تعليقا على حادث انتحار فتاة بمكناس
قد يقول قائل ما, ما شأنك أنت, فهذا حادث عابر و يخص أسرة الهالكة فلماذا النبش في حادث قد مضى وانتهى الأمر. و قد يقول اخر دع عنك الموضوع و دع الفقيدة ترقد بسلام, لكن الظاهرة خطيرة جدا و جديدة على المجتمع المغربي و تتطلب منا وقفة و ردا مفصل لاسيما و أنها انتشرت بصورة مخيفة على مواقع التواصل الاجتماعي و اليوتيوب و مواقع اخبارية عديدة.إذن فالعديد من الشابات و الشباب قد شاهدوا المقطع و رأوا كيف صعدت الفتاة درج النافذة بسرعة مهولة و كأنها كانت في شجار مع احد ما لتقذف بنفسها بسرعة و تصيح لعل الامر يصبح زلة أو حلما فقط و تستفيق.
أشك ان الفتاة كانت على دراية بموتها فهي في الغالب كانت تريد اغاضة شخص ما سواء أقربائها أو أصدقائها لكن ذلك الشخص لم يتبعها او يمنعها من شدة الصدمة, فحدث ما حدث في رمشة عين و انتحرت الفتاة مضيعة دنياها وأخراها في ان واحد.
إن هذا الحادث يجب ان يكون شاهدا لكل الشابات المغربيات ممن لازالوا يافعات او ممن تقدموا في السن بأنهم إذا انتحروا فلن يضروا إلا أنفسهم لا غيرهم لأن البكاء على الميت خسارة كما يقال في المثل الشعبي و لأن الحزن على الميت لا يطول مهما كان وقع الحبيب على القلب,لأن ذلك من سمات الانسان الذي سرعان ما ينسى؟؟؟
إن من أسباب هذه الظاهرة النادرة جدا والحديثة على المجتمع المغربي و العالم الاسلامي بأسره هو كثرة الادمان على مشاهدة الأفلام الغربية الدنيئة و التركية كذلك المغرضة,فنجد هذه الأفلام تؤسس للخيانة الزوجية علنا و تجعلها كحب و نزوة عابرة على كل فتاة قضاءها و القيام بها؟؟كما تجعل هم الفتاة اللأبدي في هذه الحياة هو فقط البحث عن حبيب و كأنها خلقت لأجل رجل لا غير. و لسوء الحظ قلما نجد من الفتيات ممن يعرفن قدرهن و يقمن بدورهن على اكمل وجه داخل الاسرة و المجتمع.
إن الفتاة قبل كل شيء هي اخت عاقلة و ناصحة قبل أن تكون “بْنِيقَة” لمن أراد أن يختلي بها او يقضي بها حاجته و يقذف بها بعيدا,فهي أخت ناصحة لباقي إخوتها و عقل راجح يوجههم لمعرفة مصلحتهم و متأملة في خلق الله تعالى و ساجدة له,فلا يجب أن تتأثر بهجران حبيب كانت ستتزوج به أو شتم زائل داخل الأسرة و لا ان ترمي بهمها في جعبة رجل غير عابئ بها فقد قال الله تعالى: وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الِانْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون” أي أن الهدف الاسمى من هذه الحياة هو عبادة الله و الصبر على الابتلاء و اما الزواج فلا يعدو كونه وسيلة لحسن عبادة الله فإن لم يتوفر فربما في ذلك خير و منفعة للفتاة كي تصد نفسها عنه و تهب نفسها لله ثم العلم و ترقى بنفسها و روحها عن الأشياء الدنيئة.
لقد ألمني المشهد كثيرا فأحببت أن أجعل منه عبرة لمن يعتبر و لحظة تفكر و تأمل في هذه الظاهرة النادرة جدا في المغرب و لا يجب أن ننسى أن الانتحار حرام شرعا حيث قال الله تعالى : ” وَ لاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ” الاسراء اية 33
و قال أيضا:”وَ لاَ تُلْقُوا بِأَيدِيكُم إِلَىَ التَّهْلُكَة إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمَا ” البقرة اية 195
و حذر الرسول صلى الله عليه و سلم من الانتحار فقال:”مَنْ حَسَا سُمّا فَسُمّه يَتَحَسّاه فِي نَارِ جَهَنّم مُخَلَدَا فِيهَا أَبَدا” أخرجه أو داود.