بالرغم من التقدم الهائل التي عرفتها التقنيات الحديثة للاعلام و التواصل من أنترنت وهواتف ذكية خلال السنوات الأخيرة، مما مكن الإنسانية من الاستفادة من خدمات مريحة و سريعة طوت كل المسافات البعيدة، ويسرت سبل الإقلاع الاقتصادي و التنموي على كل الأصعدة، بحيث أصبحت كل المعاملات اليومية مرتبطة بهذه التقنيات، و انعكست بشكل لافت على السلوكات الانسانية للمجتمعات. في إطار هذه الثورة المعلوماتية و الالكترونية ظهر نوع جديد من الجرائم، و التي باتت تعرف بما يسمى بالجرائم الالكترونية والتي أصبحت تطرح تحديا أمنيا على كل الدول.
في هذا الإطار تندرج الحملة الوطنية لمكافحة الجرائم المعلوماتية التي أطلقها المركز المغربي للأبحاث المتعددة التقنيات و الابتكار برعاية من وزارة الصناعة والتجارة و الاستثمار والاقتصاد الرقمي وبشراكة مع مؤسسات عمومية وجامعات مغربية، بالإضافة إلى الجمعية الدولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية بفرنسا، والغاية من هذه الحملة الوطنية، و التي تمتد لأربع سنوات (2014-2017)، هو التحسيس و التكوين في مجال الأمن المعلومتي وحماية المعطيات الخاصة بالأشخاص والمؤسسات، بما في ذلك الجانب التقني و التنظيمي و القانوني، وبالتالي الوقاية من هذا النوع الجديد من الجرائم التي تتم أساسا في العالم الافتراضي لكن انعكاساتها السلبية تتم في العالم الحقيقي، و الأمثلة كثيرة ومتنوعة انطلاقا من القرصنة وسرقة الأموال و تجارة المخدرات و استغلال الأطفال و الابتزاز وغيرها إلى تهديد أمن و سلامة الوطن برمته.
ونظرا لأن الأمر يتعلق بمجال تقني بامتياز، فالمركز المغربي للأبحاث المتعددة التقنيات و الابتكار من موقع مسؤوليته الوطنية، كفاعل جامعي و مجتمعي، بالتعاون مع شركاء الحملة الوطنية لمكافحة الجرائم المعلوماتية سخر كل طاقاته وخبراته و انخرط منذ انطلاق هذه الحملة في تحسيس مسؤولي أنظمة الإعلام و التواصل بكل من المؤسسات العمومية و الجامعية و الشركات العامة والخاصة وكذلك مختلف الأبناك الوطنية، من خلال تنظيم و تأطير تكوينات علمية بمعايير عالمية في مجال حماية أنظمة الاعلام والتواصل، يؤطرها أساتذة جامعيون وخبراء بالمركز، كما ينظم هذه السنة بشراكة مع اللجة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي و كلية العلوم لجامعة محمد الخامس بالرباط سلسلة من الندوات و الورشات التحسيسية لفائدة الشباب المغربي بالجامعات و المؤسسات التعليمية، باعتباره من مرتادي الانترنت خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك تحت شعار “حماية المعطيات الشخصية هي مساهمة فعلية في مكافحة الجرائم المعلوماتية”.
وللتذكير فخلال سنة 2014 نظم المركز المغربي للأبحاث المتعددة التقنيات و الابتكار سلسلة من الدوائر المستديرة واللقاءات الكبرى بكل من جامعات الرباط، القنيطرة، مراكش، تطوان، وجدة، على أن يتم تنظيم لقاءات مماثلة بباقي المدن المغربية غايتها تحسيس المواطنين بمخاطر الجرائم المعلوماتية وكيفية الوقاية منها.
بهذه المناسبة، يعطي المركز المغربي للأبحاث المتعددة التقنيات و الابتكار موعد الخميس 30 أبريل 2015 من أجل التواصل مع فعاليات مدينة قلعة مكونة في إطار يوم تحسيسي موضوعه: ” الاستعمال الآمن للأنترنت وحماية المعطيات الشخصية”، سيكون موعدا لعرض أهداف الحملة الوطنية لمكافحة الجرائم المعلوماتية و كذلك تسليط الضوء على السلوكات الكفيلة بحماية الشباب و الأطفال من خطر الانترنت و الهواتف الذكية.