ردّا على “القسّ ثيودورس داوود” تَكَلّمْ عَنْ سَلاَجِقَتِكَ اَلرّومَانِيّينَ وَ لاَ تَقْتَرِبْ مِنَ اَلْعَرَب؟؟
لقد طالعت مقالك المعنون ب “لا لسنا عربا،..” و الّذي حاولت فيه بناء نظرية، حديثة قديمة، مفادها أنّ سوريا و لبنان قد تعرّضتا لغزو عربي، حسبك، و أنّهما لم تضمّا قبائل عربية، على مرّ التاريخ، و أنّ فلسطين أيضا، لم تعرف وجود العرب بها قبل مجيء عمر بن الخطاب، و أنّ مصر ما كان فيها أيّ عربيّ حتّى عندما تزوّج ابراهيم بهاجر المصرية العربية..؟
و قد أطلقت العنان لنذالتك و قبح سريرتك و غايتك و أهداف معاونيك الصهاينة..فأثخنت في شتم قبائل العرب و لغتهم، و أمعنت في الكذب على التّاريخ و التّضليل السّافر على حقاقه، و سارعت بترجمة مقالك بمساعدة الماسونيين للانجليزية و الفرنسية، ليصل للأمم المتحدة و العالم بأسره، و أنا أقول لك أيّها المتأوّه الهزيل فكرا و علما ..فلتخسأ أنت و أممك المتحدة..لا شأن لنا بها، مادامت لغتنا باسقة أجنحتها شرقا و غربا، و مادامت قد أرغمت الأمم المتحدة نفسها على الاعتراف، خجلا، بمرتبتها الرّابعة عالميا، رغم أنّها الأولى من حيث مرونة الاستعمال و الفهم، و طراوة البيان و الإيجاز، و الجذور اللّغوية و أصالة التاريخ و المحتد…
لقد تفاجأت أيّما مفاجأة، و أنا أرى سخافة ألفاظك و أدلّتك الواهية “النرفزية” المنحطّة، الّتي سُقْتَهَا في مقالك هذا، و الّذي لم يظهر غير كرهك الدّفين للحضارة العربية الاسلامية السّامقة، التي جثت على خبث أفعال سلاجقتك الرومانيين، الذين استعمروا فلسطين و شبه جزيرة البلقان و نهبوا ثرواتهما مدة طويلة من الزمن، قادمين من أعالي القطب المتجمد الشمالي للقارة الأوروبية، مسكنهم الأصلي.
فأن تقول أن العرب أهل صحراء فقط و أنّ أرضك، و تعني بها زورا و بهتانا، سوريا، أرض لبن و عسل و تفاح، فإنّك كذّاب أشر و جاهل أميّ لم يطالع أمهات الكتب عن إرم ذات العماد و لم تسافر لمآثر العرب باليمن و مدائن صالح كي تصفعك بلقيس بمملكتها البهية ذات الخضرة الندية و البهاء الساحر.
و أن تقول أن العرب رحل و لم يزرعوا و إنّما، حسبك، تعلّموا من الامبراطورية الرومانية..فانظر أيها التلميذ، لأمّ القرى و كيف كانت ثم كيف غدت، بعدما حطّ اسماعيل، عليه السلام، بها ركبه و تصاهر مع القبائل العدنانية العربية الأصيلة، فأصبحت ذات نخيل و ثمار، لازلت تأكل منه صباح مساء حتى سمنت و تاه عنك عقلك.
و أن تقول أنّ العرب شربوا الدّم و دمّروا الحضارات و أحرقوا الكتب.. متناسيا قرار النبي محمد “ص” في أسرى غزوة بدر، بافتداء أنفسهم عن طريق تعليم تسعة صبيان الكتابة. و يكفينا شرفا تأسيس مكتبة دار الحكمة، ببغداد الرشيد (149-123 هـ)، و تشجيع الترجمة عهد المامون العباسي، و مكتبة دار العلم الفاطمية بمصر و التي حوت أزيد من 1.600.000 مجلد، و خزانة قرطبة التي ضمت حوالي 400 ألف مجلد، و كذا غرناطة بني الأحمر و مسجد القرويين و خزانته الّتي تضم أزيد من 30000 مخطوط نادر، و مكتبة الاسكندرية التي لم تمسّ بأي سوء من طرف عمرو بن العاص، و قد جاء في مقدمة ابن خلدون قوله في وصف أحداث القرن الثالث الهجري العلمية و الثقافية:”وطما بحر العمران والحضارة في الدولة الإسلامية في كل قطر وعظم الملك ونفقت أسواق العلوم وانْتسخت الكتب وأجيد كتبها وتجليدها وملئت به القصور والخزائن الملوكية بما لا كفاء له”.
و لعلّك نسيت ما قامت به الكنيسة الكاثوليكية في الهنود الحمر بأمريكا اللاتينية سنة 1492م حيث رفضوا اعتناق المسيحية فرمتهم للكلاب و أعدمت منهم الملايين حتى فرّوا من ويلات الاستعمارين الاسباني و البرتغالي إلى الأمازون و جبال الأنديز…و أما الفتوحات الاسلامية المسالمة فإنّها لم تبلغ قبح الكنيسة الكاثوليكية في قتل السكان الأصليين و تشريدهم..بل حافظت على لغات أهل الأرض و دياناتهم كذلك، و من ذلك إبرام الخليفة عمر بن الخطاب للوثيقة العمرية مع مسيحيي فلسطين عند ولوجها..و هكذا حافظت على ديانتك بسبب ليونة الاسلام و تسامحه أهله، فهم لم يعرف عنهم الغضب إلاّ عندما يتمّ المساس بقيمهم و لغتهم و دينهم و حدودهم على مرّ التاريخ..
إنّ المتنكر لفضل العرب و العربية عليه، يجب عليه أن يخلع نفسه من هذه الحضارة، فورا، و أن يلتزم بلغته و ديانته الأصلية، فأنا أنصحك بأن ترجع للغتك اللاتينية الضيّقة أو العبرية ذات الرّموز الهيروغليفية..و أن لا تنبري للعربية و لا تكتب بها مادمت حانقا عليها لهذه الدّرجة.. فهي شؤم عليك و أشرف من وجودك..و إنك عندما كتبت مقالك هذا في عيدها الأممي ظننت أنّك ستقصم ظهرها أو تعكر صفو زفافها أو تعيق سموها و رفعتها..لكنّها صاحبة الجلالة و المهابة، قد قصمت ظهرك و ظهر كل الأغبياء الذين اقتربوا من مملكتها عبر التاريخ، و أردتهم و غيهم جردانا خبيثة لا قيمة لهم و لا أساس…