اين الخلل؟

1 570

تسمعهم يتحدثون، يصرخون ملء الفم، يرددون شعارات لا يكادون يفقهونها، يدمدون خطبا، لا بل يقرؤون ــ بعد ان يعتلون مكانا عاليا بسنتمترا ت ـ يقرؤون من ورقة شاحبة كلمات باهتة لا تحمل دلالة لملإ يضعون ايديهم باستمرار على افواههم من كثرة التثاءب. ربما يسأل احدهم عن وضع المجتمعات المسلمة والعربية الذي يئن كفتاة في وسط غابة من الوحوش…   يقول قائل…يشهد المسلمون ملايين من المحاضرات كل اسبوع، و فصل دراسي سنوي يدوم لمدة شهر يسمى بالمدرسة الرمضانية، ومع ذالك لا زلنا مجتمعات مريضة، منهزمة، ومتآكلة لا حول لها ولا قوة.

فحينما تحاول تشخيص مشكل هذه البلدان لا تكاد تجد سببا في تدهورها خارج المجال الجغرافي لها، عذرا بل لا تكاد تجد سببا خارج عقل كل عربي ومسلم. تطرح اسئلة كثيرة حول فشل النهضة العربية وما بال محركها يأبى ان يشتغل. ترى الوعاض والدعاة و اصحاب اللحى يخاطبون الشباب، امل النهضة العربية، ويحشون ادمغتهم بافكار سوريالية بالبكاء على الاطلال والرجوع الى التراث واستحضار الماضي في الحاضر او بالتحديد استحضار الثلاثمئة سنة (السلف) بعد رسول الله صل الله عليه وسلم، لكن بدون جدوى.

اين المشكل؟ ما السبب؟ لكن قبل طرح هذه الاسئلة يجب تحديد المفاهيم والاهداف، وما يراد بالفعل ان يكون. فمادة وقوام النهضة يستوجب اعادة هيكلة فكرية للعقل العربي والمسلم. بمعنى انه يجب انشاء خريطة معرفية. يجب فهم الفلسفة والتاريخ فهما سويا ثم الانتقال الى فهم الواقع سياسيا واقتصاديا ثم اجتماعيا. ثم المرحلة الاخيرة وهي فهم الدين. هل الدين مصدر تقدم ام هو اثقال تخلف؟ هل هو مصدر نور ام ظلام. فما هو جلي في مجتمعاتنا اليوم هو انهم يفقدون ثقتهم في الدين وبدأت فكرة النهضة تنسلخ شيئا فشيئا عن الدين وبدأ هذا الاخير يصبح مرادفا لما هو غيبي، روحي وعلاج لما هو نفسي لدى الانسان. لذلك يتدخل الجهل ويمنع طرح السؤال الجريء لماذا نتشبت بالدين اذا كان مصدر ازمات؟ لماذا ننتمي اليه ولماذا نحرص ان نكون مسلمين؟

هنا تكون العودة للذات ومحاولة فهم الدين فهما سويا. هذا يعني ان الدين هو المتنج لهذه الازمات وهو الفاعل الاساسي في الانتاج اي ان المسلم يقف وقوف المتفرج السلبي وهذا بطبيعة الحال غير منطقي ذلك ان الانسان هو الذي يمارس الدين وبذالك تصبح الازمة نتاج للعقل المسلم الذي ينتج تلك الازمة من خلال الممارسة الخاطئة لهذا الدين. فكل اعمال العنف والتطرف تجد عليها عناوين دينية ثم بعد ذلك تشغل المحركات النفاثة للدعاية الاعلامية لتشويه الدين كمنتج لذالك في حين ان تشوه في فهم الدين هو الذي حدث. لذلك وجب الغوص في اعماق الدين ومحاولة فهم الثابت وما يجمع المسلمين ببعضهم البعض. فالنهضة لا تكون بالقصص التي يضل الوعاض ينبحون بها في قنوات اسلامية ذات افكار ذات معاني فضفاضة، ولا بالاقتصار على النص. فالمسلم يجب ان يكف عن الانطلاق من المسلمات والاعتياد على تشغيل العقل المعطل والعمل بالمنهج الديكارتي الذي ينص على انه لا يمكن تمرير اي فكرة الا بعد عرضها على محكمة الدليل والبرهان الذي تضمن عرض وجوده الذاتي لهذا المنهج. فالغرب وتقدمه الباهر الآن هو نتاج لاستخدام هذا المنهج. فحينما جاء الاسلام نفسه كان لابد له ان يصنع حييزا له في فضاء اعتاد الوثنية لذلك لجأ الى استخدام الدليل والبرهان وطلب ادلة ــــ ليست الادلة الشرعية لانهم لم يكونو مسلمين ــــــ من منطقهم حتى يعقلو وجود هذه المنظومة وهي الاسلام.

الا ان المشكل الذي يواجه المسلمين في الوقت الراهن وهو ازمة الشرخ المتواجد بين الماضي والحاضر بين تحقيق الذات والاتكال على التراث. انها مجتمعات حائرة بين استخدام العقل او الانطلاق من مقدسات ومسلمات تطوق طرح الاسئلة وخلق مجال التفكير والاعتماد على تكريس التفكير السلبي القائم على عزو التخلف الى نظريات المُؤَامَرَة وتدخل الاخر. عوضا عن ذالك، ربما كان من الافضل التساؤل عن الذي يجعلنا هَيِّنين وسهلين وغير عصيين على الاخر حتى يفعل فينا ما يشاء. لذلك حين نرفع شعار التغيير والنهضة يجب ان نعي اسس الخلل. يجب اصلاح النسق الفكري الذي يشتغل به العقل العربي. كتب ذات مرة “دارون اسيمكلو” عقب الربيع العربي في كتاب “لماذا تفشل الاوطان، اصل القوة والازدهار والفقر” وقال ان الاصل لا يكمن في المجال الجغرافي لدولة معينة ولا في الثقافة ولا في الدين، بل السر يكمن في مؤسسات الدول المسؤولة عن تسسيير تلك الدول. فالاستبداد مثلا هو نتاج لمؤسسة دكتاتورية همها هو مراكمة الثروات ولا تفكر ابدا في اصلاح اوضاع مواطينيها كما هو الحال في الدول العربية. وفي الجهة الاخرى من العالم، فالتطور الغربي قائم على مؤسسات ذات دور تكميلي فيما هو قضائي، تشريعي وتنفيذي وتقديس مبدأ المحاسبة الشفافة. لكن “دارون” لم يعالج المسألة من الاصل اي ان الاصل الذي طرحه يتجدر في مكان آخر و اقوى الا وهو العقل. فالاستبداد ليس نتاج لمؤسسة، ذلك ان هذه الاخيرة هي نتاج لمنظومة افكار مجردة التي تتبلور الى سلوك ثم فلسفة ثم الى واقع يحكم الناس بالشر او بالخير، يكون اما سببا في تعاستهم او سعادتهم. ربما اكون اخاطب بهذه الشروط الناس الاسوياء من المجتمع، اي ان العامة وكل العامة ربما لا تعقل لزوميات النهضة، لكن في اي مجتمع تجد شريحة تسمى بــالشريحة المهتمة المتتبعة لشؤون المجتمع ولديها فكرة النهوض بالمجتمع وهي المنوطة بالقيام بالدور الاشعاعي وتبسيط الافكار حتى تستقر في اذهان العوامKhelelaine Mohammed

تعليق 1
  1. علي برشيدة يقول

    جمييييييييييييل نحن أحوج ل مثل هذه المنشورات التي تبث الفاعلية مشكوووووووووووور أخي الطيب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.