المجلس البلدي لفم زكيد وأي دور تنموي ؟
أعطت الدولة المغربية أهمية كبيرة للجماعات المحلية في إطار مسلسل اللامركزية بالمغرب،حيث خولت لها مجموعة من الصلاحيات الواسعة في تسيير شؤون ترابها والعمل على وضع برامجها ومخططاتها التنموية بهدف تحقيق التنمية الشاملة وتعزيز الحكامة الجيدة والقرب من السكان،حيث تكلفت بإعداد مشاريع تهم مجالات تدخلها سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية ـو ثقافية وبيئية .
وانطلاقا من هذا سنقف في هذه المقالة على دور الجماعة الحضرية لفم زكيد التابعة لاقليم طاطا بمجالها المحلي .
التوطين الاداري : مجال ماقبل صحراوي :
تنتمي بلدية فم زكيد إلى المجال الترابي لإقليم طاطا – جهة كلميم السمارة، ومن المرتقب أن تتبع لجهة سوس ماسة حسب التقسيم الجهوي الجديد، تمتد على مساحة تقدر ب40 كلم مربع،يحدها شمالا وشرقا جماعة ألو كوم وغربا جماعة تليت وجنوبا جماعة تسينت، وتعد ثاني جماعة على مستوى الإقليم بعد الجماعة الحضرية لطاطا (10000 نسمة) ويعود تاريخ ترقيتها إلى مستوى بلدية إلى سنة 1997 بعدما كانت جماعة قروية من قبل، يبلغ عدد سكانها حاليا 8986 نسمة سنة 2014 حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى .
خريطة : موقع البلدية من اقليم طاطا.
الجماعة الحضرية: فاعل رئيسي بمجالها المحلي :
تعتبر الجماعة الحضرية لفم زكيد والتي كانت من قبل جماعة قروية منذ سنة 1957 وحتى حدود سنة 1992 حيث أصبحت جماعة حضرية بمقتضى مرسوم 651/92 بتاريخ 17 غشت 1992 أحد الفاعلين الرئيسين في تدبير وتنمية مجالها، فهي التي تسهر على تدبير البنيات التحتية سواء تعلق الأمر بشبكة الطرق ، الإنارة العمومية إلى جانب المتدخلين الأخرين ، إلا أن هذا التدبير لا يرقى الى حجم وتطلعات الساكنة .
لقد عملت الجماعة من خلال مجلسها الجماعي على إنجاز وبرمجة مجموعة من المشاريع في ميادين مختلفة وبشراكة مع فاعلين مختلفين ( وكالة تنمية الجنوب – المجلس الإقليمي – مديرية الجماعات المحلية بالإقليم-وزارة الداخلية ) بغية تحقيق التنمية على مستوى نفوذها الترابي نوردها كالتالي :
- بناء قاعة مغطاة متعددة الاختصاصات .
- بناء سوق أسبوعي .
- بناء مجزرة عصرية.
إلا أنه وعلى الرغم من أهمية هذه المشاريع، فإن الملاحظ هو التكلفة الكبيرة التي خصصت لها ومن جهة ثانية تطرح مسألة مستقبل هذه المشاريع، وما دار الشباب والمجمع الصناعي التقليدي الذي لم يخرج إلى حيز الوجود إلى اليوم إلا خير مثال وهوما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مسؤولية الجهات المعنية في فتح المؤسسات السوسيو اقتصادية لتزاول أنشطتها التي خلقت من أجلها ؟
وما الدور الذي يمكن أن يلعبه الشباب المحلي في هذا الشأن ؟
صور : مشاريع التنمية الحضرية .
الجماعة الحضرية وتدبير البعد البيئي :
من خلال مختلف أنشطته المختلفة ونظرا لغياب وضعف التسيير والحكامة الجيدة يتسم تدخل المجلس الجماعي لفم زكيد بتغييب وإغفال البعد البيئي من خلال التموضع غير اللائق للمطرح العمومي بمحاذاة المجرى المائي لواد زكيد، والطرح العشوائي للأزبال بمقربة من مجرى الواد.
إن إغفال هذا البعد راجع من جهة إلى أن المجلس يعتبر البعد البيئي والواحي خاصة من بين اختصاصات المركز الفلاحي فقط ونسي مجمل الاختصاصات التي خولها له الميثاق الجماعي وتلزمه بضرورة الأخذ بعين الاعتبار التوازنات البيئية .
خدمة نفايات محدودة ومقتصرة على المركز فقط :
تتوفر بلدية فم زكيد على خدمة خاصة بجمع النفايات المنزلية لكنها محدودة تقتصر على أحياء المركز فقط (حافلة واحدة لتدبير النفايات لما يفوق2500 منزل ويشتغل بها3 أعوان وسائق) حيث يتم طرحها في مطرح غير مراقب يبعد بحوالي 5 كلم عن مركز المدينة، كما يتعرض لشتى أنواع التعرية الريحية وزحف الرمال وكذا عبث الأشخاص الذين يعملون على جمع قطع الغيار والورق من أجل بيعها أو إعادة استعمالها ، في حين الدواوير الأخرى بالعالية (المحاميد ،السميرة …) تتخلص من نفاياتها بطريقة عشوائية عبر طرحها في المجاري المائية وبجوانب السواقي، أو حرقها مما يتسبب في تلويث الفرشاة المائية الجوفية .
