مأساة المغرب العميق في فاجعة “تييشكا”
صدمنا وصدمت البلاد، وخاصة أبناء المغرب الغير النافع كما أريد له ، بنبأ حصول حادث طرق مروّع، قاتل، دموي…على الطريق الرئيسي بين زاكورة ومراكش، التي تمر على جبال الاطلس ألكبير حصد أرواح أكثر من 43 من أبناء هذه المنطقة المنسية والمهشمة وأدى لإصابة أكتر من 20 آخرين بجراح، جراح الكثير منهم وصفت بالخطيرة.
ونحن إذ نحذر من على هذا المنبر من استمرار المجازر الدموية على الطرقات، والتي تؤكد أننا نعيش حربا يومية صامتة من قتلى وجرحى ومعطوبين ودوي العاهات… نعود ونؤكد أن المسؤولية تنقسم لعدة أقسام، ولا تقع على السائقين و حدهم، رغم حجم المسؤولية التي يحملها هؤلاء.
فبالإضافة إلى القيادة الغير الحذرة على طرقات هذه البلاد البئيسة في كل شيء والسرعة الزائدة والاستهتار بقوانين السير، هناك معضلة الرشوة المتفشية بين رجال الامن وأصحاب الحافلات والذين يسمح لهم بتحويل المسافرين الى مجرد أرقام مالية يتم ضخها في جيوب أصحاب “الكريمات” والدين لا يبالون بأي شيء، سوى كم من رحلة ستقوم بها الحافلة وليذهب القانون وشعارات اللجنة الوطنية للوقاية من حواديت السير الى الجحيم والتي هي الاخرى لا تقوم بأي شيء سوى ترديد نفس الشعارات في 18 من فبراير من كل سنة وتهدر ميزانية تقدر بالملايير….بالإضافة إلى ما أسلفنا ذكره حول سبب تزايد ضحايا حوادث ألطرق ، هناك سبب مباشر وواضح رغم محاولة المسؤولين التهرب منه انه عنصر البنية التحتية لطرقات هذا البلاد السيئة جدا، والتي انتهى تاريخ صلاحيتها منذ زمن بعيد، فالعديد من الطرق المعبدة عندنا صالحة لان تسير عليها الدواب،فجزء كبير منها تتخلله الحفر والثقوب والنتوءات ومجاري المياه وتآكلت جنباته وانشقت سطوحه إلى حد استحالت فيه إلى عجائز شمطاوات ذبلت جلودهن وانسلخت بشرتهن ووهن منهن العظم… ولم يعد بإمكانهن التماسك أو الصمود،ليس بفعل التقادم كما قد يحاول المسؤولون إيهام بعض السذج أو بعضا من ذوي النيات الحسنة،ولكن بفعل التلاعب بالخلطة الأولى لمواد بناء الطرقات..اللهم إلا إذا كانت هذه المسالك من بقايا العهود الاستعمارية،عندئذ بإمكاننا أن نقر بأن ذلك يعود إلى التقادم..
إن بناء الطرق لا يعني فقط شقها ثم تعبيدها،وإنما يعني أيضا تزويدها بعلامات تشوير كافيةوفي الأماكن المخصصة لها،مع إصلاح ما تردى وبلي منها…ولا يخفى على لبيب ما لهذه الإشارات الطرقية من أهمية قصوى باعتبارها وسائل توجيهية لإرشاد السائقين وتنبيه المارة،وغيابها يعني مزيدا من الحوادث والكوارث وبالتالي مزيدا من الخسائر المادية والبشرية..وخير ذليل أن طريق “تيشكا” يعود الى فترة الاستعمار الفرنسي مع بعض التحسينات البسيطة التي سرعان ما تتلاشى مع أول قطرات المطر أو عواصف تلجية تشهدها الممنطقة الجبلية…ورغم مطالب سكان هذه المناطق المنسية مند عقود بتشييد النفق الطرقي بين ورزازات ومراكش، وفك العزلة عن كل هذه المنطقة فانه لا حياة لمن تنادي…فبالإضافة إلى مؤهلات المنطقة البشرية والطبيعية الهائلة، فإنها منطقة غنية جدا بالثروات المعدنية (ذهب، فضة، كوبالت، نيكل، الخ) تنهبها الشركات ولا تترك لأهالي المنطقة سوى التلوث والفقر والتهميش…اضافة الى تدمير ما تبقى من اسفلت هذه الطرق من فرط الاستعمال من طرف هده الشركات…
وبما أن أفضل من يشهد للذئب هو ذيله، فقد صادق المدير الإقليمي لوزارة النقل بالحوز، عباس السعدي، على قول وزيره، حيث أرجع: ” أسباب هذه الحادثة المميتة إلى السرعة المفرطة والعياء الذي أصاب السائق، فضلا عن التجاوز المعيب وغير القانوني، وكلها عوامل أدت إلى عدم تحكم السائق في القيادة وأدى إلى سقوطه في المنحدر السحيق”. فمرتكب الجريمة واضح إذن: إنه السائق طبعا. والآن على الجميع أن يعود إلى منازلهم ولتسارع أسر الضحايا إلى دفن أمواتها بهدوء…و يا للعار بعد أزيد من خمسين سنة على “الاستقلال” ما تزال أغلب طرق المغرب غير معبدة، كما أن حالة الطرق المعبدة مزرية إلى حد بعيد…أزيد من خمسين سنة والمسؤولين يقدمون الوعود بالتنمية، لكن حالة البنية التحتية دليل على زيف وعود التنمية الموعودة وعلى الفساد في كل شيء…هؤلاء الذين لا يهمهم سوى نهب ثروات الوطن وتبذير الميزانيات في بذخها وقصورها ومهرجاناتها…
