النظام العلوي الأسدي من الشروق إلى المغيب

0 476
  • البداية:

       وصل العلويون إلى الحكم في سبعينيات القرن الماضي وحولوه إلى حكم مطلق اعتبروا من خلاله الشعب السوري قاصرا ووضعوه في حجر الوصاية المستبدة وقد كانت الطائفة العلوية في سوريا قبل أن تأخذ هذا الاسم في القرن التاسع عشر تسمى الطائفة النصيرية وهي حركة باطنية  ظهرت في القرن الثالث للهجرة، يعدُّ أصحابها من غلاة الشيعة الذين أثر عن العديد من قادتهم ومقدّميهم وأئمتهم مهادنة ومداهنة الكثير من غزاة أرض المسلمين (الصليبيون – المغول في عهدي : هولاكو وتيمورلنك – الاستعمار الفرنسي)، ولقد أطلق عليهم الاستعمار الفرنسي لسوريا اسم العلويين تمويهاً وتغطية لحقيقتهم الدينية والعقدية المتشددة .

     مؤسس هذه الفرقة أبو شعيب محمد بن نصير البصري النميري (ت 270ه‍) عاصر ثلاثة من أئمة الشيعة وهم علي الهادي (العاشر) والحسن العسكري (الحادي عشر) ومحمد المهدي (الموهوم) (الثاني عشر( وقد زعم أنه البابُ إلى الإمام الحسن العسكري، وأنه وارثُ علمه، والحجة والمرجع للشيعة من بعده،ادعى النبوة والرسالة ، وغلا في حق الأئمة ورفعهم إلى مقام الألوهية.

    عرفوا تاريخياً باسم النصيرية، وهو اسمهم الأصلي ولكن عندما شُكِّل حزب (الكتلة الوطنية) في سوريا أراد الحزب أن يقرِّب النصيرية إليه ليكتسبهم فأطلق عليهم اسم العلويين وصادف ذلك هوى في نفوسهم وهم يحرصون عليه الآن. هذا وقد أقامت فرنسا لهم دولة أطلقت عليها اسم (دولة العلويين) وقد استمرت هذه الدولة من سنة 1920م إلى سنة 1936م.

  • العصر الحديث:

      بعد أن تخلصت اللجنة العسكرية التي قادت انقلاب 1963 من الطوائف الأخرى: السنة أولا، والمسيحيون ثانيا، والدروز ثالثا، والإسماعيليون رابعا، تخلص حافظ الأسد من منافسيه في قيادة الطائفة، فقتل محمد عمران في طرابلس، وسجن صلاح جديد إلى أن مات في سجنه، وقد تم له ذلك بعد الانقلاب الذي قام به في نوفمبر 1970، ثم اختزل حافظ الأسد الطائفة في أسرته، فأصبح هو وأخوته وأعمامه وأخواله حكام سوريا الفعليين، لذلك رتب الحكم على أن يرثه باسل الأسد، ورتب كل أمور الدولة على هذا الأساس، لكن وفاة باسل في حياة أبيه جعله يعيد ترتيب الأمور لابنه الآخر بشار، وقد تأكد في كل المفاوضات السرية التي أجراها حافظ الأسد مع أميركا وإسرائيل أنه كان يطرح بقاء حكم سوريا في عائلته مقابل تحقيق طلبات إسرائيل وأميركا.

     ومع ذلك فقد أبقى حافظ الأسد حزب البعث أداة علنية لحكم سوريا، وقد وضع مادة في الدستور تعتبر أن حزب البعث هو القائد للدولة والشعب، وقد بدأت التصادمات بين حزب البعث والسوريين بتدمير مسجد السلطان في حماة عام 1964، ثم التصادم الذي وقع في المسجد الأموي عام 1965، ثم التصادم من أجل الدستور عام 1973، ثم التصادم الذي استمر عدة سنوات وابتدأ عام 1979 بحادثة مدرسة المدفعية وانتهى بتدمير حماة عام 1982.

انفجرت الأوضاع مرة أخرى في عهد بشار في 15/3/2011 نتيجة الفساد والظلم والاستبداد وسوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية مؤذنة بانطلاق الثورة السورية على استبداد واستكبار وتعالي وطغيان الأسرة الأسدية.

  • عقبات في وجه نجاح الثورة:

        من أهم العقبات التي تقف في وجه نجاح الثورة السورية المباركة لعب نظام الأسرة الأسدية المجرمة ومعاونوها بالأوراق الآتية:

– الموقع الاستراتيجي لسوريا باعتبارها جزءا من رأس الجسر الذي يربط بين أوربا واسيا وإفريقيا كما أنها من دول الطوق المحيطة بالكيان الصهيوني وهي بوابة تركيا على العالم العربي والمنفذ البري الوحيد للبنان .

