لا تقل أهمية مسألة النقل العمومي عن أهمية فك العزلة بشكل عام على الأحياء و المناطق و الدواوير النائية سواء بالمدينة أو بالقرى المحيطة بها ’بإقليم ورزازات و باستثناء الارتياح النسبي الذي يبديه اليوم المواطنون القاطنون بالمدينة إزاء النقل الحضري بشكله الحالي ’ تكاد تتوحد نبرة عدم الرضا عند عموم الورزازيين من ساكنة الجماعات المحيطة بالمدينة (كــسكورة وادلسان و ايت زينب و امرزكان ..) إزاء مشكل النقل العمومي خصوصا ما يتعلق منه بالتنقل بين الجماعات و مركز المدينة .
على مستوى النقل الحضري ’و بعد التوسع العمراني الكبير الذي عرفته المدينة و الانفجار الديموغرافي الموازي له ’لم يكن ممكنا الاستمرار في العمل بالنقل الحضري للمدينة بأسطول قديم و مهترىء لا يتجاوز ثلاث حافلات ’ خصوصا بعد الأزمة الحادة التي افتعلتها بعض ” القيادات ” النقابية بورزازات مطلع سنة 2012 بين أصحاب سيارات الأجرة الصغيرة و نظيرتها الكبيرة بوسط المدينة’حول الأحقية والأولوية القانونية في استعمال خطوط النقل داخل المجال الحضري ، أزمة تخللتها «حرب عصابات » في الطرقات بين الطرفين وعنف غير مسبوق تمثل في تكسير مجموعة من سيارات الأجرة وحافلات النقل العمومي واحتجاجات و اعتقالات و محاكمات ’أسهمت قيادات مايسمى بالاتحاد المحلي للــ ” ك.د.ش ” بورزازات في فبركتها خدمة لأهداف انتخابية مقيتة ’ إزاء هذا الوضع بادرت بلدية ورزازات بمباركة من السلطات الإقليمية بمبادرة حميدة في هذا الاتجاه ’تمثلث في جلب شركة جديدة للعمل بوسط مدينة ورزازات و هي الشركة التي أنقذت ماء وجه المدينة منذ سنة خلت تقريبا’بعدما لم تفلح سابقتها في حل مشكل النقل الحضري للمدينة’ هذه الشركة الجديدة والتي شرعت في عملها في إطار التدبير المفوض لمرفق النقل الحضري بورزازات، خصصت 18 حافلة لنقل المواطنين عبر شبكة يبلغ طولها 37 كلم ’وضمت عدة خطوط تربط أهم الأحياء بالمدينة ’أهمها الحي المحمدي الذي توجد به الكلية متعددة التخصصات التابعة لجامعة ابن زهر’ بالإضافة إلى خط استوديوهات السينما / ايت كضيف و خط الأطلس / ثانوية محمد السادس و خط ايت كضيف / الكلية وخط اسفوتاليل / الكلية، يذكر أن هذه الشركة تنشط في مجموعة من فروع النقل بالمغرب إلى جانب النقل الحضري كالنقل بين الجماعات ونقل المسافرين ونقل البضائع والنقل المدرسي ونقل المستخدمين، وذلك بعدة مدن كأكادير وتزنيت وسيدي إفني والمحمدية وبنسليمان’لكن و رغم الارتياح النسبي الذي نسجله عند أغلبية ساكنة المدينة تجاه هذه المبادرة ’إلا أن العديد من المواطنون بمدينة ورزازات يعيبون على الشركة الجديدة استعمالها لحافلات صغيرة نسبيا في تغطية بعض الخطوط التي تعرف ازدحاما كبيرا ’كتلك التي تقل الطلاب من مختلف الوجهات نحو الكلية المتعددة الاختصاصات ’و يتمنون تدارك ذلك مستقبلا .
من جهة أخرى يعاني المواطنون من ساكنة الجماعات المجاورة للمدينة (كجماعة سكورة مثلا ) الأمرين مع مشكل النقل بين جماعتهم و مدينة ورزازات ’و ذلك نتيجة للمشاكل المتراكمة منذ عشرات السنين بهذا القطاع جراء إهماله و عدم إصلاحه ’ففي الوقت الذي ترزخ فيه ساكنة هاته الجماعات تحت نير الفقر و قلة ذات اليد ’و هو ما يحول بين أغلب المواطنين هناك و بين امتلاك سيارات خاصة ’تنضاف الفاتورة الثقيلة للنقل بين جماعاتهم و بين المدينة لتثقل كاهلهم ’فبدل أن يؤدي مواطن مثلا ثمانية أو عشرة دراهم نظير نقله لمسافة تقل عن الاربعين كيلومترا’يتعرض المواطنون لعمليات سرقة واضحة يؤدون من خلالها عشرين أو خمسة و عشرون درهما كثمن لتلك الرحلة التي يؤدي عليها مواطنون آخرون بعدة مغربية – أقربها مراكش – ستة دراهم فقط ’كما تتفتق ذهنية بعض السائقين من أرباب سيارات الأجرة لممارسة الاحتيال و افتعال الأزمات لفرض إتاوات و غرامات إضافية على المواطنين ’خصوصا زمن الأعياد و المناسبات و أحيانا بدون مناسبة و لمدد طويلة ’تكون نتيجتها مثلا رفع ثمن الرحلة من ورزازات إلى سكورة خمسة و ثلاثون درهما و خمسون درهما في اتجاه قلعة مكونة ’على مرأى و مسمع من الجميع ’و تصل الوقاحة بهؤلاء ببعض الأحيان إلى حد منع حافلات النقل العمومي من نقل الركاب و إنزالهم بالقوة و الشتم و التهديد ’وضع يطرح أكثر من علامة استفهام ’لكنه أكيد يستوجب تدخل السلطات المعنية و المجالس المنتخبة من أجل حماية المواطنين و حماية أموالهم من النهب و السرقة البينة ’ و ذلك عبر جلب شركات جديدة للنقل الحضري بين الجماعات و عبرها ’ أو التعاقد مع الشركة الحالية قصد تمديد تغطيتها لتشمل الجماعات التي تدور بمدار المدينة ’لحل مشاكل المواطنين هناك و وضع حد لسياسة النهب الممنهج التي يشنها المتغطرسون على قوت المواطن البسيط ’و لاشك بأن حلولا من هذا القبيل ستحضى باستحسان المواطنين البسطاء ’خصوصا و أنها قد تتزامن مع الشروع في انجاز مشاريع التأهيل الحضري لعدة مراكز صاعدة بالإقليم ’و التي ينتظر منها تسريع ترقية عدة جماعات قروية إلى جماعات حضرية –بلديات – ’و دمجها في إطار سياسات المدينة ’و هو الحلم الذي راود و لا يزال يراود كل النخب التواقة للتنمية والتقدم و الرقي بعيدا عن أية حسابات انتخابية ضيقة .