مهرجان تزارين للحناء .. حينما يتحول الموروث الشعبي الى أيقونة فنية بمظاهرها الثقافية والرمزية
يتفرد إقليم زاكورة باحتضانه لمهرجان فريد من نوعه على مستوى جهة درعة – تافيلالت يحتفي بشجرة الحناء التي لم تعد بنقوشها وأشكالها المتعددة تنحصر فقط في زينة المرأة كموروث شعبي، بل تعداه إلى اعتباره أيقونة فنية بمظاهرها الثقافية والرمزية.
فاحتفاء جمعية تزارين – المعيدر للتنمية المستدامة بالحناء، من خلال تخصيص مهرجان يسلط الضوء على عادات وتقاليد ساكنة المنطقة المرتبطة بهذه السلسلة الفلاحية التي ظلت تنهل من موروث ثقافي واجتماعي شعبي راسخ في الذاكرة الجماعية، يعكس مدى حرص المنظمين على الحفاظ وتثمين التراث المحلي في كافة تجلياته.
ففي أغلب مناطق درعة-تافيلالت وخاصة بمنطقة تزارين، التي تحتضن فعاليات المهرجان الدولي للحناء خلال الفترة من 10 الى 13 دجنبر الجاري، تبرز هناك لوحات شعبية جميلة عن مظاهر زينة المرأة بالحناء، والتي تتميز فيها بالمهارة والخبرة في فنون استعمالات تشكيلاته ونقوشه وزخرفته في مواسم الأفراح والأعراس والمناسبات حيث تتخذ الحناء أشكالا كثيرة بعضها ينتقى من الطبيعة كالورود والفراشات وأغصان الشجر والبعض الآخر يعتمد على تصاميم لأشكال مختلفة .
وفي هذا الإطار، قال المسؤول الإعلامي للمهرجان محمد آيت الحساين في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن عشق المرأة الامازيغية للحناء باعتبارها رمز الانوثة والجاذبية والجمال ينبع من تقليد لارتباطها الوثيق بالعادات ورمز للرفاهية وحسن الطالع، مضيفا أنه مهما تعددت أساليب التجميل فانه يبقى للحناء سحرها الفريد الذي لا ينتهي، مبرزا أن أشكال الحناء وتصميماتها ليست مجرد رسومات ونقوشا جميلة، وإنما هي تعبيرات ثقافية واجتماعية بحمولات رمزية تستمد قيمتها من ارتباطها بالطقوس المحلية.
كما أن فنون الزخرفة والزينة ورسم الخطوط والتشكيلات الجميلة التي تقوم النسوة برسمها ونقشها وزخرفتها وتشكيلها بطريقة هندسية وزخرفية بارعة تعكس بدون شك، يؤكد ايت الحساين، حرص المرأة الامازيغية على الإبداع وإبراز مظاهر ومكامن الجمال علاوة على ارتباطها ببعض المعتقدات والعادات الشعبية التي تجعل منها إما فأل خير أو نذير شؤم، ما يطرح عدة أسئلة حول هذا الحضور القوي لمادة الحناء في المخيال الشعبي والحياة اليومية.
وأبرز الفاعل الجمعوي أن أهمية الحناء تأتي من كونها أحد الطقوس الاحتفالية التقليدية بالزواج وغيره من المناسبات ، بما تحمله هذه المادة السحرية من معانò ودلالات وما تؤديه من وظائف علاجية وتزيينية واجتماعية وحتى نفسية، داعيا إلى الحفاظ على القيم الثقافية المتعلقة بالحناء في الوقت الذي بدأت تظهر فيه أنماط ثقافية/اجتماعية جديدة تحت تأثير العولمة.
وتتخذ الحناء أشكالا متنوعة باختلاف المناطق، ففي الكثير من المناسبات تعمد النسوة الى تزيين أيديهن عبر مجموعة من الأشكال كدائرة وسط اليد “تلقيمت” أو عبر وضعه على اليدين بأكملهما لدى المرأة التي أنجبت لتوها “تامزورت”، أو عبر أشكال هندسية على هيئة الورود وهو ما يسمى بالنقش الذي يتميز بالتعدد فكل منطقة تختص بنوع منه ويأخذ اسمها دلالة على الملكية “الفاسي” أو “الرباطي” أو”الصحراوي”.