4- تدريس اللغة
بالرغم من ثقل المحافظ المدرسية و اعوجاج ظهور التلاميذ بما تحتويه من كتب مدرسية و كم هائل من المعارف اللغوية , و بالرغم مما صنف من طرائق في التدريس, الا أن مدارسنا لم تقدم لنا متعلمين في مستوى كل تلك البنيات اللغوية التي قدمت لهم طيلة ست سنوات بالنسبة للعربية و خمس سنوات بالنسبة للفرنسية . فأين يكمن الخلل؟ هل هو نتيجة لقصور في المنهاج عموما و الطرائق خصوصا ؟ أم هو تقصير من جانب الأساتذة ؟أم هو نتيجة لغياب الرغبة و الدافعية لدى التلاميذ ؟
سنقتصر في هذا المقال على الحديث عن المقررات و الطرائق ,مستحضرين ما ينادي به المختصون في مجال تعليم اللغات الأجنبية . أما بخصوص استعداد التلاميذ و الكفايات المهنية المتعلقة بالأساتذة فقد سبق التطرق اليه في مقالنا” اصلاح المنهاج الدراسي” .
أولى الملاحظات التي يمكن الاشارة اليها تتجلى في كون مقررات تدريس العربية في مدارسنا قد صممت على أساس أنها لغة أم , أي أن التلاميذ يتحدثون اللغة العربية مسبقا ,في حين أن لغتنا الأم هي الكلام العامي أو الكلام الأمازيغي .و بناء عليه فان ما ينبغي مراعاته في تصميم البرامج هو طريقة تدريس اللغات الأجنبية , و التي تعتمد المقاربة التواصلية و ما تقتضيه من استعمال للغة في مواقف حياتية هادفة و شبيهة بالواقع,أي الاستغراق في اللغة استقبالا ثم ارسالا و الابتعاد عن الاغراق في شرح القواعد و القوانين و حفظها ,لأن تعليما كهذا لن نجني منه الا ما يجنيه الحمال من وضعه للعربة أمام الحصان .كما ينبغي أن يراعى في اعداد المقررات الموازنة بين الكم و الكيف و التدرج و التنامي من البسيط الى المعقد و توفير أفصل تغطية للغة حسب درجة شيوعها . كما نسجل غياب مجموعة تربوية مفصلة ,متكاملة و شاملة ,اذ يقتصر المؤلفون على ذكر الأهداف أو الكفايات و المحتوى و بعض التوجيهات الغثة ,في مقابل الغياب التام للوسائل الديداكتيكية و كراسات الانجاز و التدريب الشفهي . و من نقائص المقرر أيضا نسجل عدم ملاءمته للزمن المتاح مما يحرم التلاميد من فرص الحديث و التفاعل في مختلف الأنشطة الصفية خصوصا و أن غالبية الأقسام تتجاوز الأربعين فردا .
كل ما قلناه عن واقع تدريس العربية يبطبق على الفرنسية و يزيد , اذ لا تزال تدرس بطريقة القواعد و الترجمة حيث يتم التركيز على التحليل اللغوي و شرح القواعد و تعليم الكلمات و المفردات المعزولة و ليس في مواقف وظيفية مرتبطة بالحياة و التي من أجلها وضعت اللغات .و يلاحظ أيصا أن أنشطة التعلم عبارة عن تمارين و تطبيقات للقواعد لا تساعد اطلاقا على التواصل و التعبير عن الذات و المواقف .
بناء على ما سبق يتضح أن الاخفاق في تعلم اللغة راجع بالأساس الى عدم كفاءة المنهاج, فالقائمون على اعداده –مديرية المناهج- لم يحللوا و يدرسوا بعمق طرق تدريس اللغات الاجنبية و الوقوف على الأسس و المبادئ التي يجب أن تتصف بها تلك المقررات . و ندلل على ذلك بكون المراجع و الدلائل البيداغوجية تتضمن في مقدماتها الاشارة الى اعتماد المدخل التواصلي و التدبيج له بكلمات رنانة من قبيل جعل المتعلم محور العملية التعليمية التعلمية أو الانتقال من التعليم الى التعلم , الا أن غياب مجموعة تربوية مفصلة و واضحة و وسائل تعليمية مساعدة و فصول دراسية بعدد معقول من التلاميذ -30 على الأكثر- و الموازنة بين الكم و الكيف و الزمن المتاح يفضح ما يدعون . ان اعداد منهاج دراسي ناجح و فعال لا يكون بالنوايا و الاقتصار على سرد النظريات و ذكر الطرائق, و انما بفهم و تمحيص تلك النظريات و توظيفها بشكل عملي و منهجي في صياغة المحتوى و توفير الشروط المادية و المعنوية لنجاحه …..يتبع
Bravo Monsieur. tres bonne analyse