ما الأدب

0 431

الأدب، هو إشكالية معقدة تبحث عن حل لأخرى منها أعقد، ربما هو “كلمات معقدة لقول أشياء بسيطة”، ربما العكس، ربما هو “مسكن” يوهمنا بأنه باستطاعتنا امتطاء صهوة الحلم. لا أحد يدري ما الأدب، حتى “سارتر نفسه”، و لا أبالي إن بالغت، لم يفلح في اكتشاف ماهيته. هذا هو المشكل. فهلا أخبرتمونا ما الأدب؟

الأدب، هو لاشيء…لا شيء يستطيع الإمساك بطرف خيط يقود إلى ماهيته، و سؤال الماهية حرب ضروس خسارتها متوقعة،   هذا السؤال لا يعدو أن يكون سوى لف مجاني لأحابيل كلام لا تفضي إلى شيء.

الأب، هو فن الكلمات، لكل منها ثقل، حتى الفواصل وعلامات التعجب و الاستفهام، بل حتى النقط في الأدب أيضا رسائل تبحث عمن يستنبطها بين أسطر الكتب، رسائل تفوح عطرا متعدد الجنسيات و اللغات، متحرر من الانتماءات الضيقة، عطر التراب الذي تشكل منه الإنسان. هو قنابل موقوتة اتخذت لها من أوراق الكتب غطاءا عساه يقيها من برد الخوف و الفساد إذ يلوث العقول النيرة، ف”هل الورق مطفأة للذاكرة كما قالت أحلام مستغانمي؟”. هو ذاك، بل أكثر، هو منفضة الرماد حيث مازال دخان جمرة داخلها صاعد إلى السماء، فيمنعه السقف من إكمال رحلته كقضبان السجن، ثم يجبر (برفع الياء) على التقهقر نحو الحضيض.

الأدب، هو “صوت الذين لا صوت لهم”، هو فطور الدراويش اللذين تم كبح جماح أحلامهم، هو دستورهم المنصف و العادل. قد يتجاوز الأدب الحروف الساكنة في الأشعار و الروايات إلى كونه دعوات موجهة إلى من يهمهم الأمر، بل إلى من لا يهمهم أيضا ليساعدوا الأوائل على اكتشاف أوجههم الموحلة التي عجزت دعوات البسطاء عن غسلها، “ليست الروايات سوى رسائل و بطاقات نكتبها خارج المناسبات لمن يهم أمرنا”.

الأدب..هو قبلة على جبين الخباز إذ يطعم المدينة كل صباح بعد استيقاظها من “الموت”، هو جمرة في حلق شاب وسيم قذف برجله اليمنى برتقالة كأنها كرة، باتجاه سيارة “الكات الكات” على مرأى من متسولة جميلة تأكل “البتي بان” قبالة باب مخبزة السعادة. هو يد صافحتها و ابنها النائم في حضنها، طفلة صغيرة من الطهر أطهر، كانت نتاج شهوة، الأدب نوتة موسيقية زينت ظهر السمراء العابرة التي انسدل شعرها “الكناوي” على القيثارة.

الأدب لغة صامتة، صمتها ينخر جدران الصراخ والعويل فالضجيج، هو لغة المتناقضات، حرب بارة بين الأفكار و الرؤى، هو أسلوب حياة قد يملكها الكل.

الأدب، “و الله أعلم”، هو أحلام تتطاير أشلاؤها بين دفتي أوراق خائرة القوى، هو يد مسالمة ترتعش ك “ريتّا” إذ تلبس الشال القدسي النسيج، قطعة الثوب تلك التي عانق ليلها نهارها، هو كذالك نشيد يوقظ الهمم، ليسعى الناس بفضله إلى أعلى القمم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.