(إعتذار) أم الزوايا : قبس من أدوار الزاوية إجتماعيا‎

بداية و قبل الشروع في سرد تفاصيل مقالي هذا لا يسعني إلا أن أعتذر عن المقال الذي قد نشرته أمس الأربعاء و ذلك لما سببه من الحنق و الغضب لدى مجموعة من متتبعي الصفحة و من الناصريين عموما، و في هذا الصدد أقول أنه لا ربح لي بالإساءة إلى أي كان من الناصريين أو غيرهم، إذ لا ناقة لي و لا جمل في الموضوع أصلا إلا أن اساهم و غيري في رفع منارة الزاوية الناصرية كما كانت في الماضي عبر النقد البناء، و أنا أعترف حقيقة أنني قد أخطأت بتوجيه النصيحة انطلاقا من المنابر الإفتراضية و أني لم أتوجه مباشرة الأشخاص المعنيين منها، كما أشير إلى أنه لا صلة لي بالزاوية لا من قريب و لا من بعيد خاصة و أني لا أفد على المنطقة إلا إبان الأعياد ، و كل ما كتبته هو من خلال ماستقيته من أفواه أبناء المنطقة، و كم أتمنى أن أكون و هؤلاء مخطئين و بعيدين عن الصواب، و أن يكون حال الزاوية و أهلها أفضل مما ذكره هؤلاء، و أجدد اعتذاري الشديد الذي لم يرغمني عليه أحد إلا كوني قد استشعرت نوعا من الحرج مما كتبت بعد مراجعة متأنية و أتمنى أن يقبل الجميع اعتذاري ووعدي إياهم بعدم تكرار ذلك ، و أني لن أكتب إلا في المواضيع العامة حول المنطقة و التي لن تسبب لي و لا لأي شخص آخر أي حرج من أي نوع .
أما بالنسبة لموضوع مقالي هذا و المتعلق أساس بالأدوار الاجتماعية للزاوية الناصرية فإن أهم ما سجلته كتب التاريخ المغربي الحديث ، أن تأسيس الزاوية الناصرية قد تزامن مع ظرفية تاريخية متأزمة وطنيا، تميز بتجزء الخريطة السياسية إلا عدة إمارات صغرى متنازعة فيما بينها، مما أدى إلى فراغ من حيث السلطة و غياب الاستقرار السياسي و الأمني، و انتشر الصراع بين القبائل الكبرى كذلك ، مما أدى إلى انعدام الأمن و الاستقرار و بالتالي تأثرت حركة التجارة المغربية، زد على ذلك ما عرفه المغرب من توالي موجات الجفاف و المجاعات و الأوبئة الناتجة عن كثرة الجثث المتحللة في الأزقة و الأحياء نتيجة لانعدام الأمن و انعدام الغذاء …، و في هذه الظرفية الحاسمة اسطاع شيوخ الزاوية الأوائل بفضل ما تمتعوا به صلاح وورع و تقوى و حنكة أن يفرضوا نفوذهم على هاته القبائل و أن يصلحوا ذات بنها، و بسرعة هائلة أضحى شيوخ زاوية بني ناصر أن يطلعوا بدور الوساطة و التحكيم في الحروب الدائرة في المنطقة؛ فضلا عن حماية المظلومين و إيواء أبناء السبيل و نشر العلم و التحريض على الجهاد ضد العدو.
و حتى لا يفوتنا الأمر ضمن هذا المقال المقتضب فإنه من الواجب الإشارة أيضا إلى دور الزاوية و شيوخها في التأليف بين الناس في مختلف أشكال الصراع، فهي محج الفلاحين إبان نشوب صراع حول نوبات الماء أو حول القطع الأرضية و غيرها من المشاكل الأخرى المرتبطة بهذا القطاع، إذ أن الزاوية كانت تتدخل بين الأفراد أو القبائل المتنازعة وتصلح ذات بينهم وتخرج بحل يرتضيه الطرفان و يمكثان عليه إلى ما شاء الله، كما تدخلت لفض النزاعات الأسرية سواء بين الإخوة أو بين الأزواج …إلى ذلك من أشكال فض النزاع و ربط خيوط الوصال بين الناس بالمنطقة أو بمناطق الجوار و غيرها. و لهذا فقد كانت الزاوية محجا يقصده القاصدون لتحقيق مآربهم المتنوعة و يسعون إلى الاقتباس من أفضالها م بركات شيوخها.
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته، مع اعتذاري الكبير للجميع، و مع تمنياتي أن ينال المقال إعجابكم، و أن نساهم كلنا بالتعريف بمنطقتنا بنشر مقالات متجددة و متنوعة تثبت مدى رقي الوعي الزاكَوري عموما و التمكَروتي على وجه الخصوص و شكرا.