تأملات في التربية الشعبية

0 525
   في القصة حصة وقصتنا لها بداية بدون نهاية أحبتي عنوانها “التربية الشعبية”…
   تأمل معي سيدي القارىء هذه الحادثة، أم تخاطب طفلتها بكلمات نابية في حافلة الركاب المتجهة من ورزازات إلى الناظور، كلمات قد تبدوا   طبيعية جدا ك “كلسي ياللحمارة” وأخر متشابهات لا يسمح لنا المقام بذكرها.. رغم ذلك أقول “لخبار فراسكم”..
   المهم أحبتي الوقوف بتأمل في حدود بعض الكلمات ك”فوفوا وديدي وأح وبابه” وإلى غير ذلك من “لغة البز”كما قال حسن الفد، هذه اللغة التي تعتبر بسيطة لكنها معقدة، لما لها من تعقيد معرفي لدى اﻷطفال، فلما لا نقول نار عوض فوفوا وألم عوض ديدي، فأحرف الكلمات اﻷصلية قليلة وصحيحة، ولا تحتاج تصحيحا معرفيا فيما بعد هذا من جهة، أما الجهة اﻷخرى وإنطلاقا من مسلمة كوننا أذكى شعب في العالم يعلم أن معظم اﻷطفال “مشموتون” في رصيدهم اللغوي، يحفظون ويتواصلون ويتعلمون بما قيل لهم أو فعل أمامهم في السنين اﻷولى، فتمر اﻷيام إلى أن يكتشفوا الخطأ، بكون تلك الكلمات لا نفع لها تواصليا.. حين ذاك يقومون بتصحيح بعض اﻷخطاء التواصلية فقط، من غير المساس بطقوس الشتم أو التعبير بما لا يليق في حالة غضب اﻷنا اﻷعلى، الذي يتحدث حسب فرويد ليعبر بكلمات يستمع لها المارة بإمعان من أجل الإستفادة طبعا، لكون معضمنا من نفس العجين..
    “عض أبابا يدي” هكذا عود زوج عمتي طفله الصغير الذي يتلدد بذلك الفعل العنيف، إلى أن حصده في صيف مشمش بأن أصبح ذلك أعنف شباب الحي شغبا، وصولا إلى درجة قتل أحدهم، لا لشيء إلا لكونه لم يتعود على النقاش، وفن الإقناع، بل العض فقط حتى “جاب الربحة”، لماذا؟ طبعا ﻷنه منذ نعومة أظافره لقب ب”الراجل” ورجال مكيبكيوش”..
     فوق كل هذا وذاك أحبتي الشجرة تعرف من ثمارها وجودة الماء الذي تشرب منه.. وصولا إلى هذا اﻷمر لا أفشي لكم سرا إن قلت لكم أن التربية الشعبية في الغالب وليس اﻷعم تعتمد على الخطأ الموروث، قالوا بل ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺑﻞ وجدنا أبائنا اﻷوليين كذلك يفعلون..
    فمن المسؤول عن توعية هذا الشعب؟
    أخيرا وجب حفاظا على المروث تلاوة الطز الذي عودني أبي أن أقوله لكل ما هو مهذور، فعفوا أحبتي.. جدوع الشجرة عميقة جدا..

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.