” نستاهلوا “
أي دور للفاعل السياسي في تنوير المواطن أو المنتخب بالمعنى الأصح؟ أليس عليه مسؤولية توعيتهم بدورهم السياسي بشتى الطريق المتاحة إما بلقاءات منظمة و غير منظمة ويحتهم على اختيار من يمثلهم ويسير أمورهم ويسهر على مصلحتهم؟ سؤال قلما يطرح للنقاش العمومي بعيدا عن جعجعة الانتخابات ذلك لأن هذه الضبابية التي تعم جل المواطنين، فيما يخص هذه العملية برمتها و مختلف المراحل التي تمر بها، تخدم بالدرجة الأولى مصالح المترشحين حتى بعد نهاية الانتخابات إذ تجعلهم في مأمن من أي مساءلة طول المدة الفاصلة بين اقتراع و آخر بل وقد يجدوا فيمن سبقهم للمسؤولية حائط جاهزا يعلقوا عليه كل فشل في التدبير صغير أو كبير. بالإضافة إلى أن مسألة العزوف الانتخابي الذي تشكوه الساحة السياسة خصوصا من طرف الشباب هو كذلك لمصلحة الأحزاب التي كونت مسبقا قاعدة شبه مضمونة الأصوات إذا دعت الضرورة بل الأكثر من ذلك فهي تخشي استفاقت الآخرين من غفلتهم ومنافستهم لقواعدها التي لا دور لها سوى استقطاب مزيد من الأصوات مهما كانت الوسائل.
إن أول ما يجب تعليمه للناس في عصرنا الحالي خصوصا إذا تعلق الأمر بمناطق ومجتمعات محافظة حتى في علاقاتها مع السلطة ولا تزور المباني الحكومية إلا عند الضرورة القصوى حيث أنها ما تزال تحفظ الصورة القاتمة التي رسخها الاستعمار عن السلطة وتشبع بها الأبناء كما الأجداد و رسختها تجاوزات حالية تظهر في أحيانا كثيرة، لا طريقة التصويت و لا مكانه وإنما الهدف منه على أن تكون هده العملية بشكل مستمر وليس موسمي فقط ضمن حملة انتخابية للأحزاب في مظهر أقل ما يوصف به هو تسول الأصوات هذا إذا كان فعلا يهمنا مصلحة أفراد المجتمع إذ أن تصرفات جل المجالس المنتخبة محليا وجهويا تتصرف في كثير من الأحيان في فلك اقتسام المصلحة وسياسة “ماكين باس حنا هذوك “و “قضي ليا نقضي ليك “… مما يجعل العديد من علامات استفهام تطرح عند الحديث عن مصلحة المواطن المغلوب على أمره و الذي في الحقيقة يستحق كل ما حل به في أحيانا كثيرة إذ أنه ساهم بطريقة أو بأخرى في وصول فئة انتهازية إلى مواقع القرار، هذه الفئة التي أصبحت تعرف كيف تتسلق سلم الانتخابات بأشكالها إما محاولة منها لتقاسم كعكة المشاريع بطريقة قانونية جدا أو لتضع مزيدا من النفوذ والمعارف وتغطي عن أموال وأمور هي فقط تدرك لماذا وكيف. إن مسألة توعية المواطنين من الضرورة بمكان، كي يكون بإمكانهم الاختيار بشكل ديمقراطي بين مجموعة غير منتهية من الأقواس ذلك أن مسألة الديمقراطية تحتاج هي نفسها إلى تحليل منهجي واقعي بعيدا عن المنهج الأكاديمي المتبع.
لعل أبشع استغلال ممكن أن تتعرض له الطبقة المسحوقة ليس حرمانها من حقها في العيش الكريم فهي لم تتعود عليه أصلا وحرمانها من أبسط حقوقها وهي التي لم تألف أن تجد خدمة عمومية قريبة منها مهما بدت بديهية، ولكنها تصدق بسرعة كل مساوم على مصلحتها مهما كان مبتدأ في الخداع وترتيب الكلمات، وأنا لا ألعب دور المحامي عن هذه الأغلبية الصامتة ولكني واحد منها أعيش معاناتها وأرتشف ما ترتشفه من مرارة العيش في هذه الأرض السعيدة، إن المساومة على مشاكل دافعي الضرائب ومصالحهم جريمة أخلاقية ما بعدها جريمة، و دور المتثقف بشكل عام والمتثف السياسي المخلص بشكل خاص لا يلغي أبدا دور المواطن في البحث عن المعلومة ولا يمكنه إلا أن يعاقب عن تركه الجو صحوا والطريق ممدودة أمام كل انتهازي ليجلس بعد فوات الأوان ويندب حضه التعس ولست هنا أدعوا كما الأبواق الإعلامية المخزنية إلى التصويت و لا إلى الترشح ولكن أدعوا إلى ثورة علمية تبدأ بتعلم المرء ما له وما عليه قبل أن يقرر أن المشاركة بصوته من عدمها.