استفاقت ساكنة واحة سكورة الكبرى يومه الاثنين 24 نونبر 2014 على هول صدمة كبرى جراء الخسائر الفادحة التي ألحقتها الأمطار و السيول و الأودية الجارفة التي ضربت المنطقة خصوصا و منطقة الجنوب الشرقي عموما على مدى ثلاث أيام ( 21/22/23 نونبر 2014 ) و التي قاربت المائتين و خمسين ميلميترا (250 ملم ) ’امطار لم تعرفها المنطقة منذ سنة 1967 بالضبط ’وضع كارثي و مشين ذلك الذي عاشه المواطنون و المواطنات طيلة تلك المدة و بعدها أيضا .
· عزلة قاتلة و مواطنون يائسون :
بمنطقة الواحة الوسطى ( بين الوادين الحجاج و امدري ) كما بمنطقة دادس (سيدي فلاح و بوسكور و ايماسين ) ظل المواطنون محاصرين منذ يوم الجمعة 21 نونبر 2014 ابتداء من منتصف النهار داخل منازلهم الطينية و دواويرهم المهترئة المهددة بالسقوط ’وسط انقضاء الطعام و العزلة التامة و غمر المنازل بالماء حتى صباح يومه الاثنين 24 نونبر 2014 ’ وسط تساقط مستمر للأمطار ليل نهار و هبوب للرياح العاتية و هدير للأودية و تقطع الكهرباء و الهاتف و الانترنت بفعل تساقط أعمدة الكهرباء و الهاتف وسط الماء بدوار تجنات و الخامسة و تركيوت ’ خلال ذلك وجه المواطنون ألاف الاستغاثات و لا من يغيث على الاقل من البشر .
إن ما يتبادر للذهن هو لماذا تستمر عزلة كل هذه الساكنة مع العلم أن كل جهود المجتمع المدني تتوجه بالأولوية القصوى لهاته المسألة في كل المقاربات التي تستهدفها محليا و اقليميا ؟’ و لماذا لم يتم تفعيل أي محاولة لفك العزلة عن هذه الدواوير ؟ خصوصا و أن المشكل قائم على مدار السنة ’سواء بالنسبة لمرتادي المؤسسات التعليمية بالمركز أو لطالبي العلاج بمستوصف سكورة و مستشفى سيدي احساين بناصر بورزازات ’بغض النظر عن حالة الأزمات و الكوارث كحالتنا هاته اليوم .
· منازل تهدمت و طرقات توحلت و لا ملاذ امن :
خلال تفقدنا للوضع صباح الاثنين رصدنا عشرات المنازل التي تهدمت إما بشكل جزئي أو كامل ’كما رصدنا عشرات الأسوار الخارجية للحقول الزراعية و هي محطمة و طوبها مرمي على الطرقات العمومية ’ و هي الأخرى عرفت توحلا غير مسبوق بفعل تراكم الطين و الأتربة داخلها و انفجار السواقي عليها من الجنبات ’ أما المنازل القديمة و المنسية – و منها قصبات مهملة و ملاحات ( تجمع مساكن يهودية الأصل بالمنطقة ) ذات معمار تاريخي فريد – فقد كان نصيبها من التحطم وافرا .
نقطة مهمة أشار إليها كل من التقيناهم و هي التساؤل حول المفر أو الملاذ الأمن الذي يمكن لهم اللجوء إليه خلال الأزمة ’يعني إن داهمتهم السيول و الأودية داخل البيوت أو نزلت أسطح البيوت بأكملها فوق رؤوسهم ’خصوصا و أن اغلب المنازل مبنية بالطين و التابوث ’و هو سؤال وجيه لا يمكن التفطن إليه إلا للذين يعانون الأمرين جراء العزلة و قلة ذات اليد داخل جزر وادي الحجاج و امدري و دادس بواحة سكورة .
