما يساهم في حركة الإنسان المغربي، لتدل على بقائه في الحياة.
وما دام الإنسان المغربي يشتكي من العطش، وأصبح يقتني اللتر الواحد بخمسة دراهم، إن وجد بطبيعة الحال، فهذا يبرر خوف المغاربة من المجاعة والعطش، وعدم خوفهم من داعش العراقية والسورية. وإن كان الأمر على هذه الشاكلة فالدولة المغربية اليوم مطالبة بالتصدي لكل الدواعش سواء كانت خارجية أم داخلية، إن كانت تهمها حياة الإنسان المغربي الحر الذي ظل طوال حياته وما يزال، يقدم كل ما لديه لهذا البلد السعيد.
…لقد تحدى الانسان المغربي مند زمن بعيد طبيعة الاوضاع التي لا سيما يعيشها في وطنه دون قيد او شرط و اذكر هنا الانسان القروي بالجنوب الشرقي حيث شكل لديه المحيط رابطا لتموقع في هذا المجال الذي لا يتوفر على ابسط ظروف العيش و لكن تبقى ملامحه مرتبط بالارض التي يعتبرها ركيزة اساسية لتواجده بمناطق الجنوب و اخص هنا زاكورة التي لا تتوفر على فلاح ولكن الذي يقطن فيها هو انسان قروي فقط وفي هذه الشاكلة يستمر الصراع حول البحث عن بديل يجعل المجتمع الزكوري يرسم توبته القروية عن طريق الفلاحة، … . مقتطف من مقال حول -المجتمع الزكوري الى اين؟- عبد المغيث الهبوجي :طالب باحث قي علم الاجتماع القروي والتنمية.
قد لا نخشى دعش استاد عبد اللطيف ولكن نخشى الدعشين الجدد وانت تعلم ما اريد قوله