وعليه ففي الوقت الذي يستقيل أويتم محاكمة المسؤولين عن المآسي في الدول التي تحترم مواطنيها …فنحن في هذا الوطن الجريح لم يكلفوا أنفسهم حتى اعلان الحداد وكأن الضحايا فقدو انسانيتهم مند أن أطلقوا الصرخة الأولى في هذه المناطق…لذا فنحن لا نتوهم مطلقا إمكانية تحقيق وقف فعلي لنزيف الاسفلت مهما كونا من لجن تحقيق أو اشهارات أو مدونات سير…لأن أصل الداء يكمن بشكل جدي في من يسر هذا الوطن من مسؤولين ليس لهم من حس المسؤولية و المواطنة و الادمية و الانسانية إلا ما يظهورنه أمام الشاشات في المناسبات وتدبيج البيانات…وما دام هؤلاء في مركز القرار سيستمر هذا الوضع وسيتفاقم أكثر فأكثر… إن خمسين سنة كافية على تقديم الدليل الحاسم على أنه لا يمكن تحقيق أي تنمية حقيقية ولا توفير بنية تحتية متقدمة، ولا محاربة الفساد إلا بتغير النظرة الى الانسان المواطن من طرف الدين هم فوق.
حساين المامون
بسم الله الرحمان الرحيم، وبه نستعين،
وبعد، تبعا لما تعهدنا به بشأن تقديم الاستشارة المجانية لأسر الضحايا، ألتمس من كل غيور على درعة الحبيبة خاصة من له اتصالات مباشرة مع أسر الضحايا أن يبلغهم الأمور التالية:
1- أن عليهم تشكيل جمعية ” جمعية ضحايا حافلة أهــلا و سـهلا” وذلك ليتسنى لها فتح حساب بنكي لتتلقى الإعانات بقصد القيام بمساعدة الضحايا، وهنا أناشد كل غيور بعين المكان – ولو ليس من الضحايا- أن يبادر إلى التنسيق من أجل القيام بهذه المهمة.
– على الضحايا أن يبادرو بإعداد ” الإراثة” – عدد الورثة لكل ميت- عند العدول، بقصد استغلالها أمام المحكمة.
– عليهم الحصول على نسخة من محضر الضابطة القضائية ” الدرك الملكي لجماعة التوامة بالحوز” مكان وقوع الحادثة.
– لمن هو مصاب بجروح عليه الحصول على الشواهد الطبية وفاتورة الدواء،
-بالاضافة إلى نسخ لبطائق التعريف الوطنية وعقود الإزدياد للورثة.
بعد كل هذا عليهم الاتصال بأحد المحامين – بشرط أن يكون نزيه- ليتولى رفع دعوى أمام المحكمة المختصة، وهي إما المحكمة الإبتدائية بمراكش، أو محكمة إقامة المدعى عليه وهي شركة أهلا وسهلا، لكن من الأفضل للضحايا أن يرفعو الدعوى أمام المحكمة الإبتدائية بمراكش.
وهنا لا بد من الإشارة إلى كون الحافلة تحمل عددا من الركاب يفوق المحدد قانونا، وأن شركة التأمين ستدفع بسقوط التأمين. لكن لا خــوف عليهم لأن العدد الزائد من الركاب – الضحايا- سيتحمل مالك الحافلة المسوؤلية تجاههم من مال شركته طبقا للفصل 88 من قانون الالتزامات والعقود الذي يتحدث عن حراسة الأشياء، إلى جانب النصوص القانونية المنظمة لنقل الركاب، والتي تلزمه- أي الناقل- بأن يوصل الركاب بأمن وسلام لا أن يقلبهم في تيشكا.
وإلى جانب هذا وذاك، هناك مسؤولية للدولة المغربية، وهي مسؤولية تقصيرية تبحث على أساس الفصل 79 من قانون الالتزامات والعقود الذي ينص على كون الدولة مسؤولة عن الأخطاء المرفقية لمستخدميها، حيث رجال الدرك و الأمن الوطني و رجال المراقبة الطرقية ما كان عليهم – حوالي 10 باراجات للدرك الملكي- ليسمحوا بمرور هذه الحافلة التي تحمل العدد الزائد عن المحدد قانونا.
كذلك هناك مسؤولية للدولة في شخص وزارة التجهيز التي تركت الطريق ضيقة و ووعرة ، بحيث أدت الخدمة – وهي طريق تيشكا- بشكل سيء.
في الختام المقام لا يتسع للتفصيل أكثر، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله. توقيع الدكتور العلوي، إبن درعة الجريحة. المقيم في الرباط الفسيح.
we are very sorry for the people who lost thier familly