المدرسة المغربية وغياب البعد الأخلاقي القيمي
عرف المجتمع المغربي تغيرات عميقة، شملت كل الميادين و المجالات، بدأ بالبنيات التحتية وصولا إلى القيم والتقاليد. فالمدرسة المغربية لم تسلم هي الأخرى من هذه الحركة الجوهرية، التي لم تغفل كبيرة أو صغيرة، إلا و أثرت فيها، و جعلتها تسير في منحاها. و ما يهمنا في مقالنا هذا هو مآل المدرسة المغربية. باعتبارها مؤسسة هامة، و فعالة داخل النسق الاجتماعي. فمند الاستقلال مرت هذه المؤسسة كباقي المؤسسات السوسيولوجية المغربية، بعدت مراحل، و تأثرت بعد عوامل، منها ما هو ثقافي و ما هو سياسي.
لكن ما حرك قريحتنا، هو هذا النظام التعليمي التربوي، الذي انحرف عن وظيفته الأساسية. التي كانت تتأسس على التربية و التعليم. وأصبح يسعى إلى بناء عقليات آلية تقليدية خالية من كل ما هو أخلاقي إبداعي. ويتمظهر هذا من خلال المدرسة المغربية التي أمست تعاني من عدة مشاكل بيداغوجيا و أخلاقية. و هذا إن ذل فإنما يدل على سوء التخطيط الذي يشهده الحقل التعليمي بالمغرب.
وقد تحدث المفكر السويسري ذو الأصل المصري “طارق سعيد رمضان” في تعليق له بالدار البيضاء عن التعليم بالمغرب. و أشار إلى أن السياسات التعليمية بالمغرب تعاني من خلل بنيوي عميق. جاء نتيجة التقليد الديداكتيكي، البيداغوجي للغرب. حيث ذهب إلى ضرورة ممارسة النقد الذاتي للسياسات التعليمية، و الابتعاد عن التقليد الغربي. لأن الثقافة المغربية تتميز بخصوصياتها المختلفة عن الثقافة الغربية. وبالتالي فلا فائدة من توظيف كل ما تركه الغرب من سياسات تربوية.
و من جهة أخرى يمكن الغوص في لب مؤسسة المدرسة، و في رحم المناهج التربوية. التي أصبحت تتباهى بميزة الخصوصية أو التعددية، لأنها تعددت و تنوعت بتعدد الجهات الجغرافية و الأكاديميات التربوية بالمملكة.
لكن ما الفائدة منها إن كانت مفرغة من محتواها الأخلاقي القيمي؟ و ما الغالية من شعار التربية إن كانت هذه المناهج تسعى إلى إعادة بناء عقلية تقليدية آلية، مختلفة تماما على التوجه الأخلاقي التربوي؟
ففي المدرسة المغربية، و سعيا منها في جعل التلميذ في قلب العملية التعليمية التعلمية، أصبح هذا الأخير يوجه الكلمات النابية إلى الأستاذ أو يشتمه و أحيانا قد تصل العلاقة إلى حدود الضرب و الإهانة. كل هذا بحجة الاعتراف بالروح الإبداعية، و تشجيع التلميذ على العطاء…
و من جهة أخرى، الأستاذ يقيد بمذكرات نظرية و بتوجيهات أكاديمية تمنعه من حرمان التلميذ من الحصص الدراسية أو معاقبته للتلاميذ. و تقدم له البدائل، المتمثل في جعل التلميذ يعاقب بطريقة سلسة و لينة. مثل المساعدة على تنظيف المدرسة أو جعله يكتب فقرات من الدرس عدة مرات أو….
هكذا تستمر معاناة المدرسة المغربية، و يزداد المجتمع جهلا، و ترتفع حدة الجريمة و الانحراف. أمام سياسات مفرغة من محتواها التربوي، هادفة إلى إعادة بناء عقلية ميكانيكية، تعمل على أخد المعلومات و تركينها على شكل قالب نظري، يمتحن خلال السنوات الإشهادية.