عيد الحب وأزمة النفاق الاجتماعي
مشكلتنا متجدرة في قلب المجتمع. أنها أزمة نفاق اجتماعي، نعيش أزمة نفاق، نفاق بين الزوج و الزوجة، بين الأبناء و الإباء، بين الحاكم و المحكوم، بين من يملك و من لا يملك، بين الأصدقاء، بين الأهل و الأحباب، بين الإمام و المصلون،بين …و بين…
وحدها الأم من تحوي مشاعرها،تؤم أبناؤها، تجيد عطاء فتسقي السنابل حبا.
يحتفل العالم يومه 14 فبراير من كل سنة بعيد الحب، يعتبرونه مناسبة للتعبير عن مكنوناتهم، فرصة لربط الحبل العاطفي بين القلوب.
في محاولة لتعريف الحب، نجد أنه ميل إيجابي أو نزوحا عمليا من الأنا نحو الغير،أنه نوع من الإثارة، بحكم اقترانه بالإخلاص و الوفاء و الثقة، و المودة. يكون في الغالب محاطا بحالة من العواطف و الأحاسيس. قال عنه الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت”أنه ميل أو رغبة ينتج عن البهجة”.
لكن. هل حقا هذه المشاعر صادقة؟ أليس هذا الاحتفال تقليدا أعمى للغرب . هل يصح القول أننا نعيش أزمة نفاق عاطفي بيذاتي (بين الذوات)؟
أعتذر إن كنت متشائما في حروفي هاته. لكن استقبالي لرسائل التهنئة بعيد الحب من جهات مختلفة، جعلني أشك في علاقتي مع من اعتقد أنهم أولى بهذه المبادرة، أو ربما لازال الغبار السلطوي يسيطر على طريقة رؤيتي للأمور.
حينما أغوص في لب الواقع الاجتماعي، أجده يفيض نفاقا،لأن هذا المجتمع يحاول تحنيط كل قيمة غربية مخالفة لمعتقداتنا في قالب جديد، يجعل من العلاقات الاجتماعية رابطة عاطفية تابعة في كل شئ إلى الغرب.
هناك العديد من الأشخاص لا يحتفلون بهذا اليوم ، هل يمكن القول عنهم عديمي الإحساس؟
لا أعتقد أن المسألة ترتبط بعدم الإحساس، إنها اعتراف بأنه فقط، محاولة الحديث عن يوم واحد للتبادل الحب، يجعل الفرد سجين الكراهية الدائمة لباقي الأيام و الشهور المتبقية من السنة.
ما نموذج الاحتفال بعيد الحب إلا مثال لمظهر من مظاهر النفاق الاجتماعي، يخفي أكثر مما يعلن نفاق يضر أكثر مما ينفع. ربما هو كذب على الذات أو تبرير لفشل أو قهر اجتماعي.
نعيش أزمة نفاق سوسيوأكسيولوجي، ممنهج و مخطط لها مسبقا، تمارس علينا سلطة قهرية تستغل كل الوسائل لصقل قيم غربية داخل مجتمع محافظ،خاصة الإعلامية منها.
يجب ممارسة النقد الذاتي قبل النقد الموضوعي،نحتاج إلى مدرسة نقدية و ليس إلى مؤسسة تقديسية للأخر.