اليوم العالمي للمرأة في المغرب (هل هو تكريما لها أم إجحافا في حقها؟)
قد أكون بخيلا في حقك أيتها المرأة، إذا ما قلت أنك أنت من وضعتي القلم في يدي، وأنرت الطريق لي بعطفك وحنانك حتى أتمكن من خط هذه الأحرف الفقيرة تعبيرا عن احترامي لك. فأنت الأم وأنت الأخت، أنت الصديقة و أنت القريبة…
منك التلميذة الطالبة، ومنك العاملة الطبيبة، منك المربية والأم الحنونة، ومنك الزوجة والبنت اللطيفة.
إن هذه المناسبة حتمت علينا البدء بكلمات في حق من قيل عنها باعتبارها أم ” الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق ” فإليك أحلى عبارات التقدير والاحترام.
يعد اليوم العالمي للمرأة إحدى أهم الأيام السنوية التي من المفروض أن تخرج فيه المرأة إلى الشارع للتعبير عن حقوقها. بحيث كانت بدايته ثورية بامتياز، على يد نساء من الولايات المتحدة اّلأمريكية بشوارع نيويورك سنة 1856 خرجن بمسيرات نضالية قصد التعبير عن مطالبهن و معاناتهن داخل حقل الشغل. هذه المسيرات واجهت قمعا عنيفا من طرف الشرطة، وبالرغم من ذلك فقد كانت ناجحة بامتياز، و أجبرت المسؤولين على الركون لتحقيق مطالب المرأة المناضلة، والمتمثلة في تحسين ظروف العمل والعيش، وكذا تخفيض ساعات العمل من 12 ساعة إلى 8 ساعات ،بالإضافة إلى تحقيق مطلب حق المٍرأة في التصويت و دخول الانتخابات ، المساواة والإنصاف…. وقد ساهمت النساء الأمريكيات في دفع الدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة، وقد تبنى اقتراح الوفد الأمريكي بتخصيص يوم واحد في السنة للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي بعد نجاح التجربة داخل الولايات المتحدة.
وهكذا تم عقد أول مؤتمر سنة1945 بباريس من طرف الاتحاد النسائي الديمقراطي للإقرار والدعوة إلى الاحتفال بهذا اليوم .
إلى هنا نلامس منطق الواقعية في كل هذه المعطيات التاريخية، و التي تجعلنا نسير وفق هذا المنحى النضالي. لكن المثير للدهشة هو أنه داخل مجتمع إسلامي كالمغرب،
و إن صح التعميم داخل المجتمع العربي الامازيغي، يتم ادعاء الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، و هي التي استيقظت باكرا لمزاولة عملها كالمعتاد، هي التي لم تأخذ و لو ساعة واحدة كإجازة بهذه المناسبة.
عكس العديد من الدول الغربية الأخرى كالصين،روسيا و كوبا…هذه الدول تعبر عن احترامها و تقديرها لمكانة هذه الإنسانة بمنحها العديد من الامتيازات والهدايا، مع حصولها على يوم عطلة، يوم خالي من كل الأعمال، خارج البيت أو داخله. فيما تخرج هي بدورها للشوارع لتسمع صوتها إلى كل المسؤولين و إلى من اعتقد أنها نائمة في يوم إجازتها (كما يفعل البعض). إنها المرأة التي تقول دائما إنني جاهزة لأخذ حقي بكل الطرق.
هذا ما لا يوجد داخل المجمع المغربي، بحيث تجد المرأة تعمل أكثر من عشر ساعات في اليوم، داخل المعامل، و في الضيعات الفلاحية…ناهيك عن التهميش الذي يلاحق كل أولائك اللواتي يفترشن الفقر و يتغطون بقمع ربات البيوت، أي تلك المرأة الخادمة في البيوت، و تلك النادلة في المقاهي و قيس على ذلك…
إنه لمن المخجل القول الاحتفال بيوم عالمي للمرأة، و نحن نعاين شرطية المرور حاملة في يدها سفارة الإنذار، بذل وردة حمراء، إنه لمن العيب تحية تلك العاملة أو الأستاذة أو…و هي تسير مطأطئة الرأس لمحل عملها .
من زاوية أخرى من بين المفارقات العجيبة أن يتم تخصيص يوم واحد للاعتراف بالمرأة على حساب 365 يوما. أعتقد أن يوم واحد للاحتفال بالمرأة إجحاف و ظلم و ليس بتكريم لها.
لهذا فتحياتنا تظل متواصلة طيلة السنة، في انتظار سماح صيتك أيتها اللطيفة الأم، للمطالبة بحقك و لتنتزعي كل ما خوله لك الله و ليس العبد. لتستمر الحياة.