أيها الخليجيون فكروا بدوركم نوويا !

0 433

لا أفهم حقيقة، ما دلالة كل هذا الامتعاض الخليجي؟حيال، توصل الإيرانيين والأمريكيين،إلى توقيع اتفاق نهائي، يهم برنامج طهران النووي.هكذا،يبدو أن سيكولوجية المشرفين على الشأن العربي، لازالت محكومة جذريا،بأنساق خيام المدائح الشعرية،المبثوثة على امتداد المؤسسات العامة،حيث “أعذب الشعر أكذبه”،وبعثرة أكياس الدنانير، يمنة ويسرة، من لدن الممدوح،إذا استجابت ووافقت أهواءه.علما،أن الاتفاق،وقع أم لم يوقع،فلا نياق للعرب ولا جمال،وعليهم بالأولى تغيير رؤاهم التليدة نحو العالم،التي تجاوزها الدهر لسنوات ضوئية،حتى يحظوا حقا باحترام هذا العالم،وتنزع عنهم نهائيا،اكليشيهات الأوصاف القائمة :التخلف السياسي والفكري،التطرف الديني والشبق الجنسي.إذن،لكي يتوقفوا على أن يجعلوا، من إيران شماعة سهلة لجملة مشاكلهم،ربما يتغاضوا قصدا،على أن أقصر طريق لبناء الدول على مرتكزات متينة،والقدرة على التنافس والبقاء وعدم الاندثار من الخريطة،هو ببساطة، إرادة سياسية صادقة.

توافق الملالي مع فريق واشنطن،أم لم يتفقوا !ماذا يهم العرب؟ وبالأخص المنظومة الرسمية الخليجية،إذا كانت مختلف السيناريوهات الممكنة،تلزمهم أساسا بالتعامل مع الحدث،بروح رياضية بالإحالة على قواعد الرياضيات،والمنظومات الحسابية الأكسيوماتية،القائمة فقط على البناء المنطقي بين المقدمات والنتائج،وضرورة القطع المعرفي، للرهان على الوجود العربي،مع اليقينيات الميتافيزيقية والحدوس الصدفوية.أيضا،بروح رياضية،من خلال احترام مبادئ التنافس الرياضي النّدي،الذي يقتضي من الأطراف المتبارية،الامتثال الموضوعي لقواعد وضوابط اللعبة،وأن فوزك أو خسارتك،مرده فقط،لأمر واحد يتمثل،في درجات استعدادك لخوض التباري إلى آخر نفس.

الفرضية الأولى :لو “ركبت واشنطن رأسها”،كما تقول العامية المصرية،وتوخت زيادة لبنة أخرى نوعية،إلى ركام حماقات، نزوعها نحو استتباب إرادتها بالقوة،ثم أرسلت طائراتها لقنبلة المفاعلات النووية الإيرانية،كما تمنت بحرارة إسرائيل ومجلس التعاون الخليجي،فبالتأكيد وحتما ولزوما،ستدخل المنطقة بامتياز ومعها العالم،جحيما فائضا،مضاعفا بعشرات المرات.قطعا، لاينبغي للذاكرة العربية،السهو للحظة،على أن العراق، الدولة الوطنية العتيدة،التي أضاعتها أدبيات الانتقام العربي،تكريسا لتنطع عمرو بن كلثوم :ألا لايجهلن أحد علينا   فنجهل فوق جهل الجاهلين.

لقد، ارتكب صدام حسين، خطأ واحدا بغزوه الكويت،لكن ”تأديبه” من طرف إخوانه العرب،تقويما لسلوكه الفطري،سيتجاوز كل حدود التقويم المنتقم،فشكل ذلك مقدمة لكل أشراط القيامة التي نعيشها الآن.بالتالي،ماذا سيحدث،حين تكرار ذات عنجهية الشاعر الجاهلي،مع إيران؟بكل ثقلها السياسي والعسكري والعلمي والعقائدي.ألن تتحول عناصر الطائفة الشيعية، إلى متفجرات متحركة؟داخل دول المنطقة وغيرها.لحسن الحظ،أن الديبلوماسية الإيرانية،يقودها عقل كبير اسمه جواد ظريف،أقر له الجميع،وفي طليعتهم مفاوضيه الأمريكيين،بحنكته وذكائه وكاريزميته وقدراته النوعية،فأوجد لوطنه مخرجا حاذقا.من جهتها،رفضت إدارة أوباما منذ البداية،أن تلصق بها صفة حكومة حرب،واضعة نصب أعينها،قبل حفن الدولارات الخليجية،المصالح الكبرى لأمريكا،ذات البعد الاستراتجي الطويل.

الفرضية الثانية :كل العرب يتفاوضون مع إسرائيل وحدها،لأكثر من ستين سنة،على حق مستلب ولم يصلوا إلى نتيجة واحدة تذكر،بل زادت الأوضاع سوءا.من القائد العربي، الذي بوسعه اليوم منازعة نتنياهو على رصيف،لاغير، ومنحه للفلسطينيين؟بينما إيران، وحدها فاوضت القوى الدولية،وحققت خلال ظرف قياسي ماحققته،مما يدل على أن المفاوضات التي لا تستند على مبدأ القوة، باستلهام لكل الإمكانيات، تبقى فقط أحاديث مسائية تحت ضوء القمر.إذن،فليكن النجاح الإيراني القياسي،نبراسا ودافعة حيوية،لإعادة ضخ دماء جديدة في إرثنا التفاوضي الفاشل،ونستلهم من قادة طهران إصرارهم وحزمهم،ثم نطالب من الأمريكيين والإسرائليين،بإعادة فتح الملف الفلسطيني،على غير قاعدة السلام أولا وأخيرا !

الفرضية الثالثة :وهي تجبُّ أساسا ماقبلها.تمتلك، دول الخليج تريونات الدولارات، التي تصرف بجنون على ”حطام الدنيا”،على حد تعبير فقهائهم،فلماذا لايتوقف النزيف التافه، وتوجه إلى بناء مجتمع المعرفة والإنسان،الذي يجعل منا عمليا”أمة اقرأ”؟أليس الأجدى، ترك إيران لحالها، تشتغل، وينكب النظام العربي بدوره على مشروع نووي :”ترهبون به عدو الله وعدوكم”(الآية) ، عوض مهاترات سوق عكاظ ؟فلا أظن، أن الإنسان السعودي أو الإماراتي، يولدان بجينات للذكاء،تقل عن نظيره الإيراني!تذكروا،في هذا الإطار، بلدا ثانيا، غير بعيد عن إيران، يسمى باكستان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.