فنجان قهوة في ساعات متأخرة من الليل …!!!

0 537

لن ترى الليلة  حلما في المنام ، كالذي عشته مستيقظا  مع شمعة قديمة كادت تنقضي لولا وفاؤها لك بالسهر حتى نهايتك ، وعلى طاولة تآكلت أطرافها و تهشمت أرجلها تكاد تسقط بمجرد الاتكاء عليها ، فقط تكتفي بيد واحدة و قلم و بضع أوراق  و فنجان قهوة سوداء لا زال بخارها يتصاعد مع نور الشمعة و رائحتها تنفح أنفك و تسيل لهب فمك ، لكن الفنجان كان على وشك نهايته هو الآخر ، و بالوفاء ظل قسط منه يستمع إلى أنين الليل و كلمات الظلام و صوت أقلامي تُطَقْطِقُ على أوراق شفافة ، لكنها تصطدم بكبرياء الطاولة المتآكلة التي تأبى أن تسمع من حولها ذلك الصوت المؤثر المتزامن مع هبوب نسيم عليل  مر من شقاق كان بالنافذة الأمامية للحجرة ، وكانت تُطِل على زقاق الدرب النائم أناسه حتى الآن  لكنه يملأها الأطفال النهار كلَّه بصراخهم و لعبهم ، بينما الهدوء يسود في الساعات المتأخرة من الليل ، ليمر الهدوء مع النسيم إلى الحجرة و يمتزج برائحة القهوة و ضوء الشمعة الخافت ، ليُحِسَّك بأمان الليل و براءته ، بعظمة الظلام و حشمته ، و احترام الشمعة ووفاءها ، و كبرياء الطاولة و صلابتها ، وسخاء الفنجان و عطاءه ، و شجاعة القلم وبسالته … كلهم كانوا في الموعد ودون اتفاق مسبق حضروا ، ليشعروك أنك لست وحدك ، بل أنك وحدك من يعيش الحلم مستيقظا معهم ، ووفروا لك جو الكتابة و القراءة ، لتقول ما خالج صدرك ، و ما اختفى في عُمقك و ارتمى في قفة اللاشعور ، آن الأوان لتشعر من جديد ، وتحيى مرة أخرى عالمك الافتراضي ، فلا تجعل نفسك سجن لأفكارك  ، و دعها تسرح و تأخذ مكانها في ساحة الفكر ، لتعرض نفسها أمام الأفكار المختلفة ، و تتكيف معها بالوجه الذي يحفظ بقاءها . هنا تتعلم كيف تفكر و متى يكون الفكر صافيّ و نقي، لا تشوبه شوائب ، فقط ما عليك هو ألا تنسي أصدقاء الليلة …!!!!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.