· انجراف كامل للحقول الزراعية و اجتثاث للزرع و الزيتون :
على طول وادي الحجاج من جهة اليمين و اليسار ’بدءا من شمال الواحة إلى جنوبها أمكننا تمييز عشرات الهكتارات من الأراضي الزراعية و الحقول التي أصبحت في خبر كان ’بفعل جرفها الكامل بسيول هذا الوادي الغادر ’ أطلال أشجار الزيتون التي لم تجنى بعد ’ لا تزال شاهدة على هول الكارثة التي ضربت هنا ’و هي متفرقة وسط الوادي’دوار الشباكة و ايت علا بن يحي و أولاد حسان و اولاد الشيخ علي ’كلها مناطق طالتها يد المتجبر المائي ( واد الحجاج ) عشية غزوته الكبرى ليوم 23 نونبر 2014 ’ دواوير تجنات و اولاد امبارك و بعض من المريجة غمرت حقولها المياه و أرغمت زرعها و أرضها على الارتواء حد الثمالة من وحله الآسن ’و حتى مصليات ايت علا بن يحي و اولاد امبارك طالها الانجراف .
· معاناة مضاعفة و بوادر هدر مدرسي جديد.
وسط هذه العزلة الكاملة و الإقصاء الشامل طفحت للسطح من جديد مسالة ولوج تلامذة المدارس – بالإضافة إلى الأساتذة و الموظفين طبعا – لبدء مرحلة المعاناة المضاعفة مع مياه الأودية الموحلة و الباردة و توحل الطرقات و الممرات و برودة طقس دجنبر و يناير القارسين و طول المسافات الرابطة بين المنازل و المركز ’طفحت كأهم ما بات يؤرق الساكنة و يقض مضجعها ’جراء الخوف من عودة ظاهرة الهدر المدرسي للإناث و الذكور على السواء ’و من سوء المصير و عواقب الطريق اللذان ينتظران أبنائهم الذين يدرسون بمؤسسات مركز سكورة الإعدادية و الثانوية ’خصوصا و هم الذين ضحوا بالغالي و النفيس من اجل استفادة أبنائهم و بناتهم من سيارات النقل المدرسي .
· الحائط الوقائي من الفيضانات و النقل المدرسي ’نقطتا ضوء في بحر من العتمة :
واحة سكورة منكوبة اليوم بالفيضانات بعد أن كانت منكوبة بالجفاف ’الشيء الذي ضخم الفقر و الهجرة ’و هي اليوم تفقد رأسمالها الأساسي أي الأرض بعد فقدها للماء من قبل’و سكانها اليوم لا يذكرون بخير و ايجابية سوى مبادرتين الأولى تتمثل في الحائط الوقائي من الفيضانات الذي أطلقه عامل الإقليم في مناسبة سابقة و أمكن بفضله حماية أراضي أولاد يعكوب و قصبتها الشهيرة (امرديل ) و منازلها من هذه الكارثة ’ و المبادرة الثانية تتمثل في النقل المدرسي الذي مولته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و الذي يشهد إقبالا منقطع النظير بكافة مناطق سكورة ’بفعل الظروف و الإمكانات التي يوفرها للتلاميذ و التلميذات و التي تمكنهم من متابعة دراستهم و تفادي مشاكل الطريق و الطقس و بعد المسافات .
انها دروس و عبر أوجب أخدها في الحسبان للقادم من الأيام ’لاسيما و أن هذه النكبة الجديدة طالت بالأساس جهة الجنوب الشرقي المسماة بلغة الإدارة ’جهة درعة تافيلالت ’و التي تعرف مخاضا متفاعلا و متناقضا منذ تسمية مدينة الراشيدية مركزا لها’ و هو ما يضع النخبة السياسية المحركة لهذا المخاض أمام محك أهم و تحد أعمق و هو مسألة البنيات التحتية بالجهة خصوصا و أن هذه النخبة تضم بالأساس برلمانيين و منتخبين محليين و إقليمين بارزين و أمرين بالصرف أيضا .