فوضى الإرهاب وتباكيهم على العهد الديكتاتوري

0 464

عندما تحدث جريمة إرهابية، تعجز بالتأكيد اللغة الشفافة،عن لملمة شتات شظايا كلمات الرثاء.مادام الأخير،لا يجد له من اعتبار، ويستوفي كل هالته الدلالية، فقط خلال الوقت، الذي حافظت فيه نزوعات تكريس أسباب الحياة على الموقع الأصل،والموت استثناء.بينما، مع أحوالنا العربية المعاصرة،فقد انقلبت الآية،بحيث تسيد القتل المشهد العام،وأضحت الجريمة واقعا يوميا، والحياة نشازا عابرا.أينما وليت وجهك،فثمة احتفاء بالقتل،ورقص على أقداح الشيطان.

ربما يمنحك هذا الاستبطان الذاتي،عبر حوار صامت،حصانة كي لايستحوذ عليك،في إطار ردة فعل سريعة وهشة،نكوص نفسي مرضي،ويجرك إلى مطب جلد الذات المازوشي،كما يقع لكثيرين حيال حادث إرهابي غادر،وأنت تلتقط حيثيات جوابهم الهستيري،بالترحم على هذا الديكتاتور العربي أو ذاك،وتوقهم الشيزوفريني إلى أيامه، لأنه وفق تضمينات شرودهم، فزمن الديكتاتوريات البائدة، كان أمنا وأمانا علينا نحن الشعوب،استمتعنا تحت ضربات سياطهم، بسكينة الامتثال، والتلذذ بالخبز والماء وحرارة الشمس،ثم بقينا نسرح ونمرح في ضواحي دروبنا،دون أن نكتشف ملمحا لقاتل، أو لشيء اسمه قتل ؟.

هكذا،والكلام ينساب دائما على عواهنه لدى هؤلاء،بل أحيانا يغدو مهيكلا ومبنينا، حينما يصدح به محللون سياسيون،عبر فضائيات، ويقذفون به جامدا، صوب حواسنا المتعبة أصلا،مراكمين تضليلا فوق أكوام التضليلات، التي تقضم كل آن، مالبث من ذكاء للشعوب العربية،كي تدخلها نهائيا إلى حظيرة الدواب،ثم وداعا للتمدن والتحضر.يشيرون، مثلا :

آه لو كان بعد بن علي متواجدا في قصر قرطاج،لرمى بمعتوه جريمة سوسة إلى غياهب سبع سماوات،قبل مجرد ورود فكرة العملية إلى رأسه،ماذا سنحقق بهذه الديمقراطية !!! …،ثم لو منحوا مبارك أياما قليلة فقط،لجعل من كل الرؤوس الإرهابية، عجلات وصفائح لسياراته!!! …،أما لو كتب لحافظ الأسد، أن يبعث ثانية من قبره،لأسرع إلى صفع ابنه صفعتين مدوتين،وطرده إلى الشارع،لأنه رخو وابن مدارس،ولم يعرف كيف يقتل بامتياز وينهي الأمر خلال أربع وعشرين ساعة !!! …،ثم لو لم يتآمروا على تصفية القذافي، لترأس بنفسه كومندوس من كل ثوار يسار العالم،لتخليص الواقع العربي، من رعب داعش !!! ….،تفاهة وراء تفاهة، الخلاصة، يتوهمون حماية من الإرهاب في تطوراته الحالية،بندب حظهم،على مقصلة إرهاب الوحش الديكتاتوري.

هناك مقولة شهيرة، شائعة،تردد بأن الشعوب العربية تعشق جلاديها، من شدة اعتيادها على الأمر. لا أعلم صدقها من زيفها، لكن ما يلاحظ في هذا السياق،أن الأنساق الشمولية،التي أمسكت لعقود طويلة بملكات هذه الشعوب، بالترهيب المادي والإيديولوجي،وماحتمه القصد من تجذير لفنون التضليل والتدجين،مع السعي الحثيث المدروس إلى تفريغ الزخم الآدمي، من كنهه، بجواب ركل الأدبار لاغير،ومنطق أتحسس مسدسي كلما سمعت كلمة ثقافة( جوزيف جوبلزالنازي) ،إلخ.

أردت القول،بدل أن يستشرف المذعورون الحيارى،المستقبل برؤية عقلانية عاقلة وحصيفة تتطلع إلى القطع مع منظومة الإرهاب عموما لدى هؤلاء وأولئك،ومن شتى الأطراف، باستحضار مقومات الدولة المدنية العصرية المؤسساتية الحديثة،والإحالة بالمطلق على روح المجتمع الديمقراطي الإنساني،وبأن الإرهاب يبقى إرهابا،سواء ما فعلته أجهزة بن علي في السابق، أو ما أقدم عليه مجرم سوسة يوم الجمعة الأخير.

فقط للتذكير،فإن قائدا تاريخيا يستحق فعلا الترحم على روحه، من عيار نيلسون مانديلا، انتقل في ظرف عشر سنين، بجنوب إفريقيا من بلد عنيف شديد العنف، ومتخلف، إلى آخر متسامح ومتعايش ومتقدم.أما البرازيل،التي كانت مرتعا لشتى أنواع الجريمة، ووكرا للدعارة وخريطة لتفاصيل الفقر،فقد صارت أيضا مع حكيم من طينة لولا دي سلفا، بلدا يقام له ويقعد،دون الحديث طبعا عن الهند بكل نعراتها الطائفية والمذهبية وتبايناتها الاثنية والمذهبية،لكنها مستمرة في التأسيس الديمقراطية والعلمي، بفضل إرث زعيم خالد اسمه غاندي… .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.