واحات درعة تجني ثمار التنزيل الموفق للرؤية الإستراتيجية لمخطط المغرب الأخضر

1 1٬439

عانت واحات النخيل في حوض درعة خلال العقود الأخيرة من موجات متتالية من الجفاف أثرت بشكل سلبي كبير على هذا الثروة النباتية،حيث اتخذ هذا التأثير السلبي تجليات شتى شملت على الخصوص المجال الاقتصادي والاجتماعي و البيئي والديمغرافي، الشيء الذي جعل العديد من الأصوات تتعالى من أجل ضرورة التدخل لإنقاذ هذا الموروث الوطني الطبيعي من الاندثار،والحد من الأخطار المختلفة المحدقة به.

فالمجال الواحاتي شكل منذ القديم منظومة سوسيواقتصادية وبيئية لعبت دورا كبيرا في استقرار السكان بالجنوب الشرقي للمملكة،كما شكل حاجزا منيعا أمام زحف التصحر، ومن تم اكتسب هذا المجال الترابي مشروعية وضرورة إنقاذه من الاندثار،والرقي به ليضطلع بدور ريادي في التنمية المستدامة في هذه الرقعة الجغرافية من التراب الوطني.

ويتضح من خلال استقصاء آراء ومواقف بعض الجهات الفاعلة في الدينامية السوسيواقتصادية بواحات درعة، أن المقاربات التي اعتمدت فيما مضى لمواجهة مشاكل المجال الواحاتي بقيت محدودة الأثر،خاصة في الشق المتعلق منها بالدعم الموسمي المقدم للمتضررين من الجفاف،وهذا ما عبر عنه حليم السباعي رئيس”جمعية الزايلة للتنمية والمحافظة على البيئة” في امحاميد الغزلان (إقليم زاكورة)،والذي يعتبر أن الضرر التي تعرضت له واحات النخيل على صعيد إقليم زاكورة خلال سنين متتالية ذو طبيعة هيكلية، ويستلزم اتخاذ مبادرات ذات طابع شمولي وعميق.

وأكد السباعي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء،أن الجهود المبذولة من طرف فلاحي حوض درعة للحفاظ على واحات النخيل بصفتها مورد رزقهم،بقيت بدورها محدودة الأثر،مشيرا إلى أن بعض المزارعين من محدودي الدخل، اضطروا في بعض الأحيان،بسبب العوز المادي،إلى اجتثاث أشجار النخيل المثمر خلسة، قصد بيعها لشبكات تخصصت في تسويق هذه الثروة النباتية في أوساط بعض المقاولين الذين يتعاطون لتشييد الفنادق المصنفة، والإقامات السكنية الفاخرة في مناطق مختلفة من المغرب.

غير أنه بالموازاة مع تعاظم المخاطر التي تهدد هذه الثروة النباتية الوطنية، تنامى الوعي أيضا بالمؤهلات الضخمة التي تكتنزها مناطق الواحات في المغرب،ومن ضمنها واحات درعة، مما جعل التفكير يتجه نحو بلورة تصور براغماتي جديد يرتكز على جعل شجرة النخيل تضطلع بدورها التاريخي المتمثل بالخصوص في المساعدة على استقرارعشرات الآلاف من السكان في مناطقهم الأصلية،وبالتالي في الحفاظ على نمط العمارة المحلية المعروفة ب”القصبات” أو “القصور” التي تجاوزت قيمتها الحضارية الحدود الوطنية ليتم تصنيف البعض منها من طرف منظمة ال”يونسكو” تراثا للإنسانية.

ولا تتوقف هذه الرؤية الجديدة في التعامل مع واحات النخيل عند هذا الحد،خاصة في شقها الاقتصادي، حيث تتجاوز تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي لسكان المنطقة، كما تتعدى تزويد السوق الوطنية بجزء هام من حاجياتها من الثمور، لترقى إلى إحداث تحول جذري في نمط الإنتاج المعتمد في زراعة نخيل الثمور.وهذا ما بدأت تجلياته تطفو على الواقع بعد سنوات معدودة من الشروع في تنزيل الرؤية الإستراتيجية لمخطط المغرب الأخضر،في دعامته الثانية، الخاصة بالفلاحة التضامنية والتي تشكل زراعة نخيل الثمور إحدى مكوناتها.

وقد كشف وزير الفلاحة والصيد البحري،السيد عزيز أخنوش،عن جانب من هذه الرؤية الإستراتيجية،في الكلمة التي افتتح بها أشغال “المنتدى الدولي الثالث للواحات والتنمية المستدامة”الذي انعقد في مدينة زاكورة من 18 إلى21 دجنبر 2014، حيث أشار إلى أن إقليم زاكورة كان نصيبه من المخطط الفلاحي الجهوي لجهة سوس ماسة درعة ثلاثة مشاريع تهم سلسلة النخيل، وخصص لها غلاف مالي بقيمة 463 مليون درهم.

وأوضح السيد أخنوش أن هذه المشاريع ترمي إلى”معالجة جل الإكراهات التي تعوق تنمية سلسلة النخيل لاسيما عقلنة استعمال الموارد المائية، وحماية الأراضي من الفيضانات، وإعادة إعمار الواحات وهيكلتها، وذلك من خلال برنامج يشمل بالخصوص توزيع حوالي 513.000 فسيلة نخل، وتنقية 112.000عش نخيل”.

كما تهدف هذه المشاريع يضيف الوزير إلى”الرفع من إنتاجية الثمور وجودتها ببرمجة 12 وحدة لتبريد وتخزين الثمور بطاقة استيعابية تناهز 2400 طن”. مسجلا أن”العنصر البشري حظي بعناية تامة من أجل بلوغ الأهداف المسطرة بهذا الخصوص،وذلك إيمانا بالدور الحاسم للموارد البشرية في تفعيل المشاريع التنموية”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.