– هضبة الجولان وما تمثله من أمن وهدوء تنعم به الصهاينة ما يقرب أربعة عقود من الزمن .

– الحلفاء الداعمون خصوصا روسيا ايران حزب الله والصين .

– ورقة التلاعب بالقضية الفلسطينية المتخلى عنها من قبل الدول الإسلامية .

– خطر الطائفية والحرب الأهلية .

– تقاعس المجتمع الدولي وفي مقدمته الدول العربية والإسلامية والغرب وتآمرهم على الشعب السوري خوفا من البديل الإسلامي بعد سقوط السفاح بشار (الأسد على السوريين وفي حضرة الأعداء نعامة).

– المبعوث الأممي والعربي الأخضر الإبراهيمي الذي زرع روحا جديدا وضخ دماء إضافية إلى النظام الأسدي فقدومه دائما كان قدوم شؤم فقد توسط في احتلال أفغانستان وكانت النتيجة حكومة كرزاي وتدمير وحدة الأفغانيين وفي العراق كانت نتيجة وساطته حكومة نوري المالكي الطائفية التي عادت بالبلاد عقودا إلى الوراء فهو من سلالة الجنرالات أينما يتوجه لا يأتي بخير .

− المعارضة السورية لا تملك الاستقلالية الفكرية والمنهجية والقوة الاقتراحية وبالمقابل تحمل خطاباً انتقامياً خالياً من اي برنامج وطني زيادة على ارتباطها بالمساعدات المالية الأميركية الأوربية.

_  ظهور تنظيم الدولة الداعشية والذي خلط الأوراق ،ووضع جميع الأطراف المتصارعة على صعيد واحد ، وقدّم للدول الغربية مبررا ومشجبا لتبرير تقاعسها في مساندة الشعب السوري ضد العصابة الأسدية ، كما قدم للنظام السوري ما يبرر به ضرورة بقائه لأن البديل هم الدواعش المتطرفون  الارهابيون ،كما أعطى لروسيا و إيران وحزب الله وحلفائهما فرصة ذهبية للجهر بعونهم ومساندتهم لبشار السفاح ،بل والتدخل المباشر في المناطق الاستراتيجية التي خسرها النظام أو كاد .  

  • علامات تهاوي نظام العصابة الأسدية:

– سيطرة الجيش الحر وتنظيم داعش على مساحات واسعة من سوريا اتسعت حتى وصلت الى دمشق وريفها وما تزال تزحف .

– حالة السعار والرعونة والتخبط التي وصل إليها هذا النظام والتي تظهر من خلال المجازر (الحولة – حماة …) واستهداف كل مظاهر الحياة والمخابز.توالي انشقاق العسكريين والسياسيين والمدنيين والأمنيين والرياضيين ..

– تهاوي الاقتصاد السوري بسبب نقص الرصيد الاحتياطي من العملة التي ينفق منها النظام ما يقارب المليار دولار شهريا لقتل أحرار وحرائر الشام .

– إعلان موقع القناة الثانية للكيان الصهيوني بدء أعمال بناء جدار عازل واق جديد في هضبة الجولان استعدادا لسقوط نظام الطاغية بشار .

  • بعد سقوط الحكم العلوي :

     لا ينبغي للثورة بعد سقوط الأسد أن تكون ريحا هوجاء وصاعقة مدمرة على مؤسسات الدولة والبنية التحتية ،وعلى عناصر النظام الساقط ومعاونيه والطائفة العلوية فتدمرهم تدميرا بلا شفقة ولا رحمة بالإعدامات الجماعية والمحاكمات الدموية، وإنما ينبغي إعادة ترتيب البيت السوري بإصلاح ما يمكن إصلاحه وتنظيف ما تلوث ،والتخلص من العفن ورفع الهمم وشحذ العزائم إلى نشدان الكرامة الآدمية ،مع تجنب العنف المخرب الذي يستعدي الناس ويصنفهم إلى أنصار أو أعداء الثورة أو الطبقة أو أعداء الدين أو الطائفة .

   ولا بد من الحرص على رعاية كرامة الإنسان وحرمة المسلمين ،وإذا كان من الواجب محاسبة الطغاة المفسدين وإنزال العقوبة المناسبة بهم فانه من الأوجب مساعدة المواطنين المستضعفين الضحايا، والمخطئين العائدين إلى رشدهم وتعبئتهم واستعمال سواعدهم المنتجة في بناء الوطن كل حسب موقعه وقدراته وكفاءاته، مع إسناد الأمور إلى الفضلاء الأخيار من أبناء الشعب السوري الذين لا يزدهيهم الإطراء ولا يستميلهم الإغراء، المشهود لهم بدماثة الخلق ورقة القلب والصلابة في الحق وإنكار الظلم ونصرة المظلوم، والإخلاص في خدمة الشعب حتى ينفخوا في جسم الأمة الميت روح التفاني في خدمة الوطن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.