تخضيب تمنيناه بالحناء
واقع المرارة ذاك الذي تعيشه منظومة التربية والتكوين، كيف لا ومن يعد الفاعل الأساس في هذا القطاع الحيوي الذي به تنمو وتحيا كل الميادين يسب ويشتم وينكل به، وتخضب شوارع المملكة به. وابل من الدماء سال أمام مراكز التكوين، أساتذة متدربون خرجوا في أشكال تعبيرية حضارية راقية للتعبير عن رفضهم لمرسومين ينعتان بالمشؤومين، الأول يقضي بفصل التكوين عن التوظيف والثاني بتقليص منحتهم الدراسية، فكان أن قوبلوا بقوى مخزنية همجية أجهضوا تحركاتهم بزراوطهم التي لا تعرف للرحمة بابا. ولا من تحرك، ولا من قال إن هذا منكر.
إن الأمر يزيد سوء عندما تتقاعس جميع الفئات المجتمعية أمام مثل هذه الأحدات ضاربين الأمر بعرض الحائط، وهم لا يعون بأن ذلك يعنيهم وغدا ستمس شرائح عريضة منهم.
وما يحز في النفس كذلك أن قضية الأساتذة المتدربين لم تجد من يتبناها، وهو أمر يبعث على القلق والحزن، فالإعلام الذي عودنا على تغطية مجموعة من الأحداث التافهة -كتتبع راقصة أو راقص، مغن أو مغنية بقرع الطبول وراءها (ه) في خطوة لشهرتها(ه)وتوسيمها(ه) بعد ذلك، في برامج تنعت بالفنية وهي لا صلة لها بالفن لوضاعتها وخلوها من مسحات الفن النبيل أو تغطية برامج التلفزة ببرامج اجتماعية غايتها التلاعب بمشاعر فئات غير واعية، ومسلسلات خليعة لا تمت لهويتنا وثقافتنا وثقاليدنا بصلة مرماها ومسعاها الوحيد والأوحد تهديم البيت المغربي والقضاء على أصالته النابعة من تقاليده وأعرافه- لم يعر اهتماما ولم يلق بالا لها. وكذا الجهات الحكومية المسؤولة لم تتحرك لدرء نزيف الدماء المتواصل. ولا جمعيات المجتمع المدني خرجت عن صمتها كما عودتنا عند تكون هناك أحداث شبيهة بما يدونه التاريخ اليوم بسطور من حبر أحمر ينهل من شلال الشارع المغربي بل أقل خطورة بكثير مما هو عليه واقع أساتذة الغد. لا لشيء إلا لأن من تنهال عليهم الزراوط المخزنية ينتمون إلى منظومة التربية والتكوين.
إن ما يقع اليوم في صفوف الأساتذة المتدربين ينم عن سياسة غايتها هو ضرب المكتسبات المشروعة التي سنت لهذا المجال في خطوة غير مسبوقة لخوصصة التعليم والقضاء على المدرسة العمومية، وهي سياسة لم تكن وليدة اليوم بل لها جذور تعود بنا إلى سبعينيات القرن الماضي حيث تم قمع الحركة التلاميذية والحركة الأستاذية في معطى لتفقير أبناء الشعب فكريا وثقافيا.
وما يزيد الأسف هو بقاء الأساتذة المرسمين مكتوفي الأيدي دون تحرك في بادرة للظهور في المشهد الاحتجاجي يظهر من جهة رفضهم للقمع بكل أشكاله، ومن جهة ثانية تضامنهم مع من سيقاسمهم مهنة المصاعب غدا.