ثورة أصحاب السمَّــــاعــة
عرفت كليات الطب والصيدلة منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي حركة احتجاجية قوية قادها الإتحاد الوطني لطلبة المغرب، عبرت خلالها الدولة عن رغبتها في الحوار مع الطلبة الأطباء لحل أهم المشاكل التي يتخبط فيها قطاع الصحة بالمغرب، وظروف الدراسة بالكليات وكل ما يتعلق بالصحة عموما، لكن رغبة الطلبة في تحقيق المطالب دون قيد أو شرط أو عقد تبرر به السلطة مواجهة أي تحرك جديد للطلبة الأطباء، لكن هذا المكون العنيد والمتشبث بالنضال إلى آخر رمق لم يرضخ لإرادة السلطة آنذاك، لتشهد خلال هذه الفترة كليات الطب عنفا مباشرا اتجاه الطلبة راح ضحيتها طلبة أطباء أزهقت أرواحهم. وبعد هذه الخسائر البشرية المهمة اعتزل طلبة كليات الطب النضال مخافة أن يسقط المزيد من الأرواح من طرف آلة السلطة السياسية.
أمام هذا الوضع وذاك استمر حال قطاع الصحة في تدهور متوالي بتعاقب السنوات، حتى خرج وزير الصحة على الطلبة الأطباء بمشروع قانون يجبر الطلبة على القيام بخدمة (الخدمة الإجبارية) صحية بمناطق نائية دون توفير للأجهزة والمعدات الطبية، إضافة إلى التعويضات الهزيلة التي سيتقاضاها الطلبة الأطباء مقابل هذه الخدمة، ناهيك عن عدم توفير مناصب للشغل تفتح في وجه الطلبة الأطباء، لكونهم سيقومون بهذه الخدمة لمدة سنتين، وكأنهم سيوظفون لمدة سنتين وفق عقد عمل.
يسميها البعض ثورة أصحاب الوزرة البيضاء، لكن المتعارف عليه بين صفوف الطلبة الأطباء أنفسهم هو ثورة السماعة، لتمييز احتجاجهم عن باقي القطاعات الأخرى التي يرتدي أصحابها وزرة بيضاء (أساتذة، ممرضين…). وقد انطلقت البوادر الأولى لهذه المعركة الطويلة منذ إصدار مشروع قانون الخدمة الإجبارية لوزارة الصحة، وجاء رفض هذا القانون باحتجاج الطلبة الأطباء من وسط كليات الطب والصيدلة، بعدة مدن مختلفة، وبعد أن تشكل وعي جماعي لدى الطلبة الأطباء حول الموضوع سارع هؤلاء إلى تشكيل تنسيقية وطنية لطلبة كليات الطب بالمغرب يرأسها السيد أنس شبعتها. انضاف مكون الطلبة الداخليين والمقيمين إلى قائمة الطلبة الأطباء المحتجين ضد القانون الذي آتى به السيد لحسين الوردي، وفي السياق ذاته تشكلت تنسيقية وطنية للطلبة الداخليين والمقيمين تنسق مع تنسيقية طلبية كليات الطب بالمغرب فقادت التنسيقيتين خطوات مشتركة منها مقاطعة شاملة للدروس، ومقاطعة الحراسة والخدمات التي يقدمونها بالمستشفيات الجامعية. وفي السياق ذاته تم التنسيق لأول وقفة وطنية للتنسيقيتين أمام البرلمان بتاريخ 17 شتنبر، شهدت نجاحا كبيرا، حيث حضر الوقفة أكثر من 8000 طبيب، استعملت هذه المرة السلطة نفس الأساليب التي تعاملت بها من قبل مع قضية الطلبة الأطباء، فكانت محاولات للحوار، اعتبره الطلبة الأطباء بالفاشل بعد خروج السيد الوزير بتصريحات مخالفة لما جاء به الطلبة الأطباء فالطلبة لا يرفضون الإشتغال بالمناطق النائية إلا في حالة عدم توفر العتاد الطبي اللازم، إضافة لكون الطلبة يرفضون مبدأ الإجبار دون توظيف، فلا معنى للاشتغال سنتان دون ترسيم ودون مقابل مادي يكافئ العمل الذي سيقوم به الأطباء، جاء التدخل الأمني في حق طلبة كلية الطب بالرباط عشية وقوفهم في وقفة احتجاجية وسط الحرم الجامعي، تعرض خلالها الأطباء لشتى أنواع الاعتداء بالضرب والقذف. وفي هذا السياق أصدرت العديد من الهيئات بيانات تندد فيها بما تعرض له الطلبة الأطباء من قمع وعدم الالتفات إلى ملفهم، وقد توصلت شخصيا ببيان للجنة الوطنية للأطباء الداخليين والمقيمين يوم 22 أكتوبر وبعد عقدهم للجموع العامة بكل المراكز الإستشفائية، يشجبون فيه أشكال القمع والحصار الذي يطال الطلبة الأطباء وطالبوا بالإفراج عن أصدقائهم المعتقلين واستمرارهم في مقاطعة التداريب الإستشفائية والأنشطة البيداغوجية بجميع المستشفيات الجامعية، كما أكدوا تشبتهم بمطالبهم المشروعة على حد تعبير البيان.
وقد اكتسب هذا التحرك للطلبة الأطباء مساندة منقطعة النظير من العديد من الهيئات والفاعلين بشتى أنواعهم، إضافة إلى تعاطف أباء وأولياء أمور الأطباء مع أولادهم حول هذه القضية.
وحتى لا نسقط في الجرد الزمني للمحطات التي عرفها ملف فرض الخدمة الإجبارية للطلبة الأطباء، فإن الوقفة الوطنية الثانية أمام البرلمان والتي ابتدأت بمسيرة من أمام مقر وزارة الصحة، يوم أمس الأربعاء 28 أكتوبر على الساعة العاشرة صباحا وبنزول حوالي 15000 ألف من المحتجِّين، لخير دليل على قوة هذا الملف وتشبث الطلبة الأطباء به إلى حدود إعلانهم عن سنة تَوقّف، فلازلت أتذكر أن طلبة كليات الطب، يشرعون في الاستعداد لامتحانات الدورة الأولى نهاية الشهر الحالي، وهاهم اليوم لم يدخلوا درسا ولم يحضروا محاضرة، ولم ينجزوا عملا تطبيقيا، لتلوح بوادر سنة بشتى ألوانها فهي بيضاء عندهم وجعلها الوزير سوداء عنده وفي تاريخ المغرب.
حسب رئيس الحكومة تم الأتفاق على كل النقط لجعل حد لهذ الأتجاج لكن جهات لا تريد للمغرب الا العيش في الماء العكر لتصطاد كيفما تشاء ركبت الموجة وأججت الطلبة ذوي قلة الخبرة ,كما أججت امانديس بطنجة وتريد أن تقوم بملة انتخابية قبل الأوان ,وهي جهات عرفت كيف تستولي على اصوات الناخبين التي هربت منهم في التصويت المباشر لتستغل مرتزقة في الصول على المراكز الريادية في الجهات ,والكثي مايقال ف الموضوع اللله ييب اللي يفهمها أنه انقلاب من ونوع أخر