صورة للمطرح الخاص بالنفايات .
– التطهير السائل والصلب والتأثيرات البيئية :
بدأ اعتماد شبكة التطهير السائل بمركز فم زكيد منذ سنة 2007 ، أي بعد ثمانية سنوات من بداية تزويد سكان هذا المركز بشبكة توزيع مياه الشرب(1999)،ويتكون هذا النظام من شبكة تطهير أحادية،ومحطة معالجة منذ سنة 2008 تعتمد المعالجة البيولوجية الأولية والثانوية، تغطي المركز والمداشر التابعة له فقط، مع العلم أن حدود البلدية تشمل كذلك الدواوير المتبقية والتي تتخلص من المياه المستعملة بواسطة الحفر الفردية، وعلى الرغم من التطور الذي عرفته هذه الشبكة فإنها لا تشمل سوى حوالي 60.73 في المئة من ساكنة فم زكيد، كما تعرف هذه النسبة تفاوتات مهمة مابين حي وأخر حيث بلغت أعلى نسبة ربط بحي البلوك (87.7 في المئة ) يليه حي الوحدة بحوالي (60 في المئة)،حي النهضة بحوالي 47.5 في المئة وإن كانت بعض الأجزاء من هذا الأخير لازالت لم تعرف الربط ، حي الحدب 47 في المئة.
إلى جانب هذا تطرح هذه المحطة مجموعة من المشاكل البيئية والصحية خصوصا بالنسبة للساكنة المحاذية لمحطة المعالجة،حيث يتم الطرح العشوائي لمخلفات المياه في البيئة و ماسيتبع ذلك من تأثير كبير على الموارد الطبيعية والبيئية وخاصة عنصر الماء بهذا الوسط الشبه قاحل.
صورة للطرح العشوائي لمياه التطهير السائل في البيئة ومحطة المعالجة .
المسألة البيئية والخيارات الاقتصادية الجديدة :
تكتسي هذه النقطة أهمية بالغة في خضم التحولات العميقة التي تعرفها المنطقة وموقف المجلس الجماعي منها وخاصة المشاريع المسترسلة التي عرفتها المنطقة ولازالت تعرفها ومن هذا المنطلق فإن دوره هنا دور هام من خلال ما أوكله له قانون الميثاق الجماعي 78.00 من اختصاصات مرابطة بحماية البيئة والتداول حول سياسة الجماعة،حيث جاء في المادة 40 من الميثاق والمتعلقة بالوقاية الصحية والنظافة وحماية البيئة ….. ولهذه الغاية يتداول خاصة حول سياسة الجماعة في ميادين …… محاربة جميع أشكال التلوث والإخلال بالبيئة والتوازن الطبيعي ومن هنا يحق لنا التساؤل ماذا ينتظر المجلس الجماعي لوقف زحف زراعة البطيخ الاحمر ؟ حيث وقف بجانب المتفرجين على هذا المسلسل التراجيدي الذي سيغرق المنطقة في دوامة الاختلالات البيئية واستنزاف الفرشاة الجوفية الوحيدة بالمنطقة .
ومن جهة ثانية ووفقا للمادة 44 من نفس القانون فإنه يبدي رأيه –أي المجلس الجماعي- حول كل مشروع تقرر إنجازه من قبل الدولة أو أية جماعة أو هيئة عمومية أخرى بتراب الجماعة إذا كان من شأن تحقيقه أن يرتب تحملات على كاهل الجماعة أو يمس بالبيئة
أليست هذه المشاريع اليوم تمس بالتوازن البيئي للمنطقة ؟
المحصلة إذا ومن خلال مختلف أنشطة المجلس الجماعي ونظرا لغياب وضعف التسيير والحكامة الجيدة وعدم الإلمام بأهمية التوازنات البيئية بمجال واحي هش أنه ركز على تدبير البعد الحضري وإن كان هذا البعد مهما، فإن البعد البيئي الواحي مغيب تماما وهو مايطرح أكثر من علامة استفهام حول مسؤولية هذا الفاعل في تدبير الموارد الطبيعية خاصة مع المستجدات والاختصاصات الجديدة التي خولها له الميثاق الجماعي 78.00 في مايخص هذا الشأن .
إن مسألة الموارد الطبيعية واستدامتها وعدم الإخلال بها وخاصة عنصر الماء بوسط جاف لتعتبر بحق من بين القضايا التي تطرح نفسها أمام الفاعلين المتدخلين بالشأن التنموي بالمنطقة في خضم التحولات العميقة التي تعرفها المنطقة وهو مايتوجب العمل على وقف نزيف الزراعات الدخيلة بالمنطقة ورد الاعتبار للزراعات الرحيمة بالبيئة .