مغرب نافع ومغرب لافع
عندما كنت صغيرا كنت أتعجب من أولئك الذين يستعملون ألفاظا غريبة مثل مقولة ”المغرب النافع والمغرب غير النافع”، لم أكن أفهم حينها مايعني ذلك. لككني اليوم أصبحت أدرك جيدا ماتحمله تلك المقولة من تفريق بين جهات المغرب وأبناءه،وماتكرسه من عنصرية بين سكان البلد الواحد. لكن الأخطر من ذلك هو أن تترجم هذه العنصرية الى تهميش لمناطق على حساب أخرى، فاذا أخذنا مناطق الجنوب الشرقي على سبيل المثال، نرى أن هذه المناطق عانت ولازالت تعاني من التهميش والاقصاء بالمقارنة مع مناطق الشمال والوسط، ويتجلى هذا الاقصاء في عدم انشاء مشاريع كبرى تستفيد منها ساكنة هذه المناطق من حيث تشغيل اليد العاملة والحد من هجرتها نحو المدن الساحلية.
ولكن اذا نظرنا الى ماتتوفر عليه مناطق الجنوب الشرقي من ثروات معدنية ، والمتمثلة في بعض المناجم كمنجم اميضر ومنجم بوازار، نجد أن ساكنة هذه المناطق لاتستفيد شيئا من هذه الثروات ، حيث تستغل هذه الاخيرة في التصنيع بالمعامل المتواجدة بالمدن الكبرى، وفي المقابل يبقى سكان هذه المناطق من دون بنيات تحتية جيدة أو هيكلة سليمة للقطاعات الحيوية، في الوقت الذي كان بامكان الدولة أن تنهج سياسة تيسر انشاء مصانع بداخل هذه الربوع لتشغيل سكان المناطق المجاورة والمساهمة في الحد من هجرتها نحو المدن الكبرى، هذه الهجرة التي تؤثر سلبا سواءا على المناطق المصدرة أو المستقبلة .
ومع ارتفاع درجة الحرارة خلال فصل الصيف تزداد معاناة ساكنة المناطق الجنوبية الشرقية للملكة، حيث تعرف الفرشة المائية تراجعا حادا لمنسوب المياه، وفي أحسن الحالات تجود هذه الفرشة بماء مالح لايصلح حتى للسقي. لقد عرفت مدينة زاكورة في هذا الفصل تغيرا كبيرا في درجة ملوحة مياه الشرب، اذ عرفت هذه الأخيرة ارتفاعا كبيرا وهو ماجعل الساكنة تخرج في مسيرة للمطالبة بالتعجيل في ايجاد حل لهذا المشكل الكبير، لكن محاولاتهم لم تعطي أكلها لحد الان.
لقد أصبح واجبا على الدولة ايجاد حلول عاجلة للمناطق الجنوبية الشرقية للحد من معاناة السكان،اذ من الغريب أن تنصرف سياسات الدولة نحو التفكير والتكلف لانجاز مشاريع ثانوية ك”الطرامواي” و ”التي جي في” ، في الوقت الذي لازال سكان بعض المناطق يعانون من نقص المواد الحيوية كالماء الصالح للشرب.
”اوا أش خاصك العريان، التي جي في أمولاي”
عبد المجيد المالكي
ا ن مصطلح المغرب النافع والمغرب غير النافع اطلق اول مر ة من طرف المقيم العام لفرنسا بالمغرب المارشال اليوطي .ويقصد بالمغرب النافع كل المناطق المنبسطة والشبه المنبسطة والسهول الساحلية الممتدة من شمال المغرب الى جنوبه وكذلك المناطق المتواجدة وسط المغرب غرب الاطلس .هذه المناطق كلها وبحكم تضاريسها السهلة سهللت على المستعمر الفرنسي بسط سيطرته على تلك المناطق .وباشر استغلالها بشكل مباشر وخلق فيها اقطابا اقتصادية . اما المغرب غير النافع فيقصد به كل المناطق التي تشمل جبال الاطلس والاراضي المتواجدة شرقه . ففرنسا لم تول الاهتمام لهذه المناطق كالذي آلته إلى مناطق أخرى تضمن منها المواد الخام، كما أن هذه المناطق سجلت بطولات كبرى في مواجهتها للمستعمر، وما معارك بوكافر والأطلس وأيت باعمران، إلا أدلة دامغة على قوة ووطنية ساكني هذه المناطق، لا نجادل في أن الاستعمار الفرنسي خرج بجهد كل مقاومي المغرب من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، لكن الذي بقي في أذهان المغاربة هو ذلك التقسيم الشيطاني للمغرب بين مغرب نافع وآخر غير نافع. ومن سخرية الاقدار ان المصطلح جديد لكن المفهوم فهو متجدر منذ قرون .فالمغرب النافع كان يقابله دار المخزن و المغرب غير النافع كان يقابله دار السيبة .بما يعني ان واقع التهميش كان سائدا منذ قرون .
شكرا اخي الاستاد عبدو حفضك الله