حتى لا تتكرر مجزرة تيشكا

0 477

  اهتز الرأي العام الوطني و الزاكوري خاصة يوم 4 شتنبر على وقع حادثة سير مروعة على الطريق الوطنية رقم 9 الرابطة بين زاكورة ومراكش ، ذهب ضحيتها أكثر من أربعين راكبا كانوا على متن حافلة لنقل المسافرين معظمهم من أبناء زاكورة  بينهم طلبة و عمال …  
 حادثة أعادت الجدل حول حرب  الطرق بالمغرب إلى الواجهة ، ليلقي كل طرف  باللائمة على الآخر فتختلف أسباب ارتفاعها باختلاف زاوية نظر كل طرف ، ففي حين تعزي الوزارة ذلك  للعنصر البشري المتهور و اللامبالي، يردها السائقون و أصحاب المركبات للبنية التحتية و خاصة الحالة المتردية للطرق ، فيما يضيف آخرون إلى ما سبق  الفساد المستشري في المصالح التي لها علاقة بالسير في الطرق من ” من مدارس تعليم  السياقة ، مراكز الفحص التقني ، رجال الأمن والدرك ….
 و بالعودة لهذه الفاجعة والموقع الذي كان مسرحا لها ،فإن كل من يعرف المنطقة – تيشكا – يجزم بأنها من أصعب الطرقات في المغرب بمنعرجاتها الكثيرة والصعبة و مرتفعاتها العالية … و رغم ما شهدته هذه الطريق من توسيعات في العقد الأخير ، إلا أنها ما تزال تشد أنفاس كل من يعبرها راكبا كان أو سائقا ، و لا شك أنه سيسجل كثيرا من الملاحظات و السلوكات والمواقف ما هو لكفيل بوقوع مثل  هذه الكارثة في أي لحظة مما سيجعله يحمد الله ألف مرة أن اجتازها بسلام ، و رغم كل هذه المخاطر التي لم تغب عن المسؤولين  ظل مشروع نفق ”  تيشكا ” الذي من شأنه  وضع حد لهذا الوضع مجمدا في رفوف الوزارة في تجسيد فعلى لمقولة ” المغرب غير النافع “. ،و رغم أن الدوائر الرسمية هي المخولة بتحديد الأسباب الحقيقة لهذه الفاجعة لا بأس من إبداء عدد من الملاحظات  :
 –  إن الطريق الرابطة بين زاكورة ومراكش وعرة وصعبة و مهترئة في بعض المقاطع ، و تحوي مرتفعات و منعرجات خطيرة تتطلب السير بسرعة أقل و هو ما لا يلتزم به غالبية السائقين ….
 – تسلك الطريق شاحنات كثيرة من الحجم الكبير ، وتسير ببطء شديد مما يوقع المتسرعين من السائقين  في التجاوز المعيب …
–  يستهتر بعض سائقي الحافلات بأرواح الركاب و ذلك باستعمال الهاتف النقال أثناء السياقة و لمدة طويلة  بل و السكر أحيانا ، ناهيك عن السرعة المفرطة لتدارك التأخير الناتج عن التوقفات المتكررة لنقل الركاب إلى أماكن قريبة على طول الطريق و خاصة بين زاكورة و أكدز و بين ورززات و مراكش  .
–  باستثناء بعض شركات النقل المعروفة وطنيا هناك شبه فوضى في هذه الطريق (من زاكورة الى مراكش )على مستوى الحافلات و سيارات الأجرة ، من حيث ثمن التذاكر و عدد الركاب فهو غالبا مرتبط بالعرض والطلب و هو ما يفسر تجاوز عدد الركاب المسموح به في هذه الفاجعة لتزامنها مع مناسبة الدخول المدرسي و نهاية العطلة الصيفية ….
 –  تنتشر على هذه الطريق و غيرها عدد الحواجز الأمنية و منها حواجز ثابتة  من شأنها أن تحول دون  كارثة بهذا الحجم (حافلة تقل 67 راكبا) ، مما يقوي فرضية الرشوة التي يتحدث عنها كثير من مستعملي هذه الطريق و غيرها و تفرغ هذه الحواجز على كثرتها من أي معنى ، ويروي عدد هؤلاء كيف  يُعصَر  بعضهم عصرا لمخالفة  بسيطة ، فيما قد يمر مَن يرتكب مخالفة جسيمة مرور الكرام على نفس الحاجز ، و  يكفي إطلالة بسيطة على  تعليقات القراء على الفاجعة على المواقع الالكترونية – هسبرس نموذجا – و رواد المواقع الاجتماعية ليتأكد من ذلك بل يتحدث بعضهم على سبيل السخرية عن جواز مرور  بقيمة 10 دراهم وآخر ب 20 درهما …..
 – طمع و شره كثير من أرباب الحافلات و الذي يجعل خدماتها رديئة من جهة و يهدد سلامتهم من جهة أخرى ، من خلال  إرغام السائقين – أحيانا سائق واحد – على السياقة ذهابا و إيابا و في وقت  وجيز و يتضح ذلك أكثر أثناء الأعياد و المناسبات المختلفة .
– حصول  كثير من المركبات المعدة للنقل العمومي من  حافلات وسيارات أجرة على شهادة الفحص التقني  رغم أنها في حالة ميكانيكية مزرية و لا تلبي الشروط الأساسية لنقل المواطنين في ظروف مريحة…
  – غياب ثقافة احترام القانون لذاته و من ثم حرص الجميع على عدم الوقوع في قبضة رجال الأمن و الدرك ، لهذا تشهد الطرق المغربية تضامنا منقطع النظير في هذا الشأن ، إذ ينبه السائقون بعضهم بعضا مما يحول دون ضبط المخالفين حتى ولو اتصف المراقبون الأمنيون بالنزاهة ….
     يتضح إذن أن هناك تداخلا في المسؤوليات على حرب الطرق هذه  التي تشوه سمعة بلدنا المغرب، و في انتظار نتائج التحقيق التي من شأنها كشف ملابسات هذه الحادثة الفاجعة ، نرجو ألا نتوقف عند مواقف المؤازرة و رسائل  المواساة و تكقل جلالة الملك بمصاريف دفن الضحايا  كما في مناسبات سابقة ، بأن تعتبر الدولة و تتحمل مسؤولية حماية أرواح مواطنيها ، و أن تتضافر جهود الجميع بدء بالمواطنين الذين يجب أن يضعوا قوانين السير  التي تحفظ سلامتهم نصب أعينهم بدل رجال الأمن ، ثم الوزارة التي يجب أن تصلح الطرق المهترئة و توسيع الضيق منها ، و تبحث عن بديل للوعر منها مثل نفق ” تيشكا ” الذي من شأنه وضع حد لنزيف الأرواح و فك العزلة عن أقاليم : زاكورة ، تنغير و ورززات ، وتشديد  المراقبة على مدارس تعليم السياقة و مراكز الفحص الثقني ، و زجر المرتشين من رجال الأمن والدرك من خلال تسهيل مسطرة التبليغ عن الرشوة والابتزاز ..كما أن على الوزارة تكثيف جهود تجديد أسطول المركبات على الطرقات المغربية و ذلك لأن  قدم المركبات  وقود لحوادث السير و ظاهرة الرشوة ….

     رحم الله الضحايا و ألهم ذويهم الصبر والسلوان ، و إنا لله و إنا إليه راجعون …

 ذ : محمد ايت دمنات

http://www.sadakissane.blogspot.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.