إذا كان المغرب قد استطاع بكل نجاح جعل الجماعات أداة سياسية لإرساء الديمقراطية المحلية القائمة على مشاركة المواطنين في التسيير المحلي عبر اختيار ممثليهم داخل هذه المؤسسات، فإنه في المقابل لم يكسب بعد الرهان كله في جعل الجماعات المحلية الخلية الأولى في تحقيق تنمية شاملة ومستديمة.
جهة الدار البيضاء من الجهات التي اعتمدت فيها الدولة نظام وحدة المدينة في تصوره الذي يروم تدبير الفضاء الحضري في انسجام وتنسيق بين عمل مختلف المتدخلين، مع السهر على ضمان التوازنات اللازمة داخل المدينة من خلال تثمين وحسن استغلال الموارد البشرية وعقلنة الموارد المالية والمادية للجماعات المحلية التي تبقى القاعدة الأساس لكل تنمية مستدامة.
و حتى نستطيع تحقيق هذه الأهداف و الزيادة من هامش الثقة بين القائمين على هذه المجالس و المواطنين كان من الضروري عصرنة الإدارة الجماعية و أليات تدبير المرافق العمومية و تحسين نظام الحكامة الجيدة كأداة ووسيلة ناجعة لتبسيط التوجهات الإستراتيجية الكبرى في التدبير الجيد للشأن العام المحلي، وذلك في محاولة لتجاوز العوائق والأزمات التي يشهدها تدبير هذا المجال، وذلك من خلال العمل على توفير الشروط المسطرية والتنظيمية والبشرية والمالية الضرورية، وكذا تأثيث المناخ السياسي والثقافي والإجتماعي ، في إطار رؤية شمولية متكاملة للتخطيط والبرمجة والتنظيم المعقلن ضمن فلسفة تنموية واضحة الأهداف والمقاصد.
واعتماد الحكامة اليوم كمرجعيةّ، جاء لمحاربة مختلف أشكال الإهمال و التقصير، ولتدارك مستويات التأخر، وكذا القضاء على الممارسات السيئة من خلال تشخيص الإختلالات، وتحليل جميع القضايا في تشابكها وترابطها، واقتراح الإصلاحات والتغييرات الكفيلة بضمان تنمية اقتصادية واحتماعية مستديمتين.
ومن أجل الإحاطة بموضوع الحكامة الجيدة بجهة الدار البيضاء و مدى تخليق ممارستها و ربطها بالمحاسبة و تحديد العلاقة بين كل هذه المكونات من أجل تجديد الثقة لدى المواطنين في مؤسساتهم تأتي هذه الندوة لفتح نقاش عمومي بين القائمين على تسييير المدينة و المعارضين مع إدماج المجتمع المدني في هذه العملية حتى يساهم الجميع في تقوية منظومة الحكامة الجيدة و بلورة مقترحات و توصيات لابتكار ميثاق التخليق أو أخلاقيات تدبير الشأن العام بجهة الدار البيضاء.
